أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-05-2015
6106
التاريخ: 9-05-2015
5437
التاريخ: 2023-05-19
1123
التاريخ: 25-11-2014
13257
|
من المعادلات الماضية الراسخة في تركيبة وذاتيّة الفكر الاسلامي
المستوحى من كتاب اللّه تلك العلاقة الضروريّة بين نوع الكلمة والوجود، لأن الكلمة
في قاموس القرآن وبالتحليل الدقيق عبارة عن (فعل) ، عبارة عن ممارسة حيّة تحمل في
طيّها البعيد صبغة قائلها او بالأحرى فاعلها ، فالكلمة ليست كيانا لغويّا مجرّدا،
وانما هي تجسّد إرادة . والارادة تفرز اثرا . والاثر يخلق نظيره على امتداد طاقته
وحيويته وقدراته .
تأسيسا
على ما مضى تتكون لدينا معادلة. تكون فيها (الكلمة) المعادل الموضوعي (للفعل) وهو
ما نقرؤه في كتاب اللّه عزّ وجل. يقول تعالى :
{كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ
طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ.. } [إبراهيم : 24-25]
وفي
الحقيقة ان المعادلة واضحة في الآية الى درجة الاشراق. وبودي ان اقول ان (ك) هنا
ليست للتشبيه المجازى بقدر ما هي لتجسيد الواقع او لتجسيد الكلمة كواقع، هذا
الواقع يتمثل في النهاية فعلا ساريا ماضيا منسابا على مدى استعداده الفذ المستمد
من نوع الكلمة وهويتها.
انّ
الكلمة الطيبة كفؤ الفعل الخيّر.
هذه هي
المعادلة في صورتها الاولى ...
الآية
الشريفة التي تطرح هذه المعادلة تلحقها بالمعزّز الذي من شأنه أن يفعّل المعادلة
في تضاعيف الاعتقاد وبنيات التصور. يقول تعالى : {كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ
طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ
بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ
خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم : 24، 26] .
والمثل
المضروب هنا ليس وسيلة تعليمية ولا توضيحيّة بل هو مثل يرتبط بالتجسّد الفعلي،
المثل الشاخص الحاضر الملموس المتوثب.
اذن
وبمتابعة السرد السابق نكون قد طوينا مرحلتين بنجاح، تأسيس المعادلة واكتشاف
الداعم المؤكّد او المعزّز ... ولكن اين يكمن الإطار الاوسع ؟
اين هي
المعادلة الكبرى ؟
قال
تعالى : {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً
وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد : 17]... ... حقا، انها المجال الذي تجد فيه المعادلة السابقة
مكمنها المناسب وحاضنها الحقيقي وراعيها الصادق. فالكلمة الطيبة باعتبارها فعلا
خيرا انما هو من مصاديق ما ينفع الناس، ولنا ان نستوعب هذا التجاذب الحق بين
(الاصل الثابت في الارض والفرع الممتد من جهة وهذا المكوث في الارض) فان المعادلة
الأوسع قد غذت المعادلة/ المشروع بكل روحها وعصارتها وجوّها، اعطتها هويتها
الراسخة. وهكذا نكون قد ظفرنا بالخطوة الثالثة ... وليس من العسير التقاط الجذر
المؤسس الذي هو البداية.
ان
الجذر المؤسّس لهذه المعادلة هو الجذر المؤسّس لكثير من المعادلات التي تسود
الكتاب العزيز. انه الجذر الذي يؤكد :
(أصالة
الحق في الوجود) ... قال تعالى : {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ
ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ
وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ
لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [يونس : 5]
قال
تعالى : {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى
الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء : 18] {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} [إبراهيم : 19]
واصالة
الحق فيما نحن فيه تعني : ان كل ما يتطابق وينسجم مع قوانين الكون والحياة يبقى
ويستمر ويعطي ويثري. وذلك بديهي واضح، لانه يجد بسهولة اجواء تحققه ونموه وتطوره.
وكل ما هو خلاف هذه القوانين يهلك ويبور ويتداعى. قوانين الوجود تتظافر باتجاه
الحفاظ والديمومة والعطاء، ولو لا هذه الحقيقة لانتهى كل شيء منذ امد بعيد.
وحتى
اذا طرأت على الوجود سلطنة الشر والخراب، فانها سلطنة عابرة نزول وتعود قيادة
الخير لتستلم ازمّة الكون. وها نحن نسمع بملء آذاننا ان الطبيعة راحت تنتقم من
مخربيها ومدمّريها، وصيحات الانذار اخذت تجلجل في كل انحاء العالم من اجل انقاذ
الحياة ... اذن الحق هو الأصيل ...
وما يمكث
في الارض تعبير عن هذا الحق. وبالتالي يفسّر بشكل طبيعي العلاقة الحيّة بين
الكلمة الطيبة (الفعل الخير) والوجود الرحيب. ويتعين (أذن اللّه) شرطا كونيا
لسريان هذه المعادلة وتحققها.
هكذا
نكون قد اكملنا المشوار : المعادلة المشروع، الداعم، المعزّز، الاطار الاوسع،
الجذر المؤسس، الشرط الضروري.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|