أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2019
2069
التاريخ: 15-11-2016
1398
التاريخ: 15-11-2016
1732
التاريخ: 15-11-2016
1599
|
أبو بكر الصديق
عليا كان مهيئا للخلافة بعد الرسول، هذا اذا نظرنا للخلافة من جوانبها الزمنية ، وان صلاته بالرسول وبالإسلام ، وصلات الاسلام والرسول به تؤهله لذلك .
ولو احتج المسلمون اثناء السقيفة بعد وفاة النبي : « ان عليا كان اقرب الناس اليه ، وكان ربيبه ، وكان خليفته على ودائعه ، وكان اخاه . بحكم تلك المؤاخاة ، وكان ختنه وابا عقبه ، وكان صاحب لوائه ؛ وكان خليفته في اهله ، وكانت منزلته منه بمنزلة هارون من موسى بنص الحديث عن النبي « ص » نفسه .
لو قال المسلمون هذا كله واختاروا عليا بحكم هذا كله لما ابعدوا ولا انحرفوا .
وكان كل شيء يرشح عليا للخلافة ... قرابته من النبي ، وسابقته في الاسلام ، ومكانته بين المسلمين ، وحسن بلائه في سبيل الله ، وسيرته التي لم تعرف العوج قط ، وشدته في الدين ، وفقهه بالكتاب والسنة ، واستقامة رأيه » (1) .
وقد لخص ابن حجر العسقلاني اهم خصائص الامام حين قال : (2)
علي بن ابي طالب .. اول الناس اسلاما في قول كثير من اهل العلم ، ربى في حجر النبي ، ولم يفارقه ، وشهد معه المشاهد الا غزوة تبوك ، فقال له بسبب تأخيره له بالمدينة :
الا ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى ...
وكان لواؤه بيده في اكثر المشاهد . ولما آخى النبي اصحابه قال له : انت اخي . ومناقبه كثيرة حتى قال الامام احمد بن حنبل لم ينقل لاحد من الصحابة ما نقل لعلي .
وقال غيره : كان سبب ذلك بغض بني امية له . فكان كل من كان عنده علم من شيء من مناقبه من الصحابة يثبته . وكلما ارادوا اخماده وهددوا من حدث بما فيه لا يزداد الا انتشارا ...
ولم يزل بعد النبي متصديا لنصرة العلم والفتيا ...
ومن خصائص علي قول الرسول يوم خيبر :
لأدفعن الراية غدا الى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ... فدفعها لعلي .
فقال عمر : ما احببت الامارة الا ذلك اليوم ...
وبعثه يقرأ براءة على قريش وقال : لا يذهب الا رجل مني وانا منه ..
وقال : علي وليي في الدنيا والاخرة . واخذ رداء فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين ، وقال :
« انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ... الاية » (3) .
ولبس ثوبه ونام في مكانه ، وكان المشركون قصدوا قتل النبي ... وقال :
انت ولي كل مؤمن بعدي . وسد الابواب الا باب علي (4) فيدخل المسجد جنبا ، وهو طريقه ليس له طريق غيره . وقال :
من كنت مولاه فعلي مولاه .. ولما نزلت هذه الاية : « قل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ... الاية » (5) دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال : اللهم هؤلاء اهلي ..
واخرج الترمذي باسناد قوي عن عمران بن حصين في قصة قال فيها رسول الله : ما تريدون من علي ؟ ان عليا مني وانا من علي ، وهو ولي كل مؤمن بعدي » .
فما الذي حال اذن دونه ودون ارتقاء منبر النبي بعد وفاته مباشرة ؟
ان الاجابة على هذا السؤال تستلزم ان يتطرق الباحث الى ذكر ظروف وفاة الرسول؛ وانشغال الامام بتغسيله وتجهيزه ودفنه والصلاة عليه من جهة، وباجتماع الانصار في سقيفة بني ساعدة وموقف عمر بن الخطاب من ذلك كله من جهة اخرى ، والى قول ذكره عمر ، على ما يظن ، وتردد على ألسنة بعض القرشيين يتضمن كرههم ان تجتمع النبوة والخلافة للهاشميين .
وخلاصة الامر ان الرسول توفي داره بالمدينة سنة 11 هـ وانشغل علي بأمر تغسيله وتكفينه والصلاة عليه. وكان الجو السياسي خارج دار النبي آنذاك نشطا مملوءاً بالمفاجآة والاحداث الجسام ، وفي مقدمتها مسألة خليفة الرسول .
