أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014
15851
التاريخ: 8-11-2014
14945
التاريخ: 24-09-2014
15127
التاريخ: 8-12-2015
15511
|
قال تعالى : {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (61) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (62) تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل : 61 - 64] .
للمفسّرين بيانات كثيرة بشأن المراد من «الأجل المسمى» ولكن بملاحظة سائر الآيات القرآنية ، ومن جملتها الآية (2) من سورة الأنعام ، والآية (34) من سورة الأعراف ، يبدو أنّ المراد منه وقت حلول الموت ، أيْ : إِنَّ اللّه عزَّوجلّ يمهل الناس إِلى آخر عمرهم المقرر لهم إِتماماً للحجة عليهم ، ولعل مَنْ ظلم يعود إِلى رشده ويصلح شأنه فيكون ذلك العود سبباً لرجوعه إِلى بارئه الحق وإِلى العدالة. ويصدر أمر الموت بمجرّد انتهاء المهلة المقررة ، فيبدأ بعقابهم من بداية اللحظات الأُولى لما بعد الموت.
ولأجل المزيد من الإِيضاح حول مسألة (الأجل المسمى) راجع ذيل الآية رقم (2) من سورة الأنعام وكذا ذيل الآية (34) من سورة الأعراف.
ويعود القرآن الكريم ليستنكر بدع المشركين وخرافاتهم في الجاهلية (حول كراهية المولود الأنثى والإِعتقاد بأنّ الملائكة إِناثاً ، فيقول : {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ}
فهذا تناقض عجيب ـ وكما جاء في الآية (22) من سورة النجم {تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} فإِنْ كانت الملائكة بنات اللّه سبحانه وتعالى فينبغي أن تكون البنات أمراً حسناً ، فلماذا تكرهون ولادتها ؟! وإِنْ كانت شيئاً سيئاً فلماذا تنسبونها إِلى اللّه ؟!
ومع كل ذلك .. {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى}
فبأي عمل تنتظرون حسنى الثواب ؟! أبوأدكم بناتكم ؟! أم بافترائكم على اللّه ؟!...
وجاءت «الحسنى» (وهي مؤنث أحسن) هنا بمعنى أفضل الثواب أو أفضل العواقب ، وذلك ما يدعيه أُولئك المغرورون الضالون لأنفسهم مع كل ما جاؤوا به من جرائم !
وهنا يطرح السؤال التالي نفسه : كيف يقول عرب الجاهليه بذلك وهم لا يؤمنون بالمعاد ؟
والجواب : أنّهم لم ينكروا المعاد مطلقاً ، وإِنّما كانوا ينكرون المعاد الجسماني ، ويستوعبون مسألة عودة الإِنسان إِلى حياته المادية مرّة أُخرى.
إِضافة إِلى إِمكان اعتبار قولهم قضية شرطية ، أيْ : إِنْ كان هناك معاد حقّاً فسيكون لنا في عالمه أفضل الجزاء ! وهكذا هو تصور كثير من الجبابرة والمنحرفين فبالرغم من بُعدهم عن اللّه تعالى يعتبرون أنفسهم أقرب الناس اليه ، ويتشدّقون بادّعاءت هزيلة مدعاة للسخرية !
واحتمل بعض المفسّرين أيضاً أنّ «الحسنى» تعني نعمة الأولاد الذكور ، لأنّهم يعتبرون البنات سوءاً وشرّاً ، والبنين نعمةً وحسنى.
إِلاّ أنّ التّفسير الأوّل يبدو أكثر صواباً ، ولهذا يقول القرآن ، وبلا فاصلة : {لاجَرَمَ أنّ لهم النّار} ، أيْ : أنّهم ليسوا فاقدين لحسن العاقبة فقط ، بل و «لهم النّار» {و إِنّهم مفرطون} أيْ : من المتقدمين في دخول النّار.
