أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-7-2019
695
التاريخ: 8-6-2017
5467
التاريخ: 12-6-2017
3650
التاريخ: 13-6-2017
1813
|
تاريخ وتطور علم زراعة الأنسجة
History and development of tissue culture
شهدت السنوات الأخيرة الماضية اهتماما بالغا بزراعة الأنسجة النباتية، حيث أنها تعتبر من الوسائل التي ساهمت بشكل جذري في تطور المحاصيل الزراعية بأنواعها المختلفة ولا يخفى ما لهذا من تأثيره على النمو الاقتصادي للبلاد. ولا تقتصر أهمية زراعة الأنسجة النباتية علي هذا فقط بل تمتد الى أنها تعتبر الوسيلة الفريدة التي لم تكن في متناول العلماء من قبل لدراسة فسيولوجي النبات والتطور البيولوجي للكائن النباتي الحي من صورة بسيطة الي صور متراكبة معقدة البناء ولكنها متوافقة الوظائف. تزداد أهمية هذا العلم مع التطور التكنولوجي وبخاصة الثورة العلمية الهائلة في مجال الهندسة الوراثية التي تشمل التعرف الدقيق والمحدد علي الجينات الوراثية التي تحكم سلوك وصفات الكائن الحي في مراحل تطوره المختلفة، وما يتلو هذا من محاولة تعديل التركيب الجيني ليتوافق مع البيئة التي تعيش فيها ولتتوائم مع رغبات الشعوب، قبل أن نسترسل في هذا المجال وعرفانا بالمجهود البارز الذي بذلة علماء عديدون في مجالات متعددة ساهمت في وضع المعالم الأساسية لعلم زراعة الأنسجة النباتية فأننا ننتهز هذه الفرصة لإبراز هذا الدور الفعال الذي لو لم يبذل لما وصلت الينا هذه المعرفة بشكلها الحالي.
ظهرت الملامح الأولي لهذا العلم عندما عبر (1839) Schwann عن مفهومة النظري لخلية الكائن الحي الذي يحتوي تراكيب خلوية معقدة، غير أن اعتقاده بان كل خلية تملك القدرة على تكوين كائن حي كامل كان يعتبر مفهوما حديثا وغير معروف لدى العلماء في ذاك الوقت. كان هذا المفهوم بمثابة انطلاقة عملاقة في السنوات التالية لفهم القدرة الكامنة للخلية، والآن يعتبر الأساس الذي بني عليه علم زراعة الأنسجة النباتية. قام العالم الالماني (1902) Haberlandt لأول مرة بمحاولة إثبات أن الخلية النباتية لها قدرة علي تكوين كائن حي جديد، استخدم في تجاربة خلايا منفصلة وأجرى زراعتها في محلول مغذ ذات بسيط التركيب بالرغم من عدم نجاح هذه التجربة وفشل الخلايا في الانقسام في البيئة المغذية، إلا أن هذا العالم لم يفقد اعتقاده بقدرة الخلايا على الانقسام وتكوين كائن حي متكامل .. ذكر Haberlandt أن على العلماء في المستقبل محاولة تحديد الظروف المناسبة اللازمة لانقسام الخلايا في بيئة مغذية. بالرغم من الفشل في التجربة الأولى لزراعة الخلية، غير أن التجارب في هذا المجال استمرت لعدة سنوات في نفس المعمل، هذه السنوات شهدت تقدما بسيطا تضمن امكانية اطالة فترة حيوية الخلية في المحلول المغذي، واستطالة الخلية في هذا المحلول. وبقيت مشكلة انقسام الخلية لم تحسم بعد .. اقترح Haberlandt اجراء تجربة تجرى فيها زراعة خلايا نباتية مع حبوب لقاح ذات أنابيب لقاحية فيما يسمى بالنقطة المعلقة واشار الى ان الانابيب اللقاحية قد تنشط انقسام الخلايا المصاحبة. ولقد عبر هذا العالم عن اعتقاده بأهمية استخدام السائل المغذي الموجود بالكيس الجنيني لتنشيط الانقسام الخلوي, كمثال لعبقرية Haberlandt توقعه الحصول علي جنين نباتي من خلال منزرعة في بيئة مغذية. تعتبر هذه الفترة هي المرحلة الخصبة التي تم فيها وضع الاساس النظري لمفهوم جديد خاص بسلوك وقدرات الخلية النباتية. للأسف تلي هذه الفترة مرحلة خمول استمرت حوالي 30 سنه لم يتم فيها انجاز تجارب عملية لأثبات المفهوم الجديد للخلية النباتية.
