المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



مناظرة الإمام الرضا (عليه السلام) مع علماء أهل العراق وخراسان في فضل العترة على الأمة  
  
815   07:37 صباحاً   التاريخ: 12-10-2019
المؤلف : الشيخ عبد الله الحسن
الكتاب أو المصدر : مناظرات في العقائد
الجزء والصفحة : ج1 ، 142-160
القسم : العقائد الاسلامية / الحوار العقائدي / * فضائل النبي وآله /

عن الريان بن الصلت (1) قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو (2) وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان.

فقال المأمون: أخبروني عن معنى هذه الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: 32]. فقالت العلماء: أراد الله عز وجل بذلك الأمة كلها.

فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا (عليه السلام): لا أقول كما قالوا ولكني أقول: أراد الله عز وجل بذلك العترة الطاهرة (3).

فقال المأمون: وكيف عنى العترة من دون الأمة؟ فقال الرضا (عليه السلام): إنه لو أراد الأمة لكانت أجمعها في الجنة لقول الله عز وجل: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر: 32] ، ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال عز وجل: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} [فاطر: 33] الآية، فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم.

فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟

فقال الرضا (عليه السلام): الذين وصفهم الله في كتابه فقال عز وجل: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] وهم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم (4).

قالت العلماء: أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة أهم الآل أم غير الآل؟

فقال الرضا (عليه السلام): هم الآل.

فقالت العلماء: فهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤثر عنه أنه قال: أمتي آلي وهؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه، (آل محمد أمته).

فقال أبو الحسن (عليه السلام): أخبروني فهل تحرم الصدقة على الآل؟ فقالوا: نعم.

قال: فتحرم على الأمة.

قالوا: لا.

قال: هذا فرق بين الآل والأمة، ويحكم أين يذهب بكم؟ أضربتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون؟ أما علمتم أنه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟

قالوا: ومن أين يا أبا الحسن؟

فقال من قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 26] فصارت وراثة النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين، أما علمتم أن نوحا حين سأل ربه عز وجل: {قَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ } [هود: 45] وذلك - أن الله عز وجل وعده أن ينجيه وأهله فقال ربه عز وجل: {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46].

فقال المأمون: هل فضل الله العترة على سائر الناس؟

فقال أبو الحسن: إن الله عز وجل أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه.

فقال له المأمون: وأين ذلك من كتاب الله؟

فقال له الرضا (عليه السلام): في قول الله عز وجل: { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [آل عمران: 33، 34]. وقال عز وجل في موضع آخر: { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [النساء: 54] (5) ثم رد المخاطبة في أثر هذه إلى سائر المؤمنين فقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59] (6) يعني الذي قرنهم بالكتاب والحكمة وحسدوا عليهما فقوله عز وجل: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [النساء: 54] يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين فالملك هنا هو الطاعة لهم.

فقالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله عز وجل الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا - عليه السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا.

فأول ذلك قوله عز وجل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] (7) ورهطك المخلصين هكذا في قراءة أبي بن كعب وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود، وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله عز وجل بذلك الإنذار فذكره لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فهذه واحدة.

والآية الثانية في الاصطفاء قوله عز وجل: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب: 33] وهذا الفضل الذي لا يجهله أحد إلا معاند ضال لأنه فضل بعد طهارة تنتظر، فهذه الثانية.

وأما الثالثة فحين ميز الله الطاهرين من خلقه فأمر نبيه بالمباهلة بهم في آية الابتهال فقال عز وجل: يا محمد {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } [آل عمران: 61] (8) فبرز النبي (صلى الله عليه وآله) عليا والحسن والحسين وفاطمة - صلوات الله عليهم - وقرن أنفسهم بنفسه فهل تدرون ما معنى قوله: {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} [آل عمران: 61] ؟ قالت العلماء: عنى به نفسه.

