1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

أخرى

علوم اللغة العربية : النحو : الفعل المضارع وأحواله :

 المضارع المنصوب ونواصبه

المؤلف:  الشيخ مصفى الغلاييني

المصدر:  جامع الدروس العربية

الجزء والصفحة:  ج2/ ص281- 292

22-10-2014

10127

يُنصبُ المضارعُ إذا سبقتهُ إحدى النواصب.

وهو يُنصبُ إما لفظاً، وإما تقديراً، كما سلفَ، وإما محلاًّ، إن كان مبنيًّا مثل "على الأمهاتِ أن يَعنينَ بأولادهنَّ".
ونواصبُ المضارع أربعةُ أحرفٍ، وهي
1- أنْ، وهي حرفُ مَصدرِيةٍ ونصبٍ واستقبال، نحوَ {يُريدُ اللهُ أَن يُخففَ عنكم}.
وسميت مصدرية، لأنها تجعلُ ما بعدها في تأويل مصدر، فتأويل الآية "يريد الله التخفيف عنكم" وسميت حرف نصب، لنصبها المضارع.

ص281

وسميت حرف استقبال، لأنها تجعل المضارع خالصاً للاستقبال. وكذلك جميع نواصب المضارع تمحضه الاستقبال بعد أن كان يحتمل الحال والاستقبال".
ولا تَقعُ بعد فعلٍ بمعنى اليقينِ والعلمِ الجازم.
فإن وقعت بعدَ ما يدُلُّ على اليقين، فهيَ مُخفَّفةٌ من "أنَّ"، والفعل بعدها مرفوعٌ، نحو {أفلا يَرَوْنَ أنْ لا يَرجِعُ إليهم قولاً}، أي أنهُ لا يَرجع.
وإن وقعتْ بعدَ ما يدُلُّ على ظنٍّ أو شبههِ، جازَ أن تكون ناصبة للمضارعِ، وجازَ أن تكونَ مخفَّفةً من المشدَّدَة، فالفعلُ بعدَها مرفوعٌ. وقد قُرِئَتِ الآيةُ {وحَسِبوا أَلاّ تكونَ فتنةٌ}، بنصب "تكون"، على أنّ "أنْ" ناصبةٌ للمضارعِ، وبرفعه على أنها مخففةٌ من "أن". والنصب أَرجح عندَ عَدمِ الفصلِ بينها وبين الفعلِ بلا، نحو {أحسِبَ الناسُ أن يُترَكوا} والرفعُ والنصبُ سواءٌ عند الفصل بها، كالآية الأولى. فإن فُصِلَ بينهما بغير "لا" كقَدْ والسين وسوفَ، تعيَّنَ الرفعُ، وأن تكونَ "أنْ" محفَّفةً من المُشدَّدة، نحو "ظننت أَنْ قد تقومُ، أَو أَن ستقومُ، أَو أَنْ سوفَ تقومُ".
واعلمْ أنَّ "أَن" الناصبةَ للمضارع، لا تُستعملُ إلاّ في مقام الرجاء والطَّمعِ في حصولما بعدها، فجاز أن تقعَ بعد الظنّ وشِبهه، وبعد ما لا يدل على يقين أو ظن، وامتنع وقوُعها بعد أفعالِ اليقين والعلم الجازم، لأن هذه الأفعالَ إنما تتعلقُ بالمحقَّق، لا يناسبُها ما يدلُّ على غير محقَّق، وإنما يناسبُها التوكيدُ، فلِذا وجب أن تكون "أن" الواقعةُ مُخفِّفة من المُشدَّدة المفيدةِ للتوكيد.
2- لنْ، وهي حرفُ نفيٍ ونصبٍ واستقبال، فهي في نفي المستقبل كالسين وسوفَ في إثباته. وهي تفيدُ تأكيدَ النفي لا تأييدَهُ وأما قولهُ تعالى لَنْ يَخلُقوا ذُباباً، فمفهوم التأييدِ ليس من "لن"، وإنما هو من دلالة خارجيّة، لأنَّ الخلقَ خاص بالله وحدَهُ.
(وهي على الصحيح، مركبة من "لا" النافية و "أَنْ" المصدرية الناصبة للمضارع وصلت همزتها تخفيفاً وحذفت خطاً تبعاً لحذفها. وقد صارتا كلمة واحدة لنفي الفعل في الاستقبال).
3- إذَنْ، وهي حرفُ جوابٍ وجزاءٍ ونصبٍ واستقبالٍ، تقولُ "إِذَنْ تُفلِحَ"، جواباً لمن قال "سأجتهدُ". وقد سميتْ حرفَ جوابٍ لأنها تقعُ في كلام يكون جواباً لكلام سابقٍ.

