أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2016
1507
التاريخ: 2024-10-30
185
التاريخ: 15-11-2016
1119
التاريخ: 2-7-2019
1395
|
حديث السقيفة
عمر بن الخطاب
« اما والله لقد تقمصها ابن (1) ابي قحافة ، وانه ليعلم ان محلي منها محل القطب من الرحى .. فسدلت دونها ثوباً .. حتى اذا مضى الاول لسبيله فأدلى بها الى ابن الخطاب بعده .. فصبرت على طول المدة وشدة المحنة .. فواعجبا بينما هو يستقيلها في حياته اذ عقدها لآخر بعد وفاته ، لشد ما تشطرا ضرعيها » .
وهكذا كان : انتقلت الخلافة التي تسلمها ابو بكر ، بجهود عمر كما ذكرنا في حديث السقيفة ، الى عمر نفسه بعد وفاة صاحبه ، وقبل ان يوصى ابو بكر بالخلافة من بعده لعمر ، استدعى قبل وفاته عبد الرحمن بن عوف ، وعثمان بن عفان ، لاستشارتهما في موضوع تخليفه عمر بن الخطاب ، فسألهما رأيهما في عمر ، فكان جواب الاول :
ان عمر « افضل من رأيك فيه » (2) ـ مع العلم ان عمر كان يحتل المركز الأول عند ابي بكر ، فكيف به اذا كان احسن من رأى ابي بكر فيه !!؟
وكان جواب الثاني « ان سريرته خير من علانيته ، وان ليس فينا مثله » (3) .
ولا ندري فيما اذا كان الرجلان يؤمنان حقا بما قالاه ، ام انهما عرفا اتجاه الخليفة فجاملاه !! ؟
وعلى اي حال فقد امر ابو بكر عثمان ان يكتب عهده لعمر كما هو معروف .
ويذكر المؤرخون : ان ابا بكر عندما كان يملي عهده لابن الخطاب على عثمان اغمى عليه قبل ان يذكر اسم ابن الخطاب .
وان عثمان وضعه من نفسه مستدلا على ذلك من الاتجاه العام لمجرى الامور .
فلما افاق ابو بكر : قرأ العهد عثمان عليه ، فأقره واستحسنه ـ ولسنا نعلم كيف اجاز عثمان لنفسه ذلك ؟ اينسجم ذلك العمل مع اوليات مبدأ الامانة ؟
ولو فرضنا ان ابا بكر قد توفى اثناء تلك الاغماءة ، فهل يجوز اعتبار العهد سليما من الناحية الشرعية ؟
ولا ندري لماذا استشار ابو بكر عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان دون سائر الصحابة ، ولماذا فكر ابو بكر في امر الخلافة بعده ، من الناحية المبدئية العامة ـ بغض النظر عن تولية عمر بالذات ـ في حين ان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من وجهة نظر ابي بكر ، لم يفكر في هذا الامر ؟
واذا كانت مصلحة المسلمين تستلزم ذلك ، فهل يكون ابو بكر احرص من النبي صلى الله عليه وسلم عليها ، واذا كان ترك الرسول امر الخلافة من بعده للمسلمين انفسهم ـ حسب وجهة نظر بعض المسلمين ـ سنة ، فهل ايصاء ابي بكر لعمر يتفق مع السنة ؟
ثم لماذا سأل ابو بكر : عبد الرحمن وعثمان عن رأيهما في عمر بالذات دون سواه من المسلمين ! والشيء الذي لا يرقى اليه الشك هو :
« ان ابا بكر رأى لعمر عليه حقا حين استخلفه .. ولكن الاسلوب الذي انتهجه عند الاختيار كان اسلوبا يستطاع وسمه بالهنات والاخطاء !
فان الشيخ لم يتناول الامر بالصراحة الواجبة ، بل بدأ كأنه اضمر التثبيت ، وشاء تدبيره على غير علم من آل بيت الرسول ، ووقع بهذا في الخطأ الذي وقع فيه عمر من قبل عند وفاة الرسول ..
اسقط ابو بكر من حسابه : عليا ، الذي كان اولى بالرعاية وبالحساب من سواه » (4) .
ومما يلفت النظر في الامر حقاً ، كما سلف ان ذكرنا ، ان ابا بكر الذي كان يذهب مذهب القائلين بأن النبي ترك امر الخلافة من بعده للمسلمين قد اوصى بالخلافة من بعده لعمر !؟ .
« حتى اذا مضى الثاني لسبيله جعلها في جماعة زعم اني احدهم .. فيا لله وللشورى متى اعترض الريب فيّ مع الاول منهم حتى صرت اقرن الى هذه النظائر !! » (5) .
قال عمر بن ميمون الاسدي ، على ما يذكر ابن الاثير (6) :
« لما طعن عمر بن الخطاب (7) قيل له : يا امير المؤمنين لو استخلفت ؟ فقال :
من استخلف ؟ لو كان ابو عبيدة حيا لاستخلفته وقلت لربي ـ ان سألني ـ سمعت نبيك يقول : انه امين هذه الامة .
ولو كان سالم مولى حذيفة حيا لاستخلفته وقلت لربي ـ ان سألني ـ سمعت نبيك يقول : « ان سالما شديد الحب لله » .
وعندي لو ان ابا عبيدة كان حيا لأستخلفه عمر، لا لكونه امين هذه الامة ـ على حد تعبير ابن الخطاب ـ ولكن لانه كان ثالث : اصحاب السقيفة ، ولتأخر بذلك استخلاف عثمان بن عفان ، ولأصبح الخلفاء الراشدون خمسة في حالة وصول الخلافة لعلي ، وجريان الاحداث في عهد عثمان ـ الخليفة الرابع ـ على الشكل الذي جرت عليه في عهده ـ وهو : الخليفة الثالث .
ولا ندري ما الذي حال بين عمر وبين دفع الخلافة الى ابي عبيدة بعد وفاة الرسول مادام قد سمع قول النبي الآنف الذكر!! وان يقترح على الانصار في السقيفة ان يحولوا الخلافة الى ابن الجراح، او الى سالم !! او ان يقول لابي بكر آنذاك حين طلب من الانصار ان يبايعوا عمراً وابا عبيدة ـ اننا نبايع ابا عبيدة او سالما، لان الرسول قال فيهما : كذا وكذا !!
ولماذا بايع ابن الخطاب ابا بكر بالخلافة دون ان يقول فيه الرسول ما قاله في ابي عبيدة او في سالم ؟؟ . ولماذا لم يقترح عمر على ابي بكر ان يسلم الخلافة من بعده الى ابي عبيدة بدلا من عمر نفسه ؟ (8) .
واذا كانت شروط الخلافة لا تخرج عن توافر حب الشخص لله او كونه امين هذه الامة بشهادة الرسول فعلي بن ابي طالب اولى من غيره ؛ فكيف غاب عن ذهن عمر قول رسول الله يوم خيبر على ما ذكره الامام مسلم في صحيحه (9).
