أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-6-2016
2332
التاريخ: 20/10/2022
2168
التاريخ: 27-6-2016
18468
التاريخ: 8-12-2021
1738
|
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} [الحجرات: 11].
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (لا يطمع المستهزئ بالناس في صدق المودة) (1).
وقال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (حسب ابن آدم من الشر أن يحقر أخاه المسلم) (2).
وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (من استذل مؤمناً أو مؤمنة أو حقره لفقره أو قلة ذات يده شهره الله تعالى يوم القيامة ثم يفضحه) (3).
وقال (صلى الله عليه وآله): (من عير أخاه بذنب قد تاب منه، لم يمت حتى يعمله) (4).
وقال (صلى الله عليه وآله): (إن عيّرك أخوك المسلم بما لم يعلم فيك، فلا تعيره بما تعلم فيه يكون لك أجراً وعليه إثم) (5).
السخرية من الناس تعني الاستهزاء بهم. وهي من الأخلاق السيئة المنهي عنها، سواء على مستوى التعامل بين شخصين: رجلين أو إمرأتين، أو رجل وامرأة، أو على مستوى التعامل بين قومين أو جماعتين، او شعبين أو أمتين.
إن السخرية من الناس خلق مذموم، لأنها استهزاء بهم، وإهانة وتصغير لهم، وخلاف تقديرهم واحترامهم. وهي قد تكون نتيجة للاستعلاء والتكبر على الناس، أو لوجود عداوة أو ضغينة أو كراهية أو ثأر، أو لمزاح خارج عن الحد المشروع والمعقول.
وفي السخرية والإستهزاء تتجلى النظرة إلى الشخص الآخر بنظرة دونية، أو النظر إليه بأنه ليس الأفضل أو الأخير، لأن المرء الساخر أو المستهزئ لا ينشغل بعيوبه عن عيوب غيره، ولا يهمه إلا انتقاص شخص الطرف الآخر وإبراز معايبه، مع العلم بأن الشخص المستهزأ به قد يكون خيراً من المستهزئ. ومن هنا مهما كان المرء متفوقاً على غيره في العلم أو العمل، عليه أن لا يسخر من الغيـر ویستهزئ به.
والسخرية من الناس والإستهزاء بهم، أمر لا يساعد على كسب ودهم وحبهم، وإنما يعمل على إضعاف حالة المودة وإبعادها عن الصدق والإخلاص، ويؤدي إلى نفورهم من المستهزئ وكراهيتهم له. ومن هنا فالسبيل إلى كسب محبتهم الصادقة، ترك السخرية منهم وتحاشي الاستهزاء بهم وفي ذلك حفظ لكرامتهم وتقدير لهم.
وحفظ كرامة الإنسان وتقديره ضرورة في التعامل معه، ولذا نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} [الحجرات:11]، في صفية بنت حُيّي بن أخطب، وكانت زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وذلك أن عائشة وحفصة كانتا تؤذيانها وتشتمان وتقولان لها: يا بنت اليهودية. فشكت ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال لها: ألا تجيبينهما؟ فقالت: ماذا يا رسول الله؟ فقال قولي: أبي هارون نبي الله، وعمي موسى كليم الله، وزوجي محمد رسول الله، فما تنكران مني؟ فقالت لهما، فقالتا: هذا علمك رسول الله. فأنزل الله في ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11] (6).
وكما حسن معاملة الناس يقتضي ترك السخرية منهم والاستهزاء بهم، كذلك يقتضي اجتناب تحقيرهم، إذ في إجتناب تحقيرهم إعزاز لهم، وصون لقدرهم، اما في تحقيرهم، فإهانة وتصغير وإذلال لهم، وحط من قدرهم.
إن من الشر والرذيلة أن يحقر الإنسان أخاه الإنسان، وأن يحقر المسلم أخاه المسلم، وأن يحقر المؤمن أخاه المؤمن. يقول تبارك وتعالى: (من أهان لي ولياً فقد أرصد لمحاربتي، وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي) (7).
