أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-03-2015
2262
التاريخ: 12-12-2018
985
التاريخ: 13-12-2018
1370
التاريخ: 11-08-2015
1604
|
لا ريب في موت جميع الأحياء سوى اللّه تعالى و في بعضهم في القيامة، وإنما الخلاف في أن ما عدى الحق تعالى من الأجساد والأرواح والجواهر والأعراض هل ينعدم انعداما بحتا ثم يعاد، أم الأرواح باقية وما عداها ينعدم، أو أنه لا ينعدم شيء من الأرواح والأجساد بالمرة، بل تتفرق اجزاؤها ويحفظ اللّه تعالى الأجزاء الأصلية ثم يضمها إليها ويعيدها.
وبتقرير آخر هل إعادة الأشياء المفنيات عبارة عن إيجادها بعد اعدامها كما هوأحد القولين، أم تأليف أجزائها بعد تفرقها كما هو القول الآخر، ولكل من القولين أدلة عقلية ونقلية واعتبارات و مؤيدات، والظواهر متعارضة و الجزم بأحد الطرفين لا يخلو من إشكال، فينبغي التوقف في ذلك كما عليه العلامة المجلسي رحمه اللّه وجملة من العامة والخاصة، وأكثر المتكلمين على عدم انعدام الأرواح، وأكثر متكلمي الإمامية على عدم الانعدام بالكلية لا سيما في الأجساد.
قال المحقق الطوسي رحمه اللّه في التجريد في فناء الأجسام و السمع دل عليه، ويتأول في المكلف بالتفريق كما في قصة ابراهيم انتهى. وما دل على الانعدام بالمرة قوي، ولنشر إلى جملة من أدلة الطرفين من السمع، فمما يدل على الانعدام بالمرة أمور :
الأول :
قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: 3] أي في الوجود، ولا يتصور ذلك إلا بانعدام ما سواه وليس بعد القيامة وفاتا، فيكون قبلها، واجيب بأنه يجوز أن يكون المعنى هو مبدأ كل وجود وغاية كل مقصود، أو هو المتوحد في الألوهية أو في صفات الكمال، كما إذا قيل لك هذا أول من زارك أم آخرهم، فتقول هو الأول و الآخر، وتريد أنه لا زائرسواه، أو هو الأول و الآخر بالنسبة إلى كل حي، بمعنى انه يبقى بعد موت جميع الأحياء، ولو كان المراد انه آخر كل شيء بحسب الزمان لما وقع الاتفاق على أبدية الجنة و من فيها.
الثاني :
قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] فإن المراد به الانعدام لا الخروج عن كونه منتفعا به، لأن الشيء بعد التفرق يبقى دليلا على الصانع، وذلك من أعظم المنافع. وأجيب بأن المعنى أنه هالك في حد ذاته لكونه ممكنا لا يستحق الوجود إلا بالنظرإلى العلة، أو المراد بالهلاك الموت أو الخروج عن الانتفاع المقصود منه اللائق بحاله، كما يقال هلك الطعام إذا لم يبق صالحا للأكل.
الثالث :
قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: 27] ، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] والبدء من العدم، فكذا العود و أيضا إعادة الخلق بعد ابدائه لا يتصور بدون تخلل العدم، وأجيب بأنا لا نسلم ان المراد بإبداء الخلق الإيجاد و الإخراج عن العدم، بل الجمع والتركيب على ما يشعر به قوله تعالى: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ } [السجدة: 7] ، وقوله تعالى : {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ} [العنكبوت: 19] .
الرابع :
قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] والفناء هو العدم اجيب بالمنع بل هو خروج الشيء عن الصفة التي ينتفع بها، كما يقال فني زاد القوم وفني الطعام والشراب، ولذا يستعمل في الموت مثل افناهم الحرب، وقيل معنى الآية كل من على وجه الأرض من الاحياء فهو ميت.
الخامس :
ما رواه الشيخان في الكافي و الفقيه عن عمار عن الصادق عليه السّلام،انه سئل عن الميت يبلى جسده قال نعم حتى لا يبقى لحم ولا عظم إلا طينته التي خلق منها، فإنها لا تبلى بل تبقى في القبر مستديرة حتى يخلق منها كما خلق أول مرة.
وأجيب بأن الابلاء لا يستلزم العدم، فإن العرب يقولون بلي الثوب بمعنى خلق، فيكون الإبلاء عبارةعن تفرق الاجزاء لا انعدامها.