« لاعطين هذه الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله » الى آخر الحديث وتسليمه الراية لعلي ؟
ومهما يكن من شيء فقد استدعى عمر بن الخطاب قبيل وفاته علي بن ابي طالب وعثمان بن عفان وسعد بن ابي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام وقال لهم : « اذا مت تشاوروا ثلاثة ايام ، وليصل بالناس صهيب ، ولا يأتين اليوم الرابع الا وعليكم امير منكم ، وليحضر عبد الله بن عمر مشيرا .. وطلحة بن عبيد الله (10) شريككم في الامر . فان قدم الثلاثة فاحضروه امركم .
وقال لابي طلحة الانصاري : اختر خمسين رجلا من الانصار فاستحث هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلا منهم .
وقال للمقداد بن الاسود : اذا وضعتموني في حفرتي (11) فاجمع هؤلاء الرهط في بيت حتى يختاروا رجلا منهم .. فان اجتمع خمسة وابى واحد فاشرخ رأسه بالسيف .
وان اتفق اربعة وابى اثنان فاضرب رؤوسهما .
وان رضى ثلاثة رجلا وثلاثة رجلا ، فحكموا عبد الله بن عمر ، فان لم يرضوا فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف (12) .
واقتلوا الباقين ان رغبوا عما اجتمع عليه الناس
فلما مات عمر واخرجت جنازته صلى عليه صهيب ، فلما دفن جمع المقداد أصحاب الشورى ... وطلحة غائب ... فقال عبد الرحمن :
ايكم يخرج منها نفسه .. على ان يوليها افضلكم ؟ فلم يجبه احد ، فقال :
فأنا انخلع منها ، فقال عثمان : انا اول من رضى ، وقال القوم : قد رضينا ، وعلي ساكت ، فقال :
ما تقول يا ابا الحسن ؟ قال :
اعطني موثقا لتؤثرن الحق ، ولاتتبع الهوى ، ولاتخص ذا رحم ، ولاتألوا الامة نصحا » (13) فأعطاه الموثق المطلوب (14) .
وبعد نقاش طويل بين الحاضرين نظر ابن عوف الى علي بن ابي طالب وقال : « ابايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين ابي بكر وعمر ، فقال علي :
بل على كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد رأيي :
فعدل عنه الى عثمان ، فعرض عليه ذلك ، فقال : نعم ، فعاد على علي . ، فأعاد قوله ... فعل ذلك عبد الرحمن ثلاثا .
فلما رأى عليا غير راجع عما قاله ، وان عثمان ينعم بالاجابة صفق على يد عثمان وقال : السلام عليك يا امير المؤمنين .. ويقال :
ان عليا قال : والله ما فعلتها الا لانك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه » (15) .
فهل فعل ذلك عبد الرحمن عفوا ام انه امر مبيت قبل الاجتماع ؟ !
اليس القصد من وضعه شرط اتباع سيرة الشيخين يتضمن سلما اخراج علي من الموضوع . على ان موضوع الشورى مع هذا يحتاج الى مناقشة وتدقيق .
وقبل ان نتصدى لمناقشته يجمل بنا ان نشير الى الامرين التاليين :
1 ـ ذكر الطبري (16) رواية تتعلق بتصريح لعمر بن الخطاب اثناء انشغاله في قضية الشورى فحواه : ان عمر لما طعن ورفض امر الاستخلاف ، وندم على وفاة ابي عبيدة وسالم ، كما ذكرنا .
قال لبعض عائديه من الصحابة وفيهم علي ـ قبل تعيين رهط الشورى ـ «اني كنت قد اجمعت قبل مقالتي لكم ان انظر فأولى رجلا امركم هو احراكم ان يحملكم على الحق ـ واشار الى علي.
ورهقتني غشية فرأيت رجلا دخل جنة ثم غرسها. فجعل يقطف كل غضة ويانعة فيضمه اليه، ويصيره تحته . فعلمت ان الله غالب على امره ، ومتوف عمر ، فما اريد ان اتحملها حيا وميتا .
عليكم هؤلاء الرهط الذين قال رسول الله : انهم من اهل الجنة :
سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل منهم ، ولست مدخله .. وما اظن ان يلي الامر الا احد هذين الرجلين : علي وعثمان ، فان ولى عثمان فرجل فيه لين .
وان ولى علي ففيه دعابة واحرى به ان يحملهم على طريق الحق »
2 ـ وكتب مؤرخ آخر (17) ان عمر كان قد استدعى قبل ان يبت في امر الشورى كلا من الزبير وطلحة ـ قبل سفره من المدينة ـ وسعد وعبد الرحمن وعلي وعثمان ، وقال :
« ما انت يا زبير ! ... يوما انسان ويوما شيطان .
وما انت ياطلحة ! فقد مات رسول الله ساخطا عليك بالكلمة التي قلتها يوم انزلت آية الحجاب ـ وفي رواية اخرى :
« الست القائل : ان قبض محمد انكح ازواجه من بعده ، فما جعل الله محمداً احق ببنات اعمامنا منا ! فأنزل الله فيك قوله :
« وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابداً » (18) .
قال شيخنا ابوعثمان الجاحظ : لو قال لعمر قائل : انت قلت : ان رسول الله مات وهو راض عن الستة فكيف تقول لطلحة : انه مات ساخط عليك للكلمة التي قلتها ، لكان قد رماه بمشاقصة ..
ثم اقبل عمر على سعد فقال : اما انت فصاحب مقنب من هذه المقانب تقاتل به وصاحب قنص وقوس ، وما زهرة والخلافة ، وامور الناس ! ثم اقبل على عبد الرحمن فقال . ليس يصلح هذا الامر لمن فيه ضعف كضعفك وما « زهرة » وهذه الامرة !
ثم اقبل على علي فقال : لله انت لولا دعابة فيك !
اما والله لئن وليتهم لتحملنهم على الحق الواضح .
ثم اقبل على عثمان فقال : هيا اليك كأني بك قد قلدتك قريش هذا الامر فحملت بني امية وبني ابي معيط على رقاب الناس وآثرتهم بالفيء » .
واذا امعنا النظر في قضية الشورى ، على الشكل الذي ذكرناه ، اتضح لنا ان عمر قد حددها تحديدا دقيقا وبين رأيه فيها فجعلها شورى مشروطة لا مطلقة .
واول ما يتبادر الى ذهن المرء في هذا الاشتراط هو رغبة عمر في حصول الاجماع بين رجال الشورى . وهو امر ـ دون شك ـ على جانب كبير من الوجاهة من الناحية المبدئية ، غير ان عمر قد قيد الشرط ايضا ـ اي انه جعل الشرط نفسه مشروطا ، ان جاز هذا التعبير ـ فأمر المشرف على شئون الشورى ان يشرخ رأس من يخالف الاكثرية ، ورؤوس المخالفين ـ في حالة انقسام المؤتمرين فيما بينهم الى نصفين ـ للرأي المخالف للنصف الذي فيه عبد الرحمن ابو عوف .
ولسنا نعرف السر الذي دفع عمر الى ايثار ابن عوف بذلك سوى علاقات شخصية بين الرجلين ذكر الطبري (19) طرفا منها !!
ولم يعر ابن الخطاب على ما يبدو اية اهمية للأسس التي يستند اليها من يخالف رأي اكثرية المجتمعين ، او رأى النصف الذي ينحاز اليه ابن عوف .
