أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2016
4100
التاريخ: 4-4-2017
25967
التاريخ: 12-10-2017
3571
التاريخ: 5-4-2017
4611
|
يحدث الانحراف بالسلطة في قرارات الضبط الإداري، عندما نستخدم سلطة الضبط الإداري سلطتها لتحقيق غاية غير مشروعة بعيد عن المصلحة العامة، أو عندما تسعى إلى هدف عام غير النظام العام، وكذلك إذا انحرفت سلطة الضبط عن الإجراءات التي حددها القانون.
الفقرة الأولى : صدور قرار الضبط من أجل مصلحة خاصة
في هذه الحالة يكون مقصد سلطة الضبط أجنبيا عن الهدف الأساسي المتمثل في حفظ أو إعادة النظام العام، فتقوم في هذه الحالة بإصدار قرارات بزعم حماية النظام العام، ولكنها ترمي إلى تحقيق مصالح خاصة أو شخصية أن تحقيق أغراض سياسية أو حزبية إلى غير ذلك من الأغراض التي لا تتعلق بالنظام العام، وسنوضح فيما يلي بعض الأغراض التي قد تسعى سلطة الضبط لتحقيقها بعيدا عن غرض الضبط الإداري المتعلق بالنظام العام.
أولا : تحقيق مصلحة مالية
وقد أصدر مجلس الدولة الفرنسي عدة أحكام بهذا المجال وخاصة المصلحة المالية البحثة منها أن مجلس الدولة ألغى القرار الصادر من العمدة بتحريم خلع المستحمين بملابسهم على الشواطئ إلا داخل وحدات خلع الملابس التابعة للمؤسسات الخاصة بالاستحمام بحجة حماية الأخلاق العامة (وهو هدف مشروع ومنصوص عليه)، ركن هذا التدبير هو من أجل مصلحة مالية لأصحاب مؤسسات الاستحمام والبلدية التي تحصل على رسوم، فهناك إذن انحراف بالسلطة (مجلس الدولة – 4 جويلية 1924 ). وبنفس الطريقة يرتكب أحد المحافظين انحرافا بالسلطة عندما يطيل بدون وجه حق الاستيلاء المؤقت لبناء مخصص للدرك وذلك للسماح لذلك المرفق أن يدفع إيجارا أقل م الإيجار العادي (فمجلس الجولة 9 أفريل 1948 )(1) وأقدم مثال لعيب الانحراف بالسلطة في هذه الصورة هو حكم مجلس الدلو الصادر في 28 نوفمبر سنة 1875 وتتلخص ظروفه فيما يلي :
في سنة 1872 أرادت الحكومة الفرنسية أن تحتكر صناعة عيدان الثقاب لكي تضيف موارد جديرة للدولة، وكان هذا الإجراء يستلزم أن تنزع الحكومة ملكية المصانع القائمة في فرنسا والتي تباشر هذا النوع من الصناعة ولما رأى وزير المالية أن ذلك سيكلف الدولة مبالغ طائلة، قرر أن يلجأ إلى طريقة أن يلجأ إلى طريقة ملتوية، ذلك أنه جعل الإدارة بناء على سلطة الضبط الإداري فأمر بإغلاق المصانع التي لم تكن قد تحصلت على ترخيص سليم بمباشرة أعمالها ولا شك أن هذا الإجراء يدخل في الظروف العادية في سلطة الضبط ولكن في الظروف التي جاء فيها هذا التدبير لم يكن متصورا به إلا رعاية المصلحة المالية للإدارة على حساب الأفراد، ولذلك فقد ألغى مجلس الدولة القرار (2)
ثانيا : تحقيق مصلحة شخصية أو محاباة للغير
هذه هي أبشع صور الانحراف، فيعمد رجل الإدارة الذي يعين للسهر على تحقيق مصالح الجماعة وحماية الخير المشترك لها، ناسيا بذلك هذا الواجب ويتحلل من قيوده، ويسعى للحصول على نفع ذاتي، ويفقد بذلك عمله صفته العامة (3) ويحدث مثل هذا الأمر كثير في الحياة العملية، كأن تقوم سلطة الضبط باستغلال هذه السلطة المخولة لها لتحقيق نفع شخصي لمصدر القرار أو عائلته أو محاباة للغير، وكثيرا ما تحدث هذه الحالات على مستوى المجالس الشعبية البلدية ونأخذ على سبيل المثال قرار أصدرته الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 4 مارس 1978 في قضية بين السيد : خيال عبد الحميد ضد رئيس المجلس الشعبي البلدي وتتمثل وقائع هذه القضية فيما يلي :
- أصدر رئيس المجلس الشعبي البلدي قرار يمنع فيه بيع الخمور في المقاهي والمطاعم الموجودة في بلدية عين البنيان باستثناء المركز السياحي في منطقة الجميلة بحجة الإفراط في السكر الذي لوحظ في وسط المدينة والذي يمس النظام العام والأمني والسلامة.