وأورد عليه بأنه يلزم مثله في الطينة مع استثنائها من البلى، فيكون البلى بمعنى الانعدام ليتم استثناء الطينة وقد أوضحنا معنى هذا الخبر في كتابنا مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار.
السادس :
ما رواه الطبرسي رحمه اللّه في الاحتجاج في حديث الزنديق الذي سألالصادق عليه السّلام عن مسائل، منها أن قال أتتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق. قال بل هو باق إلى وقت يوم ينفخ في الصور، فعند ذلك تبطل الأشياء و تفنى فلا حس ولا محسوس، ثم أعيدت الأشياء كما بداها مدبرها وذلك أربعمائة سنة بين النفختين.
السابع :
قوله عليه السّلام في نهج البلاغة: هو المفني لها بعد وجودها،حتى يصيرموجودها كمفقودها، وليس فناء الدنيا بعد ابتدائها بأعجب من إنشائها واختراعها إلى أن قال: وانه سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه، كما كان قبل ابتدائها، كذلك ويكون بعد فنائها بلا وقت و لا مكان ولا حين ولا زمان، عدمت عند ذلك الآجال والأوقات، وزالت السنون و الساعات، لا شيء إلا الواحد القهار إلى أن قال: ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها إلى آخره، ومما يدل على القول الآخر النصوص الدالة على كون النشور بالاحياء بعد الموت، والجمع بعد التفرق قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260] الآية.
وقوله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} [البقرة: 259] .
و قوله تعالى: {كَذَلِكَ النُّشُورُ} [فاطر: 9] و {كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الزخرف: 11] و {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29] بعد ما ذكر بدء الخلق من الطين وعلى وجه يرى و يشاهد مثل: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ} [العنكبوت: 19] ، { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} [العنكبوت: 20] و قوله تعالى: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 4، 5]. إلى غير ذلك من الآيات الظاهرة في التفريق دونالاعدام.
وما رواه القمي في تفسيره عن الصادق عليه السّلام قال: إذا أراد اللّه أن يبعث الخلق امطر السماء على الأرض أربعين صباحا ، فاجتمعت الوصال و نبتت اللحوم.
وروى الديلمي عن السجاد عليه السّلام في حديث قال فيه: ثم يأمر اللّه السماء أن تمطر على الأرض أربعين يوما، حتى يكون الماء فوق كل شيء ذراعا، فتنبت به أجساد الخلائق كما ينبت البقل، فتتدانى اجزاؤهم التي صارت ترابا الحديث.
وما روي في الاحتجاج في حديث الزنديق انه قال للصادق عليه السّلام أنى للروح بالبعث و البدن قد بلي، والاعضاء قد تفرقت، فعضو في بلدة تأكله سباعها، وعضو بأخرى تمزقه هوامها، وعضو قد صار ترابا بني به مع الطين حائط. فقال عليه السّلام: إن الذي أنشأه من غير شيء، وصوره على غير مثال كان سبق إليه، قادر أن يعيده كما بدأ قال أوضح لي ذلك. قال إن الروح مقيمة في مكانها، روح المحسنين في ضياء و فسحة، وروح المسيء في ضيق وظلمة.
والبدن يصير ترابا منه خلق، وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها مما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ ،عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض ويعلم عدد الأشياء و وزنها، وإن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب، فإذا كان حين البعث مطرت الأرض فتربو الأرض، ثم تمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء، والزبد من اللبن إذا مخض، فيجتمع تراب كل قالب فينتقل بإذن اللّه تعالى إلى حيث الروح، فتعود الصور بإذن المصور كهيئتها وتلج الروح فيها، فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا إلى غير ذلك من الأخبار.
وأجيب بأن هذه الظواهر لا تنفي الانعدام و إن لم تدل عليه، وإنما سيقت لكيفية الإحياء بعد الموت والجمع بعد التفريق، على أنها معارضة بما دل على الإعدام و الإفناء، وكما يمكن الجمع بحمل الاعدام والافناء على التفرق، كذا يمكن الجمع بأن اللّه تعالى يفني العالم بأسره ويعدمه، كما دلت عليه الآيات والأخبار السابقة، ثم يوجد الأرض والسماء ثم يحيي الأموات ويعيد الأشياء بجميع الأجزاء المتفرقة. وبالجملة فلا يمكنالجزم بأحد الجانبين واللّه العالم بالحال.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|