فقال أبو الحسن (عليه السلام): لقد غلطتم إنما عنى بها علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومما يدل على ذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله) حين قال: لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي (9) يعني علي بن أبي طالب - عليه السلام - وعنى بالأبناء الحسن والحسين (عليهما السلام) وعنى بالنساء فاطمة (عليها السلام) فهذه خصوصية لا يتقدمهم فيها أحد، وفضل لا يلحقهم فيه بشر، وشرف لا يسبقهم إليه خلق، إذ جعل نفس علي (عليه السلام) كنفسه، فهذه الثالثة.

وأما الرابعة فإخراجه (صلى الله عليه وآله) الناس من مسجده ما خلا العترة حتى تكلم الناس في ذلك، وتكلم العباس فقال: يا رسول الله تركت عليا وأخرجتنا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أنا تركته وأخرجتكم ولكن الله عز وجل تركه وأخرجكم (10) وفي هذا تبيان قوله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): أنت مني بمنزلة هارون من موسى (11).

قالت العلماء: وأين هذا من القرآن؟

قال أبو الحسن: أوجدكم في ذلك قرآنا وأقرأه عليكم.

قالوا: هات.

قال: قول الله عز وجل: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [يونس: 87] ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى وفيها أيضا منزلة علي (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومع هذا دليل واضح في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين قال: ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد (صلى الله عليه وآله) (12).

قالت العلماء: يا أبا الحسن هذا الشرح وهذا البيان لا يوجد إلا عندكم معاشر أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ومن ينكر لنا ذلك ورسول الله يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها (13)؟ ففيما أوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمة والاصطفاء والطهارة ما لا ينكره إلا معاند والحمد لله عز وجل على ذلك، فهذه الرابعة.

والآية الخامسة قول الله عز وجل: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ } [الإسراء: 26] خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها واصطفاهم على الأمة فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ادعوا لي فاطمة، فدعيت له فقال: يا فاطمة قالت: لبيك يا رسول الله فقال: هذه فدك مما هي لم يوجف عليه بالخيل ولا ركاب وهي لي خاصة دون المسلمين وقد جعلتها لك لما أمرني الله تعالى به فخذيها لك ولولدك (14)، فهذه الخامسة.

والآية السادسة قول الله عز وجل {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] (15) وهذه خصوصية للنبي (صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة وخصوصية للآل دون غيرهم وذلك أن الله عز وجل حكى في ذكر نوح في كتابه: {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} [هود: 29] وحكى عز وجل عن هود أنه قال: {يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [هود: 51] وقال عز وجل لنبيه محمد (صلى الله عليه وآله): قل: يا محمد {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] ولم يفرض الله تعالى مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون إلى ضلال أبدا.

وأخرى أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوا له فلا يسلم له قلب الرجل، فأحب الله عز وجل أن لا يكون في قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على المؤمنين شيء ففرض عليهم الله مودة ذوي القربى، فمن أخذ بها أحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحب أهل بيته لم يستطع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبغضه، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته فعلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبغضه، لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله عز وجل فأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟ فأنزل الله عز وجل هذه الآية على نبيه (صلى الله عليه وآله): {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] ، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس إن الله عز وجل قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد فقال: يا أيها الناس إنه ليس بذهب ولا فضة ولا مأكول ولا مشروب فقالوا: هات إذا فتلا عليهم هذه الآية فقالوا: أما هذه فنعم فما وفى بها أكثرهم.

وما بعث الله عز وجل نبيا إلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا لأن الله عز وجل يوفيه أجر الأنبياء ومحمد (صلى الله عليه وآله) فرض الله عز وجل مودة طاعته ومودة قرابته على أمته وأمره أن يجعل أجره فيهم ليؤدوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز وجل لهم فإن المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل، فلما أوجب الله تعالى ثقل ذلك لثقل وجوب الطاعة فتمسك بها قوم قد أخذ الله ميثاقهم على الوفا وعاند أهل الشقاق والنفاق وألحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي حده الله عز وجل فقالوا: القرابة هم العرب كلهم وأهل دعوته.

