أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-12-2019
763
التاريخ: 24-03-2015
1149
التاريخ: 15-12-2019
31307
التاريخ: 23-03-2015
2362
|
كان محمد عبده يختلف مع جمال الدين في طريقه الإصلاح، فبينما الأول يريد أن تقفز الأمة قفزًا، وتتمتع بالشورى والحرية على يد مجلس نيابي يشرع لها القوانين, وتكون الحكومة مسئولة أمامه، كما تكفل في ظله حرية الفرد الشخصية؛ إذ بمحمد عبده وأصحابه يرون أن الإصلاح لا ينتج إلّا إذا تربت الأمة وتعلم أبناؤها كيف يحكمون أنفسهم بأنفسهم, وأن يسير الإصلاح تدريجًا في كل ناحية، حتى في العادات، "وإنما الحكمة أن تحفظ لها عوائدها الكلية المقررة في عقول أفرادها, ثم يطلب بعض التحسينات فيها لا تبعد منها بالمرة, فإذا اعتادوها طلب منهم ما هو أرقى بالتدريج حتى لا يمضي زمن طويل إلّا وقد انخلعوا عن عاداتهم وأفكارهم المنحطة إلى ما هو أرقى وأعلى من حيث لا يشعرون(1).
وكان يرى أن الشرق إنما ينهض على يد مستبد عادلٍ يحكمه خمس عشرة سنة, يصنع فيها ما لا يصنع العقل وحده في خمسة عشر قرنًا, مستبد يكره المتناكرين على التعارف، ويلجئ الأهل إلى التراحم، ويقهر الجيران على التناصف، ويحمل الناس على رأيه في منافعهم بالرهبة، إن لم يجملوا أنفسهم على ما فيه سعادتهم بالرغبة، عادل لا يخطو خطوة إلّا ونظرته الأولى إلى شعبه الذي يحكمه, وإن هذا رأي رياض باشا.
وانقسمت الأمة فريقين، فريق النهضة السريعة والإصلاح العاجل, ويتزعمه شريف باشا, وهو كما صوره محمد عبده "من أقوى عوامل النهضة التي انقلبت إلى فتنة" في رأيه، ومن ألسنة هذا الفريق وأسلحته البتارة أديب إسحق، وفريق يود النهضة البطيئة المتدرجة, ويتزعمه رياض باشا, ويناصره في رأيه محمد عبده(2).
(1/290)
ولما قامت الثورة على يد العسكريين, وتزعم عرابي مطالب الذين يريدون المجلس النيابي، وانضم إليه كثير من زعماء الأمة, وفي مقدمتهم سلطان باشا، وعبد الله نديم، وامتزجت مطالب الجنود بمطالب الأهالي، وطلب العدالة بين الضباط بطلب الحكم النيابي بإلغاء الاستبداد، لم يكن محمد عبده من المحبين لهذه الثورة أو العاملين فيها؛ لأنه كان يكره عرابي باشا، ويعتقد أنه شهم في الكلام, ضعيف في الحرب، أليق به أن يكون واعظًا للعوام من أن يكون زعيم أمة، ويقول فيه: "كان أحمد عرابي ينظر إلى رؤسائه من الجراكسة نظر العدو إلى عدوه، وكان يحتقرهم في نفسه لاعتقاده إنهم دونه في المعرفة، ويرى أنه أحق منهم بالرتب العالية التي كانوا يتمتعون براتبها ونفاذ الكلمة فيها، وربما لم يكن مخطئًا في الكثير منهم، وكان أجرأ إخوانه على القول وأقدرهم على إقامة الحجة" ونسي محمد عبده أن عرابي كان يبادل هؤلاء الجراكسة احتقار باحتقار، لأنهم كانوا ينظرون إلى المصريين دونهم في كل شيء, وحرمهم المناصب العالية، وأنهم السادة وهم الخدم.