مع أوائل القرن العشرين سجلت بعض المحاولات الغير ناجحة لزراعة الخلايا النباتية، تغير فيها اسلوب التجريب العملي عندما حاول اثنان من العلماء أحدهما تلميذ العالمHaberlandt من استخدام نسيج نباتي كامل بدلا من خلايا منفصلة وكان نتيجة لهذا أن لاحظ (1922) Kotte (1922) , Robbins استمرار نمو القمم النباتية بجذور النباتات عند زراعتها في محلول مغدي يحتوي عناصر غير عضوية و كربوهيدرات في صورة جلوكوز للأسف فان نمو هذه الجذور لم يستمر لفترة طويلة بالرغم من تكرار نقلها الى بيئة حديثة التحضير. هذا يوضح أن محتوى البيئة التغذية من العناصر المختلفة لم يكن كافيا لاستمرار نمو الجذور النباتية، وأنها تحتاج الى بيئة أكثر تعقيدا.. كانت المحصلة الناتجة من هذه التجارب تبين أهمية تجنب التلوث بالكائنات الحية الدقيقة للبيئة المغذية, حيث أنها تتكاثر بسرعة فائقة تفوق معدل نمو النسيج النباتي.. كما أنها تفرز بعض المواد السامة التي تؤثر بدورها في نمو النسيج النباتي. تعتبر هذه المرحلة خطوة هامة مهدت لأول تجربة ناجحة لزراعة نسيج نباتي، والتي قام بها العالم الانجليزي (1934) White عندما أثبت الفدرة الغير محدودة لنمو القمم النامية لجذور نباتات الطماطم اذا ما زرعت في بيئة مغذية تحتوي على املاح يسر عضوية، مستخلص الخميرة، سكروز.. وبعد فترة وجيزة اتضح انه يمكن استعمال مستخلص الخميرة بجموعة فيتامين ب (ثيامين، بيريد كسين ، حمض النيكوتين).
وقد أشار White إلى أن الصعوبات التي أعاقت لواء المحاولات السابقة لزراعة نسيج نباتي على بينة مغذية ترجع الى سببين أساسين هما
- عدم دقة اختبار الجزء النباتي المناسب للزراعة حيث أنه كان يستخدم خلايا منفصلة من نسيج منكشف وقد ثبت علميا أن مثل هذه الخلايا يصعب استخدامها في تجارب زراعة الأنسجة لضعف استجابتها.
- عدم توفر المعرفة الكافية لمتطلبات النسيج النباتي وبالتالي عدم إمكانية توفير بيئة مغذية مناسبة لنمو الجزء النباتي المنزرع بما يحتاجه من عناصر مغذية وغيرها. مع النجاح في زراعة القمم النامية لجذور نبات الطماطم أصبحت المشكلة الحاسمة هي كيفية ايجاد البيئة المناسبة لإمداد النسيج أو العضو النباتي المنزرع باحتياجاته اللازمة لاستمرار نموه. هنا يلزم التوقف للتمييز بين زراعة العضو النباتي وزراعة النسيج النباتي ففي حالة زراعة الجذور النباتية فان هذا يعتبر مثالا لزراعة عضو نباتي حيث أن هذا العضو يحتفظ بصفاته المورفولوجية والتشريحية المميزة له. ويمكن القول أنه في المراحل الأولى لزراعة هذا العضو النباتي فان الحالة الفسيولوجية تكون مشابهة لمثيلتها في الجذور الموجودة على النبات الأصلي "الام" في الطبيعة. وقد يحدث بعض التعديلات البسيطة في التركيب التشريحي والحالة الفسيولوجية للجذور المنزرعة. ويطلق مصطلح زراعة النسيج النباتي على اي جزء نباتي يحوي عديد من الخلايا على بيئة مغذية سواء سائلة أو صلبة وفي هذا النظام فان الخلايا تبقى متصلة بعضها بالأخر من خلال قنوات سيتوبلازمية. في نفس العام الذي أثبت فيه White امكانية زراعة جذور نباتات الطماطم في بيئة مغذية أثبت العالم Gautheret المقدرة على زراعة نسيج الكامبيوم في بيئة مغذية تحتوى على محلول مغذي (Knop) + جلوكوز + سيستين هيدروكلوريد.. مع اكتشاف الأهمية العظمى لمجموعة فيتامين ب لنمو الجذور في بيئة مغذية وكذا مع التعرف على أهمية الأكسين الذي كان مكتشف حديثا بواسطة العلماء (1937) Went & Thimann فقد أمكن للعالم (1938 ,1937) Gautheret من اضافة هذه المواد الى البيئة المغذية وتبين أن هذه المواد لها أهمية كبيرة في زيادة نمو النسيج المنزرع.
تقريبا في نفس الوقت سجل (1939,1937) Nobecourt النجاح في زراعة جذور الجزر على بينة مغذية، وعندما أضاف (1939) Gautheret جلوكوز، فيتامين ب (الثيامين)، سيستين هيدروكلوريد وحمض الأندول الى البيئة المغذية التي استعملها Notecourt تبينت مقدرة جذور الجزر علي تكوين کالس قابل للنمو الغير محدود ولقد قام Gautheret بتقديم هذه الأبحاث أمام أكاديمية العلوم الفرنسية وقد عقب White علي هذه الأبحاث بقوله أنها قد أثبتت بما لاشك فيه النجاح في زراعة الأنسجة النباتية ومقدرة الخلايا النباتية على اعطاء خلايا غير متكشفة وعلي النمو الغير نهائي. هذا النمو أطلق علبة كالس وهو ناتج من انقسام الخلايا النباتية في شكل غير منتظم (عشوائي) .. هذا الكالس يحتوي على خلايا مركزية مرستيمية نشطة. ولقد أثبت أيضا أن قطع نباتية من ساق نبات الدخان لها المقدرة علي النمو على بيئة مغذية تحتوي نسبة من الاجار، وقام (1939) White بنقل هذه الأجزاء المنزرعة على بينة جديدة وأشار الى استمرار نمو النسيج المنزرع. بعد المحاولات الناجحة التي قام بها كلا من العلماء البارزين Nobecoun , Gautheret , White نشأ علم زراعة الأنسجة النباتية وتعرف العلماء على الطريقة البسيطة لزراعة النسيج النباتي على بيئة مغذية، وكان نتيجة لهذا أن اندفع العلماء الى هذه الوسيلة الفريدة لدراسة الظواهر المختلفة بالنبات، ولهذا ازداد عدد الأنواع النباتية التي اجرى استخدامها في زراعة الأنسجة النباتية غير أنه نظرا لظروف الحرب العالمية وقلة الاهتمام بالبحث العلمي في ذلك الوقت فانه لم تحدث أي اضافات علمية جديده في الفترة ما بين 1939-1945 وقد استمر هذا الخمود حتى أوائل الخمسينات.
مع الاهتمام بهذه الطريقة الحديثة لدراسة الخلايا والأنسجة النباتية والعلاقة بين الخلايا المختلفة داخل النسيج الواحد، حاول العلماء التعرف بدقة على احتياجات هذه الأنسجة من المواد التي تؤثر على نجاح النمو في بيئة مغذية وهذا دفع العلماء (1941) .Van Overbeek et al الى استخدام لبن جوز الهند الذي له أهمية كبرى في تغذية الجنين بإضافته الى البيئة المغذية التي اجري عليها زراعة جنين من نباتات الداتورا . ولقد ظهر أهمية هذا المكون في نمو الجنين المنزرع على بيئة مغذية.
وفي تجارب لاحقة أثبت (1948) Caplin & Steward أن لبن جوز الهند له تأثير منشط على نمو نسيج منفصل من جذور نبات الجزر .. ومن التجارب الهامة التي أجراها كل من العلماء السابقين تلك الخاصة باستخدام لبن جوز الهند مع اضافة الاكسين الى البيئة المغذية. مع استخدام هذه التركيبة الفريدة أمكن حث الخلايا على الانقسام في بيئة مغذية مع العلم بان هذه الخلايا كان قد صعب تنشيط انقسامها في تجارب سابقة ومن الجدير بالذكر هنا أن التجارب السابقة اعطت معلومات قوية على وجود بعض العوامل التي تؤثر على النسيج النباتي المنزرع على بينة مغذية وهذا أدى لاكتشاف مزيد من المواد المنشطة للنمو.
ومن الجدير بالذكر أن العالم Stewards من جامعة كورنيل بأمريكا قد ساهم بشكل فعال في تطوير علم زراعة الأنسجة النباتية وذلك من خلال تطوير بعض الطرق المستخدمة في اجراء الزراعة ودراسة العوامل المغذية ونمو وتكشف الاعضاء النباتية من النسيج المنزرع على بيئة مغذية.
تاريخ تطور علم زراعة الأنسجة النباتية
اكتشف العالمان (1948) Skoog & Tsui امكانية الحصول على نموات خضرية من زراعة أجزاء نباتيه من نبات الدخان أو من الكالس المتكون على بينة مغذية، ولقد أشار العلماء الى المقدرة على التحكم في هذا النمو بواسطة التغيير في بعض المكونات الكيميائية للبيئة المغذية خلال التجارب البحثية لدراسة العوامل التي تؤثر على انقسام الخلايا النباتية أوضح العالم (1954) Skoog، ان زراعة الكالس المتكون سابقا على أجزاء مزرعة من سويقة نبات الدجان علی بيئة تحتوي اكسين لم تحقق نجاح في استمرار نمو الكالس وقال أن المسافة عينة سابق تحضيرها من مادة ال DNA داي اوكسي ريمو نيوكليك اسيد الى البيئة المغذية قد ساهمت بشكل فعال في تنشيط انقسام الخلايا. والمدهش اشار نفس العالم الى ان مادة DNA المحضرة حديثا لم يكن لها تأثير فعال على انقسام الخلايا المنزرعة.. اوضح العالم Skoog ان مادة ال DNA نفسها ليس لها تأثير على انقسام الخلايا ولكن بعض المواد الناتجة من تحلل مادة DNA بواسطة التعقيم تحت ضغط ادت الى تنشيط انقسام الخلايا، وفي مرحلة لاحقة امكن فصل وتعريف هذا العامل واطلق عليه كينتين امكن الحصول على عامل مشابه في تأثيره على الخلية وهو امينو بجورين وباستخدامه في البيئة المغذية وجد انه ينشط انقسام الخلايا.. واطلق اسم سيتوكينين على هذه المجموعة التي تحتوي مركبات امينو ببورين والتي لها اثر فعال على انقسام الخلية ولها تأثير فسيولوجي مشابه لمادة الكينتين. في مرحلة لاحقة تم اكتشاف ان مادة الزانين وبعض مركبات السيتوكينين هي في الواقع هرمونات تنتج طبيعيا. مهد اكتشاف هذه المركبات الطريق الى العلماء Skoog & Milkr في ثبات انه يمكن التحكم في شكل النمو الناتج من الكالس المنزوع على بيئة مغذية وتوجيهه اما الى نموات جذرية او نموات خضرية بواسطة تعديل نسبة الأكسين الى السيتوكينين في البيئة المغذية.. وبهذا اتضح انه يمكن تنشط نمو الجذور على الكالس المنزرعة بواسطة تقليل نسبة الى الكينتين الى الاكسين، غير أن زيادة هذه النسبة تؤدي الى تنشيط تكون البراعم التي بدورها تعطى نموات خضرية، بهذا الاكتشاف العظيم توفر للعلماء وسيلة حديثة لدراسة المراحل التطورية المختلفة التي مر بها النبات، وكذلك امكن انتاج نباتات عديدة من الكالس النباتي المتكون على بينة مغذية صناعية. ومن الجدير بالذكر أنه في مراحل مبكرة لزراعة الكالس على بينة مغذية لوحظ تطور خلايا قريبة الشبة من خلايا اللحاء والخشب، وكان من التجارب المبدعة في هذا المجال ما قام به العلماء (1963) Wetmore & Rier من اثبات امكانية تنشيط تكون خلايا الخشب واللحاء في الكالس المنزرع على بينة مغذية .. أمكن التحكم في نسبة اللحاء الى الخشب المتكون من خلايا الكالس بواسطة تعديل نسمة الاكسين الي السكروز المضاف الى المبيئة المغذية.