وهل يجيز القرآن او سنة الرسول ضرب اعناق رجال من المسلمين لمجرد انهم يجتهدون برأي يخالف الرهط الذي فيه عبد الرحمن بن عوف .
فكيف وهؤلاء المسلمين من خيرة اصحاب النبي بشهادة عمر نفسه ؟ فقد استباح ابن الخطاب دماءهم بعد ثلاثة ايام فقط من بدء التداول في امر الشورى الذي يتوقف عليه مصير المسلمين .
ثم الم يكن تفكير عمر في امر خلافة المسلمين من بعده ، كما فعل ابو بكر ، يخالف سنة الرسول الذي مات ـ من وجهة نظر عمر ـ ولم يوص بالخلافة لاحد من بعده ؟
ثم الا يجوز لنا ان نسأل عن حق هؤلاء الرهط في تقرير مصير الخلافة دون سائر المسلمين ؟ واذا كان مجرد رضا النبي عنهم، اذا فرضنا صحة ذلك ، مع العلم ان بعض المؤرخين ـ كما سلف ان ذكرنا ـ قد اشار الى غضب الرسول على طلحة كافيا لترشيحهم للشورى ، فلماذا لم يدخل عمر آخرين ممن كان الرسول راضيا عنهم من المهاجرين والانصار ؟
وإذا كان سعيد بن عمرو بن نفيل حائزا على شروط الشورى، باعتراف عمر نفسه ـ كما ذكرنا ـ فماذا استثناه عمر وحرمه من المساهمة في هذا الامر العظيم؟ وحرم رجال الشورى من رأيه؟
ومن الغريب ان يصف عمر عليا بالدعابة ، ولم نسمع احدا غير عمر وصفه بذلك فقد كان علي معروفا بالزكانة والبعد عن المزاح والدعابة .
هذا معلوم ضرورة لمن سمع اخباره .. وقد روى عن ابن عباس انه قال :
كان امير المؤمنين اذا اتى هبنا ان نبدأه بالكلام .
وهذا لا يكون الا من شدة التزمت والتوقر ، وما يخالف الدعابة والفكاهة (20)
ثم الا يوجد تفاوت كبير بين رجال الشورى من حيث موقعهم من الرسول واثرهم في الاسلام . فلماذا اعتبرهم عمر على درجة واحدة من الاثر في هذا الباب .
ثم اليست هناك روابط عائلية ومصلحية بين رجال الشورى .
الا تؤثر تلك الروابط على سلامة الاختيار .
الم يقل عمر للزبير : انك يوما شيطان ويوما انسان ... ولطلحة :
ما انزله الله فيه من قرآن . ولسعد ... « فمن ذا يستطيع ان يقول : ان عمر لم يحدد موقفه من الشورى غاية التحديد .
ولم يقطع على علي ـ بالتلميح او التصريح ـ الطرق الى ولاية الناس ...
لقد الب عمر على علي احقاد قريش . فمن لعلي برضى تيم وقد نافس شيخها ابا بكر
وهذا طلحة التميمي ! ، ومن له بمحو الاحقاد الاموية من بني هاشم .
وهذا عثمان ! وقد ضمت الشورى ايضا سعد بن ابي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، وكلا الرجلين من زهرة ولكليهما نسب موصول ببني امية .
اتى الاول من ناحية امه حمنة بنت سفيان .
واتى الثاني من ناحية زوجه ام كلثوم بنت عقبة اخت عثمان (21) .
ولنعد ثانية الى نص عبارة ابن الخطاب لرجل الشورى .
اليست صيغتها توحى بترشيح عمر عثمان لولاية المسلمين .
وهل الدعابة المزعومة في علي ـ على فرض وجودها جدلا ـ عامل حاسم في ابعاد علي عن الخلافة على الرغم من انه يحملهم بشهادة عمر نفسه ، على الحق الواضح .
ثم اذا كان عمر ـ على ما يروي الطبري ـ قد ارتأى ان يولى امور المسلمين رجلا هو احراهم ان يحملهم على الحق ـ واشار الى علي ـ فماذا اقلع عن ذلك لا لشيء وجيه سوى طيف الم به على ما ذكر هو حسب رواية الطبري .
والخلاصة « ان قصة الشورى جديرة بأن يتلكأ عندها ـ برهة ـ ذهن المتدبر ، لان فيها ... خروجا على مبدأ الشورى .. وتحكم الفرد في الجماعة ... وفي نفر اختاره وفق تقديره ان لم يكن وفق هواه ...
وفيها تعسف التسوية بين ستة تجاهر المزايا والفوارق بأنهم ليسوا سواء ... وفيها تكتل القوى العصبية » (22) .
ذلك ما يتصل بأمر الشورى بشكل عام .
اما ما يتصل بتفاصيل اجتماع رجالها بعد وفاة الخليفة ، فان اول شيء « مكر به عبد الرحمن انه ابتدأ فأخرج نفسه من الامر ليتمكن من صرفه الى من يريد ليقال : انه لولا ايثاره للحق ، وزهده في الولاية ، لما اخرج نفسه منها » (23)
ولا ندري فيما اذا كان تصرف ابن عوف قد حصل عفوا ، ومن وحي الساعة ام انه امر متفق عليه قبل وفاة الخليفة !
ثم ان عبد الرحمن باخراجه نفسه من الموضوع قد حصل على امتياز خاص جعل امر الخلافة منوطا به ، وقد حصل على ذلك الامتياز دون ان يخسر شيئا في الواقع ، ذلك لانه اخرج نفسه من امر ـ الخلافة ـ ما زال الى وقت خروجه منه غير مبتوت فيه .
فلماذا اذن وقف ابن عوف موقفه المعروف فخلع نفسه من الخلافة ـ وهو امر لا يملكه قبل عملية الشورى وفي حالة انتخابه للخلافة .
ثم الم تؤثر صلة نسبه بعثمان في موقفه من علي .
ولماذا اشترط عبد الرحمن ان يسير علي على ما سماه « سيرة الشيخين » بالاضافة الى القرآن وسنة الرسول .
هل سار الشيخان على القرآن وسنة النبي وسيرة الشيخين . ام على القرآن والسنة حسب اجتهاد كل منهما ـ كما اراد على ان يسير .
ثم هل هناك شيء محدد اسمه « سيرة الشيخين » .
الم يختلف الشيخان اختلافات كثيرة فيما بينهما . وبقدر ما يتعلق الامر باختلاف سيرة ابي بكر في الخلافة عن سيرة عمر ـ في كثير من القضايا ـ يمكننا ان نذكر بعض الامثلة على سبيل التمثيل لا الحصر .
ويجمل بنا قبل ذلك ان نشير الى ان عمر نفسه كثيرا ما تختلف سيرته عن سيرة النبي في بعض التصرفات العامة ـ من ذلك مثلا طريقته في تقسيم العطاء بين المسلمين : اذ لابد ان حضرته آنذاك عوامل رجحت لديه رأيه .
ولكن مما لا ريب فيه ان عوامل اخرى اقوى من السالفة قد غابت عنه ، وكان اجدى به .. ان يعدل عما حزم عليه امره .. ولكنه رأى رأيا فالتزمه ... وان رسول الله صاحب خير الآراء كان يسير على نقيضه .
وكذلك نحا نحوه الخاص فلم يجعل الناس سواسية عند التقسيم ، فبينما نسمع الصديق يأبى ان يفضل اهل السابقة الى الاسلام على غيرهم .. اذ بابن الخطاب من بعده يخالفه » (24) .
« ولعل آفة عمر كانت دفعته ـ تلك التي اوقفته دائما مواقف انكرها من نفسه كلما فاتت آونتها واتسع امامه مجال التفكير ...
وقد طالما افتى بالحكم ثم عاد فنقضه اذ يتروى .
وقد طالما دفعته الرغبة في الاصلاح الى سن الشرعة .. فاذا بها لا تلبث ان تتقوض امام شرعة اعلى جرت على لسان غيره » (25) .
وطالما عمل عملا بالاستناد الى قناعته الشخصية ثم عاد فأقلع عنه اذا تغيرت قناعته من ذلك ، مثلا : ـ
أ ـ اتاه رجل فقال : « يا امير المؤمنين ان فلانا ظلمني فأعدني عليه ، فرفع في السماء درته وضرب رأسه ، وقال : تدعون عمر وهو معرض لكم ، وحتى اذا شغل بأمر المسلمين اتيتموه : اعدني !! فانصرف الرجل يتذمر .
فقال عمر : عليّ بالرجل ، فجىء به . فألقى اليه المخفقة فقال : اقتص ، قال :
بل ادعه لله ولك ، قال : ليس كذلك ، بل تدعه اما لله وارادة ما عنده ، واما تدعه لي ، قال : ادعه لله ، قال . انصرف .
ثم جاء حتى دخل منزله .. فصلى ركعتين خفيفتين ، ثم جلس فقال :
يا ابن الخطاب ، كنت وضيعا فرفعك الله ، وكنت ضالا فهداك ... ثم حملك على رقاب الناس ، فجاء رجل ليستعديك على من ظلمه فضربته ، ماذا تقول لربك غدا »(26)
ب ـ « استعمل عمر : النعمان بن عدي بن نفيلة على ميسان . فبلغه عنه الشعر الذي قال فيه :
ومــن مبلغ الحسناء ان خيلها *** بـميسان يسقى من زجاج وحنتم
اذا شئت غنتنى دهــاقين قرية *** وصناجـة تحد على كـل منسم
فان كنت ندماني فبالاكبر اسقنى *** ولا تـسقنى بالاصغر الــمتثلم
لـعل امير المؤمنين يســوؤه *** تنـادمنا بالجوسـق المتهــدم
فكتب اليه :
اما بعد .. فقد بلغني قولك .. وايم الله انه يسوؤني ، فأقدم فقد عزلتك .
فلما قدم عليه قال : يا امير المؤمنين ما شربتها قط ، وانما هو شعر طفح على لساني ، واني لشاعر !
فقال عمر : اظن ذاك ، ولكن لاتعمل لي عملا ابداً » (27) .
ج ـ استعمل عمر رجلا من قريش على عمل ، فبلغه عنه انه قال :
اسقني شربة تروي عظامي * واسق بالله مثلها ابن هشام
فأشخصه اليه ، وفطن القرشي فضم اليه بيتا آخر ، فلما مثل بين يديه قال :
انت القائل : اسقني ...
قال : نعم يا امير المؤمنين ، فهلا ابلغك الواشي ما بعده .
قال : ما الذي بعده ؟ قال :
عسلا بارداً بماء غمام * انني لا احب شرب المدام
فقال : ارجع الى عملك » (28) .
د ـ سأل عمر احد امراء الشام عن سيرته وما يصنعه بالقرآن والاحكام ؟ فأجابه بما يرضيه ، فاستحسن ذلك منه واقره على عمله ، وامره بالالتحاق به ، « فلما ولى رجع فقال : يا امير المؤمنين اني رأيت البارحة رؤيا اقصها عليك .
رأيت الشمس والقمر يقتتلان ومع كل واحد منهما جنود من الكواكب ؟
فقال : فمع أيهما كنت ؟ قال : مع القمر .
فقال عزلتك ، لان الله قال : « وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة » (29) .
هـ ـ لما كتب النبي كتاب الصلح في الحديبية بينه وبين سهيل بن عمرو كان في الكتاب : ان من خرج من المسلمين الى قريش لا يرد .
ومن يخرج من المشركين الى النبي يرد اليهم ، غضب عمر وقال لابي بكر :
ماهذا ؟ ... ثم جاء الى النبي فجلس بين يديه ... وقال :
علام نعطي الدنية في ديننا ! فقال رسول الله : افعل ما يأمرني به ربي ...
فقام عمر مغضبا « وقال : والله لو اجد اعوانا لما اعطيت الدنية ابدا » (30) .
و ـ « خرج عمر بن الخطاب ... وعبد الرحمن بن عوف ليلا يطوفان في المدينة ، فرفع لهما مصباح ، فقال عمر : الم انه عن المصابيح بعد النوم ؟ فانطلقنا فاذا قوم على شراب لهم ، قال : انطلق فقد عرفته ، فلما اصبح ارسل اليه . قال :
يا فلان كنت واصحابك البارحة على شراب ؟ قال : وما اعلمك يا امير المؤمنين ؟ قال :
شيء شهدته : قال او لم ينهك الله عن التجسس ؟ فتجاوز عنه » (31) .
ذلك ما يتعلق باختلاف سيرة عمر نفسه حسب اختلاف وضعه النفسي .
اما ما يتعلق باختلاف سيرته عن الرسول فيمكننا ان نذكر الامثلة التالية ، بالاضافة الى طريقته في تقسيم الغنائم التي مر بنا ذكرها :
1 ـ « غزا رسول الله خيبر في سنة سبع ، فطاوله اهلها وما كثوه وقتلوا : المسلمين . فحاصرهم رسول الله قريبا من شهر ، ثم انهم صالحوه على حقن دمائهم ... ثم قالوا لرسول الله : ان لنا بالعمارة والقيام على النخل علما فأقرنا ، فأقرهم رسول الله وعاملهم على الشطر من الثمر ... فلما كانت خلافة عمر بن الخطاب ... اجلاهم وقسم خيبر بين من كان له فيها سهم من المسلمين » (32) .
2 ـ « حدثنا عمر الناقد ، حدثنا يزيد بن هارون ، اخبرنا يحيى بن سعيد عن بشير ابن يسار : ان النبي ... دفع خيبر الى اليهود يعملونها على نصف [ ما ] خرج منها ، فلم يزل على ذلك حياة رسول الله ، وابي بكر .
فلما كان عمر وكثر المال في ايدي المسلمين وقووا على عمارة الارض اجلى اليهود الى الشام وقسم الاموال بين المسلمين » (33) .
3 ـ « اتى رسول الله وادي القرى ، فدعى اهلها الى الاسلام ، فامتنعوا عن ذلك وقاتلوا ، ففتحها رسول الله عنوة .. وترك النخيل والارض في ايدي اليهود ، وعاملهم على نحو ما عامل عليه اهل خيبر ، فقيل :
ان عمر اجلى يهودها وقسمها بين من قاتل عليها » (34) .
