أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-3-2017
2252
التاريخ: 8/9/2022
3358
التاريخ: 16-5-2016
4100
التاريخ: 3-8-2017
25976
|
أنواع البطلان
أركان العقد وشروطه:
أن أركان العقد في الفقه الغربي ثلاثة : التراضي والمحل والسبب. ورأينا أن لكل من هذه الأركان نوعه واحدة من الشروط فيما عدا ركن التراضي فله انعقاد وشروط صحة.
فالتراضي يشترط لوجوده - أو لانعقاده - أن يكون صادرة عن تمييز، وأن يكون هناك تطابق تام بين الإيجاب والقبول. وقد يوجد التراضي، ولكنه ينعقد غير صحيح. ويشترط لصحته أن يكون صادرة عن ذي أهلية، وأن يكون غير معيب. فإذا صدر التراضي من ناقص الأهلية، أو كان معيبة بأن كان مشوبا بغلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال، فإن ذلك لا يمنع من وجود التراضي، ولكنه يكون غير صحيح .
أما شروط المحل . وهي شروط الانعقاد وشروط الصحة في وقت واحد . فهي أن يكون المحل ممكنا، معينة أو قابلا للتعيين، صالحة للتعامل فيه بان يكون مالا متقوماً مشروعا أي غير مخالف للنظام العام والآداب .
وأما السبب فليس له إلا شرط واحد، هو أن يكون مشروعة أي غير مخالف للنظام العام أو الآداب . وهذا الشرط هو شرط انعقاد وشرط صحة في وقت واحد.
مراتب البطلان - النظرية التقليدية (التقسيم الثلاثي):
تقسم النظرية التقليدية البطلان إلى مراتب ثلاث : فهناك بطلان يجعل العقد منعدمة، وبطلان يجعل العقد باطلا بطلاناً مطلقة، وبطلان يجعل العقد باطلا بطلاناً نسبيا.
فالعقد المنعدم هو ما انعدم فيه ركن من الأركان الثلاثة التي لا بد من قيامها حتى يتكون العقد: التراضي أو المحل أو السبب. فعقد الهازل منعدم، وكذلك العقد الصوري، لانعدام التراضي. والتعاقد على محل غير موجود أصلا منعدم لانعدام المحل. والتعاقد لسبب لا وجود له منعدم، لانعدام السبب.
والعقد الباطل بطلاناً مطلقة هو ما قامت فيه الأركان الثلاثة ، ولكن اختل فيه شرط من شروط هذه الأركان غير شروط صحة التراضي. فإذا اختل شرط من شروط وجود التراضي، بأن صدر العقد من غير مميز، كصبي غير مميز أو مجنون أو معنوه، أو لم يكن هناك تطابق تام بين الإيجاب والقبول، فالعقد باطل بطلاناً مطلقة. وإذا اختل شرط من شروط المحل، بأن كان المحل غير ممكن، أو كان غير معين وغير قابل للتعيين، أو كان غير صالح للتعامل فيه ، فالعقد يكون هنا أيضا باطلا بطلانا مطلقة، وإذا اختل شرط السبب، بأن كان التعاقد قائمة على سبب غير مشروع، فهنا أخيرة يكون العقد باطلا بطلانا مطلقة.
والعقد الباطل بطلانا نسبيا هو ما اختل فيه شرط من شروط صحة التراضي. فإذا صدر العقد من ناقص الأهلية، كان باطلا بطلانا نسبيا أي باطلا من جهة واحدة هي جهة ناقص الأهلية إذ البطلان فد تقرر لمصلحته. وإذا كان رضاء أحد العاقدين مشوبة بعيب، بأن وقع هذا العاقد في غلط أو دلس عليه أو كان مكرها أو كان ضحية استغلال، كان العقد باطلا بطلانا نسبيا على تفصيل فيما يتعلق بالاستغلال، أي أن العقد يكون باطلا من جهة واحدة هي جهة من كان رضاؤه معيبة إذ البطلان قد تقرر لمصلحته .
