الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
التشيع
المؤلف:
شوقي ضيف
المصدر:
عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة:
ص54
4-7-2016
2322
التشيع(1) :
من الخطأ أن نظن أن ثورة أحد أحفاد من ناصروا عليا في صفين كانت ثورة شيعية كما حدث في عهد عبد الرحمن الداخل و بالمثل ثورة حفيد لعمار بن ياسر عليه، و يقال إن عمر بن حفصون اتصل-في أثناء ثورته- بالفاطميين و كانوا لا يزالون في القيروان و لم يكن اتصال ولاء إنما كان اتصالا سياسيّا كيديا للأمير عبد اللّه بن محمد. و دعا ثائر أموي لنفسه سنة ٢٨٨ للهجرة هو أحمد بن معاوية و تلقب بالمهدي، فظنّ خطأ-لهذا اللقب- أن لثورته علاقة بالتشيع و كل ما هناك أنه استعار هذا اللقب من دعاة الشيعة. و نجد ابن عبد ربه المتوفى سنة ٣٢٨ يتحدث في كتابه «العقد الفريد» عن الشيعة و فرقهم و ليس معنى ذلك أنه كان شيعيا، فقد كان متشيعا للأمويين متعصبا لهم.
و حاول آسين بلاسيوس أن يرد بعض آراء ابن مسرة المتوفى سنة ٣١٩ إلى آراء الإسماعيلية من الشيعة لمقامه فترة في القيروان عاصمة الفاطميين قبل انتقالهم إلى مصر.
غير أنها ترد-كما سنرى في غير هذا الموضع-إلى الاعتزال و التصوف و الفلسفة، فلا علاقة بينه و بين التشيع، و بالمثل لا علاقة بين منذر بن سعيد خطيب عبد الرحمن الناصر و بينه. و حقا أرسل الفاطميون بعض جواسيسهم للتعرف على الأندلس و الدعوة لهم مثل ابن حوقل، غير أن ذلك لم يأت بطائل، إذا استثنينا تشيع ابن هانئ الشاعر الأندلسي و إيمانه بالعقيدة الإسماعيلية، و ربما كان أبوه من دعاتهم السرّيين في الأندلس.
و وجدت في الأندلس زمن الفتنة الأموية فرصة للشيعة كي ينشطوا للدعوة إلى أنفسهم هناك حين استولى على بن حمود-من أسرة الأدارسة في المغرب-على مقاليد الخلافة الأموية سنة 4٠٧ غير أن غلمانه قتلوه-كما أسلفنا-في السنة التالية، و ولى
بعده أخوه القاسم، و نازعه ابن أخيه المعتلى-كما مر بنا-و لم يلبث أن لحق بمالقة، و بها قتل سنة 4٢٧. و لم يأخذ هؤلاء الحموديون الفرصة كي ينشروا في الأندلس دعوة شيعية، و هم أنفسهم لم ينظّموا هذه الدعوة هناك. و تنشأ صلة في عهد أمراء الطوائف بين أمير دانية علي بن مجاهد و الفاطميين غير أنها لا تتعدى تبادل بعض الرسائل. و يربط بعض الباحثين بين ما حظى به اليهود-لعهد الطوائف-من مكانة في غرناطة و بين ما كان في أمرائها بني زيري من نزعة شيعية، و كأنما للتشيع صلة باليهودية، و هو ربط بعيد، و الصحيح أن اليهود حظوا بهذه المكانة عند بني زيري لقدرتهم الاقتصادية مما جعل بني زيري يولون أحدهم-و هو ابن النغريلة-الوزارة و نستطيع أن نزعم أن الأندلس كانت محصنة ضد التشيع و دعاته، حتى ليقول المقدسي في أواخر القرن الرابع الهجري إن الأندلسيين إذا عثروا على متشيع ربما قتلوه. و حتى بعد انتهاء الدولة الأموية نجد كبار المؤرخين في الأندلس مثل ابن حيان و كبار المفكرين هناك مثل ابن حزم يتعصبون للأمويين ضد الشيعة تعصبا شديدا. و كل ما يمكن أن يكون للتشيع في الأندلس إنما هو بعض الأصداء في مدائح الشعراء للحموديين في قرطبة و مالقة لمدة ربع قرن، و هي أصداء ضعيفة جدا إذا قلما صدر الشعراء في شعرهم عن تشيع حقيقي لآل البيت. و سنرى في حديثنا عن الرثاء أن الأندلسيين أخذوا منذ عصر المرابطين يستوحون مأساة الحسين في نظم بعض مراث له، بل لقد أقاموا له أحيانا مآتم يندبونه فيها، و كأنما كانوا يندبون مأساتهم و مأساة رجالهم في الأندلس. و نخلص من كل ما قدمنا إلى أنه لم تظهر في الأندلس موجة حادّة للتشيع، و كل ما حدث أن أفرادا قد يتشيعون، و هو تشيع لا يعدو-غالبا-حب آل البيت.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1-انظر في التشيع بالأندلس صورة الأرض لابن حوقل و أحسن التقاسيم للمقدسي و العقد الفريد لابن عبد ربه و المغرب في مواضع مختلفة و التشيع في الأندلس للدكتور محمود مكى و مصادره.