فعلى أي الحالتين كان فقد علمنا أن المودة هي القرابة فأقربهم من النبي (صلى الله عليه وآله) أولاهم بالمودة وكلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها، وما أنصفوا نبي الله (صلى الله عليه وآله) في حيطته ورأفته وما من الله به على أمته مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه: أن لا يؤذوه في ذريته وأهل بيته وأن يجعلوهم فيهم بمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول الله فيهم، والذين فرض الله تعالى مودتهم ووعد الجزاء عليها، فما وفى أحد بها فهذه المودة لا يأتي بها أحد مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة لقول الله عز وجل في هذه الآية: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 22-23] مفسرا ومبينا (16).

ثم قال أبو الحسن (عليه السلام): حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله فقالوا: إن لك يا رسول الله مؤنة في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا مأجورا، أعط ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج قال: فأنزل الله عزوجل عليه الروح الأمين فقال: يا محمد { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى: 23] يعني أن تودوا قرابتي من بعدي، فخرجوا فقال المنافقون: ما حمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته من بعده إن هو إلا شيء افتراه في مجلسه! وكان ذلك من قولهم عظيما فأنزل الله عز وجل هذه الآية: { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الأحقاف: 8] فبعث عليهم النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: هل من حدث؟ فقالوا: إي والله يا رسول الله لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه، فتلا عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الآية، فبكوا واشتد بكاؤهم فأنزل عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى: 25] فهذه السادسة.

وأما الآية السابعة فقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب: 56] قالوا: يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك؟ فقال: تقولون: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (17).

فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟ فقالوا: لا. فقال المأمون: هذا مما لا خلاف فيه أصلا وعليه إجماع الأمة فهل عندك في الآل شيء أوضح من هذا في القرآن؟ فقال أبو الحسن: نعم، أخبروني عن قول الله عز وجل: {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يس: 1 - 4] فمن عنى بقوله يس؟ قالت العلماء: يس محمد (صلى الله عليه وآله) لم يشك فيه أحد قال أبو الحسن: فإن الله عز وجل أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله، وذلك أن الله عز وجل لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء - صلوات الله عليهم - فقال تبارك وتعالى: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} [الصافات: 79] وقال: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 109] وقال: { سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ } [الصافات: 120] ولم يقل: سلام على آل نوح ولم يقل: سلام على آل إبراهيم ولا قال: سلام على آل موسى وهارون وقال عز وجل: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات: 130] يعني آل محمد (18) - صلوات الله عليهم -.

فقال المأمون: لقد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه فهذه السابعة.

وأما الثامنة فقول الله عز وجل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] (19) فقرن سهم ذي القربى بسهمه وبسهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهذا فضل أيضا بين الآل والأمة لأن الله تعالى جعلهم في حيز وجعل الناس في حيز دون ذلك، ورضي لهم ما رضي لنفسه واصطفاهم فيه فبدأ بنفسه ثم ثنى برسوله ثم بذي القربى فكل ما كان من الفئ والغنيمة وغير ذلك مما رضيه عز وجل لنفسه فرضيه لهم فقال وقوله الحق: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] فهذا تأكيد مؤكد وأثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [فصلت: 42].