واما ما يتعلق باختلاف سيرة عمر عن سيرة ابي بكر فنذكر منها ، بالاضافة الى ما ذكرناه ، الحوادث التالية :
أ ـ « جاء عيينة بن حصين والاقرع بن حابس الى ابي بكر فقال :
يا خليفة رسول الله ان عندنا ارضا سبخة ليس فيها كلأ ولا منفعة ، فان رأيت ان تقطعناها لعلنا نحرثها ونزرعها ، ولعل الله ان ينفع بها بعد اليوم ؟
فقال ابو بكر لمن حوله من المسلمين : ما ترون ؟ قالوا :
لا بأس ، فكتب لهما كتابا ، واشهد فيه شهودا ، ولم يكن عمر حاضرا ...
فلما سمع عمر ما في الكتاب اخذه منهما ... فمحاه ، فتذمرا .. فقال :
ان رسول الله كان يتألفكما والاسلام يومئذ ذليل ... وان الله قد اعز الاسلام فاذهبا ... فذهبا الى ابي بكر يتذمران .
وجاء عمر وهو مغضب ، حتى وقف على ابي بكر فقال :
اخبرني عن هذه الارض التي اقطعتها هذين ، اهي لك خالصة ، ام بين المسلمين عامة ؟ قال : بين المسلمين عامة ، قال : من حملك على ان تخص بها هذين دون جماعة المسلمين ؟ قال : استشرت الذين حولي ، فأشاروا بذلك ؟
فقال : افكل المسلمين اوسعهم مشورة ورضا ؟ » (35) .
ب ـ ذكر بعض الرواة في حديث فدك :
ان ابا بكر حينما قابلته السيدة فاطمة وذكرت له ان فدك لها نحلة من الرسول ، اقتنع بذلك بعد تردد ، فكتب لها كتابا بذلك ، غير ان عمر ـ على ما يذكر اولئك الرواة ـ قد صادفها في الطريق عائدة الى دارها من عند ابي بكر ، فذكرت له الكتاب ، فطلبه منها ومزقه ، ولام ابا بكر على ذلك ؟
ج ـ ويبدو اختلاف السيرتين واضحا في قضية خالد بن الوليد مع مالك ابن نويرة ، وهي قضية مهمة ؛ ونرى وجوب ذكرها بشيء من التفصيل . فقد ارتكب خالد ـ على ما نرى ـ سلسلة من الاخطاء الاجتماعية والدينية في هذه القضية :
فقد سار الى مالك وصحبه دون امر من الخليفة ، وقاتلهم دون ان يكون هناك مبرر للقتال من الناحية الدينية ، وامر بقتل مالك بشكل من الغدر لا يجيزه الاسلام .
ونكح زوج مالك بشكل يتنافى هو والعفة والشرف وكبر النفس ... فاستحق بذلك اكثر من عقوبة ، غير ان ابا بكر عفا عنه فامتعض عمر من ذلك وعزله اثناء خلافته ـ والى القارىء ملخص القصة المذكورة :
ذكر ابن الاثير (36) : « سار خالد بعد ان فرغ من فزارة ، واسد ، وطيء ، يريد البطاح (37) وبها مالك بن نويرة قد تردد عليه امره . وتخلف الانصار عن خالد ، وقالوا :
ما هذا بعهد الخليفة الينا ، ان الخليفة عهد الينا ان نحن فرغنا من بزاخة (38) واسبرنا بلاد القوم ان نقيم حتى يكتب الينا ، فقال خالد :
انا الامير .. هذا مالك بن نويرة بحيالنا ، فانا قاصد اليه ومن معي من المهاجرين ..
وكان قد اوصاهم ابو بكر (39) ان يؤذنوا اذا نزلوا منزلا .
فاذا اذن القوم ، فكفوا عنهم ، وان لم يؤذنوا فقاتلوهم .
وان اجابوا الى داعية الاسلام فسألوهم عن الزكاة ، فان اقروا فاقبلوا منهم .
وان ابوا فقاتلوهم ، فجاءت خالدا الخيل بمالك بن نويرة في نفر معه من بني ثعلبة ابن يربوع ، فاختلفت السرية فيهم .
وكان فيهم ابو قتادة فكان فيمن شهد انهم قد اذنوا وصلوا .
فلما اختلفوا امر بهم خالد فحبسوا في ليلة باردة لا يقوم لها شيء ، فأمر خالد مناديا فنادى ادفئوا اسراكم ـ وهي في لغة كنانة القتل ـ ... فقتلوهم ... فتزوج خالدا ام تميم ، امرأة مالك .
فقال عمر لابي بكر : ان سيف خالد فيه رهق ، واكثر عليه في ذلك ، فقال :
هيه يا عمر !! تأول فأخطأ فارفع لسانك عن خالد .
فدخل خالد على ابي بكر فأخبره الخبر واعتذر اليه ، فعذره وتجاوز عنه ، وعنفه في التزويج .
وقدم متمم بن نويرة على ابي بكر يطلب بدم اخيه ويسأله ان يرد عليهم سبيهم ؟ فأمر ابو بكر برد السبي ، وودى مالكا من بيت المال » .
وقد روى على ما يقول البلاذري (40) «ان متمم بن نويرة دخل على عمر ابن الخطاب (41) فقال له عمر: ما بلغ وجدك على اخيك مالك .
قال: بكيته حولا حتى اسعدت عيني الذاهبة (42) عيني الصحيحة، وما رأيت نارا الا كدت انقطع لها اسفا عليه، لانه كان يوقد ناره الى الصبح، مخافة ان يأتيه ضعيف فلا يعرف مكانه».
لابد ان القارىء قد لاحظ معنا، في رواية ابن الاثير ، جملة مخالفات قام بها خالد بن الوليد :
1 ـ فقد سار ، كما ذكرنا ، الى قتال مالك دون ان يتلقى بذلك امرا من الخليفة .
2 ـ اهمل المبدأ العام الذي وضعه ابو بكر لمعالجة مشكلة المسلمين الذين اتهموا بالامتناع عن دفع الزكاة ـ ذلك المبدأ الذي يتلخص ، كما ذكرنا ، بأن يؤذن في وقت الصلاة مؤذن من جيش المسلمين ، فان اذن المتهمون بالامتناع عن دفع الزكاة فلا يجوز قتالهم ابتداء . ثم يسألون عن امر الزكاة . فان اقروا ـ اي اعترفوا بوجوبها ـ حرمت على خالد وصحبه دماؤهم واموالهم .
اي ان الخليفة لم يشترط اخذ الزكاة من القوم وانما اشترط اقرارهم بها . فاذا اقروا بذلك ، صانوا ارواحهم واموالهم من عبث العابثين ،
وقد شهد ابو قتادة كما ذكرنا بأن اصحاب مالك بن نويرة قد اذنوا واقاموا وصلوا ـ اي انهم ذهبوا الى ابعد من مجرد الاذان الذي جعله الخليفة كافيا لتحريم قتالهم .