- وفي استثنائه للمركز السياحي فقد أرجع رئيس المجلس الشعبي البلدي ذلك لكون هذه المنطقة تبعد عنا وسط المدينة.
- قام السيد خيال صحبة أشخاص آخرين برفع دعوى لتجاوز السلطة ضد القرار.
وقد جاء في حيثيات القرار "... أنه بالرجوع للمادة 237 من القانون البلدي يمكن لرئيس البلدية أن يأخذ كل القرارات لتحقيق حسن النظام العام هو السلامة والصحة العمومة والأخذ بالتدابير اللازمة لتنظيم بيع الخمور في البلدية، فليس بإمكانه قانونا أن يمنع كليا بيع واستهلاك الخمور، وبهذا القرار فإن رئيس المجلس الشعبي البلدي قد أفرغ م جوهره إجازه مجال المشروبات التي تحصل عليها المدعي.
- وحيث أنه بوسع رئيس المجلس الشعبي البلدي أن يستعمل السلطات التي خولها له القانون البلدي لتنظيم بيع الخمور حفاظا على الأمن العام فلقد اتضح بعد التحقيق أن البواعث التي أدت إلى اتخاذ القرار ترجع إلى اعتبارات أخرى لاسيما وأن بيع واستهلاك الخمور الممنوع عن المدعي لا يزال مباحا في محلات أخرى على مستوى البلدية. لذلك فإن القرار مشوب بعيب الانحراف بالسلطة، لهذه الأسباب يقضي المجلس بإلغاء القرار. وفي قضاء مجلس الدولة الفرنسي نجد إلغاء المجلس قرار تنظيمي صادر من إحدى ****** ينظم فيه صالات الرقص العامة، سبب الانحراف بالسلطة إذ كانت الغاية من القرار هي منع المنافسة
عن معظم ما يمتلكه العمدة (مجلس الدولة 14 مارس 1939 ) (4)
ثالثا : تحقيق غرض سياسي أو حزبي
إن هذا الانحراف قد يجد مجاله، ويرتكب بكثرة من طرف سلطات الضبط الإداري في الدول التي ما زالت فيها السلطات تخلط بين التوجه السياسي وتحقيق الصالح العام المجرد، والجزائر تنتمي إلى هذا الصنف وقد تعمد سلطات الضبط الإداري بإصدار قرارات تحقيقا لأهداف سياسية حزبية ضيقة متدرعة بالمحافظة على النظام العام كأن يعتمد الوالي بمنع تجمع لحزب معين، وهذا نظرا لتوجهات هذا الحزب المعارضة للحزب الحاكم أو رئيس الجمهورية. أو كان يتخذ وزير الداخلية قرار بمنع أشخاص من الترشح لانتخابات بحجة خطورة هؤلاء الأشخاص على النظام العام، ولكن الغاية من ذلك هي دافع سياسي حيث يشكل هؤلاء الأشخاص منافسة كبيرة للحزب الذي ينتمي إليه وزير الداخلية. إن مثل هذا الغرض كثيرا ما يحدث في ظل الأنظمة الدكتاتورية أو شبه الدكتاتورية حتى لو تلونت بألوان ديمقراطية... بالأخص -مع الأسف- في أغلب الدول العربية وما يزيد في الطين بلة هو وجود قضاء إداري لا حول له ولا قوة اتجاه الرقابة على هذه القرارات المشوبة بعيب الانحراف بالسلطة لأغراض سياسية، لأن القضاء في هذه الدول لا يزال مرهون بالسياسة في مثل هذه الأمور هذه حقيقة ينبغي ذكرها ومثال الجزائر ومصر ليس علينا ببعيد. ومن الأمثلة على هذا الغرض في ظل القضاء الفرنسي، قيام مجلس الدولة بإلغاء قرار ضبط يحضر اجتماعا لأن الاجتماع ينظمه حزب غير الحزب الحاكم وكذلك قرار ضبط يمنع بيع جريدة في الطريق العام لأن هذه الجريدة تحمل أفكار معارضة (مجلس الدولة – 23 نوفمبر 1951 )(5)
الفقرة الثانية : صدور عمل الضبط لأجل مصلحة عامة ليست حفظ النظام العام أو إعادته
