المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05

النواسخ
23-12-2014
Epigenetic Protein Families
20-3-2018
القراءات الجائزة عند الامامية
2024-08-27
Bonding in Organic Molecules
8-9-2020
الله تعالى عادل منفيّ عنه الظلم
10-08-2015
تكوين الدم
18-8-2020


سيرةُ الحسين (عليه السّلام) امتداد لسيرة الأنبياء  
  
5451   04:56 مساءً   التاريخ: 6-2-2020
المؤلف : الشيخ عبد الوهاب الكاشي .
الكتاب أو المصدر : مأساة الحسين (عليه السلام) بين السائل والمجيب
الجزء والصفحة : ص76-77.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /

الحسين (عليه السّلام) وإنْ لمْ يكن نبيّاً إلاّ أنّه قام بمهام الأنبياء وصبر كما صبر اُولو العزم من الرسل . ومسؤوليته امتداد لمسؤوليّة جدّه وأبيه حيث أُنيطت به مسؤوليّة أداء رسالة الإسلام وصيانتها مِنْ كلّ زيف وتحريف كما صرّح هو (عليه السّلام) على تحمّله لهذه المسؤوليّة بقوله في عهده لأخيه محمد بن الحنفية : وإنّي لمْ أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي محمد (صلّى الله عليه وآله) ؛ اُريد أنْ آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي وأبي  .

فهو إذاً شعر بأنّه مسؤول عن أنْ يسير بسيرة جدّه المصطفى وأبيه علي المرتضى فهاجر (عليه السّلام) من المدينة فراراً مِنْ كيد آل أبي سفيان ومؤامراتهم ضدّه تماماً كما هاجر جدّه محمد (صلّى الله عليه وآله) قبله بستّين عاماً مِنْ مكّة فراراً مِنْ كيد أبي سفيان وحزبه .

[ إنّ ] السبب في الهجرتين واحدة والغاية واحدة ؛ فالنبي (صلّى الله عليه وآله) هاجر خوفاً من القتل المحتّم الذي كان ملاقيه لو لمْ يهاجر وذلك على يد أربعين رجلاً مِنْ قريش بتدبير مِنْ أبي سفيان وحزبه الذين عزموا على قتل محمد (صلّى الله عليه وآله) تلك الليلة المعبّر عنها بـ (ليلة الهجرة) بقصد قتل الرسالة الإسلاميّة في مهدها ومنع انتشارها .

التشابهُ بين هجرة الحسين (عليه السّلام) وهجرة جدّه محمد (صلّى الله عليه وآله) :

كذلك الحسين (عليه السّلام) هاجر من المدينة ليلاً ؛ خوفاً مِنْ أنْ يُقتل على يد أعوان وعمّال يزيد الذي أرسل أوامره المشدّدة إلى واليه على المدينة يأمره بقتل الحسين (عليه السّلام) فوراً وبدون تردّد وإرسال رأسه إليه إنْ هو لمْ يبايع ؛ وذلك أيضاً لخنق صوت المعارضة في مهدها ومنعها من الانتشار .

وكما أنّ هجرة محمد (صلّى الله عليه وآله) أنتجت توسعّاً كبيراً في الرسالة المحمّدية في أنحاء الجزيرة العربية وبلغ صداها إلى أنحاء اُخرى من العالم وبعدها ببضع سنوات فقط انهارت زعامة أبي سفيان تماماً بفتح مكّة كذلك كانت هجرة الحسين (عليه السّلام) ؛ فإنّها كسرت الحصار الذي ضربه آل أبي سفيان حول المعارضة الحسينية فعلا صوتها وبلغ صداها إلى أنحاء العالم الإسلامي .

وما مضت عليها إلاّ بضع سنوات حتّى انهار سلطان آل أبي سفيان وتقوّضت أركان الدولة السفيانية انهياراً كلّيّاً بموت معاوية الثاني بعد ثلاثة أشهر مِنْ موت يزيد ثمّ قامت على أنقاضها دولة مروانية بقيادة مروان بن الحكم . وكلّ ذلك بعد هجرة الحسين (عليه السّلام) بأقل مِنْ خمس سنوات .

حقاً ما أقرب الشبه وأشدّ التطابق والتقارب بين الهجرتين في العوامل والثمرات بل وحتّى في الحالات النفسية ؛ فليلة الهجرة كانت أشدّ ليلة على النبي (صلّى الله عليه وآله) مرّت في حياته مِنْ حيث الهموم والأفكار والقلق النفسي حتّى أنزل الله تعالى عليه سكينته وهو في الغار حسب صريح الآية الكريمة : {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة: 40].

وكذلك الحسين (عليه السّلام) حيث يصف الواصفون أنّ ليلة هجرته من المدينة كانت أشدّ الليالي عليه في حياته ؛ لما كان يعانيه تلك الليلة من الحيرة والقلق والتفكير في المستقبل والمصير ؛ لذا كان (عليه السّلام) يتردّد على حرم جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يناجي ربّه ويشكو إلى جدّه ما يعانيه ويقول في مناجاته مع الله سبحانه بعد أنْ صلّى ركعات في الحرم ثمّ رفع طرفه نحو السماء وقال : اللّهمَّ إنّ هذا قبر نبيّك محمد (صلّى الله عليه وآله) وأنا ابن بنت نبيك وقد حضرني من الأمر ما قد علمت . اللّهمَّ إنّي اُحبّ المعروف وأنكر المنكر وأسألك يا ذا الجلال والإكرام بحقّ القبر ومَنْ فيه إلاّ اخترت لي ما هو لك رضا ولرسولك رضا  .

ثمّ بكى (عليه السّلام) ووضع رأسه على قبر جدّه وقال : يا رسول الله أنا الحسين بن فاطمة فرخك وابن فرختك وسبطك الذي خلّفتني في اُمّتك فاشهد عليهم يا نبي الله أنّهم قد خذلوني وضيّعوني ولمْ يحفظوني وهذه شكواي إليك حتّى ألقاك  .

قالوا : وغفت عينا الحسين (عليه السّلام) ورأسه على قبر النبي (صلّى الله عليه وآله) فرأى جدّه رسول الله في كتيبة من الملائكة عن يمينه وشماله وبين يده فضم الحسين إلى صدره وقبّله ما بين عينيه وقال له : حبيبي يا حسين كأنّي أراك عن قريب مرمّلاً بدمائك مذبوحاً بأرض كرب وبلاء بين عصابة مِنْ اُمّتي وأنت مع ذلك عطشان لا تسقى وظمآن لا تُروى وهم بعد ذلك يرجون شفاعتي ! لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة . حبيبي يا حسين إنّ أباك واُمّك وأخاك قدموا عليّ وهم مشتاقون إليك  .

فبكى الحسين (عليه السّلام) في منامه وقال : يا جدّاه خذني معك وأدخلني في قبرك فلا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا  .

ضـمّني عـندك يا جداه في هذا الضريحْ      عـلّني  يا جدّي مِنْ بلوى زماني أستريحْ

ضاقَ بي يا جدُّ مِنْ رحب الفضا كلُّ فسيحْ      فـعسى طـود الأسـى يندكّ بين الدكّتينْ

فقال له الرسول (صلّى الله عليه وآله) : يا بُني لا بدّ لك من الرجوع إلى الدنيا حتّى تُرزق الشهادة ؛ لتنال ما قد كتبه الله لك من الأجر والثواب العظيم  .

فانتبه الحسين (عليه السّلام) وقصّ رؤياه على أهل بيته فاشتدّ حزنهم وكثر بكاؤهم حتّى ورد عن سكينة بنت الحسين (عليها السّلام) قالت : لمْ يكن في شرق الأرض وغربها أهل بيت أشدّ خوفاً وهمّاً وغمّاً منّا آل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .

ولله در السيّد حيدر الحلّي حيث قال :

مِـنْ أيـنَ تـخجلُ أوجه اُمويّة      سـكبتْ بـلذّاتِ الفجورِ حياءَها

مـا  بـلَّ أوجُهها الحيا ولو انَّها      قِـطعُ الـصفا بلَّ الحيا مَلساءَها

قهرتْ  بني الزهراءَ في سلطانِها     واسـتأصلتْ بصفاحِها اُمراءَها

مـلكتْ عليها الأمر حتّى حرّمت      في الأرضِ مطرح جنبها وثوائها

ضاقت  بها الدنيا فحيثُ توجهتْ      رأتِ الـحتوفَ أمامها ووراءَها

فاستوطنتْ  ظهرَ الحِمامِ وحوّلتْ      لـلعزّ  عن ظهرِ الهوانِ وطاءَها

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.