أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-4-2018
867
التاريخ: 9-08-2015
773
التاريخ: 13-4-2017
968
التاريخ: 11-08-2015
2413
|
لا خلاف بين المسلمين في حقية الميزان وقد ذكره اللّه تعالى في مواضع عديدة من الكتاب المجيد ، قال اللّه تعالى في سورة الأعراف: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ } [الأعراف: 8، 9] ، وقال تعالى في الكهف: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: 105] ، وفي الأنبياء: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } [الأنبياء: 47] ، وفي المؤمنين: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 102، 103] * وفي القارعة: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } [القارعة: 6 - 9].
والأخبار أيضا بهذا المضمون كثيرة، فأصل الميزان مما لا شك فيه ولا شبهة تعتريه، وإنكاره كفر وإنما الخلاف في معناها. فالذيعليه أكثر المفسرين والمتكلمين من العامة والخاصة الحمل على ظاهرها، وأن اللّه تعالى في القيامة ينصب ميزانا له لسان وكفتان فتوزن به أعمال العباد الحسنات والسيئات، ثم اختلف هؤلاء في كيفية الوزن حيث إن الأعمال اعراض لا يجوز عليها الإعادة، ولا يكون لها وزن، ولا تقوم بأنفسها فقيل توزن صحائف الأعمال.
وقد روى العامة عن ابن عمر انه سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم عما يوزن يوم القيامة، فقال الصحف.
وقيل إن الموزون في الآخرة نفس الأعمال والاعتقادات، لأن الأعمال تتجسم في النشأة الأخروية، كما ورد في أحاديث كثيرة من طرق المخالف والمؤالف، بل قال بعض أرباب العرفان إن الحيات و العقارب والنيران التي تظهر في القبر والقيامة هي بعينها الأعمال القبيحة، والأخلاق الذميمة، والعقائد الباطلة، كما أن الروح والريحان والحور والثمار هي الأخلاق الزكية، والأعمال الصالحة والاعتقادات الحقة، إذ الحقيقة الواحدة تختلف صورها باختلاف الأماكن، فتحلى في كل موطن بحلية وتتزيّى في كل مقام بزيّ.
وقال الشيخ البهائي رحمه اللّه الحق أن الموزون في الآخرة هو نفس الأعمال لا صحائفها، وما يقال من أن تجسم العرض طور خلاف طور العقل، فكلام ظاهري عامي، والذي عليه الخواص من أهل التحقيق ان سنخ الشيء و حقيقته مغاير للصورة التي يتجلى بها على المشاعر الظاهرة و يلبسها لدى المدارك الباطنة، وانه يختلف ظهوره في تلك الصور بحسب اختلاف المواطن و النشآت، فيلبس في كل موطن لباسا، ويتجلبب في كل نشأة بجلباب، كما قالوا إن لون الماء لون إناءه، واما الأصل الذي تتوارد هذه الصور عليه ويعبرون عنه تارة بالسنخ ومرة بالوجه و أخرى بالروح فلا يعلمه إلا علام الغيوب، فلا بعد في كون الشيء في موطن عرضا وفي آخر جوهرا، ألا ترى إلى ما يظهر في اليقظة من صورة العلم، فإنه في تلك النشأة أمر عرضي، ثم انه يظهر في النوم بصورة اللين، فالظاهر في الصورتين سنخ واحد تجلى في كل موطن بصورة، فقد تجسم في مقام ما كان عرضا فيمقام آخر.
وذكر جملة من الأحاديث تدل على ذلك ذكرناها في كتابنا مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار.
وقال العلامة المجلسي رحمه اللّه جميع الأحوال والأفعال في الدنيا تتجسم و تتمثل في النشأة الأخرى،اما بخلق الأمثلة الشبيهة بها بإزائها،أو بتحول الأعراض هناك جواهر.و الأول أوفق بحكم العقل و لا ينافيه صريح ما ورد في النقل.ثم قال بعد نقل كلام الشيخ البهائي:و القول باستحالة انقلاب الجوهر عرضا و العرض جوهرا في تلك النشأة مع القولبإمكانها في النشأة الآخرة قريب من السفسطة، إذ النشأة الآخرة ليست إلا مثل تلك النشأة، وتخلل الموت و الإحياء بينهما لا يصلح أن يصير منشئا لأمثال ذلك، والقياس على حال النوم و اليقظة أشد سفسطة، إذ ما يظهر في النوم إنما يظهر في الوجود العلمي، وما يظهر في الخارج فإنما يظهر بالوجود العيني، ولا استبعاد كثيرا في اختلاف الحقائق بحسب الوجودين، وأما النشأتان فهما من الوجود العيني، ولا اختلاف بينهما إلا بما ذكرنا.
وقد عرفت انه لا يصلح لاختلاف الحكم العقلي في ذلك، وأما الآيات والأخبار فهي غيرصريحة في ذلك، إذ يمكن حملها على أن اللّه تعالى يخلق هذه بإزاء تلك، أو هي جزاؤها، ومثل هذا المجاز شائع و بهذا الوجه وقع التصريح في كثير من الآيات و الأخبار واللّه يعلم وحججه.
وقد اختلف أيضا على تقدير إرادة المعنى الحقيقي من الميزان ، انه هل هو ميزان واحد لجميع الناس، أو لكل واحد ميزان على حدة، وعلى الثاني فهل لكل واحد ميزان واحد أو موازين عديدة، بأن يكون لأفعال القلوب ميزان، ولأفعال الجوارح ميزان، ولما يتعلق بالقول ميزان آخر، كما يشعر بذلك قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] وقوله تعالى: { فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [المؤمنون: 102] الآية وخصوص هذه الشقوق والتفاصيل غير معلومة، والإيمان الإجمالي كاف في ذلك.