ص282

وسميت حرفَ جزاء، لأن الكلام الداخلة عليه يكون جزاءً لمضمون الكلام السابق. وقد تكون للجواب المحض الذي لا جزاءَ فيه، كأن تقولَ لشخصٍ "إني أحبك"، فيقول "إذنْ أَظنك صادقاً"، فظنكَ الصدقَ فيه ليس فيه معنى الجزاء لقوله "إني أحبكَ".
وأصلها، عند التحقيق، إما "إذا" الشرطية الظرفية، حذف شرطها وعوض عنه بتنوين العوض، فجرت مجرى الحروف بعد ذلك ونصبوا بها المضارع، لأنه إن قيل لك "آتيك"، فقلت "إذن أَكرمك"، فالمعنى إذا جئتني، أَو إذا كان الأمر كذلك أكرمك. وإما مركبة من "إذ" و "إن" المصدرية، فإن قال قائل "أَزورك". فقلت "إذن أكرمك" فالأصل "إذ إن تزورني أكرمك" ثم ضمنت معنى الجواب والجزاء.
أَما كتابتها فالشائع أَن تكتب بالنون عاملة ومهملة. وقيل تكتب بالنون عاملة. وبالألف منونة مهملة. أَما عند الوقف فالصحيح أَن تبدل نونها أَلفاً تشبيهاً لها بتنوين المنصوب، كما أَبدلوا نون التوكيد الخفيفة أَلفاً عند الوقف كذلك. أَما رسمها في المصحف فهو بالألف عاملة ومهملة. ورسم المصحف لا يقاس عليه، كخط العروضيين. وقد سبق الكلام على ذلك).
وهي لا تنصبُ المضارعَ إلا بثلاثة شروطٍ.
الأولُ أَن تكونَ في صدر الكلام، أَي صدرِ جملتها، بحيثُ لا يسبقها شيءٌ له تعلقٌ بما بعدها. وذلك كأن يكونَ ما بعدَها خبراً لما قبلها ونحو "أَنا إذَنْ أُكافِئُكَ" أَو جوابَ شرطٍ، نحوُ "إن تُزرني إذَنْ أَزركَ" أَو جواب قسمَ، نحو "واللهِ إذَنْ لا أَفعلُ". فإن قلتَ "إذَنْ واللهِ لا أَفعلَ"، فقدَّمتَ "إذنْ" على القسم، نصبتَ الفعلَ لتصدُّرِها في صدر جملتها.
ومن عدم تصدرها، لوقوعها جواب قسم، قولُ الشاعر
*لئِن جادَ لي عبدُ العَزيزِ بِمِثْلها         وأَمكَنني منها، إذنْ لا أُقِيلُها*
(فقد رفع "أقيل" لأن "إذن" لم تتصدر، لكونها في جواب قسم مقدر، دلت عليه اللام التي قبل "إنّ" الشرطية. والتقدير والله لئن جاد لي".

ص283

وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه. وقد أهملت "إذن" لوقوعها بين القسم وجوابه، لا بين الشرط وجوابه، كما قاله بعضهم، لأنه إذا اجتمع شرط وقسم، فالجواب للسابق منهما. وجواب المتأخر محذوف، لدلالة جواب الآخر عليه).

