أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-1-2019
1158
التاريخ: 5-1-2019
870
التاريخ: 5-1-2019
1394
التاريخ: 3-1-2019
1891
|
الغلو لغة : الإرتفاع ومجاوزة القدر في كل شيء ، وغلا فلان في الدين والأمر يغلو غلواً : جاوز حده.
في التهذيب : وقال بعضهم غلوت في الأمر غُلُوَّاً وغلانية وغلانياً إذا جاوزت فيه الحد وأفطرت فيه.
وبهذا المعنى ورد النهى في القرآن الكريم ، قوله تعالى : {لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171] أي لا تجاوزوا الحد.
وفي الحديث : ( لا تغلوا في صداق النساء ).
وفي الحديث أيضاً : ( كونوا النمرقة الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي ) (1).
وفي الحديث أيضاً : ( حامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه ).
اصطلاحاً : هو مجاوزة الحد المعقول والمفروض ، في العقائد الدينية والواجبات الشرعية ، والغالي ـ عند الشيعة الإمامية ـ من يقول في أهل البيت : ما لا يقولون في أنفسهم كما يدعون فيهم النبوة والألوهية.
وفي الخبر : ( أن فينا أهل البيت في كل خلف عدولاً ينفون عنا تحريف الغالين ) أي الذين لهم غلو في الدين ، كالنصيرية والمبتدعة ونحوهم.
والغلاة هم الذين يغالون في علي ويجعلونه رباً ، والتخميس عندهم ـ لعنهم الله ـ وهو أن سلمان الفارسي ، والمقداد وأبا ذر وعمار وعمر بن أمية الضمري ، هم الموكلون بمصالح العالم عن علي (عليه السلام) وهو رب (2) .. قاتلهم الله.
الغلو ظاهرة غير طبيعية ناتجة من الفساد في العقيدة ، ومرد هذا الفساد إلى عدم فهم الدين والابتعاد عن حقيقة العبودية لله والإنبهار بكرامات المخلوق دون معجزات الخالق .. وهذه الظاهرة كانت في الأمم السابقة والقرآن الكريم يدلل على ذلك ـ مثلاً ـ في أمة عيسى (عليه السلام) عندما ألهوا نبيهم ، قال تعالى : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171] (3).
وقوله تعالى : {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17]. وقوله تعالى : {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 73]. وقوله تعالى : {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ } [المائدة: 75].
وقوله تعالى : {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 77].
وقال تعالى : {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 79، 80].
وآيات أخرى حذرت الناس من أن يتخذوا أنبيائهم أرباباً من دون الله سبحانه. ومع كل ذلك فما حدث في الأمم السالفة قد حدث مثله في الأمة الإسلامية.
جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال : يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض؟ أفلا نسجد لك.
قال : لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله ، ولكن اكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله (4).
قيل إن الذي سأله أبو رافع القرظي والسيد النجراني قالا : يا محمد أتريد أن نعبدك ونتخذك رباً، فقال (صلى الله عليه واله) : معاذ الله أن نعبد غير الله وأن نأمر بغير عبادة الله فما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني.
بعدما عرفنا تعريف الغلو لغة ، واصطلاحاً ، وأنه صدر من أناس ـ في الأمم السابقة ـ فتجاوزوا فيه الحد المعقول في أنبيائهم ، كالذي حدث بين اليهود لمّا ادّعوا ( عزير ابن الله ) ، وفي الخبر أن عزيراً جال في صدره ذاك المعنى الذي قالوا فيه ، فمحا الله اسمه من قائمة النبوة (5).
وأما النصارى ، فقد عرفت من الآيات المتقدمة ، أنهم أشركوا بادعائهم المسيح ابن مريم ابن الله ، تعالى الله عما يصفون ، وقد تبرأ عيسى (عليه السلام) ممن قال فيه بالربوبية فما هو إلا عبد مخلوق ورسول قد خلت من قبله الرسل.
وأما المسلمون فإنما يصدق الغلو على من يقول في النبي والأئمة بألوهيتهم أو بكونهم شركاء لله سبحانه في المعبودية أو كونهم يرزقون ويخلقون ، أو أن الله تعالى حل فيهم أو اتحد بهم ، أو أنهم يعلمون الغيب من غير وحي أو إلهام ، أو الاعتقاد بكونهم من القدم مع نفي الحدوث عنهم، أو القول في الأئمة : أنهم كانوا أنبياء ، أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض ، أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات والعبادات ولا تكليف مع تلك المعرفة أو القول بأن الله فوض إليهم أمر العباد بالتفويض المطلق وغير ذلك من العقائد التي تنقص من عظمة الخالق وقدرته وشأنه وإنزال المخلوق بمنزلته .. تعالى علواً كبيراً ، ثم القول بكل واحد من هذه خروج عن الدين وصاحبها كافر بإجماع الطائفة المحقة الاثنا عشرية كما أن الأدلة العقلية هي الأخرى تكفر أهل تلك المقالات والنحل.
وإلى جانب هذا الغلو في النبي والأئمة فإن هناك قصوراً عند بعض علماء الشيعة لما نسبوا الغلو إلى القائلين بنفي السهو والنسيان عن النبي والأئمة فهذا تفريط في حق المعصومين وانتقاص من قدرهم وحطاً من مكانتهم ...
بل واقتضى أثر القدامى بعض المعاصرين فأنكر ما لهم من معاجز وكرامات ومناقب بحيث دهب به الركبان وقد شهد لها المؤآلف والمخالف ، فهدا ابن بطوطة يشهد في رحلته ـ قبل ستمائة عام ـ ما للإمام تشملهم ، لذا قد شدوا لها الرحال من أقاصي بلاد الأعاجم وغيرها فقال : ( وأهل هذه المدينة كلهم رافضية وهذه الروضة ظهرت لها كرامات منها أن في ليلة السابع والعشرين من رجب تسمى عندهم ليلة المحيى يؤتى إلى تلك الروضة بكل مقعد من العراقين وخراسان وبلاد فارس والروم فيجتمع منهم الثلاثون والأربعون ونحو ذلك فإذا كان بعد العشاء الآخرة جعلوا فوق الضريح المقدس والناس ينتظرون قيامهم وهم ما بين مصل وذاكر وتال ومشاهد الروضة فإذا مضى من الليل نصفه أو ثلثاه أو نحو ذلك قام الجميع أصحاء من غير سوء وهم يقولون : لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله. وهذا أمر مستفيض عندهم سمعته من الثقات ولم أحضر تلك الليلة لكني رأيت بمدرسة الضياف ثلاثة من الرجال أحدهم من أرض الروم والثاني من أصبهان والثالث من خراسان وهم مقعدون فاستخبرتهم عن شأنهم فأخبروني أنهم لم يدركوا ليلة المحيى وأنهم منتظرون أوانها من عام آخر .. )
أضف إلى ذلك الأخبار المستفيضة والمتواترة عنهم : في علو منزلتهم عند الله تعالى وكراماتهم، منها قول الرسول (صلى الله عليه واله) لعلي (عليه السلام) : لولا أني أخاف أن يقال فيك ما قالت النصارى في المسيح لقلت اليوم فيك مقالة لا تمر بملأ من المسلمين إلا أخذوا تراب نعليك وفضل وضوئك يستشفون به ، ولكم حسبك أن تكون مني وأنا منك ترثني وأرثك (6).
وفي الخرائج بإسناده عن ابن أبي عمير عن علي بن الحكم عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : أتى الحسين (عليه السلام) أناس فقالوا له : يا أبا عبد الله حدثنا بفضلكم الذي جعل الله لكم فقال : إنكم لا تحتملون ولا تطيقون ، فقالوا بلى نحتمل ، قال : إن كنتم صادقين فليتنجّ اثنان وأحدّث واحداً فإن احتمله حدثكم فتنحى اثنان وحدّت واحداً فقام طائر العقل ومرّ على وجهه وكلمه صاحباه فلم يرد عيلهما شيئاً وانصرفوا (7).
وبنفس الإسناد قال : أتى رجل الحسين بن علي (عليه السلام) فقال : حدثني بفضلكم الذي جعل الله لكم ، فقال : إنك لن تطيق حمله ، قال بلى حدثني يا ابن رسول الله إني أحتمل ، فحدثه بحديث فما فرغ الحسين (عليه السلام) من حديثه حتى ابيض رأس الرجل ولحيته وأنسى الحديث فقال الحسين (عليه السلام) : أدركته رحمة الله حيث أنسى الحديث (8).
وفي الكافي بإسناده عن جابر قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن قلبه للإيمان ، فما ورد عليكم من حديث آل محمد (صلى الله عليه واله) فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد وإنما الهلاك أن يحدث أحدكم بشيء منه لا يحتمله فيقول : والله ما كان هذا والله ما كان هذا ، والإنكار هو الكفر (9).
محمد بن يعقوب بإسناده عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ذكرت التقية يوماً عند علي بن الحسين (عليه السلام) فقال : والله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله ولقد آخا رسول الله (صلى الله عليه واله) بينهما ، فما ظنّك بسائر الخلق ، إن علم العلماء صعب مستصعب ، لا يحتمله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد مؤمن امتحن قلبه للإيمان ، فقال : وإنما صار سلمان من العلماء لأنه امرء منا أهل البيت ، فلذلك نسبته إلى العلماء (10).
وقد ورد عنهم (عليهم السلام) لا تقولوا فينا رباً وقولوا ما شئتم ولن تبلغوا.
إلى غير ذلك من الأخبار والأحاديث المستفيضة المتواترة التي دلت على عظمة منزلتهم عند خالقهم فكيف سمحت لأولئك عقولهم أن يذكروا مقامهم العلي ونور فضلهم الجالي ..؟!
___________
(1) خطط الشام 5 | 251 وما بعدها.
(2) مشكاة الأنوار 57.
(3) مجمع البحرين 1 | 318 .. مادة غلا ولسان العرب 15 | 131 مادة غلا. النساء | 171.
(4) البحار 25 | 262.
(5) الكشي عن محمد بن مسعود ، قال : حدثني عبد الله بن محمد بن خالد ، عن علي بن علي بن حسان عن بعض أصحابنا رفه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ذكر عنده جعفر ابن واقد ونفر من أصحاب أبي الخطاب ، فقيل : أنه صار إلى نمرود ، وقال فيهم : هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ، قال هو الإمام ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) لا والله لا يأويني وأياه سقف بيت أبداً ، هم شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا ، والله ما صغر عظمة الله تصغيرهم شيءً قط ، أن عزيراً جال في صدره ما قالت فيه اليهود ، فمحى الله اسمه من النبوة. 2 | 590.
(6) شرف النبي (صلى الله عليه واله) ، بحار 25 | 283.
(7) الخرائج والجرائح 247 ، بحار 25 | 379.
(8) الخرائج والجرائح 247 ، بحار 25 | 379.
(9) أصول الكافي 1 | 401.
(10) الكافي 1 | 401.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|