والمفرط : من فرط ، على وزن (فقط) بمعنى التقدم.
وربّما يراود البعض منّا الإِستغراب عند سماعة لقصة عرب الجاهلية في وأدهم للبنات ، ويسأل : كيف يصدَّق أن نسمع عن إِنسان ما يدفن فلذة كبده بيده وهي على قيد الحياة ؟!..
وكأنّ الآية التالية تجيب على ذلك : {تالله لقد أرسلنا إِلى أُمم من قبلك فزَيَّن لهم الشيطان أعمالهم} .
نعم ، فللشيطان وساوس يتمكن من خلالها أن يصور أقبح الأعمال وأشنعها جميلة في نظر البعض بحيث يعتبرها مجالا للتفاخر! كما كانوا يعتبرون وأد البنات شرفاً وفخراً وحفظاً لناموس وكرامة القبيلة ! ممّا يحدو ببعض المغفلين لأن يتفاخر بالقول : لقد دفنتُ ابنتي اليوم بيدي كي لا تقع غداً أسيرة في يد الأعداء !
فإنّ كان الشيطان يزيّن أقبح الأعمال مثل وأد البنات بنظر بعض الناس بهذه الحال ، فحال بقية الأعمال معلوم.
ونرى في يومنا الكثير من أعمال الناس التي سيطر عليها زخرف الشيطان ، فراحوا ينعتون سرقاتهم وجرائمهم بعبارات تبدو مقبولة فيخفون حقيقتها في طي زخرف القول.
ثمّ يضيف القرآن : إِن مشركي اليوم على سنّة من سبقهم من الماضين من الذين زينوا أعمالهم بزخرف ما أوحى لهم الشيطان {فهو وليهم اليوم} ، يستفيدون ممّا يعطيهم إِيّاه. ولهذا.. {ولهم عذاب أليم}.
وللمفسّرين بيانات كثيرة في تفسير {فهو وليهم اليوم} ولعل أوضحها ما قلناه أعلاه ، أيْ : إنّها إِشارة إِلى أنّ المشركين في عصر الجاهلية إِنّما هم على خطى الأُمم المنحرفة السابقة ، والشيطان رائد مسيرتهم والموجه لهم كما كان للماضين (1).
ويحتمل تفسيرها أيضاً بأنّ المقصود من (فهو وليهم اليوم) أنّه لا تزال بقايا الأمم المنحرفة السابقة موجودة إِلى اليوم ، ولا زالوا يعملون بطريقتهم المنحرفة ، والشيطان وليهم كما كان سابقاً.
وتبيّن آخر آية من الآيات مورد البحث هدف بعث الأنبياء ، ولتؤكّد حقيقة : أنّ الأقوام والأُمم لو اتبعت الأنبياء وتخلت عن أهوائها ورغباتها الشخصية لما بقي أثر لأي خرافة وانحراف ، ولزالت تناقضات الأعمال ، فتقول : {وما أنزلنا عليك الكتاب إِلاّ لتبيّن لهم الذي اختلفوا فيه هدىً ورحمةً لقوم يؤمنون}.
ليخرج وساوس الشيطان من قلوبهم ، ويزيل حجاب النفس الأمارة بالسوء عن الحقائق لتظهر ناصعة براقة ، ويفضح الجنايات والجرائم المختفية تحت زخرف القول ، ويمحو أيَّ أثر للإِختلافات الناشئة من الأهواء ، فيقضى على القساوة بنشر نور الرحمة والهداية ليعم الجميع في كل مكان.
____________________
1. ولكن لازم هذا التّفسير وجود اختلاف في ضمير (أعمالهم) وضمير (وليهم) ، فالأوّل يعود إِلى الاُمم السالفة ، والثّاني الى المشركين في صدر الإِسلام. ويمكن حل هذا المشكل بتقدير جملة ، وهي ان تقول : هؤلاء يتبعون الأُمم الماضية. (فتأمل) .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|