وإذا سبقتها الواوُ أَو الفاءُ، جاز الرفع وجاز النصبُ. والرفع هو الغالب. ومن النصب قوله تعالى (في قراءةِ غيرِ السبعة) {وإن كادوا لَيَستفزونكَ من الأرضِ ليُخرجوك منها، وإذاً لا يَلبَثوا خلافَكَ إِلا قليلا"، وقوله {أَم لهم نصيبٌ من المُلك، فإذاً لا يؤْتوا الناسَ نَقيراً} وقرأَ السبعةُ {وإذاً لا يلبثون ... وإذاً لا يؤتون}، بالرفع. وإذا قلت "إن تجتهد تنجح، وإذن تفرح"، جزمت "تفرح"، وأَلغيتَ "إذن"، إِن أَردتَ عَطفَه على الجواب "تنجح"، فيكون التقديرُ "إن تجتهد تنجحْ وتفرحْ"، وذلك لعدم تصدرها، ورفعته أَو نصبتَهُ، إن أَردتَ العطف على جملتي الشرط والجواب معاً، لأنهما كالجملة الواحدة. وإنما جاز الوجهان، لوقوعها بعد الواو. ويكون العطف من باب الجمل، لا من باب عطف المفردات. فتكون حينئذٍ صدرَ جملة مستقلة مسبوقة بالواو، فيجوز الوجهان. رفع الفعل ونصبه.

فإن كان شيءٌ من ذلك أَليغتها ورفعتَ الفعلَ بعدها، إلا إن كان جوابَ شرطِ جازٍم، فتجزمُه، كما رأَيتَ، ونحو "إن تجتهدْ إِذَن تَلْقَ خيراً". فعدمُ التَّصدير، المانعُ من إعمالها، إنما يكون في هذه المواضعِ الثلاثة، لا غيرُ.
الثاني أَن يكون الفعلُ بعدها خالصاً للاستقبالِ، فإن قلتَ إذنْ أَظنكَ صادقاً" جواباً لمن قال لك "إني أُحبك"، رفعتَ الفعلَ لأنه للحال.
الثالثُ ألاّ يُفصَلَ بينهما وبينَ الفعل بفاصلٍ غير القسمِ و (لا) النافية، فإن قلتَ "إذَنْ هم يقومون بالواجب". جواباً لمن قال "يجود الأغنياء بالمال في سبيل العلم"، كان الفعلُ مضارعاً، للفصل بينهما بغير الفواصل الجائزة.
ومثال ما اجتمعت فيه الشروطُ قولك "إذَنْ أَنتظرَك"، في جواب من قال لك (سأزورُك) فإذَنْ هنا مصدَّرةٌ، والفعلُ بعدَها خالصٌ للاستقبال. وليس بينها وبينه فاصل.
فإن فُصلَ بينهما بالقسمِ، أو "لا" النافية، فالفعلُ بعدها منصوبٌ. فالأولُ نحو "إذَنْ واللهِ أُكرِمَكَ" وقولِ الشاعر
*إذَنْ، واللهِ، نَرمِيَهُمْ بِحَرْبٍ         تُشِيبُ الطِّفْلَ من قَبْلِ المَشيبِ*
والثاني نحو "إذَنْ لا أجيئَكَ".
وأجاز بعضُ النحاةِ الفصلَ بينهما - في حال النصب - بالنداء، نحو "إذَنْ يا زُهيرُ تنجحَ"، جواباً لقوله "سأجتهدُ".

