المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

بعض الفوائد الطبية للخس
31-3-2016
التفريخ الصناعي للسمان
2023-04-19
The Domains of Chemistry
27-12-2019
نشأة علم الجيولوجيا
18-5-2016
بـنود المـوازنـة العـامـة في مـصر للعام المالي 2005 / 2006
27-6-2022
Hypoglycemia Types
22-11-2021


بواكير الكلاسيكية الفرنسية  
  
6276   05:11 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : عبد الرزاق الأصفر
الكتاب أو المصدر : المذاهب الأدبية لدى الغرب
الجزء والصفحة : ص11-16
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد الحديث /

يمكن تقسيم الشعر الكلاسيكي الفرنسي في القرن السادس عشر إلى ثلاثِ مراحل أو بالأحرى إلى ثلاث مدارس كانت كلٌ منها معلماً بارزاً أفضى إلى ما يليه في سلسلة متتابعة الحلقات.

آ-مدرسة الشاعر كليمان مارو: C.Marot(1407-1544):

كانت آثاره جسر عبور من القرون الوسطى إلى النهضة. وكان هذا الشاعر في أول الأمر يُعنى بالبلاغة التقليدية، ثم ما لبث أن تحوّل شاعراً مؤرخاً لدى البلاط. وتتميز أشعاره بالتنوع والوضوح ودقة التعبير وكان مثله المفضل الشاعران فيرجيل وأوفيد، وقرأ بترارك باللغة الإيطالية، وكتب باللغة الفرنسية فأغناها بالمفردات واحترم نحوها فجاءت في أشعاره نقية رشيقة صالحة للتعبير اللطيف عن المشاعر المعتدلة. وتعدّ قصيدته التي أرسلها من السجن إلى صديقه ليون Lyon في عام 1526 نموذجاً لهذا الشعر. كانت منظومة شعرية لطيفة تتضمن قصة الأسد والجرذ التي أُثِرتْ عن الحكيم اليوناني إيسوب. وكان يرمي فيها بشكل غير مباشر إلى حث هذا الصديق ذي النفوذ للسعي لإطلاق سراحه. وهذا ما حصل فعلاً. وقد اقتبس لافونتين فيما بعد هذه القصة ليجعل منها حكاية من أجمل حكاياته الخرافية. وتتميز قصيدة مارو بالأسلوب القصصي الحواري البسيط والسّهل الممتع مع بعض التلاعبات اللفظية البلاغية كالتورية والجناس.

ب -مدرسة ليون:

كانت مدينة ليون في القرن السادس عشر عاصمةً ازدهرت فيها الآداب والفنون وانتشرت فيها الطباعة، فنافست باريس، وكانت أكثر تأثراً بإيطاليا لقربها منها، فبرز منها أدباء عديدون تركوا في الاتجاه الجديد أصداءً قوية مثل أ. هيروويه A Heroét وموريس سيف M. Sèeve والسيدة لويز لابيّه L.labbé وعاشوا جميعاً في أواسط القرن السادس عشر شعراء غير بلاطيين. وقد مهدوا بأساليبهم الطريق لرونسار وجماعة الثريا الذين كانوا يقدرونهم حق التقدير وتابعو الطريق من بعدهم، ولا سيّما في الابتعاد عن الطابع العلمي والقيود اللغوية والعروضية والبلاغية والميل إلى الفكر والعاطفة، وتفضيل اللغة المحليّة مع مراعاة البساطة والوضوح.

جـ-رونسار وجماعة الثريّا La Pléade:

برزت هذه الجماعة في أواسط القرن السادس عشر، واستمرّ نشاطها إلى نهايته. وأعضاؤها هم: (رونسار Ronsard ت 1585، ويواكيم دوبيلي ت 1560 وريمي بيللو ت 1577، وأنطوان دو باييف ت 1530 وبونتوس دوتيار ت 1603 وجوديل ت 1660 وجان دورا ، ت 1588) وتبعهم شعراء آخرون غير أن هذه المجموعة الشابّة المتحمسّة لم تأتِ بكشفٍ نقديٍ جديد ولا بتغيير منهجي مفاجئ يُحدِث تحولاً جذرياً في الشعر، بل تعتبر مرحلةً من النضج والجهد المنظم لاتجاهٍ شعريٍ عام وقد نجحوا في استيعاب المعطيات التطورية البطيئة التي جرت خلال نصف قرن مضى. ويمكن تلخيص مبادئ هذه الجماعة في النقاط الآتية:

1-إن اللغة الفرنسية أضحت قادرة على منافسة اللغات القديمة والتعبير عن شتى الأفكار والأحاسيس في شتّى الأنواع الأدبيّة والأساليب، ولأجل ذلك لا بدّ أن يعمل الشعراء لإغنائها بالمفردات والارتقاء بها، سواءٌ بالترجمة أو التقليد، أو بإدخال الأنواع الأدبية العظيمة القديمة إلى مجالها الإبداعي. وملاكُ الأمر الإيمان باللغة الفرنسية وإمكان استبدال مفرداتٍ فرنسية مكان الكلمات اللاتينية التي كان يلجأ إليها بعض الشعراء بحجة أن اللغة الفرنسية قاصرة عن إمدادهم بالكلمات البديلة. ولذلك كان رونسار يؤكد دوماً ضرورة نبذ الكلمات القديمة والبحث عن لغة فرنسية كاملة. يقول في مقدمة ملحمته "الفرنسياد": "إني أنصحك بالاستفادة من كلّ اللهجات على السّواء، وبعدم استعمال كلماتٍ قديمة". بينما كان ماليرب يدعو إلى الاقتصار على اللهجة الفرنسية السائدة في جزيرة فرنسا Ile de France ، وهي المناطق الواقعة في الوسط والشمال الغربي من فرنسا المحيطة بنهر السين: أما لافونتين وفينيلون ولابرويّير فكانوا منحازين إلى الكلمات الفرنسية، ولكن دون جدوى