بهذا يتضح جليا أن الكالس المنزرع على بيئة مغذية يستجيب بنفس السلوك المعقد في النباتات الراقية كما يصبح واضحا أن تأثير المواد المنظمة للنمو سواء تنتج داخليا بواسطة الخلايا أو تضاف الى البيئة المغذية على تكوين النموات الجذرية، النموات الخضرية أو التشكل وتكون الأعضاء النباتية على الكالس الناتج على بينة مغذية. أعطى قيمة عالية لزراعة الأنسجة النباتية كوسيله لدراسة التطور والتشكل من الناحية البيولوجية.
زراعة الكالس على بينة مغذية ساهمت بصورة كبيرة في تسهيل الدراستات البيولوجية للخلايا السرطانية التي هي عباره عن مجموعة من الخلايا التي لها نشاط ملحوظ وكبير في الانقسام المتتالي الذي يعزو للنشاط الداخلي لمثل هذه الخلايا وليس للنبات أي شكل من التحكم فيها، نتيجة لهذا الانقسام المتتالي بتكون على النبات ما يسمي بالتورم .. يرجع أسباب حدوث هذا النشاط العالي في الانقسام الخلوي الي عامل وراثي بداخل الخلية أو نتيجة للإصابة الفيروسية أو البكتيرية. يمكن فصل هذه الخلايا المكونة للتورم وزراعتها على بينة مغذية لا تحتوي اكسين أو سیتوکینین، ونظرا لمقدرة هذه الخلايا على استمرار النمو على بيئة مغذية في غياب الاكسين والسيتوكينين فأنها تعتبر مادة نباتية مميزة لدراسة كيفية انتاج وعمل هذه المواد المنظمة للنمو داخليا، وبطريقة عكسية فانه يمكن تحويل الخلية الغير سرطانية الي خلية سرطانية بواسطة زراعتها في بينة مغذية والامداد بمنظمات النمو (الاكسين، السيتوكينين) وفي مثل هذه الحالة يتحول اعتماد الخلية على منظمات النمو المضافة الي البيئة المغذية .. هذا النظام يسهل الدراسات الفسيولوجية والوراثية المسئولة عن تحول الخلية الى خلية سرطانية، والي هنا يتجلى أن نظرية العالم (1902) Haberland والتي اعتقد فيها أنه يمكن لخلية منفردة أن تستمر في النمو والانقسام وتكوين نبات كامل لم يتم تحقيقها بعد، بل وأنه وبالرغم من النجاح في انتاج نباتات كاملة من نسيج الكالس المنزرع على بيئة مغذية غير أنه لم يتم النجاح في زراعة الخلايا النباتية منفصلة في بيئة مغذية. ويرجع الفضل الكبير في ابتكار طريقة لزراعة الخلايا منفصلة الى العالم (1953) Muir الذي أشار الى أنه اذا اجرى نقل جزء من الكالس الي بيئة مغذية سائلة مع أجراء الاهتزاز الدوراني فانه يحدث تفتيت لقطع الكالس الى قطع صغيرة مع انفصال خلاها مستقلة في البيئة السائلة مكونة ما يسمى بالخلايا المعلقة أو المعلق الخلوي، هذه يمكن تجديدها بواسطة نقل بعضها الي بيئة مغذية سائلة حديثة التحضير. بعد حوالي سنتين من اكتشاف هذه الطريقة لأنشاء المعلق الخلوي أقر العالم (1956) Nickell أنه أمكن المحافظة على الخلايا المنزعة في سائل مغذي لمدة 4 سنوات متتالية بواسطة تجديدها بالنقل الى بيئة جديدة ولا يخفى علينا أهمية هذه الطريقة في الدراسات التي تهتم بالعوامل المؤثرة في انقسام الخلية وتمددها وتميزها. سجل (1956) Muin ملاحظة ذو أهمية خاصة عندما اشار الى تكون تجمعات خلوية ناتجة من خلية واحدة عندما قام بوضع خلايا منفصلة على قطعة من ورق