ص284

وأَجاز ابنُ عصفورٍ الفصلَ أَيضاً بالظرف والجارّ والمجرور. فالأولُ نحو "إذَنْ يومَ الجَمعةِ أجيئَكَ" والثاني نحو "إذَنْ بالجِدّ تبلُغَ المجدَ". وقد جمعَ بعضُهمُ شروط إعمالها والفواصلَ الجائزةَ بقوله
*أَعملْ "إذَنْ" إذا أتتكَ أَوَّلا         وسُقتَ فعلا بعدها مُستّقبلا*
*واحذَر، إذا أَعملتَها، أَن تفصِلا         إلاّ بِحلَفٍ أو نداءٍ أَو بِلا*
*وافصِلْ بِظرفٍ أو بمجرورٍ على           رأيِ ابنِ عُصفورٍ رئيسِ النُّبلا*
وبعضهم يُهملُ "إذن"، معَ استيفائها شروطَ العمل. حكى ذلك سيبويه عن بعض العرب. وذلك هو القياس. لأن الحروف لا تعمل إلا إذا كانت مختصَّة. و "إذن" غيرُ مختصَّةٍ، لأنها تباشرُ الأفعال، كما علمتَ، والأسماءَ، مثل "أَأَنتَ تُكرِمُ اليتيمَ؟ إذن أنتَ رجلٌ كريمٌ".
4-  كي، وهي حرف مَصدريَّةٍ ونصبٍ واستقبال. فهي مثل "أنْ"، تجعل ما بعدها في تأويل مصدر. فإذا قلتَ "جئتُ ليك أتعلَّمَ"، فالتأويلُ "جئتُ للتعلُّم" وما بعدها مؤَوَّل بمصدرٍ مجرورٍ باللاّمِ.
والغالبُ أن تسبقها لامُ الجرّ المُفيدةُ للتعليل، نحوُ {لكيلا تأسَوْا على ما فاتكم}. فإن لم تسبقها، فهي مُقدَّرةٌ، نحو "استقِم كيْ تُفلحَ" ويكون المصدرُ المؤوَّلُ حينئذ في موضع الجرّ باللام المقدَّرة، أَ يكونُ منصوباً على نزع الخافض.
النّصبُ بأنْ مُضْمرةً
قد اختصت "أن" من بين أخواتها بأنها تنصبُ ظاهرةً، نحو "يريدُ الله أن يُخفِّفَ عنكم"، ومُقدَّرةً، نحو {يُريدُ اللهُ ليُبيّنَ لكم} أي لأن يُبينَ لكم.
وإِضمارها على ضربينِ جائزٍ وواجبٍ.
1-  إِضمار أن جوازاً
تقَدَّر "أنْ" جوازاً بعد ستةِ أحرفٍ
1-لامُ كي (وتسمى لامَ التعليل أيضاً، وهي اللام الجارّة، التي يكونُ ما بعدها علةً لما قبلها وسبباً له، فيكون ما قبلها مقصوداً لحصول ما بعدها، نحو "وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس".

ص285

وإنما يجوزُ إضمار (أن) بعدها إذا لم تقترن بلا النافية أو الزائدة.
فإن اقترنت باحداهما، وجب إظهارُها. فالنافية نحو "لئلا يكون للناس على الله حُجَّةٌ" والزائدة نحو "لئلا يعلم أهلُ الكتاب".
2- لام العاقبةِ، وهي "اللام الجارَّة التي يكونُ ما بعدها عاقبة لما قبلها ونتيجة له، لا علةً في حصوله، وسبباً في الإقدام عليه، كما في لام كِي. وتسمى لام الصيرورة، ولامَ المآل، ولام النتيجة أيضاً"، نحو "فالتقطَه آلُ فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً".
(والفعل. بعد هاتين اللامين، في تأويل مصدر مجرور بهما. و "أن" المقدرة هي التي سبكته في المصدر، فتدقير قولك جئت لأتعلم (جئت للتعلم). والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما. واعلم أن الكوفيين يقولون إن النصب إنما هو بلام كي ولام العاقبة. لا بأن مضمرة. وهو مذهب سهل خال من التكلف. وعليه مشينا في كتبنا المدرسية، تسهيلا على الطلاب).
(3 و 4 و 5و 6 الواو والفاءُ وثم وأو العاطفات إنما ينصب الفعل بعدهن بأن مضمرة، إذا لزم عطفه على اسمٍ محضٍ، أي جامد غير مشتق، وليس في تأويل الفعل، كالمصدر وغيره من الأسماء الجامدة، لأن الفعل لا يُعطفُ إلا على الفعل، أو على اسم هو في معنى الفعل وتأويله، كأسماء الأفعال والصفات التي في الفعل فإن وقع الفعلُ في موضع اقتضى فيه عطفَه على اسمٍ محضٍ قُدّرت (أَن) بينه وبين حرف العطف، وكان المصدرُ المؤوّل بها هو المعطوف على اسم قبلها.
فمثالُ الواو "يأبى الشجاعُ الفرارَ ويَسلمَ"، أي "وأن يَسلمَ"، والتأويلُ "يأبى الفرار، والسلامة"، ونحو "لولا الله ويلطفَ بي لهلكتُ" أي وأن يلطُف بي. والتأويل لولا الله ولطفهُ بي. ومنه قولُ ميسون
*وَلُبْس عُباءةٍ وتَقَرَّ عيْني         أَحبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشفُوفِ*
أي لُبسُ عباءة وقرةُ عيني.

