أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-3-2019
![]()
التاريخ: 23-4-2019
![]()
التاريخ: 19-3-2019
![]()
التاريخ: 25-6-2019
![]() |
تصنيف اللغات
قسم اللغويون الأوربيون في القرن التاسع عشر اللغات المختلفة إلى مجموعات؛ فهناك أسرة اللغات الهندية -الأوربية التي تضم عددًا كبيرًا من اللغات المنتشرة في منطقة شاسعة من الهند وإيران إلى أوربا، وهناك أسرة اللغات السامية التي تنتمي إليها اللغة العربية. وإلى جانب هاتين الأسرتين الكبيرتين هناك أسرات لغوية كثيرة أخرى، ويقوم تصنيف اللغات إلى أسرات على أساس أوجه الشبه بين هذه اللغات من الجوانب الصوتية والصرفية والنحوية والمعجمية(1). قد يحدث تغير في المكونات الصوتية يجعل لغة من اللغات تختلف في مرحلة من مراحل تطورها عن اللغة الأم التي انحدرت عنها، وهنا يحاول اللغويون تسجيل
ص120
هذا التغير في قوانين تفسر التغيير الصوتي ويطلق عليها اسم القوانين الصوتية، وقد تنمو الصيغ الصرفية وتتغير أشكالها وتنشأ من العناصر القديمة كلمات جديدة، وهنا يبحث اللغويون مدى الاتفاق والتشابه في الصيغ الصرفية بين اللغات المندرجة في أسرة لغوية واحدة، بهدف إثبات اتجاهات التغير الصرفي. ومثل هذا يقال بالنسبة للتغير الدلالي فإن دلالة الكلمات تتغير وتختلف بشكل ما في اللغات المختلفة التي خرجت عن أصل واحد مشترك وهنا تكون مقارنة الكلمات المشتركة بدلالتها المتغيرة في لغات الأسرة الواحدة موضوعًا من موضوعات البحث المقارن.
إن تصنيف اللغات إلى أسرات يعني أن اللغات المندرجة في أسرة لغوية واحدة ترجع إلى لغة واحدة هي الأصل الذي تفرعت عنه لغات الأسرة كلها، فعندما يقال بأن العربية والآرامية لغتان ساميتان فالمقصود أن اللغتين من أصل واحد، وأنهما تطورتا عن لغة واحدة هي اللغة السامية الأولى، وقد افترض العلماء وجود هذه اللغة في عصور مغرقة في القدم لتفسير انتماء اللغات العربية والآرامية والحبشية إلخ .. إلى أسرة لغوية واحدة، وعندما يذكر الباحثون أن اللغتين العربية والفارسية من أصلين مختلفين؛ العربية سامية والفارسية هندية أوربية، فالمقصود أن كليهما تطورت عن أصل مستقل وأنهما بذلك من أسرتين لغويتين مختلفتين. وتكون الفارسية مع عدد من اللغات في الهند وأوروبا أسرة لغوية كبيرة، وهي الأسرة الهندية - الأوروبية. لقد أدت الدراسة اللغوية المقارنة في القرن التاسع عشر إلى تصنيف اللغات على أساس أوجه الشبه بينها وكلما زادت أوجه الشبه بين لغتين أو أكثر عدت هذه اللغات الأكثر تشابهًا فرعًا لغويًّا في إطار الأسرة اللغوية الواحدة. وبهذا المعنى يذكر الباحثون العربية الشمالية والعربية الجنوبية واللغات السامية في الحبشة باعتبارها تكون الفرع الجنوبي من أسرة اللغات السامية لأن هذه اللغات أكثر تشابهًا، وتشترك في صفات أكثر من الصفات التي تشترك فيها مع باقي اللغات السامية. وتنقسم الأسرة الهندية - الأوربية بدورها إلى عدة أفرع، فإذا قارن أحد الباحثين اللغة الأردية باللغة الفرنسية مثلا لم يستطع أن
ص121
يتبين أوجه شبه تذكر، ولكن أوجه الشبه تتضح بمقارنة اللغات الفرنسية والإيطالية والإسبانية والرومانية. ترجع هذه اللغات إلى أصل واحد هو اللاتينية ولذا تكون هذه اللغات فرعًا واحدًا من أفرع الأسرة الهندية - الأوربية وهو الفرع الروماني. وهناك أوجه شبه كبيرة بين الإنجليزية والألمانية وغيرهما من لغات الفرع الجرماني من الأسرة الهندية - الأوربية. تتضح أوجه الشبه بصورة متزايدة كلما كانت النصوص موضع البحث قديمة. ولذا فقد أمكن عن طريق مقارنة اللغات الأقدم في كل فرع من أفرع الأسرة الهندية - الأوربية إثبات أن هذه اللغات من أصل واحد هو اللغة الهندية الأوربية الأولى، وكانت مهمة البحث بعد ذلك بيان أوجه الاختلاف بين هذه اللغات وتفسير ذلك بقوانين تاريخية(2).
يقوم علم اللغة المقارن على دراسة مجموعة من اللغات المنتمية إلى أسرة لغوية واحدة وليس المقصود بذلك القدرة على التحدث بهذه اللغات القديمة والحديثة أو القدرة على الكتابة بهذه اللغات، بل المقصود بحث هذه اللغات، فعلى الرغم من ضرورة معرفة الباحث المقارن بكل اللغات موضع المقارنة فعليه أن يبحث بنية ومعجم هذه اللغات بهدف إيضاح العلاقة التاريخية التي تربط لغات الأسرة الواحدة وأن يفسر هذه العلاقات بقوانين ثابتة مطردة، لقد أثبت تاريخ الحضارة في الشرق والغرب أن مجرد المعرفة باللغات المتشابهة والمختلفة لا يعني بالضرورة قيام بحث مقارن فيها، فلم يؤد معرفة كثير من العلماء على مدى القرون بعدة لغات إلى قيام
ص122
دراسات مقارنة بالمعنى الذي حدث في القرن التاسع عشر، ففي العصور الوسطى كان كثير من العلماء يؤلفون بلغات ويتحدثون في حياتهم اليومية بلغات أخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حول المنهج المقارن وتصنيف اللغات، انظر:
R.H Robins. A short History of linguistics. london 1967.
وقد خصص المؤلف روبنز الفصل السابع من الكتاب المذكور لبيان تطور المنهج المقارن:
Comparative and historical linguistics in the nineteenth Century.
S. potter, language in the modern world. pelican 1960. 10, p. 144-162 B.E. vidos, Handbuch der romanischen sprachwissenschaft. Munchen 1968. s. 37-56.
(2) حول ملامح واتجاهات التغير اللغوي:
H. paul, prinzipien der Sprachgeschichte. 1886, tubingen 1960.
وقد ترجم هذا الكتاب إلى الإنجليزية:
principals of the history of language. london 1890.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|