وأما قوله {وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ } [الأنفال: 41] فإن اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من الغنائم ولم يكن له فيها نصيب، وكذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم ولا يحل له أخذه، وسهم ذي القربى قائم إلى يوم القيامة فيهم للغني والفقير منهم لأنه لا أحد أغنى من الله عز وجل ولا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجعل لنفسه منها سهما ولرسوله (صلى الله عليه وآله) فما رضيه لنفسه ولرسوله (صلى الله عليه وآله) رضيه لهم، وكذلك الفئ ما رضيه منه لنفسه ولنبيه (صلى الله عليه وآله) رضيه لذي القربى كما أجراهم في الغنيمة، فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم، وقرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله (صلى الله عليه وآله) وكذلك في الطاعة قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59] فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته، كذلك آية الولاية: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55] (20) فجعل طاعتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته، كذلك ولا يتهم مع ولاية الرسول مقرونة بطاعته كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفئ فتبارك الله وتعالى ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت، فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ورسوله ونزه أهل بيته فقال: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} [التوبة: 60] فهل تجد في شيء من ذلك أنه سمى لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى لأنه لما نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله ونزه أهل بيته لا بل حرم عليهم لأن الصدقة محرمة على محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس لا يحل لهم لأنهم طهروا من كل دنس ووسخ فلما طهرهم الله عزوجل واصطفاهم رضي لهم ما رضي لنفسه وكره لهم ما كره لنفسه عز وجل فهذه الثامنة. وأما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال الله عز وجل: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [النحل: 43] (21) فنحن أهل الذكر فاسألونا إن كنتم لا تعلمون. فقالت العلماء: إنما عنى الله بذلك اليهود والنصارى. فقال أبو الحسن (عليه السلام): سبحان الله! وهل يجوز ذلك؟ إذا يدعونا إلى دينهم ويقولون: إنه أفضل من دين الإسلام. فقال المأمون: فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوه يا أبا الحسن؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): نعم، الذكر رسول الله ونحن أهله وذلك بين في كتاب الله عز وجل حيث يقول في سورة الطلاق: {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ} [الطلاق: 10، 11] فالذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) (22) ونحن أهله فهذه التاسعة. وأما العاشرة فقول الله عز وجل في آية التحريم: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ} [النساء: 23] فأخبروني هل تصلح ابنتي وابنة ابني وما تناسل من صلبي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: لا. قال: فأخبروني هل كانت ابنة أحدكم تصلح له أن يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: نعم. قال: ففي هذا بيان لأني أنا من آله، ولستم من آله، ولو كنتم من آله لحرم عليه بناتكم كما حرم عليه بناتي لأني من آله وأنتم من أمته، فهذا فرق بين الآل والأمة لأن الآل منه، والأمة إذا لم تكن من الآل فليست منه فهذه العاشرة. وأما الحادية عشرة فقول الله عز وجل في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ } [غافر: 28] إلى تمام الآية، فكان ابن خال فرعون فنسبه إلى فرعون بنسبه ولم يضفه إليه بدينه، وكذلك خصصنا نحن إذ كنا من آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بولادتنا منه وعممنا الناس بالدين فهذا فرق بين الآل والأمة فهذه الحادية عشرة. وأما الثانية عشرة فقوله عز وجل: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132] فخصنا الله تبارك وتعالى بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الأمة بإقامة الصلاة ثم خصصنا من دون الأمة فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجئ إلى باب علي وفاطمة (عليهما السلام) بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول: الصلاة رحمكم الله، وما أكرم الله أحدا من ذراري الأنبياء بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها وخصصنا من دون جميع أهل بيتهم. فقال المأمون والعلماء: جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن هذه الأمة خيرا فما نجد الشرح والبيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم (23).

_______________

(1) هو: الريان أبو علي بن الصلت البغدادي الأشعري القمي من أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام) وروى عنه، كان ثقة صدوقا، له كتاب جمع فيه كلام الرضا (عليه السلام) في الفرق بين الآل والأئمة (عليهم السلام)، وله روايات نافعة في الأحكام وفي أحوال الرضا (عليه السلام) مذكورة في كتب الفروع والأصول كما له رواية مفصلة حاكية لبيانات من الرضا (عليه السلام) في فضل أهل البيت (عليهم السلام) أذعن بها المأمون والحاضرون في مجلسه من علماء أهل العراق وخراسان. أنظر ترجمته في: تنقيح المقال للعلامة المامقاني: ج 1 ص 436 ترجمة رقم: 4183.

(2) مرو الشاهجان: هي أشهر مدن خراسان، وقصبتها وهي العظمى، بينها وبين نيسابور سبعون فرسخا، وإلى سرخس ثلاثون فرسخا، وبها نهر الرزيق والشاهجان، وهما نهران كبيران يخترقان شوارعها، ومنها يسقي أكثر ضياعها. مراصد الاطلاع: ج 3 ص 1262.

(3) قد جاء في الأخبار أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام)، راجع: شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي: ج 2 ص 155 - 157 ح 782 - 783، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ب 30 ص 104، غاية المرام للبحراني: ب 51 و52 ص 351.