ص286

ومثالُ الفاء "تعبُك، فَتنالَ المجدَ، خيرٌ من راحتك فتحرمَ القصدَ"، أي "خيرٌ من راحتك فحرمانك القصدَ".
ومنه قول الشاعر
*ولولا تَوقعُ مُعْتَرٍّ فأُرضيَهُ         ما كنت أوثِرُ إتراباً على تَرَبِ*
أي لولا توقع معتز فإرضاؤه.
ومثال (ثم) "يرضى الجبانُ بالهوان ثم يَسلَم"، أي "يرضى بالهوان ثم السلامةِ" ومنه قول الشاعر
*إني وقتْلي سُلَيْكا، ثم اعقِلَهُ         كالثَّوْرِ يُضرَبُ لما عافت البقر*
أي قتلي سُليكا ثم عقلي إياهُ
ومثال (أَو) "الموتُ أَو يبلغَ الإنسانُ مأمَلَهُ أَفضلُ" أي "الموت أَو بُلوغهُ الأملَ أَفضلُ" ومنه قوله تعالى {ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً، أَو من وراء حجابٍ، أَو يُرسِلَ رسولا}، أي "إلا وحياً، أَو إرسالَ رسولٍ".
فإنْ في جميع ما تقدم، مقدَّرة. والفعل منصوب بها، وهو مؤَوَّلٌ بمصدر معطوف على الاسم قبلهُ، كما رأَيت.
2- اضمار "أن" وجوباً
تُقدَّرُ (أنْ) وجوباً بعد خمسة أحرف
1- لام الجحود "وسماها بعضهم لامض النفي، وهي لامُ الجر التي تقع بعد (ما كان) أو

ص287

(لم يكن) الناقصتين"، نحو "ما كان الله ليظلمَهم"، ونحو {لم يكن الله ليغفرَ لهم}.
(فيظلم ويغفر منصوبان بأن مضمرة وجوباً، والفعل بعدها مؤول بمصدرمجرور باللام. وخبر كان ويكن مقدر. والجار والمجرور متعلقان بخبرها المقدر والتقدير "ما كان الله مريداً لظلمهم، ولم يكن مريداً لتعذيبهم".
فإن كانتا تامتين، جاز (إظهار (أن) بعدها، لأنها حينئذ لام التعليل نحو "ما كان الإنسانُ ليعصيَ رَبَّهُ، أَو لأن يعصيهُ"، أَي ما وُجد ليعصيه
2- فاء السببِيّة "وهي التي تفيد أَن ما قبلها سببٌ لما بعدها، وأَن ما بعدها مسببٌ عما قَبلها"، كقوله تعالى {كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوْا فيه فيحلَّ عليكم غضبي}.
(فإن لم تكن الفاء للسببية، بل كانت للعطف على الفعل قبلها، أو كانت للاستئناف لم ينصب الفعل بعدها بأن مضمرة. بل يعرب في الحالة الأولى باعراب ما عطف عليه، كقوله تعالى {لا يؤذن لهم فيعتذرون}، أي ليس هناك إذن لهم ولا اعتذار منهم ويرفع في الحالة الأخرى، كقوله سبحانه {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} أي "فهو يكون إذا أَراده" فجملة "يكون" ليست داخلة في مقول القول، بل هي جملة مستقلة مستأنفة. ومنه قول الشاعر
*ألم تسأل الربع القواء فينطق        وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق*
(أَي فهو ينطق إن سألته)
3- واو المعيّةِ "وهي التي تُفيدُ حصولَ ما قبلها مع ما بعدها، فهي بمعنى (مَعَ) تُفيد المصاحبةَ" كقول الشاعر
*لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مِثْلَهُ        عارٌ عليكَ، إذا فعَلتَ، عظيم*
(فإن لم تكون الواو للمعية، بل كانت للعطف، أو للاستئناف، فيعرب الفعل بعدها في الحالة الأولى، باعراب ما قبله، نحو "لا تكذب وتعاشر الكاذبين"، أي ولا تعاشرهم. ويرفع في الحالة الأخرى، نحو "لا تعص الله ويراك"، أي وهو يراك. والمعنى هو يراك، فلا تعصه. فالواو ليست لملعية، ولا للعطف، بل هي للاستئناف.