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): (قال الله ـ عز وجل ـ : ليأذن بحرب مني من أذل عبدي المؤمن)(8).
ويقول (عليه السلام): (لا تحقرن أحداً من المسلمين فإن صغيرهم عند الله كبير) (9).
ويقول (عليه السلام): (من حقر مسكيناً لم يزل الله له حاقراً ماقتاً حتى يرجع عن محقرته إياه) (10). ويقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (لا يزر أن أحدكم بأحد من خلق الله، فإنه لا يدري أيهم ولي الله) (11).
وقال لقمان لابنه: (يا بني، لا تحقرن أحداً بخلقان ثيابه فإن ربك وربه واحد) (12).
ومن خلاف الإعزاز ومعرفة القدر، انتهاز التفاوت الطبقي في التحقير والإذلال والإهانة، كأن يحقر التجار والأغنياء، الفقراء والمساكين والمحرومين، وهذه من أرذل الممارسات، وأسوأ الأفعال، ذلك لأن الطبقات يجب أن تكون متلاحمة ومتكاملة ومتعاونة، مشدودة الأزر بعضها ببعض، وحيث أن المحرومين والمساكين والفقراء هم طبقة دنيا في الوجهة الاقتصادية، وربما من الوجهة العلمية والثقافية، فإن من واجب الطبقات العليا معرفة قدر هذه الطبقة، واجتناب تحقيرها وإذلالها وإهانتها، والعمل على تقديرها ومساعدتها في ظروفها الصعبة.
ومن أوجه التحقير والإهانة والإذلال والتصغير: أن تحقر قومية قومية أخرى، أو تحقر عشيرة عشيرة أخرى، أو يحقر عنصر عنصراً آخر، وما إلى ذلك من أشكال التحقير الناجمة عن التعصب القومي أو العشائري، أو التمييز العنصري والعرقي، وكلها مذمومة ومنهي عنها، إذ أن التقدير والأعزاز هو الخلق السليم والمأمور به في التعامل والعلاقة بين الشعوب والقوميات، والعشائر، والجماعات، والعناصر، والأعراق، والطوائف.
يقول الشاعر: ومـن هـاب الـرجـال تهيبـوه ومن حقر الرجال فلن يهابا
واجتناب التحقير يجب أن يشمل كل الناس، ومنه إجتناب تحقير أفراد الأسرة والعائلة، فليس من الصحيح أن يجتنب المرء تعيير الناس خارج منزله، وفي داخل منزله يحقر والديه، أو زوجته، أو إخوانه، أو أولاده.
وعن عواقب التحقير:
(حدث أن شاباً أصيب بالجنون في ريعان عمره، وأدخل إلى مستشفى الأمراض العصبية، وكان قبل ذلك شاعراً مجيداً، ومؤلفاً ناجحاً. فأثارت حالته الدهشة، ولما سئل ابن اخته عن سبب جنونه، قال: ابوه السبب!
قيل: كيف! قال: كان هذا الابن ما قبل الأخير في أولاد جدي، وكان جدي يحب ولده الأكبر والأصغر وما بينهما بشكل أو بآخر، إلا هذا لم يكن يحبه. وكان في صغره حينما يلاعبه مع بقية إخوانه، يأتي مندفعاً إلى حضن أبيه، ولكن أباه يبعده، ويقول له: انصرف، فإنك لن تصبح شيئاً. وكان إذا كسر صحناً زجاجياً ـ مثلا ـ يصرخ في وجهه قائلا له: أنت مجنون. وبالفعل كانت هدية والده إليه أن جعله مجنوناً حقيقياً) (13).
وينبغي للمرء في معاملته الناس ـ فضلا على تقديرهم واجتناب تحقيرهم ـ أن يقدر المعروف والخير والإحسان الذي يقومون به مهما كان صغيراً أو قليلا، وأن لا يحقره لأن في تقديره إكرام وإعزاز وتقدير للمعروف والخير والإحسان، وإكرام وتقدير لمن يقومون به، وفي التحقير خلاف ذلك.