3 ـ ان خالدا امر بقتلهم غدرا بذلك الشكل الشنيع فأدفأهم ـ على لغة كنانة ـ (43) وكان باستطاعته وقد اصبحوا في اسره ، وتحت رحمته ان يرسلهم الخليفة بعد ان يتأكد من خروجهم على مبادئ الاسلام ، واصرارهم على ذلك الخروج ليفعل الخليفة بهم ما يشاء .
4 ـ وتزوج خالد ام تميم امرأة مالك في الوقت الذي قتل فيها زوجها ـ وفي هذا ما فيه من خروج على مباديء الدين الحنيف وتدن عن المستويات الخلقية الرفيعة .
على اننا اذا نظرنا الى مأساة مالك ـ من زاوية اخرى ـ امكننا ان نلاحظ فيها الامور التالية :
( أ ) لقد تردد امر الزكاة على مالك كما يقول ابن الاثير .
والتردد غير الامتناع ، لانه يتضمن التريث والاحجام وهي فترة وسطى بين الامتناع والانصياع . فاذا حصل الامتناع ، فانه ـ مع ذلك ـ لا يجوز قتاله برأينا ، الا اذا كان الامتناع مشروطا لا مطلقا ـ اي ان يكون حصوله نتيجة للانتقاض على العقيدة الاسلامية .
ومما يؤيد وجاهة ما ذهب اليه ابن الاثير : ان مالكا الذي كان واليا على صدقات قومه بني يربوع من قبل النبي ، لما بلغته وفاة الرسول امسك عن اخذ الصدقة من قومه وقال لهم : تربصوا بها حتى يقوم قائم بعد النبي وننظر ما يكون من امره ، وقد صرح بذلك في شعر :
وقال رجـال : سدد اليوم مالك *** وقــال رجال : مالك لم يسدد
فان قــام بـالامر المجدد قائم *** اطعنا وقـلنا : الدين دين محمد
فصرح مالك اذن انه استبقى الصدقة في ايدي قومه رفقا بهم ، وتقربا اليهم ، الى ان يقوم بالامر من يدفع له ذلك » (44) .
( ب ) لقد تجاوز ابو بكر عن خالد ـ رغم اصرار عمر على ضرورة معاقبته ـ بدافع الرأفة به والشفقة عليه ، ولكن ذلك التجاوز قد حصل على حساب اقامة الحدود الدينية على ابن الوليد .
فقد اخطأ خالد باعتراف ابي بكر ، واخطأ خالد واقر بخطئه واعتذر عنه .
ولا ندري ايجوز الصفح عن المجرم اذا ندم واعتذر ؟
وهل يجوز الاجتهاد في معرض النص ؟
ولعل هذه الحادثة وامثالها هي التي جعلت عليا يمتنع عن الزام نفسه بالسير وفق سيرة الشيخين حين عرض عليه ذلك عبد الرحمن بن عوف اثناء الشورى .
( ج ) ومما يؤيد عدم قناعة ابي بكر ببراءة خالد انه امر برد السبي وودى مالكا من بيت المال عندما قدم عليه متمم بن نويرة يطالبه بدم اخيه ويسأله ان يرد عليهم سبيهم . على اننا لا نعلم فيما اذا جاز لابي بكر من الناحية الدينية ان يدفع من بيت مال المسلمين تعويضا عن جريمة شخصية ارتكبها ابن الوليد !!
اما كيفية وقوع مالك وبعض صحبه اسرى بيد خالد بن الوليد ، وما جرى لهم بعد الاسر ، وموقف عم من ذلك ، فقد لخصه احد الرواة (45) بقوله :
« ان السرية التي بعث بها خالدا لما غشيت القوم تحت الليل راعوهم ، فأخذ القوم السلاح .
فقال اصحاب خالد : نحن المسلمون .
فقال اصحاب مالك : ونحن المسلمون . فقال اصحاب خالد : ما بال السلاح معكم !! فلما وضعوا السلاح ربطوا اسارى ، فأتوا بهم خالدا ، فحدث ابو قتادة خالد بن الوليد : ان القوم نادوا بالإسلام ، وان لهم امانا .
فلم يلتفت خالد الى قوله ، وامر بقتلهم وتقسيم سبيهم .
وحلف ابو قتادة ان لا يسير تحت لواء خالد في جيش ابدا . وركب فرسه شاذا الى ابي بكر ، فأخبره الخبر ، وقال :
اني نهيت خالدا عن قتل مالك فلم يقبل قولي ، واخذ بشهادة الاعراب الذين غرضهم الغنائم ، وان عمر لما سمع ذلك تكلم فيه عند ابي بكر فاكثر ، وقال :
ان القصاص وجب عليه .
____________
( 82 )
فلما دخل خالد المسجد قام اليه عمر ... وقال : ياعدو نفسه عدوت على امرىء مسلم فقتلته ، ونزوت على امرأته ... والله لنرجمنك بأحجارك .
وقد روى ايضا ان عمر لما ولى جمع من عشيرة مالك بن نويرة من وجد منهم واسترجع ما وجد عند المسلمين من اموالهم واولادهم ونسائهم ، فرد ذلك عليهم جميعا .
وقيل : انه ارتجع بعض نسائهم من نواحي دمشق وبعضهن حوامل فردهن على ازواجهن ، فالأمر ظاهر في خطأ خالد ، وخطأ من تجاوز عنه » .
وكانت حجة مالك واصحابه في تأجيل دفع الزكاة على ما يحدثنا بعض الرواة (46) انهم فسروا الاية التي وردت في سورة التوبة : « خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم » (47) .
بأنها تتضمن ضرورة صلاة النبي عليهم صلاة تكون سكنا لهم ، ليأخذ صدقة من اموالهم يزكيهم بها ـ وتلك الصفات ، برأيهم ، لا تتحقق في غير النبي ، لان غير النبي ـ بنظرهم ـ لا يطهر الناس ، ولا يزكيهم بأخذ الصدقة منهم ، ولا تكون صلاته سكنا لهم ـ اي انهم بعبارة اخرى ، ترددوا في اعطاء الزكاة الى غير النبي الى ان يثبت لهم وجود من يمثله ، وهو امر دون شك ، لا يعنى عدم اعترافهم بالزكاة ـ كأساس من اسس الدين ـ لانهم لم يجحدوا وجوبها ، ولكنهم قالوا :
انه وجوب مشروط . فتأولوا ، وربما اخطأوا ، كما تأول خالد فأخطأ ـ برأي ابي بكر .
واذا كان ابو بكر قد تجاوز عن خالد لانه تأول الخطأ ، افلا يجوز ان يقال عن اولئك ، على اسوأ الفروض : انهم تأولوا فأخطأوا !!
يتضح من كل ما ذكرنا ان خالد بن الوليد واصحابه قد غرروا بضحاياهم وخدعوهم تحت ستار الدين ، فجردوهم عن السلاح اولا وقتلوهم ـ بعد ذلك ـ على الشكل الذي ذكرناه ـ ويلوح للباحث في شهادة ابي قتادة ان خالدا ـ لمرض في نفسه ـ ربما كان له صلة بأم تميم زوج مالك ، قد اخذ بشهادة الاعراب الذين غرضهم الغنائم والسلب والنهب ، وهي امور ابعد ما تكون عن جوهر الدين .
وقد وصفهم الله في كتابه بالغلظة والنفاق .
هذا الى المؤرخين كما سلف ان ذكرناها :
لم يؤيدوا خروج مالك وصحبه على مباديء الدين ، او منعهم الزكاة او جحودهم وجوبها ، فهم اذن لا يستحقون القتل اطلاقا ، فكيف به وقد وقع بذلك الشكل من الغدر !!
ان الشيء الذي كانوا بحاجة اليه هو التنبيه والارشاد ، هذا اذا كانوا مخطئين في تفسير الاية التي ذكرنا في قضية الزكاة .
اما مالك نفسه فقد كان مسلما ، بشهادة عمر بن الخطاب ؛
وان خالدا بشهادة عمر كذلك ؛ قد اعتدى عليه ونزى على زوجه .
وهناك امر آخر لابد من ذكره في هذه المناسبة لتعلقه بمبدأ عام يتصل بموضوع المتهمين بالامتناع عن دفع الزكاة، لا بموضوع مالك بن نويرة حسب ما ذكره البخاري حين قال (48):
« حدثنا يحيى بن بكير ؛ حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب ، اخبرني عبيد الله ابن عتبة ان ابا هريرة قال : لما توفى النبي واستخلف ابو بكر ، وكفر من كفر من العرب ، قال عمر :
يا ابا بكر كيف تقاتل الناس . وقد قال رسول الله امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا : لا اله الا الله ؛ فمن قال ذلك فقد عصم مني ماله ونفسه الا بحقه وحسابه على الله » . وهناك امور اخرى اقترفها خالد بن الوليد لا تقل شناعة عما
ذكرنا ـ منها: اغتياله سعد بن عبادة ـ وهو في محل اقامته في الشام ـ في اواخر خلافة ابي بكر، او مساهمته بذلك الاغتيال .
ومنها ما رواه الطبري (49) حين قال :
« حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن محمد بن اسحق قال : حدثني بعض اهل العلم عن رجل من جزيمة قال : لما امرنا خالد بوضع السلاح قال رجل منا ـ يقال له جحدم : ويلكم يا بني جذيمة .
ما بعد وضع السلاح الا الاسار ثم ما بعد الاسار الا ضرب الاعناق .
والله لا اضع سلاحي ابدا . قال : فأخذه رجال من قومه ، فقالوا : يا جحدم ؛ اتريد ان تسفك دماءنا ! ان الناس قد اسلموا .. فلم يزالوا به حتى نزعوا سلاحه ، ووضع القوم السلاح لقول خالد ؛ فلما وضعوه امر بهم خالد عند ذلك فكتفوا ، ثم عرضهم على السيف ، فقتل منهم من قتل .
فلما انتهى الخبر الى رسول الله رفع يديه الى السماء وقال : اللهم اني ابرأ اليك مما صنع خالد بن الوليد . ثم دعا علي بن ابي طالب ، فقال : ياعلي اخرج الى هؤلاء القوم فانظر في امرهم ، واجعل امر الجاهلية تحت قدميك ، فخرج علي ومعه مال قد بعثه رسول الله به ، فودى لهم الدماء وما اصيب من الاموال .
حتى اذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه بقيت معه بقية من المال . فقال لهم على حين فرغ منهم : ابقى لكم دم او مال لم يرد ؟ قالوا : لا ، قال :
فاني اعطيكم هذا البقية من هذا المال احتياطا لرسول الله مما لا يعلم ولا تعلمون ففعل ، ثم رجع الى رسول الله فأخبره الخبر . فقال : اصبت واحسنت » .
فاذا كان هذا عمل خالد في زمن النبي ، فكيف به وقد انتقل الرسول الى الرفيق الاعلى !!
ومع ذلك كله ، فقد تجاوز عنه ابو بكر ، لانه تأول فأخطأ « على حد تعبيره » فاختلفت سيرة ابي بكر ، في هذه القضية الخطيرة ، عن سيرة عمر الذي عزل خالدا . فقد كان اول كتاب كتبه عمر ـ على ما يقول ابن الاثير (50) ـ موجها «الى ابي عبيدة ابن الجراح بتولية جند خالد، وبعزل خالد، لانه كان عليه ساخطا في خلافة ابي بكر كلها، لوقيعته بابن نويرة ... وقال عمر: لا يلي خالد لي عملا ابدا .
وكتب الى ابي عبيدة .. ان انزع عمامته عن رأسه وقاسمه ماله » .
وفي ضوء ما ذكرنا نستطيع ان نقول :
ان ليس هناك شيء يصح ان يدعى « سيرة الشيخين » من حيث التوافق التام في جميع التصرفات العامة الدينية والزمنية ـ ولعل ذلك احد الاسباب التي ادت بالامام ـ حين عرض عليه ابن عوف الخلافة وقت الشورى ـ الى عدم الموافقة على الشرط الثالث « سيرة الشيخين » . وعلي بموقفه هذا ، قد استبعد « سيرة الشيخين » من ان تصبح بحد ذاتها سنة تتبع ، لعدم وجود ما يبرر اتباعها ـ من الناحية الدينية ـ ما دام القرآن وسنة الرسول هما دستور الاسلام بنظره .
وهناك امر آخر لابد من ذكره في هذه المناسبة ، هو ان جواب الامام ، بالصيغة التي ورد فيها ، كان يدل ـ دلالة قاطعة وصريحة ـ على التيهؤ لتحمل المسئولية ، وعدم نثر الوعود التي لا يمكن الالتزام بها اثناء تسلم المنصب الخطير .
فعلي لا يريد ان يلزم نفسه مقدما بشيء يستحيل عليه ان يعمل وفق مستلزماته بعد تسلمه الخلافة للأسباب التي ذكرناها . ولعل الشيء الذي يبدو غريبا ـ في امر الشورى ـ هو قبول علي الاشتراك فيها مع علمه بِأفضليته واحقيته بالخلافة . غير ان ذلك الاستغراب يزول عندما نتذكر ان عليا صرح بأنه يدخل الشورى ، لان ابن الخطاب قد اهله الان للخلافة « وكان من قبل يقول : ان النبوة والخلافة في بيت واحد لا تجتمعان » .
اما موقفه من شرط ابن عوف فأمر كان متوقعا ـ ذلك ، لان الامام كان على يقين من ان كلا من الشيخين قد سار في حدود اجتهاده الشخصي ، وانه من غير الممكن ان يلتزم هو بالكتاب والسنة وبسيرة الشيخين ـ وتتجلى روعة موقفه هذا اذا ما تذكرنا موقف زميله عثمان الذي كان ينعم بالأجابة لابن عوف حتى كسب الخلافة ، ولكنه لم يسر على الكتاب والسنة ، بله سيرة الشيخين ؟؟.
