أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-1-2022
1653
التاريخ: 1-5-2021
2432
التاريخ: 17-7-2022
2096
التاريخ: 1-8-2020
2355
|
يستفاد من الآيات الشريفة أمور :
الأول : يستفاد من قوله تعالى : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران : 159] إلى آخر الآية الشريفة ، أن النبوات السماوية تتقوم بأمرين :
الأول : المظهرية التامة لأخلاق الله تعالى والمرآتية الكاملة للوحي المبين.
الثاني : اجتماع جميع الجهات الإنسانية في النبي من دون نقص فيها.
بالأول يستفيض من الله تعالى ، وبالثاني يخالط الناس ويعاشرهم فيفيدهم ، وتدل على ما قلناه الأدلة العقلية والنقلية ، قال تعالى : {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام : 9] ، وقال تعالى : {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [الكهف : 110] ـ وقال تعالى حكاية عن الكافرين : {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان : 7] ، وهذا الأمر لا يختض بنبي دون آخر ، فهو جار في جميع الأنبياء والمرسلين ، بل يجري بالنسبة إلى أولياء الله الداعين إليه ، المستمدين علومهم من قوله تعالى : {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة : 282] ، وأما سيد الأنبياء وخاتمهم ، فمقامه الجمع الجمعي من أجل المقامات واعلاها ، ففي كل آن له سفران ، سفر من الخلق إلى الحق المطلق ، لأن يأخذ منه الكمالات المعنوية التي بها يربي العباد تربية حقيقية كاملة ، وسفر من الحق إلى الخلق ، لتربية النفوس المستعدة ، وأسفاره الجسمانية وإن كانت محدودة ، ولكن أسفاره الروحانية لا تعد ولا تحصى ، كيف وهو (عليه السلام) يقول : " أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني ربي " ، بل قول خليل الله : {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } [الشعراء : 78 - 80] ، يدل على أن لهم (صلوات الله عليهم) عالماً خاصاً غير ما نحن فيه وإن كانوا يشتركون معنا في كثير من الأمور.
والآيات الشريفة التي تقدم تفسيرها تدل على ما ذكرناه ، فهو (صلى الله عليه واله) مظهر الرحمة الإلهية وأخلاق الله تعالى ، كما أنه بشر كسائر البشر ، وقد أمر بأن يخالط الناس ويتشاور معهم.
الثاني : الآيات الشريفة تدل على أن الرحمة واللين مع الخلق والتودد معهم والرحمة لهم من أجل صفات الله تعالى ، فأفاضها على نبيه (صلى الله عليه واله) ، فصارت من سيرته (صلى الله عليه واله) ، كما أن العفو عنهم ، والاستغفار لهم ، والمشاورة معهم كانت كذلك ، والله سبحانه وتعالي راض عن فعله.
الثالث : يتضمن قوله تعالى : {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران : 159] ، على شروط التوكل على الله تعالى ، وهي المخالطة مع الناس بأحسن وجه وتهيئة الاسباب والمقدمات والمشاورة معهم ، وتبيين الوجه الصحيح وعزم النية وعقد القلب ثم التوكل عليه عز وجل في إصلاح الأمور وإنجاحها.
الرابع : يدل قوله تعالى : {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران : 160] على ان الأثر المهم المترتب على التوكل على الله هو النصر على الأعداء والظفر بالمراد ، ولا يمكن أن يدفع ذلك أحد مهما كانت مرتبته أو عظمت سلطته ، لأنه يدخل في سلطان الله تعالى، وهو القوي الذي لا يغلب.
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : { وعلى الله فليتوكل المؤمنون} أن شأن المؤمن أن يتوكل على الله ، ولا ينبغي له التخلي عنه بعد أن آمن به عز وجل وعلم بأنه مسبب الأسباب ، وأن الأمور تحت إرادته ومشيئته ، ولا ناصر له غيره عز وجل ، فلا محيص من التوكل عليه ، ولذا كان التوكل من شأن جمع الأنبياء والمرسلين وأولياء الله الصالحين.
السادس : يدل قوله تعالى : { فبما رحمة من الله لنت لهم} على أن رسول الله (صلى الله عليه واله) مثال الإنسانية الكاملة والمرآتية الكبرى لله جل جلاله ، وقد خلق من رحمته عز وجل، كما أرسله رحمة للعالمين ، فصار ليناً لهم كما هو شأنه عز وجل فقد سبقت رحمته غضبه ، وعلى هذا يكون قوله تعالى : {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران : 159] قضية فرضية امتناعية ، كما هو شأن غالب استعمالات كلمة " لو " ، فإن صدقها إنما يكون بصدق لزوم ترتب الجزاء على الشرط ، لا الوقوع الخارجي ، فتصدق هذه القضية مع الامتناع للشرط مهما كان ترقب الجزاء على الشرط لازماً ولو امتنع الشرط.
وكيف كان ، فهذا الخطاب البليغ — مع إيجازه — يبين أقصى مراتب الانسانية الكاملة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|