وكما هو واجب المرء في معاملته الناس أن يقدرهم ولا يحقرهم، ينبغي له أن يستر عليهم، وأن يجتنب تعييرهم بالأخطاء والذنوب والخطايا التي ارتكبوها.
والتعيير هو النسب إلى العار، وتقبيح الفعل، وذكر العيوب. ومنه إذاعة الفاحشة، والتأنيب، والشماتة بالشخص الآخر في الابتلاءات والمصائب والنكبات، والطعن (وهو ذكر عيوب الناس والقدح فيهم)، والهمز (*)، واللمز (**)، والنبز (***)، والغمز (****).
من وصايا الخضر لموسى – (عليهما السلام): (یا ابن عمران! لا تعيرن أحداً بخطيئة، وابكِ على خطيئتك) (14).
ويقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (من أذاع فاحشة كان كمبتدعها، ومن عير مؤمناً بشيء لم يمت حتى يركبه) (15).
ويـقـول الإمـام الصـادق (عليه السلام): (مـن انـب مـؤمـنـا أنـبـه الله في الدنيا والآخرة) (16).
ويـقـول (عليه السلام) أيضـاً: (لا تبدي الشماتة لأخيك فيرحه الله ويصيّرها بك) (17).
وفي الوقت الذي لا يجوز للمرء أن يعير إخوانه والناس، ينبغي له أن لا يعيرهم فيما إذا عيروه، إذ في مقابلة التعيير بالتعيير وقوع في التعيير، وهو مذموم ومنهي عنه.
يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (إن عيّرك أخوك المسلم لما يعلم فيك، فلا تعيره بما تعلم فيه يكون لك أجراً وعليه إثم) (18).
عيّر (أبو ذر) رجلا على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) بأمه، فقال له: يا ابن السوداء! وكانت أمه سوداء، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): تعيره بأمه يا أبا ذر؟! قال: فلم يزل أبو ذر يمرغ وجهه في التراب حتى رضي رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنه (19).
وهكذا فليس من إحسان معاملة الناس، السخرية منهم والإستهزاء بهم، ولا تحقيرهم ولا تعييرهم. فلكي يحسن المرء معاملتهم، عليه أن لا يسخر منهم، وأن لا يحقرهم، وأن لا يعيرهم، وخليق به أن ينشغل بعيوبه عن عيوب الناس.
يقول الشاعر: لو نظر الناس إلى عيبهم ما عاب إنسان على الناس.
ويقول الشاعر الآخر:
وعــيـنـك إن أبـدت إليـك مـسـاوئـاً فصنها وقل: يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى وفـارق ولكن بالتي هي أحسن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار، ج75، ص144.
(2) تنبيه الخواطر، ص 362.
(3) بحار الانوار، ج72، ص44.
(4) تنيبه الخواطر، ص91.
(5) المصدر السابق، ص390.
(6) بحار الأنوار، ج72، ص144.
(7) بحار الأنوار، ج75، ص158.
(8) المصدر السابق، ص145.
(9) تنبيه الخواطر، ص25.
(10) بحار الأنوار، ج72، ص52.
(11) المصدر السابق، ج75، ص147.
(12) المصدر السابق، ج72، ص47.
(13) هادي المدرسي: الصداقة والأصدقاء، ص 355، مع بعض التصرف في العبارة.
(*) الهمز: الاغتياب في الغيبة. والهمزة: الغاز والعياب. الهماز: العياب والطعان.
(**) اللمز: الإعابة، والاشارة الى الشخص الملموز بالعين ونحوها مع كلام خفي. اللمزة: العياب للناس، أو الذي يعيبك في وجهك.
(***) النبز: التلقيب، وهو شائع في الألقاب القبيحة. التنابز بالألقاب: التعاير، وتلقيب البعض البعض الآخر.
(****) الغمز: الطعن والعيب.
(14) المصدر السابق، ج73، ص383.
(15) المصدر السابق، ص384.
(16) أصول الكافي، ج2، ص356.
(17) المصدر السابق، ص359.
(18) تنبيه الخواطر، ص390.
(19) بحار الأنوار، ج72، ص147.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|