إذا كانت جميع الأعمال الإدارية تستهدف تحقيق المصلحة العامة، فإنه إلى جانب هذا الهدف العام قد يتحدد العمل الإداري بهدف معين داخل نطاق المصلحة العام، يتعين تحقيق هذا الهدف عملا لقاعدة تخصيص الأهداف، وبذلك يعتبر القرار الإداري مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة إذ خرج عن الغاية أو الهدف المخصص الذي رسم له (6) فالفرق بين الانحراف عن المصلحة العامة والانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف، أنه في حالة الانحراف عن مبدأ تخصيص الأهداف يكون صاحب القرار حسن النية لا يبغي إلا تحقيق الصالح العام، ولكنه يستخدم من الوسائل ما لا يجوز لذلك (7) وقد يستخلص الهدف المخصص من روح التشريع أو طبيعة الاختصاص وبذلك فإن المشرع حدد لسلطات الضبط الإداري هدفا محددا وهو المحافظة على النظام العام، فإذا استعملت الإدارة سلطاتها في هذا الخصوص لغير هذا الهدف كان قرارها مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة حتى ولو كان الهدف لا يجانب المصلحة العامة (8) فقرار الضبط الإداري المتخذ لمصلحة عامة ولكنها أجنبية عن النظام العام ليس كافيا لسلطات الضبط الإداري لكي تأمن الانحراف بالسلطة إذ يجب أن يكون قرار الضبط من أجل الغرض الذي حدده القانون خصيصا، فقط أو إعادة النظام العام. وقد صدرت عدة أحكام من مجلس الدولة الفرنسي في هذا المجال ومنها إلغاء قرار المحافظ والصادر بتقرير المنفعة العامة لقطعة أرض مملوكة للسيد "BARON" وذلك للانحراف بالسلطة حيث تبين للمجلس من الظروف المحيطة بالدعوى أن ما أعلنته البلدية من ضرورة المحافظة على الطابع الهادف للمنطقة السكنية المجاورة للأرض ليس من الأهداف المخصصة (مجلس الدولة 16 نوفمبر 1972 ) كما ألغى قرار المحافظ الصادر بتقرير المنفعة العامة للأرض المملوكة للسيد "Schauartz" لإنشاء ملاهي وحمام سباحة، وذلك أن القرار لا يهدف إلى المحافظة على الصحة العامة، وإنما يهدف إلى تطوير أنشطة الترفيه الخاصة بالبلدية (مجلس الدولة 03 أكتوبر 1980 ) وفي القضاء الإداري المصري، نجد إلغاء المحكمة الإدارية العليا لقرار ضبط بإغلاق سوق خاصة يوم الإثنين من كل أسبوع، ذلك أن القرار مصاب بعيب الانحراف بالسلطة لأن القرار كان يستهدف رواج سوق مجلس قروي أصابه الركود. كذلك ألغت قرار ضبط تضمن ترخيص سوق عمومي يستهدف مصلحة مالية بتحويل ى المرخص له تحصيل مقابل إشغال الطريق العام للمجلس المحلي (9) وتجدر الإشارة هنا إلى أن مجلس الدولة الفرنسي منذ عام 1930 اتجه نحو تقرير مبدأ جديد يتعارض مع ما سبق أن أرساه، حيث أعلن المجلس في أحكام عديدة أن حماية المصلحة المالية للهيئات العامة لا تولد الإلغاء لانحراف السلطة وقد ظهر هذا المبدأ بالأخص في مجال النقل العام وتدخل الإدارة في إدارة المشروعات حيث في مجال النقل أقر المجلس بخصوص إحدى القضايا بأن القرار الصادر بقصر المرود في إحدى الطرق على النقل العام التي لا تزيد على ثقل معين وذلك حماية للتلف غير العادي الذي يصيب هذا الطريق إنما هو قرار مشروع (10)
الفقرة الثالثة : الانحراف بالإجراءات
يقع هذا النوع من الانحراف في حالة استخدام الإدارة لإجراءات إدارية لا يجوز لها استعمالها من أجل تحقيق الهدف الذي تسعى إليه، أي أنها تعمد إلى استعمال إجراء إداري محل إجراء آخر كان يجب عليها ممارسته في سبيل الوصول إلى هدفها، إذ تلجأ الإدارة إلى استعمال إجراء بعينه تراه أيسر من الإجراء المحدد قانونا لإنجاز هدف معين فيخب بذلك قرار ما مشوبا بإساءة استعمال السلطة عن طريق الانحراف بالإجراءات (11) في قرارات الضبط الإداري نجد أن سلطات الضبط الإداري تستخدم إجراءات مشروعة من أجل حفظ النظام العام أو إعادته، ولكن هذه الإجراءات غير خاصة بالحالة التي استخدمت فيها، فالالتواء يكون في توجيه الإجراءات إلى قرار غير المخصص لها. فسلطة الضبط قد تصدر قرارها باستعمال إجراء غير الذي يجب اتباعه سواء لتجنب بعض الصعوبات الخاصة أو من أجل كسب الوقت، ورغم هذا التبرير فإن القضاء الإداري يلغي القرارات التي تكون مشوبة بعيب الانحراف بالسلطة في حالة الانحراف بالإجراءات. فقد أعلن مجلس الدولة الفرنسي وجود انحراف في الإجراءات في قرار اتخذ بإجراءات سلطة ضبط المسطحات المائي، يمنع التزحلق على الماء في المنطقة ليس بقصد المحافظة على مجرى المياه، ولكن غايته كانت حماية الأمن العام. كذلك استخدام المدير إجراءات الضبط الإداري العام الخاصة بحجر تراخيص القيادة مؤقتا، ليمتنع عن تسليم الرخصة معطيا لحجرها صفة النهائية ألغى مجلس الدولة هذا القرار نتيجة للانحراف بالإجراءات (12) هذه هي حالات الانحراف بالسلطة التي قد تصيب قرارات الضبط الإداري، فالملاحظ أن هذه الحالات حالات يغلب عليها طبع الغموض، ومن الصعب اكتشافها، خاصة إذا كانت تتعلق بالبواعث النفسية، ومن ثم فإنها تعقد مهمة القاضي في إثبات هذا الانحراف، إذا ما هي سلطات القاضي فيالكشف وإثبات هذه الحالات ؟.
____________________
1- أحمد محیو، محاضرات في المؤسسات الإداریة، الجزائر، د.م.ج، سنة 1996 ،ص 193
2- سليمان الطماوي، مشكلة استبعاد المشرع لبعض القرارات الإدارية، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، 1961 ، العدد 1،2 ،ص 866
3- عبد العزیز عبد المنعم خلیفة، (الانحراف بالسلطة كسبب لإلغاء القرار الإداري)، مصر، دار الفكر الجامعي، 2001 ،ص 160
4- حلمي الدقدوقي، رقابة القضاء على المشروعیة الداخلیة لأعمال الضبط الإداري، دار المطبوعات الجامعیة، مصر، سنة 19 ،ص 338
5- المرجع الآنف الذكر، نفس الصفحة.
6- طاھري حسین، شرح وجیز للإجراءات المتبعة في المواد الإداریة، الجزائر، دار الخلدونیة، 2005 ،ص 100
7- عبد العزیز عبد المنعم خلیفة، (الانحراف بالسلطة كسبب لإلغاء القرار الإداري)، المرجع السابق، ص 185
8- عبد الحكیم فودة، الخصومة الإداریة، أحكام دعوى الإلغاء، مصر، دار المطبوعات الجامعیة بالإسكندریة، سنة 1996 ،ص25 .
9- عبد العزیز عبد المنعم خلیفة، (الانحراف بالسلطة كسبب لإلغاء القرار الإداري )، المرجع السابق،ص 189
10- Jean castagne. Op. Cit. p 130.
11- عبد الغني بسیوني عبد الله، "القضاء الإداري قضاء الإلغاء"، مصر، منشأة المعارف، 1997،ص 286
12- حلمي الدقدوقي، المرجع السابق،ص 331
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|