انتقاد النظرية التقليدية - التقسيم الثنائي والبطلان المتدرج
وكثرة الفقهاء تنعي على النظرية التقليدية تفريقها بين العقد المنعدم والعقد الباطل بطلانا مطلقة، إذ أن هذا التفريق يصطدم مع المنطق، ثم أنه لا فائدة فيه. أما إنه يصطدم مع المنطق، فلأن العقد الباطل بطلانا مطلقة ليس له وجود قانوني نهر في الانعدام يستوي والعقد المنعدم، ولا يمكن أن يقال إن العقد المنعدم أشد انعداما من العقد الباطل بطلانا مطلقة إذ لا تفاوت في العدم. وأما إن التفريق بين هذين النوعين من البطلان غير ذي فائدة، فلان أحكام العقد الباطل بطلانا مطلقة هي عين أحكام العقد المنعدم: كلا العقدين لا ينتج أثرة، ولا تلحقه الإجازة، ولا يرد عليه التقادم. والواقع من الأمر أن التفريق بين الانعدام والبطلان المطلق خلقه الفقه الفرنسي في مناسبة عقد الزواج، إذ بدأ هذا الفقه بتقرير قاعدة أساسية هي أن لا بطلان في عقد الزواج دون نص تشريعي يستند إليه هذا البطلان، وذلك صيانة لهذا العقد الخطير من الاضطراب والتزعزع. فما البثت حالات بطلان أن قامت في عقد الزواج، وهي حالات لا شك فيها ولكن لم يرد في شأنها نص تشريعي، كما إذا كان الزوجان من جنس واحد وكما إذا تولى العقد من ليس له صفة رسمية في توليه، فخلق الفقه الفرنسي نظرية انعدام العقد لتغطية هذه الحالات، فإذا كان عقد الزواج واضح البطلان ولكن لا يوجد نص تشريعي يستند إليه هذا البطلان، قيل : إن العقد منعدم وليس باطلا فحسب . وكان الأولى عدم التقيد بالقاعدة الضيقة التي تقضي بأن البطلان في عقد الزواج لا يكون بغير نص تشريعي، أو في القليل قصر هذه القاعدة على عقد الزواج فإن طبيعته تغاير طبيعة العقود التي تدخل في دائرة المعاملات المالية. فإذا سلمنا أن التفريق بين الانعدام والبطلان المطلق لا أساس له، خلص لنا، بدلا من التقسيم الثلاثي للبطلان وهو التقسيم الذي تقول به النظرية التقليدية ، تقسيم ثنائي يندرج فيه الانعدام في البطلان المطلق، فيكون العقد المتسم بالبطلان إما بطلانا مطلقة أو باط بطلانا نسبيا.
وهناك من الفقهاء من يذهب، على النقيض مما تقدم، إلى مهاجمة النظرية التقليدية ، لا من جهة أن التقسيم الثلاثي غير ضروري ويكفي أن يحل محله تقسيم ثنائي، بل من جهة أن هذا التقسيم الثلاثي غير كاف فهو تقسيم ضيق جامد لا يتسع لمختلف الحاجات، وينبغي أن تكون مراتب البطلان مندرجة في غير حصر دون نصرها على مراتب ثلاث. وأصحاب هذا الرأي يقولون : إن القانون عين شروطا للعقد حتى ينتج آثاره معينة، وكل شرط من هذه الشروط يتطلبه القانون للوفاء بغرض معين، فإذا اختل شرط كان العقد باطلا في الناحية التي تقابل هذا الشرط . فتتعدد وجوه البطلان، وتتنوع مراتبه في غير حصر، تبعا للأغراض التي توخاها القانون. ومهما قيل : في مرونة هذا الرأي، وفي أنه يفسر استعصاء بعض مسائل البطلان على الخضوع للقواعد التقليدية . كما في إجازة الواهب، أو ورثته لهبة لم يتوافر فيها شرط الشكل وكما في شذوذ بيع ملك الغير وإمكان إجازته بإقرار المالك وهو أجنبي عن العقد، وكما في بطلان عقد الشركة الذي لم يستوف الشكل مع عدم جواز أن يحتج الشركاء بهذا البطلان على الغير . إلا أن هذه الحالات الخاصة لها ما يفسرها تفسيره ملائمة، وهي لا تسوغ نقض القواعد الثابتة المستقرة في البطلان التي حل محلها قواعد تجعل البطلان مائعة ليست له مراتب محصورة، فيتزعزع استقرار التعامل
رد البطلان إلى مرتبة واحدة:
وإذا كان لا بد من تقسيم البطلان إلى مراتب متدرجة، فالوقوف عند التقسيم الثلاثي الذي تقول به النظرية التقليدية خير من تشتت قواعد البطلان في غير ثبات ولا استقرار، وخير من التقسيم الثلاثي التقسيم الثنائي إلى عقد باطل بطلانا مطلقة وعقد باطل بطلانا نسبيا، لما قدمناه من عيب التفريق بين العقد المنعدم والعقد الباطل بطلانا مطلقة.