وكذلك كان مناوئًا للثورة في أول الأمر, ويعترف بذلك صراحة فيقول: "كنت معروفًا بمناوأة الفتنة واستهجان ذلك الشغب العسكري، وتسوئة رأي الطالبين لتشكيل مجلس النواب على ذلك الوجه، وبتلك الوسائل الحمقى.. مررت ببيت "طلبة" ثالث يوم عيد الفطر فسمعة جلبة، ورأيت بعضًا من صغار الضباط يجولون من جانبٍ إلى آخر من البيت, فدخلت للزيارة فوجدت عرابي، وجمعًا غفيرًا من الضباط، ووجدت معهم أحد أستاذة المدرسة الحربية، فجلست واستمر الحديث في وجهته، وكان موضوعه: الاستبداد والحرية وتقييد الحكومة بمجلس النواب، وأن لا سبيل للأمن على الأرواح والأموال إلّا بتحويل الحكومة إلى مقيدة دستورية, فأخذت طرفًا من البحث، فأقمنا على الجدل ثلاث ساعات، كان عرابي والأستاذ في طرف والكاتب في طرفٍ وهما يقولان: إن الوقت قد حان للتخلص من الاستبداد، وتقرير حكومة شورية، والكاتب يقول: علينا أن نهتم الآن بالتربية والتعليم بعض سنين, وليس من اللائق أن نفاجئ البلاد بأمر قبل أن
(1/291)
نستعد له، فيكون من قبيل تسليم المال للناشئ قبل بلوغ سن الرشد يفسد المال، ويفضي إلى التهلكة"(3).
فأنت تراه يسمي الثورة فتنةً وشغبًا عسكريًّا، ووسائل حمقى، ويعارض في قيام حكومة دستورية، ويرى أن الأمة غير مستعدة للحياة النيابية في ذلك الحين.
لم يكن محمد عبده مشايعًا للثورة في أول الأمر؛ لأنه لم يكن معتقدًا بها ولا في صلاح الأمة لأن تتولى أمورها بيدها، وأخذ يناهضها ويقول: "ليس من الحكمة أن تعطي الرعية ما لم تستعد له، فذلك بمثابة تمكين القاصر في التصرف بماله قبل بلوغه سن الرشد وكمال التربية المؤهلة والمعدة للتصرف المفيد" ويقول مرة أخرى، وكأنه كان يتكلم بلسان القدر: "إن الأمة لو كانت مستعدة لمشاركة الحكومة في إدارة شئونها لما كان لطلب ذلك بالقوة العسكرية معنًى، فما يطالب به رؤساء العسكرية الآن غير مشروع؛ لأنه ليس تصويرًا لاستعداد الأمة ومطلبها، ويخشى أن يجر هذا الشغب على البلاد احتلالًا أجنبيًّا يسجل على مسببه اللعنة إلى اليوم القيامة"(4).
ولم يكن محمد عبده من الموالين لتوفيق باشا حتى يُتَّهَمَ بأنه ناهض الثورة من أجله، ولكنه كان مستقل الرأي، وبعد مدةٍ لم يستطع أن يقف مسلوب اليد والأمة كلها في صف واحد، وهو وفئة قليلة في صف، ورأى المسألة تتعلق بكرامة الأمة, بعد أن تدخل المواثيق ويحرر بيانات الثورة للشعب وللدولة، ويحض قومه للتجنيد ويحمسهم للقتال، ولا يدخر في سبيل ذلك وسعًا، وكان يستعين بالوقائع "وهي الجريدة الرسمية" على نشر أفكار الثورة(5), وصار يرى أن مصر أصحبت صالحةً لحكم نفسها بنفسها, وأن الثورة قد علَّمت الناس الاتجاه نحو المنافع العامة, فلم يعودوا في حاجة إلى تربية وتعليم".
(1/292)
وأخيرًا أخفقت الثورة وسجن محمد عبده مائة يوم، وحُقِّقَ معه, وحكم عليه بالنفي, فاتخذ بيروت ملجأً(6).
__________
(1) من مقالة الأستاذ الإمام تحت عنوان "خطأ العقلاء". انظر تاريخ الأستاذ الإمام, ج2 ص123.
(2) كتب محمد عبده مقالات في الشورى, وقد كانت من وحي جمال الدين, ولم يكن مؤمنًا بها, بل كان يرى أن تنشأ أولَا المجالس البلدية, ثم بعد سنتين تأتي مجالس الإدارة لا على أن تكون آلات تدار, بل على أن تكون مصادر للآراء والأفكار, ثم تتبعها بعد ذلك المجالس النيابية.
(3) مذكرات محمد عبده عن الثورة العرابية وتاريخه, رشيد رضا ج1 ص217.
(4) المنار ج7 ص412 وما بعدها.
(5) المنار ج8 ص416.
(6) تاريخ محمد عبده جـ2 ص217
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|