اجتمع عمر بأبي عبيدة بمسجد المدينة وتشاورا في امر الخلافة ، واجتمع سعد ابن عبادة بسقيفة بني ساعدة يشاور الاوس والخزرج في امر الخلافة ايضا . واجتمعت في اماكن شتى زمر اخرى تتحدث في هذا الامر الخطير . على حين ان الامام عليا قد لازم في دار النبي ، وكان منهمكا بأعداد الجثمان لوضعه في مثواه الاخير يساعده نفر من اهل البيت المفجوعين ، ومنهم ابو بكر (6) .
ومما يلفت النظر ان ابا بكر قد قدم من السنح (7) بعد ان بلغه خبر وفاة الرسول ، فدخل دار النبي في حين ان عمر بن الخطاب قد بقي خارج الدار .
وفي زحمة تلك الظروف طرق باب دار النبي رجل اوفده ابن الخطاب يدعو ابا بكر لمقابلة عمر للتشاور معه في امر عظيم ، فخرج ابو بكر والتقى بصاحبه وسارا معا الى السقيفة ، حيث اجتمع الاوس والخزرج بسعد بن عبادة .
استمر الامام المفجوع منهمكا في امر الجثمان والالم يحز نفسه على وفاة الرسول .
وساور العباس عم النبي قلق شديد يتصل بإرث النبي ، وبالمهمة السرية التي قدم عمر متكتما من اجلها للتداول مع ابي بكر دون سواه ممن في الدار ، فهم بمبايعة الامام .
غير ان عليا رفض ذلك بشدة احتراما لجلال الموقف الرهيب ..
وتقدم ابو سفيان لمبايعة الامام بالخلافة ايضا فنهره ... ثلاث مرات ...
ويلوح الباحث ان اجتماع الانصار بابن عبادة في السقيفة لم يكن في ابتدائه راميا للاستئثار بتراث النبي بقدر ما كان راميا لتقرير منزلتهم في العهد الجديد .
ومهما يكن الامر فقد رافق اجتماع السقيفة شيء من التأزم والامتعاض ، وبخاصة عندما حضره ابو بكر وابو عبيدة بن الجراح ، غير انه انتهى بمبايعة ابي بكر على الشكل المعروف .
وخلاصة ذلك (8) ان الانصار من الاوس والخزرج ـ وفيهم سعد بن عبادة الذي كان مريضا حينذاك ـ قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة الرسول مباشرة للتداول في تقرير مصيرهم في العهد الجديد فقال سعد بن عبادة لبعض بنيه :
انه لا يستطيع ان يسمع المجتمعين صوته لمرضه ، وامره ان يتلقى منه قوله ويردده على مسامع الناس ، فكان سعد يتكلم ويستمع اليه ابنه ، ويرفع صوته بعد ذلك .
قال سعد : يخاطب الحاضرين : « ان لكم سابقة الى الدين ، وفضيلة في الاسلام ليست لقبيلة من العرب ... ان رسول الله لبث في قومه بضع عشرة يدعوهم الى عبادة الرحمن وخلع الاوثان . فما آمن من قومه الا قليل ، حتى اراد بكم خير الفضيلة وساق اليكم الكرامة وخصكم بدينه ، فكنتم اشد الناس على من تخلف عنه ، واثقلهم على عدوه من غيركم . ثم توفاه الله وهو عنكم راض . . فشدوا ايديكم بهذا الامر فأنكم احق الناس واولاهم به » .
واتى الخبر عمر فأتى باب منزل النبي واستدعى ابا بكر ـ كما ذكرنا ـ وخرجا الى السقيفة ، وخطب ابو بكر في المجتمعين فقال :
« انا معاشر المسلمين المهاجرين اول الناس اسلاما . ونحن عشيرة رسول الله .. وانتم انصار الله .. واخواننا في كتاب الله وشركاؤنا في الدين ، وفيما كنا فيه من خير فأنتم احب الناس الينا واكرمهم علينا .. وانتم المؤثرون على انفسهم حين الخصاصة ، واحق الناس ان لا يكون انتقاض هذا واختلاطه على ايديكم ، وانا ادعوكم الى ابي عبيدة : او عمر ، فكلاهما قد رضيت لهذا وكلاهما اراه له اهلا ، فقال عمر وابو عبيدة : ما ينبغي لاحد من الناس ان يكون فوقك .. فأنت احق الناس بهذا الامر .. فقام الحباب بن المنذر من الجموع فقال :
« يا معاشر الانصار املكوا عليكم ايديكم .. والله ما عبد الله علانية الا عندكم ، فأنتم اهل الايواء والنصرة . واليكم كانت الهجرة .. فان ابي هؤلاء فمنا امير ومنهم امير » .