____________
(1) تقمصها ، جعلها كالقميص مشتملة عليه ، والضمير للخلافة ، ولم يذكرها للعلم بها ... فسدلت : ارخيت ... ومضى لسبيله : مات ... وقوله فأدلى بها من قوله تعالى « ولاتأكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام البقرة 188 » اي تدفعوها اليهم رشوة . واصلها من ادلت الدلو في البئر ارسلتها ... كان علي يرى العدول عنه الى غيره اخراج لها الى غير جهة الاستحقاق ... من باب الاستعارة . ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 1 / 50 ـ 67 ، الطبعة الاولى .
(2) عبد الفتاح عبد المقصود « الامام علي بن ابي طالب » 1 / 239 .
(3) عبد الفتاح عبد المقصود : الامام علي بن ابي طالب 1 / 240 .
(4) عبد الفتاح عبد المقصود 1 / 238 .
(5) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 1 / 50 ـ 67 الطبعة الاولى .
(6) الكامل في التاريخ 3 / 34 .
(7) والى القارىء ما ذكره ابن خلدون في مسألة مصرع الخليفة الثاني « كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في ايام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوى السلطان الاكبر 2 / 362 » « كان للمغيرة بن شعبة مولى من نصارى العجم اسمه ابو لؤلؤه ، وكان يشدد عليه في الخراج ، فلقى يوما عمر في السوق فشكا اليه وقال : اعدني على المغيرة ، فانه يثقل عليّ في الخراج درهمين في كل يوم ، قال : وما صناعتك ؟ قال : نجار ، حداد ، نقاش ، فقال : ليس ذلك بالكثير على هذه الصنائع .. وقد بلغني انك تقول : اصنع رحى تطحن بالريح ، فاصنع لي رحى ، قال : اصنع لك رحى يتحدث الناس بها ! ؟ وانصرف، فقال عمر: توعدني العلج!! فلما اصبح الصباح خرج عمر الى الصلاة ... ودخل ابو لؤلؤة وبيده الخنجر، فضرب عمر » .
(8) لان سالما قتل في اوئل خلافة ابي بكر اثناء حرب الذين اتهموا بالامتناع عن اداء الزكاة .
(9) صحيح مسلم 2 / 224 .
(10) وكان غائبا عن المدينة آنذاك .
(11) تذكر ان جثمان الرسول لم يوضع في حفرته وعقد اجتماع السقيفة المشهور .
(12) تذكر شهادة عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان عند ابي بكر بشأن استخلافه عمر ، وما صنعه عثمان عند كتابته عهد ابي بكر لعمر .
(13) ابن الاثير « الكامل في التاريخ » 3 / 35 ، 36 .
(14) وما اكثر اعطاء المواثيق في امثال هذه الامور الخطيرة لغرض الحصول على الغاية المرجوة . ومن ثم يبدأ التسويف والمماطلة والانحراف ، وما اكثر الذين يدفعهم ايمانهم الخالص الى وضع تلك المواثيق ظنا منهم انهم ما داموا لا يستطيعون ان يخرجوا علمها فان غيرهم لا يستطيع ايضا ان يخرج عليها .
(15) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 1 / 50 ـ 67 الطبعة الاولى . ويظهر من كلام الامام عليه السلام ان اتفاقا سابقا كان بين ابي بكر وعمر حول تولي الخلافة « الناشر »
(16) « تاريخ الامم والملوك » 5 / 34 ، 35 .
(17) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 3 / 170 طبعة مصر الاولى .
(18) الاحزاب : 53 .
(19) « تاريخ الامم والملوك 5 / 20 ، 51 و 4 / 162 ـ وكان ابن عوف من اكابر المترفين في الجاهلية والاسلام « وكان مترفا في طعامه ولباسه وسكنه ، وقد سمح له الرسول ، على ما يذكره الرواة : ان يلبس الحرير لحكة كانت في جلده .
(20) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 3 / 170 طبعة مصر الاولى .
(21) عبد الفتاح عبد المقصود « الامام علي بن ابي طالب » 1 / 275 ، 276 .
(22) المصدر نفسه 1 / 123 ، 124 .
(23) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 3 / 172 طبعة / مصر الاولى .
(24) عبد الفتاح عبد المقصود : « الامام علي بن ابي طالب » 2 / 9 ، 10 .
(25) المصدر نفسه 1 / 250 ، 251 .
(26) ابن ابي الحديد : « شرح نهج البلاغة » 3 / 97 طبعة مصر الاولى .
(27) ابن ابي الحديد : « شرح نهج البلاغة » 3 / 98 .
(28) المصدر نفسه 3 / 98 .
(29) ابن ابي الحديد : « شرح نهج البلاغة » 3 / 98 الآية : 12 : الاسراء .
(30) المصدر نفسه 3 / 19 .
(31) ابن الاثير « الكامل في التاريخ » 3 / 30 .
(32) البلاذري : « فتوح البلدان » ص 36 .
(33) المصدر نفسه ص 39 .
(34) المصدر نفسه ص 47 .
(35) ابن ابي الحديد : « شرح نهج البلاغة » 3 / 108 الطبعة الاولى .
(36) الكامل في التاريخ 2 / 242 ، 243 .
(37) البطاح ـ كغراب ـ وهو منزل لبني يربوع ـ وفي « مراصد الاطلاع » طبع عيسى الحلبي بالقاهرة 1 / 203 « بطاح ـ بالضم ـ : ماء في ديار بني اسد بن خزيمة » 1 هـ ، مصححة . « الناشر »
(38) بزاخة ـ بالضم ، والخاء معجمة ـ : قال الاصمعي : ماء لطيء ، بأرض نجد . وقال ابو عمرو : لبني اسد ، فيه كانت وقعة المسلمين مع طليحة في الردة ـ قال القعقاع يذكر يوم بزاخة :
ويوما على ماء البزاخة خالد * اثار بها في هبوة الموت عثيرا
1 هـ من « مراصد الاطلاع » 1 / 192 طبعة عيسى الحلبي بالقاهرة . « الناشر »
(39) فيما يتصل بموقفهم من الذين امتنعوا عن اداء الزكاة باليسير اليهم الا في قضية مالك ابن نويرة التي لم يثبت للخليفة آنذاك امتناعه
(40) فتوح البلدان 107 ، 108 .
(41) اثناء خلافته حيث انشده مرثيته المشهورة التي يقول فيها :
وكنا كندمـائي جذيمة حقبة * من الدهر حتى قيل : لن يتصدعا
فلما تــفرقنا كأني ومالكا * لطول اجــتماع لم نبت ليلة معا
(42) اسعدت عيني الذاهبة : الاسعاد لا يكون الا في البكاء ـ قاله في المقاييس ، مادة « سعد » 3 / 75 طبعة عيسى الحلبي بالقاهرة . « مصححه »
(43) مما لاشك فيه ان خالدا قصد بعبارة « ادفئوا اسراكم » قتلهم ، لانه حبسهم « عند ضرار بن الازور ... وكان كنانيا » . ابن خلدون في « كتاب العبر » 2 / 278 .
(44) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 4 / 184 .
(45) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 4 / 184 الطبعة الاولى .
(46) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 4 / 185 : الطبعة الاولى بمصر .
(47) التوبة : 103 .
(48) صحيح البخاري 8 / 50 طبعة مصر .
(49) « تاريخ الامم والملوك » 3 / 124 .
(50) الكامل في التاريخ 3 / 293 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|