(4) حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة وقد أخرجه علماء السنة في كتبهم من الصحاح والسنن منها: مسند أحمد بن حنبل: ج 3 ص 14 و17، صحيح مسلم: ج 4 ص 1874 ح 37، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ب 4 ص 30، فرائد السمطين: ج 2 ص 142 ح 436 - 441، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص 149 و228، بحار الأنوار للمجلسي: ج 23 ص 108 ح 11 و12 وص 134 ح 72، وص 147 ح 109.

(5) فقد روي أن هذه الآية الشريفة نزلت في أهل البيت (عليهم السلام) وأنهم هم المحسودون، كما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير هذه الآية أنه قال: نحن الناس المحسودون والله. راجع: ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ب 59 ص 298، الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي: ص 152، نور الأبصار للشبلنجي: ص 102 ط السعيدية وص 124 نشر دار الفكر، شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي: ج 1 ص 183 - 185 ح 195 - 198، مناقب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) لابن المغازلي الشافعي: ص 267 ح 314، الغدير للأميني: ج 3 ص 61.

(6) فقد ذكر المفسرون وغيرهم أن المراد ب‍ (أولي الأمر) هم علي (عليه السلام) والأئمة من ولده. راجع: شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي: ج 1 ص 189 ح 202 - 203، التفسير الكبير للرازي: ج 10 ص 144، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ص 134 و137 ط الحيدرية وص 114 و117 ط إسلامبول، فرائد السمطين: ج 1 ص 314 ح 250، إحقاق الحق للتستري: ج 3 ص 424.

(7) فقد روي أنه لما نزلت هذه الآية جمع النبي (صلى الله عليه وآله) عشيرته وكانوا أربعين رجلا ووضع لهم طعاما وبعد أن فرغوا قال لهم (صلى الله عليه وآله): يا بني هاشم من منكم يؤازرني على أمري هذا؟ فلم يجبه أحد فقال علي (عليه السلام): أنا يا رسول الله أؤازرك، قالها ثلاثا، وفي كل مرة يجيب علي أنا يا رسول الله فأخذ برقبته وقال: أنت وصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا. وهذا الحديث من الأحاديث المتواترة فقد رواه جل الحفاظ والعلماء. راجع: شواهد التنزيل للحسكاني: ج 1 ص 485 ح 514 و580، ترجمة الإمام علي ابن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي: ج 1 ص 97 - 105 ح 133 - 140، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 13 ص 210 و244، تاريخ الطبري: ج 2 ص 319 - 321.

(8) فقد أجمع الجمهور على أن هذه الآية الشريفة نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وذلك لما أراد المباهلة مع نصارى نجران.

راجع: شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي: ج 1 ص 155 - 166 ح 168 - 176، المستدرك للحاكم: ج 3 ص 150، أسباب النزول للواحدي: ص 58 - 59، صحيح مسلم: ج 4 ص 1871 ح 32، سنن الترمذي: ج 5 ص 210 ح 2999، إحقاق الحق للتستري: ج 3 ص 46 - 62.

(9) راجع: مجمع الزوائد: ج 7 ص 110، فضائل الصحابة لابن حنبل: ج 2 ص 571 ح 966 وص 593 ح 1008، الكتاب المصنف لابن أبي شيبة: ج 12 ص 85 ح 12186، المطالب العلية لابن حجر: ج 4 ص 56 ح 3949.

(10) راجع: المستدرك للحاكم: ج 3 ص 125، كفاية الطالب للكنجي الشافعي: ص 203، ينابيع المودة للقندوزي: ص 87، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي: ج 1 ص 279 ح 324، إحقاق الحق: ج 5 ص 546 - 585، الغدير للأميني: ج 3 ص 202.

(11) راجع: صحيح البخاري: ج 5 ص 24، صحيح مسلم: ب من فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ج 4 ص 1870 ح 30، سنن الترمذي: ج 5 ص 596 ح 3724 وص 598 ح 3730، مسند أحمد بن حنبل: ج 1 ص 179 وج 3 ص 32، المستدرك للحاكم: ج 3 ص 109، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من تاريخ دمشق لابن عساكر: ج 1 ص 125 ح 150 وغيرها الكثير.