بل خير من التقسيم الثلاثي والتقسيم الثنائي معا . من ناحية المنطق المجرد وبصرف النظر عن مقتضيات الصياغة القانونية . جعل البطلان جميعه مرتبة واحدة لا تفاوت فيها، هي مرتبة البطلان المطلق. ذلك بأن العقد الباطل بطلانا نسبيا يمر، على مرحلتين : (المرحلة الأولى قبل أن يتعين مصيره بالإجازة أو بالإبطال، ويكون له في هذه المرحلة وجود قانوني كامل، فينتج كل الآثار القانونية التي كانت تترتب عليه لو نشأ صحيح . (والمرحلة الثانية) يلقي فيها العقد أحد المصيرين: (۱) فإما أن تلحقه الإجازة أو يتم في شأنه التقادم، فيزول البطلان ويستمر العقد صحيحا منشأ لجميع آثاره، فلا يعود هناك فرق بينه وبين العقد الصحيح، (۲) وإما أن يتقرر بطلانه ، فينعدم وجوده القانوني انعداما تاما وتزول جميع الآثار القانونية التي أنشأها ويكون لهذا كله أثر رجعي، فلا يعود هناك فرق بينه وبين العقد الباطل بطلانا مطلقة. فالعقد الباطل بطلانا نسبيا، كما نرى، لا يعدو في ماله أن يكون عقدا صحيحا إذا لحقته الإجازة أو ورد عليه التقادم، أو عقدة باطلا بطلانا مطلقة إذا تقرر بطلانه ، فهو إما عقد صحيح على الدوام، وإما عقد باطل بطلانا مطلقة منذ البداية . والواقع من الأمر أن البطلان النسبي ليس شيئا مستقلا بقوم إلى جانب البطلان المطلق، وما هو إلا تغيير مناسب عن حالة عقد بمر على المرحلتين المتقدم ذكرهما، فيؤول أمره في النهاية إلى الصحة التامة أو إلى البطلان المطلق. ومن ثم ليس هناك إلا نوع واحد من البطلان هو البطلان المطلق، يندمج فيه البطلان النسبي، كما اندمج فيه الانعدام.
وقد سبق أن كتبنا في مؤلفنا لنظرية العقد، (۹۱۸/ هامش رقم 1) في هذا الصدد ما يأتي: لا توجد هناك ثلاث أحوال للعقد مستقلة بعضها عن البعض الآخر: الصحة والبطلان النسبي والبطلان المطلق. بل لا توجد إلا حالتان : الصحة والبطلان المطلق. والعقد الباطل بطلانا نسبيا هو عقد قد يمر على هاتين الحالتين واحدة بعد الأخرى، فهو متميز عن العقد الصحيح الذي لا يمر إلا على حالة الصحة ،، ومتميز عن العقد الباطل بطلانا مطلقة الذي لا يمر إلا على حالة البطلان، ولكن إذا كان العقد الباطل بطلانا نسبيا متميزة على هذا النحو، فالبطلان النسبي نفسه ليس حالة قائمة بذاتها بين الصحة والبطلان المطلق».
تأصيل البطلان - الرجوع إلى التقسيم الثنائي:
على أن رد أنواع البطلان كلها إلى البطلان المطلق إذا كان يرضي المنطق القانوني، فهو لا پيسر الصياغة الفنية لنظرية البطلان وما تواجهه من حالات متغايرة تقتضي شيئا من التنوع. والأولى من ناحية الصياغة الفنية الرجوع إلى التقسيم الثنائي، فيكون العقد باطلا بطلانا مطلقة أو باطلا بطلانا نسبيا، أو كما يقول التقنين المدني المصري الجديد يكون العقد باطلا أو قابلا للإبطال .
ونقف عند هذا التقسيم الثنائي، على أن تتولى تأصيله :
فالبطلان إما أن يرجع إلى اعتبارات شكلية أو إلى اعتبارات موضوعية .
فإذا كان البطلان يرجع إلى اعتبارات شكلية، كان العقد الشكلي الذي لا يقوم فيه ركن الشكل باطلا ، ولكن بالقدر الذي تخلف فيه الغرض الذي يرمي إليه القانون من وراء الشكل. ذلك أن الشكل إنما هو من صنع القانون، فالقانون هو الذي يعين له الجزاء الكافي في حالة الإخلال به. فقد يجعل العقد الذي لم يستوف الشكل المطلوب باطلا لا تلحقه الإجازة، وقد يسمح بإجازته كما في الهبة الباطلة شكلا (م 4۸۹ مدني) وكما في الشركة التي لم تستوف الشكل المطرب (م ۵۰۷ مدني). وقد يجعل الشكل من المرونة بحيث يقبل أن يستكمل وأن يحتج به من فرض دون فرض، كما في شركات التضامن والتوصية . فالشكل كما قدمنا من خلق القانون، صنعه على عينه، ويقده على القالب الذي يختاره . ونحن في هذه الدائرة وحدها - دائرة البطلان لعدم استيفاء الشكل المطلوب . نتمشى مع القائلين بتنوع مراتب البطلان في غير حصر.