الفلتر التي بدورها وضعت علي کالس نامي على بيئة مغذية، وأوضح أن هذه الخلايا تحصل علي المواد المغذية التي تحتاج اليها من البيئة المغذية بواسطة الانتشار خلال نسيج الكالس وتحصل كذلك علي بعض المواد المنشطة للانقسام الخلوي من الكالس ذاته. كذلك ظهرت طريقة زراعة الخلية فيما يسمى بالنقطة المعلقة وفيها يجري زراعة الخلايا في نقطة واحدة من البيئة المغذية وفي حيز ضيق. كما ظهر أيضا طريقة زراعة الخلايا المنفصلة في بيئة مغذية دافئة تحتوي على آجار وتوضع هذه البيئة في اطباق بترى في طبقة رقيقة (1960) Bergmann هذه الخلايا المنفصلة تنقسم وتزداد في العدد وتكون ما يسمي بالمستعمرات الخلوية. تقريبا في نفس الوقت الذي ظهر ونشأ فيه طريقة الخلايا المعلقة أثبت Steward القدرة على الحصول على نباتات من زراعة جذور نبات الجزر على بيئة مغذية، وفي معمل آخر لاحظ Reinert ظهور تركيب نباتي يشبة الجنين على الكالس المتحصل علية من جذور الجزر ونظرا لأهمية هذه الملاحظة فلقد اجريت أبحاث عديدة لدراسة تكون هذه الاجنة الناتجة من الكالس ولوحظ أنها تمر بمراحل تشابه الى حد كبير الجنين الزيجوتي والمراحل التي يمر بها هذا الجنين الكروي، القلبي، الفلقي. كان السؤال المحير هو ما اذا كان هذا الجنين ناتج من خلية واحدة فقط من خلايا الكالس أو من تطور عدد من الخلايا التي تعمل معا التشكيل الجنين!!؟ بعد التجارب العديدة أثبت أن الجنين ناتج من خلية واحدة، غير أنه أشارت الى أهمية الخلايا المحيطة بالخلية التي تتحول الي جنين حيث أعتقد أن الخلايا المحيطة تنشط وتمد الخلية الجنينية بالعوامل اللازمة لتطورها الجنيني.
مع التقدم السريع في زراعة الخلايا في معلق خلوي وامكانية الحصول علي کالس ثم أجنة من الخلايا المنفردة، تحول العلماء الى هذه الطريقة لفصل الخلايا المتطفرة من الخلايا الغير متطفرة. ولقد عرف العلماء أهمية استخدام الخلايا المتطفرة في دراسة التركيب الوراثي وعلاقته بالقدرة علي التمثيل الحيوي، هذا بالإضافة لاستخدام الطفرات الناتجة في بعض الأنواع النباتية لإنتاج الصمغيات، القلويات المواد الطبية. للأسف فان استخدام الطفرات الناتجة من خلايا ثنائية أو متضاعفة ليس لها أصل وراثي موثوق فيه حيث أن الصفات تمثل بأثنين أو أكثر من الجينات .. من أجل هذا بدأ العلماء في استخدام النباتات الأحادية التي يوجد فيها الصفات ممثلة كل بجين واحد فقط. كان الاعتقاد السائد في ذلك الوقت أن النباتات الأحادية يصعب زراعتها في بيئة مغذية صناعية سائلة أو صلبة. وأثبت العلماء (1959) Melchers & Bergmann لأول مره زراعة نسيج نباتي متحصل عليه من نبات احادي علي بيئة مغذية، وذكر العلماء أن النسيج يحتفظ بصفته الاحادية أثناء نقلة لعدة مرات ولكنة تحول الي عديد المجموعة الكروموسومية بعد فترة من الزراعة. هنا يجب الذكر أنه قبل المحاولة لزراعة نسيج نباتي متحصل علية من نبات أحادي، كانت جميع المحاولات تتركز في زراعة حبوب لقاح بعض الأشجار (1959) Tulecke وسجلت هذه المحاولات امكانية الحصول علي كالس وليس نبات احادي.
