أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2020
1761
التاريخ: 17-1-2022
1459
التاريخ: 2023-03-04
980
التاريخ: 1-7-2019
1720
|
تخطيط الحدود الدولية
بعد إن انتهينا من دراسة موضوع تحديد الحدود الدولية في الفرع الأول من هذا المطلب واتضح بأن عملية التحديد تختص بوصف خط الحدود وصفا ً دقيقا ً , إذا ً لابد من دراسة مرحلة وضع خط الحدود على ارض الواقع والتي تسمى عملية التخطيط وان هذه العملية تقوم بها لجان متخصصة , وعليه تتطلب دراسة هذا الفرع تقسيمه على محورين أو نقطتين الأولى لبيان المقصود بتخطيط الحدود الدولية والثانية لبيان سلطات واختصاص لجان التخطيط , وهذا ما سنبحثه تباعا ً :-
أولا ً: المقصود بتخطيط الحدود الدولية :- وهي المرحلة اللاحقة لمرحلة تحديد الحدود ويقوم باجراؤها الطرفان أو جهة محايدة بوضع ما اتفقا عليه على الطبيعة , وتعتبـــر هذه العمليـــة فنية يتم خلالها وضع العلامات والإشارات على الأماكن أو المناطق التي تم الاتفاق على اعتبارها نقاطا ً للحدود (1) .
وان المعاهدات وأحكام القضاء والتحكيم لا تميز دائما ً بين كلمة تحديد (Delimitation) وكلمة تخطيط ( Demarcation) حيث إن هنالك خلط في استعمال المصطلحين , مثلا ً المعاهدة التي أبرمت في عام 1904 بين سيام وفرنسا على اعتبارها آنذاك الدولة الحامية لكمبوديا , على الرغم مـن إن المادة الأولـــى والثانية حددتا الحدود إلا إن المادة الثالثة من المعاهدة نصت على أن تقوم لجنة مشتركة من البلدين بتحديد الحدود التي تم تحديدها بمقتضى المادتين الأولى والثانية من المعــاهدة (2) .
ومن الجدير بالذكر إن مرحلة تخطيط الحدود تعتبر من المراحل المهمة جدا ً , حيث تعترض لجان تخطيط الحدود مشاكل عديدة عند وضع الحدود على الطبيعة لان واضعي خط الحدود ينقلون هيكل بناء الحدود من الورق إلى ارض الواقع , وفي الحقيقة إن الصعوبات التي تعـــــــــتـرض لجان تخطيـــط الحدود ترجع بالدرجة الأولى إلى عملية التحديد بحد ذاتها, وتتجسد تلك الصعوبات بالأساس في ضعف المعاهدات المنظمة للحدود التي تتضمن معلومات تنقصها الدقة عن الأرض التي يراد وضع الحدود عليها , تلك المعلومات المهمة التي لم يأخذها بالاعتبار واضعوها نصوص المعاهدات المنظمة للحدود , وذلك يرجع إلى إن تحديد الحدود على الورق لم يوضح أهمية هذه المعلومات الفعلية على الطبيعة عند تخطيط الحدود.
ثانيا ً: سلطات واختصاص لجان تخطيط الحدود :- بادئ ذي بدء إن تشكيل لجان تخطيط الحدود يختلف من حالة إلى أخرى , حيث إن طريقة تحديد الحدود يمكن أن ترد في معاهدة لتحديد الحدود أو في حكم قـضــــائي صادر عن محكمة دولية أو في قرار تحكيم .
وعادة ما تنص معاهدات الحدود على عدد من الموظفين المعينين بصفة أعضاء في لجنة تخطيط الحدود , وهم خبراء في علم الأرض والمساحة وسياسيين وغيرهم (3). أما في حالات التحكيم فيكون من اختصاص المحكم تعيين أعضاء اللجنة , وان هذا الوضــع يـــؤدي إلــى الاستمرار في العمل ويمنع التأخير إلا انه من الناحية العملية لم يطبق (4) .
وان لجان تخطيط الحدود الدولية يتم تشكيلها في العادة من ممثلين عن الدولتين المتنازعتين وان عـــــــدد أعضاء هذه اللجان يزيد أو ينقص حسب رؤية الحكومات المعنية أو على قدر ما يقتضيه الأمر ولكن على شرط أن يتساوى عدد ممثلي الطرفين , وذلك حسب الاتفاق الذي يتم بين الدول المعنية.
فضلا ً عن مندوبي الحكومتين والفنيين الذين يعتبرون ممثلين لحكوماتهم , كما ينبغي تعيين عددا ً مــــن المندوبين من دول أخرى ( غير الدول الأعضاء ) والأفضل أن يكون الممثلون الآخرون من دول محايدة , يطلق عليهم الأعضاء المحايدون وعند الاتفــاق على وجود مندوبين محايدين ضمـــن لجان التخطيط فيكون من الضروري النص في معاهدات الحدود على السلطات والصلاحيات المقررة للمندوبين المحايدين بصـورة دقيقة ومفصلة , فان عدم توضيح هذه الصلاحيات قد يؤدي إلى مشاكل كثيرة في عمل اللجان بدلا ً مـــن البحث عن حل لمشاكل الحدود (5) .
ومن الجدير بالذكر إن الدول المعنية هي التي تقوم بتحديد سلطات وصلاحيات لجان التخطيط عن طريق المعاهدات المنظمة للحدود , بحيث تختص هذه اللجان بوضع الحدود التي حددتها الدول المعنية على الطبيعــة . يتضح مما تقدم إن سلطات وصلاحيات لجان التخطيط تتوقف على تحديد الحدود في ضوء معاهدة الحـدود ,فقـد يجـري تحديد الحـدود بمقتـضى معاهــدة وبصورة كاملـة وشاملة لكـل خط حدودي بين الدولتين المتجاورتين , ففي هذه الحالة تكون سلطات وصلاحيات لجان تخطيط الحدود مقيدة إلى درجة كبيرة , ولذلك إن الكثير من الصعوبات تواجه لجان تخطيط الحدود , وبصورة خاصة إذا كانت الطبيعة التي يوضع عليها خط الحدود معقدة, أو في حالة كـون الفترة الزمنــية بين عقد المعاهدة وعملية التخطيط طويلة , ومن المآخذ على هذه الطريقة إنها تقيد لجنة تخطيط الحدود وقد تغفل ذكر بعض الظواهر الطبيعية التي قد تؤثر في عملية تخطيط الحدود, هذا وقد تمنح الدول المعنية لجان تخطيط الحدود صلاحيات أوسع , وذلك عن طريق ذكر الخطوط العريضة في معاهدة تحديد الحدود وتترك التفصيلات لتصرف لجان التخطيط, ولكن يجب أن تراقب الدول المعنية تصرفات لجان تخطيط الحدود (6).
ونتيجة للتطور الذي طرأ في مجال التخطيط وإعداد الخرائط وظهور الشركات المتخصصة , فمن الجائز أن تتفق الدول المعنية على إن عملية تخطيط الحدود وإعداد الخرائط يعهد بها إلى إحدى الشركات , وان هذه الدول تكون مهمتها الإشراف على أعمال الشركة التي تم اختيارها للقيام بهذه المهمة (7) .
وحري بنا أن نذكر إن لجان تخطيط الحدود تتقيد عادة بالمبادئ الآتية :-
•احترام أوضاع الاستغلال المحلية وعدم تجزئة الأراضي الزراعية.
• احترام وحدة المدن .
•احترام وضع القبائل الرحل مع العلم إن هذا المبدأ يصعب تطبيقه بسبب كثرة تنقل هذه القبائل(8).
ولم تستقر قاعدة أو عرف بخصوص مسألة إقرار أو تصديق أطراف المعاهدة على أعمال لجنة التخطيط , ويتضح إن الموضوع لا يتوقف على الاتفاق الذي انشأ لجان التخطيط , حيث إن بعض المعاهدات وهذا الأمر سائدا ً , تشترط تصديق أطرافها على النتائج التي توصلت إليها لجان التخطيط , على سبيل المثال الفقرة الرابعة من إعلان عام 1899 بين بريطانيا وفرنسا بخصوص تحديد الحدود بين السودان وما كان يعرف بأفريقيا الاستوائية الفرنسية حيث نص بشكل صريح على إحالة نتائج أعمال اللجنة للحكومات المعنية للموافقة عليها بينما نجد إن الأمر مختلف في معاهدات أخرى , حيث منحت معاهدة عام 1853 لتحديد الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك لجنة التخطيط صلاحية إصدار قرارات لها صفة الإلزام من غير أن تصدق من جهة معينة , ومن جهة أخرى هناك معاهدات تمنح اللجنة الحق بإصدار القرارات الملزمة , إلا إن المسائل التي تختلف فيها اللجنة تحال إلى أطراف المعاهدة أو إلى جهة ثالثة من غير الدول المعنية .
ويجدر بنا أن نذكر انه يجب المحافظة على العلامات الحدودية وان تقوم الدول المعنية بصيانتها , ولهذا نجد إن الفقرة الأولى من المادة الخامسة من بروتوكول إعادة تخطيط الحدود البرية بين العراق وإيران لعام 1975 أنشأ لجنة مشتركة من البلدين من اجل الكشف على العلامات الحدودية والتأكد من حالتها في شهر أيلول من كل عام , أما في حالة حصول تلف لإحدى العلامات أو نقلـــــــــــها مــــن مكانها لابد من إعادة وضعها استنادا ً إلى الوثائق التي تم تشييدها بمقتضاها ولابد من حضور ممثلين عن الدولتين المتجاورتين (9) .
_______________
(1) صالح محمد محمود بدر الدين, مصدر سابق,ص69.
(2) رشيد حمد العنزي, تحديد الحدود البرية بين الكويت والعراق طبقا ً لقواعد القانون الدولي, مجلة الحقوق, كلية الحقوق, جامعة الكويت, العدد 3و4,الكويت, 1992,ص307.
(3) وسام زيدان الجبوري, مصدر سابق,ص56-57.
(4) صالح محمد محمود بدر الدين, مصدر سابق,ص76-77.
(5) جابر الراوي, مصدر سابق,ص188.
(6) صالح محمد محمود بدر الدين, المصدر السابق,ص78.
(7) وسام زيدان الجبوري, مصدر سابق,ص57 .
(8) سموحي فوق العادة, مصدر سابق,ص357.
(9) وسام زيدان الجبوري, مصدر سابق,ص60-61.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|