أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-12-2018
2421
التاريخ: 19-12-2016
2351
التاريخ: 8-12-2021
1735
التاريخ: 24-6-2016
2181
|
قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (المؤمن دعِبٌ لعِبٌ).
بينما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسير في بعض شوارع المدينة، رأى زاهر بن جزام (من الصحابة) وهو يشتري بعض الأمتعة، اقترب من ورائه، واحتضنه من غير أن يراه.
وقال (صلوات الله عليه): من يشتري هذا العبد؟.
والتفت زاهر خلفه فإذا هو رسول الله فضحك، وقال:
تجدني كاسدا (*) يا رسول الله؟
فقال النبي: لا، ربيح عند الله إن شاء الله (1).
أن إدخال السرور إلى قلوب الناس من الأمور التي تكسب ودهم وحبهم، فمن طبعهم أنهم يرغبون في من يدخل السرور الى نفوسهم، ويحبونه.
وهذا هو السر في أن الأفراد المداعبين والمطايبين والمفاكهين، يقبل عليهم الناس، ولا يملون من لقائهم ومجالستهم، بخلاف ذوي الطباع الجافة، ومن لا يسرون الناس، ولو مثّلنا المداعبين والمطايبين بالشجرة الخضراء المورقة الوارفة الظلال، واصحاب الطباع الجافة بالشجرة اليابسة، المحتوتة الأوراق، فلا ترديد في أن الناس تنجذب الى الشجرة الخضراء الوارفة الظلال، أكثر مما تنجذب إلى الشجرة الأخرى. ومن هنا فالمداعبة والمطايبة جمال في الإنسان وخلقه، ومن شأن الجمال ان يحبه الناس وينجذبون اليه.
وربما يقول قائل: إن الإنسان يجب أن يكون جاداً وجدياً في الحياة، لا هزلياً فيها. وهذا أمر صحيح، ولكن هل الجدية تعني أن يتعامل المرء مع الناس بغلظة وجفاف؟ وهل هناك تناقض بين المداعبة والمطايبة وبين الجدية في الحياة؟، كلا!.
صحيح ان الإنسان يجب أن لا يكون هزلياً ولكن حداً معتدلاً معيناً من المداعبة والمطايبة والمفاكهة، يعينه على الجدية في حياته، وفي تحمل مسؤولياته، كما يحقق له مكسبا كبيرا، وهو انجذاب الناس اليه وحبهم له، فأيهما أفضل: الجدية الجافة، أم الجدية المصحوبة بكسب ود الناس وحبهم؟ لا شك أن الجدية الثانية هي الأفضل، وإضافة إلى هذا فإن المداعبة والمطايبة والمفاكهة يجب أن تكون في محلها المناسب، فهناك من الظروف ما يحتاج إلى مطلق الجدية ومنها ما يسمح بنوع من الترطيب غير المضر بالجدية، بل إن استعمال الدعابة في كثير من الأعمال، تجعل العمل متعة وسعادة.
وادخال السرور على الناس ومداعبتهم ومطايبتهم، خلق من أخلاق الأنبياء، فالرسل ـ عليهم السلام ـ على عظمتهم ومسؤوليتهم وجديتهم وعلمهم واخلاقهم، كانوا يتواضعون للناس ويداعبونهم ويطايبونهم مدركين طبيعتهم البشرية، اذ من هذه الطبيعة أن قلوبهم تمل ـ كما عمل أبدانهم ـ وادخال السرور، والمداعبة والمطايبة هي التي تدخل على قلوب الناس السرور، وتزيل ما أصابها من ملل وضجر.
وفي هذا الصدد يُروى أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) كان جالساً مع ابن عمه علي بن ابي طالب (عليه السلام) على طعام، وكان الرسول يأكل التمر ويضع النوى قدّام علي، ثم قال (صلى الله عليه وآله) لعلي بما مضمونه: أكلت التمر كله يا علي؟ فقال علي (عليه السلام) بما معناه: إن الذي أكل التمر هو من اكله مع النوى.
(ورأى (صلى الله عليه وآله) ديكاً بدون دجاجة، فقال (صلى الله عليه وآله) لصاحبه: هلا اتخذت له أهلا؟) (2).
(وروي أن رجلا كثير المزاح بالأباطيل كان في عصر النبي (صلى الله عليه وآله)، فطلبه (صلى الله عليه وآله) بعدما أخبروه عن الرجل، ولما حضر عنده، جعل النبي (صلى الله عليه وآله) يعظه وينهاه عن الكذب والأباطيل المضحكة، إلى أن قال (صلى الله عليه وآله) له: كيف أنت إذا جيء بك يوم القيامة، ويكون رأسك على قدر جبل، ورقبتك على قدر شعرة، فقال: يا رسول الله هناك وقت سروري ورقصي، فاني بتلك الهيئة من الرأس والرقبة أرقص لأهل المحشر، وأفرّج هم الكل، وأبدل حزنهم بالسرور، وبكاءهم بالضحك، فضحك النبي (صلى الله عليه وآله) بكلامه، ونزل عليه جبرئيل (عليه السلام) يبشره بمغفرة ذنوب الرجل بسبب ادخاله السرور على قلب النبي الأعظم) (3).
وإذ أن المزح أو المزاح من الأمور التي تدخل السرور إلى قلوب الناس فما هي حدوده؟.
يكمن القول أن هناك نوعين من المزاح: نوع يسيء إلى الطرف الآخر، او يهينه، ويؤثر سلباً على شخصيّة المازح وعقله (**) وآخر لا يسيء إلى الطرف الآخر، ولا يهينه، ولا يؤثر ـ سلباً ـ على المازح، وهو ما يمكن الاطلاق عليه: الحد المعتدل من المداعبة، أو المطايبة، أو المفاكهة، أو المضاحكة، والنوع الأول مذموم، أما النوع الثاني فممدوح.
يقول الشاعر:
أفِد طبعَـك المصـدود بالجد، راحةً يجسم وعـلله بشيء من المزح
ولكن اذا اعـطيـته المـزح فليكن بمقدار ما يعطى الطعام من الملح (4).
إن طبع الإنسان الجاد يرتاح إلى شيء من المزح أو المطايبة المعتدلة ومثالها مثال الكمية المعتدلة اللازمة من الملح للطعام، هذه الكمية التي تريح الطاهي والاكل، أما اذا زادت عن حد الإعتدال فلا تريحهما معاً.
وهكذا فمن حسن التعامل مع الناس استعمال المداعبة والمطايبة معهم، وكما جاء في الأحاديث الشريفة: (ان الله يحب المؤمن فيه دعابة)، فلكي يحسن المرء معاملة الناس، ويكسب حبهم ويجعلهم مسرورين به، عليه بمداعبتهم ومطايبتهم، ومن وسائل المداعبة والمطايبة وإدخال السرور:
ـ الملاطفة والمداراة.
ـ طرائف الحكم، والنوادر.
ـ المزح المعتدل المعقول.
ـ التحدث فيما يطيب للطرف الآخر ويُسرّ به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) كاسدا: غير نافق لقلة الراغبين في شرائه.
(1) احمد محمد حسان: قبسات من حياة الرسول.
(2) الصياغة الجديدة لعالم الايمان والحرية والرفاه والسلام، ص534.
(3) حسن محمد الحسيني اللواساني النجفي: كشكول لطيف، ص175.
(**) في هذا النوع من المزاح يقول الامام الصادق (عليه السلام): (اياكم والمزاح! فإنه يجر السخيمة، ويورث الضغينة، وهو السب الصغير)، تحف العقول.
(4) السيد نعمة الله الحسيني الجزائري: زهر الربيع.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|