أما إذا رجع البطلان إلى اعتبارات موضوعية، فهنا ينعدم التحكم، ويجب التأصيل عن طريق تحليل عناصر العقد.
وقبل ذلك نقول إن البطلان الموضوعي قد يرجع هو أيضا إلى نص في القانون لحكمة يتوخاها المشرع، كما في بطلان بيع ملك الغير (م 446 مدني) وفي بطلان تصرف السفيه الصادر قبل تسجيل قرار الحجر (م 115 مدني). وهذا النوع من البطلان هو بطلان خاص، يتبع في شأنه النص الذي يسري عليه، ولكن البطلان الذي يخضع للقواعد العامة يرجع أكثر ما يرجع إلى اعتبارات موضوعية، تتولى الآن تقعيدها.
ذلك بأن للعقد كما قدمنا أركانه ثلاثة، هي التراضي والمحل والسبب، ولكل ركن شروط يجب أن تستوفي، فإذا انعدم أي ركن من هذه الأركان ، فإن العقد لا يقوم طبيعة، ونعبر عن ذلك بأن العقد باطل. ومثل انعدام الركن اختلال شرطه. فالتراضي يشترط في انعقاده . وندع الآن شروط صحته . التمييز ومطابقة القبول للإيجاب، والمحل يشترط فيه الإمكان والتعيين والمشروعية، والسبب تشترط فيه المشروعية. فشرطة التمييز ومطابقة القبول للإيجاب في التراضي، وشرطا الإمكان والتعيين في المحل، هي شروط طبيعية لا يتصور أن يقوم العقد بدونها. وشرط المشروعية في كل من المحل والسبب، إذا لم يكن شرطة طبيعيا، فهو شرط يفرضه القانون الحماية المجتمع. فإذا اختل شرط من هذه الشروط، فإن العقد لا يقوم، ويكون باطلا. والبطلان هنا إما بطلان تقتضيه طبيعة الأشياء فيتحتم النزول على مقتضاها، وإما بطلان يمليه القانون حماية المصلحة عامة ، فالعقد الباطل إذن هو عقد منعدم طبيعة أو شرعة، فلا ينتج أثرة، ويجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك ببطلانه، وللمحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها، ولا تصح إجازته، ولا برد عليه التقادم.
وبقيت شروط الصحة في ركن التراضي. وقد قدمنا أن التراضي يكون موجودة مستوفية لشروطه حتى لو صدر من ناقص الأهلية، وحتى لو شاب الرضاء عيب من غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال. وفي هذه الأحوال يكون الرضاء قائمة موجودة، ولكنه يكون معيبة غير صحيح، فالأهلية وخلو الرضاء من العيوب هما شرطا الصحة في ركن التراضي. فإذا اختل شرط منهما، فإن هذا لا يمنع من أن العقد ينعقد ما دام قد استوفي أركانه وما دامت الأركان قد توافرت فيها الشروط الواجبة، ومني انعقد العقد، ترتبت عليه آثاره للحال، ولكن يبقى أن العاند ناقص الأهلية، أو العاقد الذي شاب رضاءه عيب، يكون من حقه أن يحميه القانون إذا هو طلب هذه الحماية، فله وحده أن يطلب إبطال العقد كما له أن يجيزه، وقبل طلب الإبطال أو الإجازة ينفذ العقد وتترتب عليه جميع آثاره، وإذا ظل العاقد ساكتة مدة معينة سقط حقه بالتقادم في طلب إبطال العقد، واستمر العقد في إنتاج آثاره كما لو كان عقدة صحيحة منذ البداية . ذلك بأن حق العاقد في إبطال العقد هنا إنما قرره القانون لا لحماية مصلحة عامة، بل لحماية مصلحة العائد الخاصة ، بعالج به ما اعتبر تمييزه من نقص أو ما شاب رضاءه من عيب . فعلى العاند أن يتولى بنفسه الانتفاع بما بسطة القانون من الحماية ، فإذا هو لم يفعل، فهذا دليل على أنه لم يضار بالعقد أو أنه قد نزل عن حقه الخاص، وفي الحالتين لا يكون في حاجة إلى حماية القانون.
ويخلص لنا من تأصيل البطلان على هذا النحو أن التقسيم الثنائي للبطلان هو التقسيم الذي يجب أن نقف عنده، فيكون العقد المتسم بالبطلان إما عقدة باطلا وإما عقدة قابلا للإبطال.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|