شهدت بداية الستينات الانجاز الباهر في الحصول على نباتات احادية من حبوب اللقاح بداخل غلاف المتك وأثبت العلماء (1966) Guha & Maheshwari ان الأجنة الناتجة من زراعة المتك على بيئة مغذية هي ناتجة من انقسام حبوب اللقاح وبذلك فإن هذه الاجنة والنباتات الناتجة منها تحتوي عدد احادي من الكروموسومات. تلي هذا انتاج نباتات احادية من العديد من النباتات بواسطة زراعة المتك واعتقد العلماء العاملين في هذا المجال في ذلك الوقت أن جدار المتك يوفر بعض المواد المنشطة لتحول حبوب اللقاح الي جنين، غير أن بعض العلماء حاولوا استخدام الطريقة التي أتبعها Muir في زراعة الخلايا المنفصلة على ورقة فلتر توضع علي کالس نشيط في الانقسام.. اجريت زراعة حبوب لقاح نبات الطماطم منفصلة على ورقة فلتر التي بدورها وضعت علي متك منزرع على بيت مغذية، في هذه الحالة أمكن الحصول علي کالس من انقسام حبوب اللقاح المنزرعة على ورق الفلتر. في نفس العام اكتشف (1974) Nitsch طريقة لزراعة حبوب اللقاح منفصلة في بيئة سائلة مغذية. على الرغم من الصعوبات التي واجهت النجاح في زراعة حبوب اللقاح، غير أنه أمكن استخدام هذه الطريقة بصورة فعالة الانتخاب وانتاج أنواع نباتية جديدة في بعض المحاصيل.
شهدت فترة الستينات ايضا مرحلة جديدة، واضافة هامة في زراعة الأنسجة النباتية ألا وهي نصل البروتوبلاست الخلوي من نسيج نباتي أو من معلق الخلايا النباتية وهنا يجب الاشارة الى أن البروتوبلاست هو عبارة عن الخلية النباتية التي فصل منها الجدار الخلوي الذي يحيط بها. أمكن للعالم (1960) Cooking من عزل بروتوبلاست من الجذور بواسطة أضافة أنزيم السليوليز في محلول يحتوي علي 6ر مولر سكروز وذلك للمحافظة على الضغط الأسموزي للخلايا، ولقد أثبت نفس العالم إن البروتوبلاست المنزرع على بيئة مغذية له المقدرة على تكوين جدار خلوي جديد والانقسام وتكوين نباتات كاملة. قد يتساءل البعض عن أهمية فصل البروتوبلاست من خلايا منزرعة فعلا في معلق خلوي أي خلايا منفصلة.. في واقع الأمر يعتبر البروتوبلاست وسيلة فريدة يسهل بواسطتها تقديم بعض الجزيئات الدقيقة المرغوب فيها الى الخلية، كما أن البروتوبلاست يعتبر هام في اجراء التهجين الخلوي ودمج البروتوبلاست ذو التركيب الوراثي المختلف، نتيجة لهذا ينتج خلية واحدة ذات تركيب وراثي جديد تحمل صفات كل من الخليتين المندمجتين. نتيجة لانجذاب العلماء لهذه الطريقة فلقد اجرى دمج بروتوبلاست ناتج من نباتات ذات انواع مختلفة. أجرى دمج بعض الخلايا النباتية والخلايا الحيوانية وازداد استخدام هذه الطريقة في نقل بعض مكونات الخلايا من خلية الي خلية اخري حيث اجري نقل البلاستيدات والميتوكوندريا الي بروتوبلاست خلايا أخري، كما اجري نقل الكروموسومات والأحماض النووية الي بروتوبلاست خلية منزرعة في بيئة مغذية (1979) Mastrangelo ولقد اطلق اسم هجين سيتوبلازمي أو هتروبلاست علي البروتوبلاست الذي تم نقل بعض مكونات سيتوبلازم خلية اخري اليه، كما اطلق اسم هتروکاریون علي بروتوبلاست يحتوي علي نواة خلية اخرى.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|