علاقة النقل بالصناعة السياحية ودور أنماط النقل في الصناعة السياحية
المؤلف:
د . مصطفى يوسف كافي
المصدر:
فلسفة اقتصاد السياحة والسفر
الجزء والصفحة:
ص468 - 470
2025-07-07
560
ثالثاً: علاقة النقل بالصناعة السياحية
هناك ارتباط وثيق بين نمو صناعة النقل ونمو صناعة السياحة في العالم وعلى مدى مراحل تاريخية متعاقبة. كلما نشطت حركة النقل نشطت حركة السياحة بطريقة موازنة والعكس صحيح. ويعد النقل بمثابة القاعدة الأساسية التي ترتكز عليها صناعة السياحة والظاهرة السياحية تقوم على حركة انتقال الأفراد (السياح) ولا يمكن أن تتحقق عملية الانتقال بدون توافر النقل. وما كان للظاهرة السياحية أن تنشأ وتظهر للوجود لولا توافر عامل النقل.
يؤثر النقل أولاً بالطلب السياحي، فكلما تطورت وسائل النقل زاد الطلب السياحي والعكس صحيح مع بقاء العوامل الأخرى ثابتة. وفي الأنشطة الاقتصادية الأخرى يلاحظ ثبات المستهلك وفي الغالب تنتقل السلع إلى الأسواق القريبة منه. أما في النشاط السياحي فالعكس هو الوارد، حيث ثبوت المنتوج السياحي والمستهلك (السائح) هو الذي ينتقل لشراء المنتوج السياحي. وهنا تكمن أهمية النقل في الطلب السياحي. فالتعامل في عملية النقل لا يتم مع صناديق أو أكياس أو علب، وإنما يتعامل مع الإنسان وهنا تصعب وتتعقد العملية "نظراً لما يمتاز به الإنسان من طبيعة بيولوجية وإحساس وشعور ومزاج وهذا يتطلب بالتالي توفير كل وسائل الراحة والأمان لنقل المسافرين والتعامل معهم بدقة وبأسلوب مهذب يختلف كليا" عن طريق التعامل مع البضاعة أو السلعة المنقولة.
كما يؤثر النقل بالعرض السياحي أيضاً فعملية التنمية السياحية تعتمد كلياً على عملية النقل، وما تقوم به من نقل عناصر الإنتاج المختلفة واللازمة لتحقيق الاستثمار السياحي.
وبذلك تتحقق القاعدة الآتية، فكلما تطورت وسائل النقل نما العرض السياحي والعكس صحيح مع بقاء العوامل الأخرى ثابتة. كما أن توافر وسائل النقل تعني إيصال التنمية السياحية إلى أبعد الأقاليم وإمكانية استثمارها سياحياً".
رابعاً: دور أنماط النقل في الصناعة السياحية
يعتبر قطاع النقل والمواصلات أحد القطاعات المكونة للهيكل الاقتصادي والاجتماعي في أية دولة وأن تطور أي مجتمع معاصر يتناسب طرداً مع تطور قطاع النقل والمواصلات فيه الذي يلعب دوراً هاماً وفاعلا في حياة المجتمعات المعاصرة.
وتُعدّ وسائل النقل والمواصلات ركناً رئيسياً من أركان السياحة وسبباً مـــن أسباب قيام صناعة السياحة وازدهار ونتيجة لها في نفس الوقت، فبواسطة الطريق يتم توفير متطلبات أنشطة السياحة والترويح في المكان المقصود، وبواسطة الطرق أيضاً يتم ربط المزار السياحي بأسواق الطلب السياحي، ممـا يعني أن النقل يشكل أساساً هاماً من أسس قيام صناعة السياحة ورواجها. وبالتالي فهو العمود الفقري لصناعة السياحة والسفر، إنه الصلة بين مكان الإقامة والمقصد والفندق والموقع السياحي وأي مكان، وكفاءة النقل والسلامة فيه هو عنوان صلاحيته، وفي مجال إنفاق السائح يشكل النقل بنداً كبيراً وخاصة في السياحة الدولية International Tourism. كما أن هناك علاقة مباشرة بين تقدم خدمات النقل والتنمية السياحية Development Tourism وخاصة في مدى توفر الآليات والطائرات والبنية التحتية بشكل تجعل السفر مؤمناً ومريحاً. فتزايد أعداد السياح فــــي سويسرا مثلاً ارتبط رغم موقعها الجغرافي المتوسط في قلب أوروبا بتقدم طرق النقل التي تربطها بدول القارة وتعدد شبكاتها، كما أن ضغط المصطافين على الريفرا (Riviera) الفرنسية والإيطالية والساعيين إلى الاستجمام والراحة في المنتجعات الجبلية الأوربية لم يتم بمعدلاته الكبيرة إلا بعد اتساع دائرة شبكات النقل ورفع مستوى كفاءتها.
ـ فلا يكتب لأي مشروع سياحي النجاح بدون توفر عنصر النقل له، فلا سياحة بدون نقل. فكلما نشطت صناعة السياحة يصاحبها بالتأكيد نشاط ملحوظ في صناعة النقل.
ـ لهذا تلعب وسائط النقل والمواصلات دوراً رئيسياً في حياة الفرد والمجتمع وأفضل وصف يمكن أن نطلقه على شبكة المواصلات والنقل هو تعبير (الشريان الحيوي للمجتمع) لأنها تأخذ في المجتمع وظيفة شبيهة بوظيفة الشرايين في جسم الإنسان. وكما أن الدم ينتقل في شرايين جسم الإنسان ليقوم بتغذيته وتغذية كافة أعضاءه، كذلك المواصلات تقوم بنقل الغذاء والخدمات وكل الضروريات الأخرى للحياة إلى كل المجتمع.
والمواصلات في عصرنا بالغة الأهمية حين قال عنها أحد المفكرين: "أن هناك ثلاثة عوامل تخلق أمة عظيمة وتبعث فيها الرخاء والازدهار، وهي تربة خصبة، ومعامل منتجة، وجهاز نقل كفي. أدت التطورات التكنولوجية في مجال النقل البري والبحري والجوي خلال القرن التاسع عشر إلى الآن إلى تقدم هائل في نوعية وسائل النقل وسرعتها والراحة والامان التي تقدمها إلى المسافرين والسياح.
فالتطور السياحي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتطور في وسائل النقل، لذلك فإن تحقيق الكفاءة لقطاع النقل يعد حجر الزاوية في التنمية السياحية الناجحة. فإن السائح عندما يفكر في زيارة منطقة ما فأول ما يفكر بـه هــو طريقة وسهولة وسرعة الوصول. ولهذا السبب فإن نجاح السياحة في أي منطقة كانت يجب أن يصاحبه تطور وتقدم في كافة مجالات النقل الممكنة.
فنحن نعلم أن لا صناعة السياحة ولا صناعة النقل تهدفان في نشاطيهما إلى الإنتاج أو صناعة سلع، وانما تهدفان إلى تقديم خدمات للمسافرين والسواح، ومن يتبع تاريخ صناعة السياحة (Industry Tourism) وصناعة النقل (Industry Transportation) يتضح له الترابط الوثيق بينهما بوضوح.
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في علم الاقتصاد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة