المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9142 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



حرب الجمل  
  
3764   11:12 صباحاً   التاريخ: 10-02-2015
المؤلف : ابي الحسن علي بن عيسى الأربلي
الكتاب أو المصدر : كشف الغمة في معرفة الائمة
الجزء والصفحة : ج1,ص429-441.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-01-2015 3939
التاريخ: 29-01-2015 3250
التاريخ: 2023-02-21 4175
التاريخ: 29-01-2015 3317

حروبه في زمن خلافته (عليه السلام) و مواقفه التي تزلزلت لبأسها ثوابت الأقدام و مقاماته التي دفعته إليها الأقدار في مقاتلة بغاة الإسلام و حروبه التي أنذره بها رسول الله فعرفت من قتله إياهم مشكلات الأحكام و اشتبه الحق فيها على قوم فقعدوا عن نصرته فندموا في الدنيا على التخلف عن الإمام و إن سلموا في الأخرى من العذاب فلن يسلموا من التعنيف و الملام و ثبات جأشه الذي هو أثبت من ثبير وسطوة بأسه التي تضطرم في الحروب اضطرام السعير و أفعاله التي تشهد بها وقعة الجمل و يوم النهروان و ليلة الهرير فأنا أذكرها على عادتي في الاختصار و سبيلي في الاقتناع بجمل الأخبار.

فمن ذلك وقعة الجمل و المجتمعون لها لما رفضوا عليا (عليه السلام) و نقضوا بيعته و نكثوا عهده و غدروا به و خرجوا عليه و جمعوا الناس لقتاله مستخفين بعقد بيعته التي لزمهم فرض حكمها مسفين إلى إثارة فتنة عامة باءوا بإثمها لم ير إلا مقاتلتهم على مسارعتهم إلى نكث بيعته و مقابلتهم على الخروج عن حكم الله و لزوم طاعته و كان من الداخلين في البيعة أولا و الملتزمين لها ثم من المحرضين ثانيا على نكثها و نقضها طلحة و الزبير فأخرجا عائشة و جمعا من استجاب لهما و خرجوا إلى البصرة و نصبوا لعلي (عليه السلام) حبائل الغوائل و ألبوا عليه مطيعهم من الرامح و النابل مظهرين المطالبة بدم عثمان مع علمهم في الباطن أن عليا (عليه السلام) ليس بالآمر و لا القاتل.

ومن العجب أن عائشة حرضت الناس على قتل عثمان بالمدينة و قالت اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا فلقد أبلى سنة رسول الله و هذه ثيابه لم تبل و خرجت إلى مكة و قتل عثمان و عادت إلى بعض الطريق فسمعت بقتله و أنهم بايعوا عليا (عليه السلام) فورم أنفها و عادت و قالت لأطالبن بدمه فقيل لها يا أم المؤمنين أنت أمرت بقتله و تقولين هذا قالت لم يقتلوه إذ قلت و تركوه حتى تاب و عاد كالسبيكة من الفضة و قتلوه و خرج طلحة و الزبير من المدينة على خفية و وصلا إليها مكة و أخرجاها إلى البصرة و رحل علي (عليه السلام) من المدينة يطلبهم فلما قرب من البصرة كتب إلى طلحة و الزبير.

أما بعد فقد علمتما أني لم أرد الناس حتى أرادوني و لم أبايعهم حتى أكرهوني و أنتما ممن أرادوا بيعتي و بايعوا و لم تبايعا لسلطان غالب و لا لغرض حاضر فإن كنتما بايعتماني طائعين فتوبا إلى الله عز و جل عما أنتما عليه و إن كنتما بايعتما مكرهين فقد جعلتما السبيل عليكما بإظهاركما الطاعة و إسراركما المعصية و أنت يا زبير فارس قريش و أنت يا طلحة شيخ المهاجرين و دفعكما هذا الأمر قبل أن تدخلا فيه كان أوسع لكما من خروجكما منه بعد إقراركما به و أما قولكما إني قتلت عثمان بن عفان فبيني و بينكما من تخلف عني و عنكما من أهل المدينة ثم يلزم كل امرئ بقدر ما احتمل و هؤلاء بنو عثمان إن قتل مظلوما كما تقولان أولياؤه و أنتما رجلان من المهاجرين و قد بايعتماني و نقضتما بيعتي و أخرجتما أمكما من بيتها الذي أمرها الله أن تقر فيه و الله حسبكما و السلام.

وكتب علي (عليه السلام) إلى عائشة أما بعد فإنك خرجت من بيتك عاصية لله تعالى و لرسوله (صلى الله عليه واله) تطلبين أمرا كان عنك موضوعا ثم تزعمين أنك تريدين الإصلاح بين الناس فخبريني ما للنساء و قوة العساكر و زعمت أنك طالبة بدم عثمان و عثمان رجل من بني أمية و أنت امرأة من بني تيم بن مرة و لعمري إن الذي عرضك للبلاء و حملك على المعصية لأعظم إليك ذنبا من قتلة عثمان و ما غضبت حتى أغضبت و لا هجت حتى هيجت فاتقي الله يا عائشة  وارجعي إلى منزلك و أسبلي عليك سترك و السلام.

فجاء الجواب إليه (عليه السلام) يا ابن أبي طالب جل الأمر عن العتاب و لن ندخل في طاعتك أبدا فاقض ما أنت قاض و السلام.

ثم تراءى الجمعان و تقاربا و رأى علي (عليه السلام) تصميم القوم على قتاله فجمع أصحابه و خطبهم خطبة بليغة قال (عليه السلام) فيها: واعلموا أيها الناس أني قد تأنيت هؤلاء القوم و راقبتهم و ناشدتهم كيما يرجعوا و يرتدعوا فلم يفعلوا و لم يستجيبوا و قد بعثوا إلي أن أبرز إلى الطعان و أثبت للجلاد و قد كنت و ما أهدد بالحرب و لا أدعى إليها و قد أنصف القارة من راماها منها فأنا أبو الحسن الذي فللت حدهم و فرقت جماعتهم فبذلك القلب ألقى عدوي و أنا على بينة من ربي لما وعدني من النصر و الظفر و إني لعلى غير شبهة من أمري ألا و إن الموت لا يفوته المقيم و لا يعجزه الهارب و من لم يقتل يمت فإن أفضل الموت القتل و الذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على الفراش.

ثم رفع يده إلى السماء و قال اللهم إن طلحة بن عبيد الله أعطاني صفقة يمينه طائعا ثم نكث بيعتي اللهم فعاجله و لا تمهله و إن زبير بن العوام قطع قرابتي و نكث عهدي و ظاهر عدوي و نصب الحرب لي و هو يعلم أنه ظالم إلي اللهم فاكفنيه كيف شئت .

ثم تقاربوا و تعبوا لابسي سلاحهم و دروعهم متأهبين للحرب كل ذلك و علي (عليه السلام) بين الصفين عليه قميص ورداء و على رأسه عمامة سوداء و هو راكب على بغلة فلما رأى أنه لم يبق إلا مصافحة الصفاح و المطاعنة بالرماح صاح بأعلى صوته أين الزبير بن العوام فليخرج إلي فقال الناس يا أمير المؤمنين أتخرج إلى الزبير و أنت حاسر وهو مدجج في الحديد فقال (عليه السلام) ليس علي منه بأس ثم نادى ثانية فخرج إليه و دنا منه حتى واقفه فقال له علي (عليه السلام) يا أبا عبد الله ما حملك على ما صنعت فقال الطلب بدم عثمان فقال (عليه السلام) أنت و أصحابك قتلتموه فيجب عليك أن تقيد من نفسك و لكن أنشدك الله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل الفرقان على نبيه محمد (صلى الله عليه واله) أما تذكر يوما قال لك رسول الله (صلى الله عليه واله) يا زبير أتحب عليا فقلت و ما يمنعني من حبه و هو ابن خالي فقال لك أما أنت فستخرج عليه يوما و أنت له ظالم فقال الزبير اللهم بلى فقد كان ذلك فقال علي (عليه السلام) فأنشدك الله الذي أنزل الفرقان على نبيه محمد (صلى الله عليه واله) أما تذكر يوما جاء رسول الله (صلى الله عليه واله) من عند ابن عوف و أنت معه و هو آخذ بيدك فاستقبلته أنا فسلمت عليه فضحك في وجهي و ضحكت أنا إليه فقلت أنت لا يدع ابن أبي طالب زهوه أبدا فقال لك النبي مهلا يا زبير فليس به زهو و لتخرجن عليه يوما و أنت ظالم له فقال الزبير اللهم بلى و لكن أنسيت فأما إذا ذكرتني ذلك فلأنصرفن عنك و لو ذكرت ذلك لما خرجت عليك  ثم رجع إلى عائشة فقالت ما وراءك يا أبا عبد الله فقال الزبير و الله ورائي أني ما وقفت موقفا في شرك و لا إسلام إلا و لي فيه بصيرة و أنا اليوم على شك من أمري و ما أكاد أبصر موضع قدمي ثم شق الصفوف و خرج من بينهم و نزل على قوم من بني تميم فقام إليه عمرو بن جرموز المجاشعي فقتله حين نام و كان في ضيافته فنفذت دعوة علي (عليه السلام) فيه.

وأما طلحة فجاءه سهم و هو قائم للقتال فقتله ثم التحم القتال و قال علي (عليه السلام) يوم - الجمل {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} [التوبة: 12] ثم حلف حين قرأها أنه ما قوتل عليها منذ نزلت حتى اليوم و اتصل الحرب و كثر القتل و الجرح ثم تقدم رجل من أصحاب الجمل يقال له عبد الله فجال بين الصفوف و قال أين أبو الحسن فخرج إليه علي (عليه السلام) و شد عليه و ضربه بالسيف فأسقط عاتقه و وقع قتيلا فوقف عليه و قال لقد رأيت أبا الحسن فكيف وجدته و لم يزل القتل يؤجج ناره و الجمل يفنى أنصاره حتى خرج رجل مدجج يظهر بأسا و يعرض بذكر علي (عليه السلام) حتى قال:

أضربكم و لو رأى عليا              عممته أبيض مشرفيا 

فخرج إليه علي (عليه السلام) متنكرا و ضربه على وجهه فرمى بنصف قحف رأسه فسمع صائحا من ورائه فالتفت فرأى ابن أبي خلف الخزاعي من أصحاب الجمل فقال هل لك في المبارزة يا علي فقال علي ما أكره ذلك و لكن ويحك يا ابن أبي خلف ما راحتك في القتل و قد علمت من أنا فقال ذرني يا ابن أبي طالب من بذخك بنفسك و ادن مني لترى أينا يقتل صاحبه فثنى علي عنان فرسه إليه فبدره ابن خلف بضربة فأخذها علي في جحفته ثم عطف عليه بضربة أطار بها يمينه ثم ثنى بأخرى أطار بها قحف رأسه و استعر الحرب حتى عقر الجمل و سقط و قد احمرت البيداء بالدماء و خذل الجمل و حزبه و قامت النوادب بالبصرة على القتلى.

وكان عدة من قتل من جند الجمل ستة عشر ألفا و سبعمائة و تسعين إنسانا و كانوا ثلاثين ألفا فأتى القتل على أكثر من نصفهم و قتل من أصحاب علي (عليه السلام) ألف و سبعون رجلا و كانوا عشرين ألفا.

و كان محمد بن طلحة المعروف بالسجاد قد خرج مع أبيه و أوصى علي (عليه السلام) عليه و أن لا يقتله من عساه أن يظفر به و كان شعار أصحاب علي (عليه السلام) حم فلقيه شريح بن أوفى العبسي من أصحاب علي (عليه السلام) فطعنه فقال حم و قد سبق كما قيل السيف العذل فأتى على نفسه قال شريح هذا:

وأشعث قوام بآيات ربه                     قليل الأذى فيما ترى العين مسلم

شككت بصدر الرمح جيب قميصه        فخر صريعا لليدين و للفم

على غير شيء غير أن ليس تابعا        عليا و من لم يتبع الحق يندم

يذكرني حم و الرمح شاجر                فهلا تلا حم قبل التقدم

وجاء علي (عليه السلام) فوقف عليه و قال هذا رجل قتله بره بأبيه.

وكان مالك الأشتر قد لقي عبد الله بن الزبير في المعركة و وقع عبد الله إلى الأرض والأشتر فوقه فكان ينادي اقتلوني و مالكا فلم ينتبه أحد من أصحاب الجمل لذلك و لو علموا أنه الأشتر لقتلوه ثم أفلت عبد الله من يده و هرب.

فلما وضعت الحرب أوزارها و دخلت عائشة إلى البصرة و دخل عليها عمار بن ياسر و معه الأشتر فقالت :من معك يا أبا اليقظان فقال مالك الأشتر فقالت أنت فعلت بعبد الله ما فعلت فقال نعم فلولا كوني شيخا كبيرا و طاويا لقتلته و أرحت المسلمين منه قالت أو ما سمعت قول النبي (صلى الله عليه واله): إن المسلم لا يقتل إلا عن كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان أو قتل النفس التي حرم الله قتلها.

فقال يا أم المؤمنين على أحد الثلاثة قاتلناه. ثم أنشد

أعائش لولا أنني كنت طاويا              ثلاثا لألقيت ابن أختك هالكا

عشية  يدعو و الرماح تحوزه            بأضعف صوت اقتلوني و مالكا

فلم يعرفوه إذ دعاهم و غمه              خدب عليه في العجاجة باركا

فنجاه مني أكله و شبابه                   وأني شيخ لم أكن متماسكا

وعن زر أنه سمع عليا (عليه السلام) يقول أنا فقأت عين الفتنة و لو لا أنا ما قتل أهل النهروان أهل الجمل و لو لا أنني أخشى أن تتركوا العمل لأنبأتكم بالذي قضى الله على لسان نبيكم(صلى الله عليه واله) لمن قاتلهم مستبصرا ضلالهم عارفا للهدى الذي نحن عليه وعلى هذا قيل حضر جماعة من قريش عند معاوية وعنده عدي بن حاتم و كان فيهم عبد الله بن الزبير فقالوا يا أمير المؤمنين ذرنا نكلم عديا فقد زعموا أن عنده جوابا فقال إني أحذركموه.

فقالوا لا عليك دعنا و إياه فقال له ابن الزبير يا أبا طريف متى فقئت عينك قال يوم فر أبوك و قتل شر قتلة و ضربك الأشتر على استك فوقعت هاربا من الزحف و أنشد:

أما و أبي يا ابن الزبير لو أنني              لقيتك يوم الزحف ما رمت لي سخطا

وكان أبي في طي و أبو أبي                  صحيحين لم تنزع عروقهما القبطا

ولو رمت شتمي عند عدل قضاؤه            لرمت به يا ابن الزبير مدى شحطا

فقال معاوية قد كنت حذرتكموه فأبيتم الحديث ذو شجون.

وندمت عائشة على ما وقع منها و كانت لا تذكر يوم الجمل إلا أظهرت أسفا و أبدت ندما و بكت.

ونقلت من ربيع الأبرار للزمخشري قال جميع بن عمير دخلت على عائشة فقلت من كان أحب الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقالت فاطمة (صلوات الله عليها) قلت لها إنما أسألك عن الرجال قالت زوجها و ما يمنعه فو الله إنه كان لصواما قواما و لقد سالت نفس رسول الله (صلى الله عليه واله) في يده فردها إلى فيه .

قلت فما حملك على ما كان فأرسلت خمارها على وجهها و بكت و قالت أمر قضي علي.

وروي أنه قيل لها قبل موتها أندفنك عند رسول الله (صلى الله عليه واله) فقالت لا إني أحدثت بعده و الحال في حرب أصحاب الجمل معروفة تحتمل الإطالة فاقتصرت منها على هذا القدر.

وكانت حروبه صلوات الله عليه مشكلة على من لم يؤت نور البصيرة فقعد عنه قوم و شك فيه آخرون و ما فيهم إلا من عرف أن الحق معه و ندم على التخلف عنه و كيف لا يكون الحق معه والصواب فيما رواه و الرشد فيما أتاه و أدعية النبي (صلى الله عليه واله) قد سبقت له اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله و أدر الحق مع علي كيف دار و إذا كان دعاء النبي (صلى الله عليه واله) مستجابا لزم أن ولي علي ولي الله و أولياؤه مؤمنون وعدو علي عدو الله و أعداؤه كافرون و أن ناصره منصور و خاذله مخذول و أن الحق يدور معه و يتصرف بتصرفه و لا يفارقه و لا يزايله فكلما فعله كان فيه مصيبا و من خالفه في أمر أو نابذه في حال أو منعه شيئا يريده أو حمله على ما يكرهه أو عصاه فيما يأمره به أو غصبه حقا أو شك فيه أو لامه على حركاته و سكناته و قضاياه و تصرفاته كان بمدلول دعاء النبي (صلى الله عليه واله) مخطئا لأن من أقدم على شيء من ذلك كان عدوا له (عليه السلام) و عدوه عدو الله و عدو الله كافر.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.