فقال عمر : هيهات ..
فلما رأى بشير بن سعد الخزرجي ما اجتمعت عليه الانصار من تأمير سعد ابن عبادة ، وكان حاسدا له : وكان من سادات الخزرج قام فقال :
« ايها الانصار انا وان كنا ذوي سابقة فانا لم يرد بجهادنا ، واسلامنا الا رضا الله وطاعة نبينا .. ان محمدا رجل من قريش وقومه احق بميراث امره .. فاتقوا الله ولا تنازعوهم » .
فقام ابو بكر وقال : « هذا عمر وابو عبيدة ، بايعوا ايهما شئتم ، فقالا : « والله لا نتولى هذا عليك .. ابسط يدك نبايعك » .
فلما بسط يده وذهبا يبايعانه .. سبقهما اليه بشير بن سعد فبايعه .. فناداه الحباب ابن المنذر :
« يا بشير عقق عقاق ، والله ما اضطرك الى هذا الامر الا الحسد لابن عمك » .
ولما رأت الاوس ان رئيسا من رؤساء الخزرج قد بايع قام اسيد بن حضير وهو رئيس الاوس فبايع حسدا لسعد ايضا ومنافسة له ان يلي الامة فبايعت الاوس كلها لما بايع اسيد .
وحمل سعد بن عبادة وهو مريض فأدخل الى منزله فامتنع عن البيعة .
ثم خرج الى الشام فاغتيل في اواخر خلافة ابي بكر ، وقد اتهم خالد بن الوليد بتدبير مؤامرة الاغتيال .
وبعد الانتهاء من ذلك قصد البراء بن عازب دار النبي وفيها جثمان الرسول وحوله علي واهل بيته فخاطبهم قائلا :
« لقد شهدت ابا بكر بعد السقيفة بعيني : الى يمينه عمر ، والى يساره ابن الجراح لا يمر بهم احد ولايمرون بأحد الا قدموا يده ـ شاء ام ابى ـ فمسحوها على يد ابي بكر » (9) .
تلك قصة السقيفة ، وهي قصة لا تخلو من امور واحداث تسترعي انتباه الباحثين فمن يتصفح اجتماع السقيفة بدقة وامعان ويتأمل النتيجة التي ادى اليها ذلك الاجتماع الذي اسفر عن ارتقاء ابي بكر منبر النبي لا يسعه ان يغفل الدور الحاسم الذي لعبه عمر بن الخطاب في هذا الموضوع الخطير .
ولا ندري لماذا احجم ابن الخطاب عن دخول دار النبي والمساهمة في تهيئة الجثمان ووضعه في مثواه الاخير .
ولماذا احجم ثانية عن دخول الدار « حينما رأى اجتماع الاوس والخزرج في السقيفة ، للاتصال مباشرة بأبي بكر ؟ .
لماذا فضل عمر ان يمكث بباب دار النبي ويرسل شخصا غيره يدعو ابا بكر ليقابله خارج الدار ؟ .
ولماذا اقتصرت المشاورة على ابي بكر دون سواه من اهل البيت ومن اصحاب الرسول ؟ .
هل كان وجود ابي بكر داخل دار النبي وبقاء عمر خارجها طليقا يتصل ويفاوض ، من الامور التي وقعت مصادفة ؟ ام كان موضوعا وفق خطة معينة اتفق عليها الرجلان ؟
هل بقي ابو بكر في دار النبي رقيبا على من فيها لضمان عدم مفارقتها اياها ولمعرفة من يتصل بهم من الاشخاص الموجودين خارجها لتحديد هذا الاتصال في حالة حدوثه ، او لمنع حدوثه بمجرد وجوده هناك ؟
هل هناك علاقة بين هذه الحادثة ، وبين جيش اسامة وقضية الدواة والقرطاس ؟
ما هي الامور التي تم الاتفاق عليها بين عمر ، وابن الجراح ، عندما كانا يتناجيان في مسجد المدينة قبل ان يدعي اليهما ابو بكر ؟
لماذا احتج ابو بكر على الانصار بأفضلية المهاجرين ؟
هل كان ابو بكر يعني المهاجرين اطلاقا ، ام الذين حضروا السقيفة ـ هو وعمر وابو عبيدة ـ لكسب معركة الرئاسة ؟
واذا كان المهاجرين اولى بميراث النبي ـ من غيرهم ـ لسابقتهم في الإسلام ولكونهم عشيرة النبي على حد قول ابي بكر ، افلا يصبح الهاشميون اولى من قريش ؟ وعلي اولى من الجميع ؟ ـ لان مقياس الفضل ـ الذي وضعه ابو بكر في كلمته التي ذكرناها ، كان ينحصر في السابقة الى الاسلام وفي القرابة من النبي .
لماذا رشح ابو بكر صاحبيه للخلافة دون سائر المهاجرين ؟ ماحقه في ذلك الترشيح ؟
ما اثر رضائه عن عمر ، وابي عبيدة من الناحية الشرعية ؟
الم يكن باستطاعته ان يدعو الانصار الى مبايعة من يرتضونه من المهاجرين اذا كان لابد من حصر الخلافة في المهاجرين ؟
لماذا اقتصر ترشيحه على عمر ، وابي عبيدة ؟
ولماذا رفض عمر وابو عبيدة هذا الترشيح ؟ ورشحا ابا بكر ؟
هل حدث ذلك صدفة ام انه كان جاريا وفق اتفاق سابق ؟
هل لتلك الاحداث علاقة بجيش اسامة ؟ وبمناجاة عمر وابي عبيدة في مسجد المدينة ؟ وباجتماعهما بأبي بكر اثناء المسير الى السقيفة ؟
اين كان المهاجرون الاخرون اثناء اجتماع السقيفة .
هل حصل التنابز بين الانصار ـ الاوس والخزرج ـ عفوا ؟ ام كانت هناك اياد خفية اثارته في تلك اللحظة الحاسمة من التاريخ ؟
هل كان باستطاعة ابي بكر او عمر عن يقترحا على الانصار تأجيل البت في امر الخلافة الى ما بعد الانتهاء من دفن جثمان الرسول ؟
هل لذلك صلة بحديث الدواة والقرطاس . وبجيش اسامة .
تلك اسئلة تسترعي انتباه الباحثين .
وعندي ان الاجابة عليها ذات صلة وثقي بشخصية عمر بن الخطاب ، « ان الذي يؤخذ على ابن الخطاب حقا انه دعا ابا بكر من دار النبي ولم يدع معه احدا من آل الرسول .. وأنه وضع أبا بكر في كفة الترجيح دون مشورة رجل واحد غير أبي عبيد ابن الجراح كأنه وكل بقلوب المسلمين يكشفها ، وبألسنتهم يجري عليها الكلام رغم تخلفه عن كثيرين منهم وسبقهم عليه بالإسلام ..
ولقد كانت في الرجل دفعة لأمراء ، عرفت فيه ابان اسلامه وشركه .. استبدت به جاهليته ذات ليلة ... فأقسم ليمشين الى محمد فيقتله .. تلك كانت دفعة عمر عرفت فيه كبعض خلقه ، راضها الاسلام .. ولكنه لم يأت عليها .. حتى في حضرة الرسول كانت تملكه ..
وكذلك كان يوم الحديبية .. فان عمر لم يتحر مشورة رجل واحد من المسلمين قبل ان يبعث رسوله الى دار النبي يدعوا صاحبه اليه .. لم يتحر مشورة مسلم واحد في ترشيح الرجل الذي ستصير اليه قيادة الاسلام » (10) .
____________
(1) الدكتور طه حسين : « الفتنة الكبرى ، عثمان بن عفان » 152 ، 153 .
(2) الاصابة في تمييز الصحابة 2 / 501 ، 502 .
(3) الاحزاب : 33 .
(4) حديث سد الابواب الا باب علي . ذكره السمهودي في وفاء الوفاء . « الناشر »
(5) آل عمران : 61 .
(6) ابو بكر لم يكن من المفجوعين بوفاة النبي ( ص ) ليساعد الامام علي في اعداد جثمان الرسول في مثواه الاخير وانما دخل دار الرسول ( ص ) ليتطلع الاخبار ويدبر امر الخلافة راجع كتابنا مع رجال الفكر في القاهرة .
(7) السنح ـ بالضم ، ثم السكون ، وآخره حاء مهملة احدى محال المدينة . كان بها منزل ابي بكر ، وهي منازل بني الحارث بن الخزرج ، بقوا الى المدينة . 1 هـ « مراصد الاطلاع » لابن عبد الحق البغدادي 2 / 745 طبعة عيسى الحلبي بالقاهرة . « الناشر »
(8) هذه الخلاصة موجودة في امهات كتب التاريخ الاسلامي ، وهي هنا ملخصة عن الطبري : تاريخ الامم والملوك .
(9) عبد الفتاح عبد المقصود ( الامام علي بن ابي طالب ) 1 / 149 .
(10) عبد الفتاح عبد المقصود « الامام علي بن ابي طالب » 1 / 184 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|