ودعا رونسار في كتابه (فن الشعر) إلى تبني الكلمات التي يستعملها الحرفيون كالحصّادين والحدادين والصاغة والبياطرة وعمال المناجم وإلى اختراع كلماتٍ جديدة سواءٌ بالمزج بين مفردتين لاستيلاد دالٍ جديد مثل كلمة (حلْومرّ Doux-amer) لما هو في المذاق بين بين، أو باشتقاق كلمات جديدة بإضافة بعض المقاطع إلى النعت أو بصيغة التصغير أو بتحوير الكلمات اللاتينية واليونانية وإخضاعها إلى اللفظ الفرنسي (الفرنسة).. وقد طبق رونسار هذه الوصايا في آثاره الأدبية، إلا في أحوالٍ نادرة معدودة.

2-التجديد في النحو، لأن لغةً جديدة لا بد لها من نحو جديد

3-إدخال الأجناس الأدبية العظيمة المعروفة في الآداب اليونانية واللاتينية كالترجيديا والكوميديا والملحمة والنقد إلى مجال اللغة الفرنسية

4-استخدام المعطيات الأسطورية التي بقيت في الشعر الفرنسي إلى عهد شاتوبريان.

5-تجديد إيقاعات الشعر الفرنسيّ وتطويرها ولا سيما الشعر الغنائي وابتكار أوزان جديدة.

وإذا شئنا تحديد الموقع الأدبي لرونسار كنموذج للشعر في هذه الفترة قلنا إنّه من الوجهة الكلاسيكية متعلق بالثقافة القديمة وتقليد القدماء في الموضوعات والصور والمعالجة إلى درجة انعدام فرديّته. فالحب في شعره ليس حبّه الخاص، ولا تجربته الفردية بل هو الحب العام كما يفهمه معاصروه وأسلافه الذين نسج على منوالهم ولا سيما الإيطاليون.

ومن جهة أخرى ظل رونسار محافظاً على نظرية الأجناس الأدبيّة والأسلوب الخطابي والتعليمي الذي يتجه إلى العقل ويؤثره على العاطفة.

ولكن رونسار لم يقف عند هذا الحدّ بل خطا في الشعر خطاً جديدة وذلك باتجاهه أحياناً نحو العاطفة والخيال والجوّ الحزين مما يذكرنا بلامارتين كما تميز أسلوبه بالغزارة والتنوع والتلوين والجرأة اللغوية والانسياق مع الحماسة الشعرية دون روّية وحسن اختيار.. مما يعدّ في نظر النقاد ومؤرخي الأدب جذوراً للمدرسة الرومانسية التي بزغت فيما بعد الكلاسيكيّة.

د - تجديد ماليرب F.Malherbe (1555-1628).

يُعَدُّ ماليرب أمّةً وحدَه. فقد كان بنفسه مدرسة واضحة المعالم أثّرت في تجديد الشعر وتحديد معالمه في مستهلّ القرن السابع عشر، وكان حلقة اتصال بين جماعة البلياد والأدب الكلاسيكي العظيم في القرن السابع عشر. لم يؤيّد اتجاهات رونسار وجماعة البلياد، بل انتقدهم بشدة في كتابه "الفن الشعريّ" وهو الذي سار بالشعر الفرنسي إلى الصفات الوطنية الفرنسية الأصيلة. وله في موسيقا الشعر آراء إيجابيّة، فقد سخر من طريقة رونسار، وجاء بشعرٍ جميل الإيقاعيّة. وكان يرفض التقليد المبالغ فيه للقدماء على الرغم من تضلّعه في الآداب القديمة وترجمته بعض الآثار اللاتينية إلى الفرنسيّة، ولم يكن يرى مانعاً من الاقتباس من أفكار القدماء، لا من تقنيات التعبير وأساليبه، لأن هذه -كما يقول- منوطةٌ بالزمن وكان يُجانب التراث اليوناني ويتجه صوب التراث اللاتيني، لأنه أكثر تعويلاً على الفكر، وأقرب إلى العبقرية الفرنسية، وباختصار: إن أدب ماليرب هو أدب العقل والفكر وموضوعات الساعة لا أدب الخيال والرمز. يؤثر السهولة والوضوح والمنطق ويعوّل فقط على اللغة الفرنسية كما هي لدى أعمق الطبقات الشعبية، لا على اللهجات البروفانسية، فحسب، وإنما كان يتجه صوب اللغة الشعبية لتمده بالمفردات الفرنسية أمّا القواعد فقد بقيت عنده أصيلة نقيّة.

أما أسلوبه فكان قدوةً لموليير وراسين مع احتفاظ مقلّديه بطابعهم الشخصيّ. ولشدّة تأثيره في المدرسة الكلاسيكية قال عنه بوالو: "وأخيراً جاء ماليرب..!" ويقول إميل فاكيه عن الأدب في الثلث الأول من القرن السابع عشر: "إنه كان أدباً رومانسياً ولا سيّما في الشعر حيث يسود الخيال والنزوة والفانتازيا.. وفي هذا الوسط يبدو ماليرب منعزلاً، ليس له من الأتباع إلاّ واحد أو إثنان، وهم بدورهم شديدو الاستقلال، ومن أغرب الأمور -وذلك يحدث في الأدب أحياناً-أن نرى ماليرب قد أصبح مدرسة ذات شهرة واتساع، ولكن بعد وفاته بأربعين عاماً"

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.