وذهب جماعة من متكلمي الخاصة والعامة إلى أن الميزان كناية عن العدل والقضاء، لأن العدل في الأخذ والإعطاء لا يظهر إلا بالكيل و الوزن في الدنيا ، فجعل الوزن كناية عن العدل و الدليل على ذلك أن الميزان إنما يراد ليتوصل به إلى معرفة مقاديرالشيء،و مقادير الثواب و العقاب لا يمكن إظهارها بالميزان،لأن أعمال العباد أعراض، وهي قد فنيت و عدمت ووزن المعدوم محال، وأيضا فبتقدير بقائها كان وزنها محالا، واما القول بأن الموزون هو صحائف الأعمال أو صور مخلوقة على حسب مقادير الأعمال، فيقال في جوابه إن المكلف يوم القيامة إما أن يكون مقرا بأن اللّه تعالى عادل حكيم، أو لا ، فإن كان مقرا بذلك كفاه حكم اللّه تعالى بمقادير الثواب والعقاب في عمله بأنه عدل وصواب، وإن لم يكن مقرا بذلك لم يعرف من رجحان كفة الحسنات على كفة السيئات، أو بالعكس حصول الرجحان لاحتمال أنه تعالى أظهر ذلك الرجحان لا على سبيل العدل والإنصاف فالوزن لا فائدة فيه البتة. قال الشيخ المفيد رحمه اللّه: الموازين هي التعديل بين الأعمال و الجزاء عليها و وضع كل جزاء في موضعه، وإيصال كل ذي حق إلى حقه، وليس الأمر في معنى ذلك على ماذهب إليه أهل الحشو من أن في القيامة موازين كموازين الدنيا، لكل ميزان كفتان توضع الأعمال فيها، إذ الأعمال أعراض و الأعراض لا يصح وزنها، وإنما توصف بالثقل والخفةعلى وجه المجاز، والمراد بذلك أن ما ثقل منها هو ما كثر واستحق عليه عظيم الثواب، وما خف منها ما قل قدره ولم يستحق عليه جزيل الثواب والخبر الوارد أن أمير المؤمنين عليه السّلام والأئمة من ذريته هم الموازين، فالمراد انهم المعدلون بين الأعمال فيما يستحق عليها، والحاكمون فيها بالواجب والعدل ويقال فلان عندي في ميزان فلان، ويراد به نظيره، ويقال كلام فلان عندي أوزن من كلام فلان، و المراد به أن كلامه أعظم و أفضل قدرا، والذي ذكره اللّه في الحساب والخوف منه إنما هو المواقفة على الأعمال، لأن من وقف على أعماله لم يتخلص من تبعاتها، ومن عفا اللّه عنه في ذلك فاز بالنجاة، ومن ثقلت موازينه بكثرة استحقاقه الثواب فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه بقلة أعمال الطاعات فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. والقرآن إنما أنزل بلغة العرب وحقيقة كلامها ومجازه، ولم ينزل على ألفاظ العامة ما سبق إلى قلوبها من الأباطيل. أقول: لا يمكن الخروج عن ظواهر الآيات والروايات بهذه الوجوه العقلية، والمؤيدات الاعتبارية، والاعتبارات الوهمية التي هي أوهن من بيت العنكبوت، وانه لأوهن البيوت، ووزن الأعمال قد عرفت تحقيقه ، وأما ما قيل من عدم الفائدة فجوابه ان جميع المكلفين يعلمون يوم القيامة أنه تعالى منزه عن الظلم و الجور، فينبغي على هذا انتفاء الحساب والصحف والكتابة و غيرها.
وقد أبى اللّه إلا أن تكون له الحجة البالغة علىخلقه،و لعل الفائدة في وضع ذلك الميزان أن يظهر ذلك الرجحان لأهل القيامة،فإن كان ظهور الرجحان في طرف الحسنات ازداد فرحه و سروره بسبب ظهور فضله و كمال درجته لأهل القيامة، وإن كان بالضد فيزداد غمه وحزنه و حرقته وفضيحته يوم القيامة. ولكن ماذهب إليه المفيد رحمه اللّه قد ورد في جملة من الروايات، فكان الاستناد في ذلك إليها أولى، ففي الاحتجاج عن هشام بن الحكم أنه سأل الزنديق أبا عبد اللّه عليه السّلام ، فقال أو ليس توزن الأعمال. قال لا، إن الأعمال ليست بأجسام وإنما هي صفة ما عملوا، وإنما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء ولا يعرف ثقلها و خفتها، وإن اللّه تعالى لا يخفى عليه شيء. قال: فما معنى الميزان. قال: العدل. قال: فما معناه في كتابه فَمَنْ ثَقُلَتْ.قال: فمن رجح عمله (الخبر) .
وروى الكليني في الكافي والصدوق في معاني الأخبار عن هشام بن سالم قال : سألت أبا عبد اللّه عن قول اللّه عز وجل: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} [الأنبياء: 47]، قال هم الأنبياء و الأوصياء. والأحوط و الأولى الإيمان بالميزان، ورد العلم بحقيقتها إلى اللّه وأنبيائه وخلفائه، ولا نتكلف علم ما لم يوضح لنا بصريح البيان واللّه العالم بالحال .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|