(12) راجع: ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ب 17 ص 87 - 88.

(13) راجع: المستدرك للحاكم: ج 3 ص 127، مجمع الزوائد: ج 9 ص 114، المعجم الكبير للطبراني: ج 11 ص 65 - 66، تاريخ بغداد: ج 4 ص 348، كنز العمال: ج 11 ص 614 ح 32979، ذخائر العقبى: ص 77، وقد أفردت لهذا الحديث كتب مستقلة، مثل كتاب فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي للمغربي.

(14) راجع: الدر المنثور للسيوطي: ج 5 ص 273 في تفسير قوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: 26] ، شواهد التنزيل للحسكاني: ج 1 ص 438 - 442 ح 467 - 473، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ص 49 و140 ط الحيدرية وص 119 ط إسلامبول، إحقاق الحق للتستري: ج 3 ص 549، فضائل الخمسة من الصحاح الستة: ج 3 ص 136 وغيرها.

(15) فقد روى الجمهور أن هذه الآية نزلت في قربى النبي (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). راجع: شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي: ج 2 ص 189 - 211 ح 822 - 844، الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي: ص 169، كفاية الطالب للكنجي الشافعي: ص 91 و 93 و313 ط الفارابي وص 31 و32 و175 و178 ط الغري، التفسير الكبير للرازي: ج 27 ص 166، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ص 106 و194 و261 ط إسلامبول وص 123 و229 و311 ط الحيدرية، فرائد السمطين: ج 1 ص 20 وج 2 ص 13 ح 359، إحقاق الحق للتستري: ج 3 ص 2 - 22.

(16) هكذا في الأصل.

(17) راجع: صحيح البخاري كتاب التفسير ب قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ } [الأحزاب: 56] ج 6 ص 151، صحيح مسلم كتاب الصلاة ب الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله): ج 1 ص 305 ح 65 و66، الصواعق المحرقة لابن حجر: ص 146، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ص 295 ط إسلامبول وص 354 ط الحيدرية، فرائد السمطين ج 1 ص 31 - 34 ح 9، وغيرها الكثير.

(18) راجع: نظم درر السمطين: ص 94، تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ج 4 ص 22، الدر المنثور للسيوطي: ج 7 ص 120، ينابيع المودة للقندوزي: ب 29 ص 295.

(19) فقد روي أن المقصود من (ذي القربى) هم: أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). راجع: شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي: ج 1 ص 285 - 289 ح 292 - 298، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ص 50 ط الحيدرية وص 45 ط إسلامبول، جامع البيان للطبري: ج 10 ص 5.

(20) نزول هذه الآية في أمير المؤمنين (عليه السلام) مما اتفق عليه المفسرون والمحدثون. راجع: شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي: ج 1 ص 209 - 239 ح 216 - 240، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي: ج 2 ص 409 ح 915 و916، كفاية الطالب للكنجي الشافعي: ص 228 و250 و251 ط الفارابي وص 106 و122 و123 ط الغري، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ص 115 ط إسلامبول وص 135 ط الحيدرية، التفسير الكبير للرازي: ج 12 ص 20 و26، إحقاق الحق: ج 2 ص 399، الغدير للأميني: ج 2 ص 52 وج 3 ص 156، وغيرها الكثير.

(21) فقد روى الجمهور أن هذه الآية نزلت في أهل البيت (عليهم السلام). راجع: شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي: ج 1 ص 432 - 437 ح 459 - 466، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: ص 51 و140 ط الحيدرية وص 46 و119 ط إسلامبول، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ج 11 ص 272، جامع البيان للطبري: ج 14 ص 75، تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ج 2 ص 591، روح المعاني للآلوسي: ج 14 ص 147، إحقاق الحق للتستري: ج 3 ص 482.

(22) راجع: الدر المنثور للسيوطي: ج 8 ص 209.

(23) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) للصدوق: ج 2 ص 207 - 217 ب 23.

 

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.