وخلاصة القول إن إعراب الفعل بعد الفاء والواو يتوقف على مراد القائل.

فإن أراد السببية، فالنصب.

ص288

وإن أراد العطف، فالإعراب بحسب المعطوف عليه. وإن لم يرد هذا ولا ذاك، بل أراد استئناف جملة جديدة، فالرفع ليس المراد بالاستئناف قطع الارتباط بين الجمل في المعنى بل المراد الارتباط اللفظي، أي الإعرابي. واعلم ان المروي من ذلك، من آية أو شعر، ينطق به على روايته وقد تحتمل الأوجه الثلاثة في كلام واحد، وقد مثلوا له بقولهم "لا تأكل السمك وتشرب اللبن". فإن أردت النهي عن الجمع بينهما، نصبت ما بعدها، لأنها حينئذ للمعية. وإن أردت النهي عن الأول وحده، وإباحة الآخر، رفعت ما بعدها لأنها حينئذ للاستئناف ويكون المعنى "لا تأكل السمك، ولك أن تشرب اللبن".
والواو والفاءُ هاتانِ لا تُقدَّر (أنْ) بعدهما إلا إذا وقعتا في جواب نفي أو طلبٍ فمثالُ النفي مع الفاء "لم تَرحمْ فتُرحمَ" ومثال الطلب معها "هل ترحمون فتُرحموا؟". ومثال النفي مع الواو "لا نأمرُ بالخير ونُعرضَ عنه" ومثال الطلب معها "هل ترحمون فتُرحموا؟". ومثال النفي مع الواو "لا نأمرُ بالخير ونُعرضَ عنه" ومثال الطلب معها "لا تأمروا بالخير وتعرضوا عنه".
فإن لم يسبقهما نفيٌ أو طلبٌ، فالمضارعُ مرفوعٌ، ولا تقدَّرُ (أنْ)، نحو "يُكرمُ الأستاذُ المجتهدَ، فيخجَلُ الكسلانُ"، ونحو "الشمسُ طالعةٌ وينزلُ المطرُ".
وشرطُ النفيِ أن يكون نفياً محضاً. فإن كان في معنى الإثبات، لم تُقدَّرْ بعده (أن) فيكونُ الفعل مرفوعاً، نحو "ما تزالُ تجتهدُ فتتقدَّمُ" إذِ المعنى أنت ثابتٌ على الاجتهاد. ونحو (ما تيجئُنا إلا فنكرمُكَ). فالنفي منتقضٌ بإلاّ، إذِ المعنى إثبات المجيء.
ولا فرق بين أن يكون النفيُ بالحرف، نحو (لم يجتهد فيُفلحَ أو بالفعل، نحو (ليس الجهل محموداً فتُقبلَ عليه)، أو بالإسم، نحو الحلمُ غيرُ مذموم فتَنْفِرَ منه.
ويُلحَقُ بالنفي التَّشبيهُ المرادُ به النفي والإنكارُ، نحو كأنَّك رئيسُنا فنُطيعَكَ!، أي ما أنتَ رئيسنا. وكذا ما أفاد التَّقليل. نحو (قد يجودُ البخيلُ فيُمدَحَ) أو النفيَ، نحو (قلَّما تجتهدُ فتنجَح).
والمرادُ بالطَّلبِ الأمرُ بالصيغة أو باللامِ، والنهيُ، والاستفهام، والتّمنِّي والترجّي، والعَرْضُ، والتَّحضيضُ.
أما ما يَدلُّ على معنى الأمر بغير صيغة الأمر أو لامِ الأمر (كاسم فعلِ الأمر)، نحو

ص289

(صَهْ، فينامُ الناسُ). أو المصدرِ النائبِ عن فعل الأمر، نحو (سُكوتاً، فينامُ الناس). أو ما لفظُه خَبر ومعناهُ الطلب، نحو "حَسبُكَ الحديثُ، فينامُ الناسُ")، فلا تُقدَّر "أن" بعده. ويكونُ الفعل مرفوعاً على أصحِّ مذاهبِ النحاة. وأجازَ الكسائيُّ نصبَهُ في كل ذلك. وليس ببعيد من الصواب.
والفعلُ المنصوب بأن مَضمَرةً وجوباً، بعد الفاءِ والواو هاتين، مؤَوَّل بمصدرٍ يُعطفُ على المصدرِ المسبوكِ من الفعل المتقدم. فإذا قلت "زُرني فأكرمَكَ، ولا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثله" فالتقديرُ "لِيكنْ منك زيارةٌ لي فإكرامٌ مني إيَّاكَ، ولا يكن منك نهيٌ عن خلق واتيان مثلهِ".
(واعلم أنه إذا سقطت فاء السببية هذه بعد ما يدل على الطلب، يجزم الفعل بعد سقوطها إن قصد بقاء ارتباط ما بعدها بما قبلها ارتباط فعل الشرط بجزائه. فإن اسقطت الفاء في قولك "اجتهد فتنجح"، قتل "اجتهد تنجح". ومنه قوله تعالى {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم}. وقول امرئ القيس
*قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل           بسقط اللوى بين الدخول فحومل*
(فإذا أردت الاستئناف، رفعت الفعل، نحو عدل، ينزل المطر). فليس المراد أن تعجل بنزول المطر. وكذا إذا كانت الجملة نعتاً لما قبلها، كقولك "صاحب رجلا يدلك على الله. ومنه قوله {فهب لي من لدنك ولياً يرثني} أي ولياً وارثاً لي. وقد قرئت الآية بالجزم أيضاً، على معنى "إن يهب لي ولياً يرثني". وكذا إذا كانت الجملة في موضع الحال فإنك ترفع الفعل، نحو "قل الحق لا تبالي اللائمين" أي غير مبال بهم. ومنه قوله تعالى {ولا تمنن تستكثر}، أي مستكثراً).
4- حتى وهي "حتى الجارَّةُ، التي بمعنى "إلى" أو لامِ التعليل. فالأول نحو "قالوا لن نبرحَ عليه عاكفين حتى يَرجعَ إلينا موسى". والثاني نحو "أطعِ الله حتى تَفوزَ برضاهُ" أي إلى أن يرجعَ، ولتفوز. وقد تكون بمعنى "إلاّ" كقولهِ
*ليْسَ العطاءُ من الفُضُولِ سَماحةً            حتى تَجودَ وما لَدَيْكَ قَليل*
أي إلاّ أن تجودَ. والفعل بعده مؤول بمصدرٍ مجرورٍ بها. ويُشترط في نصب الفعل بعدها بأن مضمرة، أن يكون مستقبلاً، أمّا بالنسبة إلى كلام التكلم، واما بالنسبة إلى ما قبلها.

ثم إن كان الاستقبالُ بالنسبة إلى زمان التكلم وإلى ما قبلها. وجب النصبُ لأنّ الفعلَ مُستقبلٌ حقيقةً، نحو صُمْ حتى تَغيبَ الشمس" فغياب الشمس مُستقبلٌ بالنسبة إلى كلام المتكلم، وهو أيضاً مستقبلٌ بالنسبة إلى الصيام, وإن كان الاستقبال بالنسبة إلى ما قبلها فقطْ، جاز النصب وجاز الرفع. وقد قُرِئَ قوله {وزُلزلوا حتى يقولَ الرسولُ} بالنصب بأن مضمرةً، باعتبار استقبال الفعل بالنسبة إلى ما قبله لأن زلزالهم سابقٌ على قول الرسول. وبالرفع على عدم تقدير "أن"، باعتبار، ان الفعل ليس مستقبلا حقيقةً. لأنَّ قول الرسول وقع قبل حكايةِ قوله، فهو ماضٍ

ص290

بالنسبة إلى وقت التكلُّم. لأنه حكايةُ حالٍ ماضية و "أن" لا تدخل إلا على المستقبل.

فإن أريدَ بالفعل معنى الحال، فلا تُقدَّر "أن، بل يُرفع الفعل بعدها قطعاً، لأنها موضوعةٌ للاستقبال، نحو "ناموا حتى ما يستيقظون". ومنه قولهم "مرض زيدٌ حتى ما يَرجونهُ" وتكون "حتى" حينئذٍ حرفَ ابتداءٍ والفعل بعدها مرفوعٌ للتجرد من الناصب والجازم. وحتى الابتدائية حرفٌ تُبتدأُ به الجُمَلُ. والجملةُ بعدها متسأنَفة، لا محل لها من الإعراب.
وعلامة كون الفعل للحال أن يصلح وضعُ الفاء في موضع حتى. فإذا قلت "ناموا فلا يستيقظون، ومرض زيد فلا يرجونه"، صحَّ ذلك.
(5) أو. ولا تُضمَرُ بعدها (أن) إلا أَن يَصلُحَ في موضعها (إلى) أو (إلاّ) الاسثنائيّة، فالأول كقول الشاعر:-

*لأَّستَسْهلنَّ الصَّعْبَ أو أدْرِكَ المُنى          فما انقادَتِ الآمالُ إلاَّ لَصابرِ*

أي إلى أن أدرك المنى، والثاني كقول الآخر:-

*وكُنتُ إذا غَمَزْتُ قناةَ قَوْمٍ * كَسَرْتُ كُعوبَها أَو تَسْتَقِيما*

أي إلا أن تستقيم.
والفعلُ، المنصوب بأن مُضمَرةً بعد (أو)، معطوفٌ على مصدرٍ مفهومٍ من الفعل المتقدم، وتقديرُه في البيت الأول (لَيَكونَنَّ مني استسهالٌ للصَّعبِ أو إدراكٌ للمنى)، وتقديرُه في البيت الآخر ليكوننَّ مني كسرٌ لكُعوبها أو استقامة منها).
واعلم أن تأويل "أو" بإلى أو إلا. انما هو تقدير يلاحظ فيه المعنى دون الإعراب. أما التقدير الإعرابي باعتبار التركيب فهو أن يؤول الفعل قبل "أو" بمصدر يعطف عليه المصدر المسبوك بعدها بأن المضمرة. كما رأيت وانما أول ما قبل "أو" بمصدر لئلا يلزم عطف الاسم (وهو المصدر المسبوك بأن المقدرة على الفعل. وذلك ممنوع).

شُذوذ حذف أنْ
لا تَعمل "أن" مُقدَّرة إلا في المواضع التي سبقَ ذِكرُها. وقد ورد حذفُها ونصب الفعلِ بعدها في غير ما سبق الكلام عليه، ومن ذلك قولهم "مُرْهُ يَحفِرَها" و "خُذِ اللصَّ قبل يأخذَكَ"، والمثل "تَسمعَ بالمُعَيدِيّ خيرٌ من أن تراه، وقول الشاعر طرفة:

ص291

*ألا أَيُّهذا الزَّاجِري أحضُرَ الوغى            وأَنْ أَشهَدَ اللَّذَّاتِ، هَلْ أَنتَ مُخْلدي؟!*
أي طأن يحفرَها، وأن يأخذكَ، وأن تسمَع، وأن أحضُرَ" وذلك شاذّ لا يقاسُ عليه. والفصيحُ أن يُرفعَ الفعلُ بعد حذفِ "أن"، لأنَّ الحرفَ عاملٌ ضعيفٌ، فإذا حذفَ بطلَ عملُه. ومن الرفع بعد حذفها قوله تعالى {ومن آياته يُريكمُ البرقَ خوفاً وطمعاً}، وقوله {قُلْ أَفَغيرَ الله تأمروني أعبُدُ}، والأصلُ "أن يريكم، وأن أعبد".

ص292

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي