اعتذار أهل السنّة بشأن عدم انتقاد عمل الصحابة هو اعتذار الجاهليّين
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج2/ص124-126
2025-11-16
33
هذا الجواب هو جواب أهل الجاهليّة أنفسهم في مقابل البراهين الساطعة والآيات الباهرة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فعند ما كان يقرأ عليهم آيات الله، ويسدّ منافذ الشرك عليهم عن طريق العقل والفطرة. ويلزمهم بعبادة الله وحده، ويبيّن ذلك لهم بالدليل والبرهان كانوا يقولون: {إنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ}[1].
وعند ما كان يقال لهم هلمّوا اتّبعوا أحكام الله، كانوا يقولون: لا نترك ما ألفينا عليه آباءنا: {وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ ولَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً ولا يَهْتَدُونَ}[2].
ونحن أيضاً نقول لأهل السنّة: هل الميزان في الدين وتعاليمه هو كتاب الله وسنّة نبيّه؟ أو أنّ لعمل الصحابة حجّيّته تجاههما؟ فلو كانت الحجّة كتاب الله وسنّة رسوله، فلا يجب أن يُخفَّق في أعمالهم بعرضها على الكتاب والسنّة فيستحسن الحسن منه ويستقبح القبيح. أمّا إذا اتّخذنا عمل الصحابة دليلًا للاعتقاد والعمل ونظرنا إليه نظرتنا إلى الكتاب والسنّة، فعند ذلك يظهر لنا دين جديد متمخّضاً عن عمل الصحابة وعمل رسول الله. ومن الطبيعيّ، فإنّ هذا الدين سوف لن يكون ديناً سماويّاً، وذلك لأنّنا يجب أن نعطّل بعض السنّة أو بعض الكتاب ونضعهما جانباً بسبب حجّيّة عمل الصحابة، ونتركهما عند تعارضهما مع عمل الصحابة. ومحصّلة ذلك أنّ عمل الصحابة هو ملاك العمل، فأين هذا التصوّر؟ وأين الإسلام؟ لقد أجاب السنّة جواب أهل الجاهليّة، واتّخذوا من اتّباع السلف والصحابة ملاكاً لعملهم معرضين عن الآيات القرآنيّة الصريحة والأخبار المتضافرة المتواترة بشأن وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام وخلافته الحقّة. وقد أوّلوا كلّ واحدة منها بنحو لا يقبل التأويل، وبرّروها بمبرّرات باهتة يدحضها المنطق: {وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ ولَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً ولا يَهْتَدُونَ}[3].
»وعند ما يقال لهم: تعالوا نتّبع ما أنزل الله ونقتدي بسيرة النبيّ وعمله (و هما أصلان أصيلان للاعتقاد والعمل ولا نلحق بهما شيئاً آخر ونجعله من اصولنا الاعتقاديّة ولا نتّبع الأهواء الباطلة. الميزان هو الحق وكفي. لا عمل الصحابة. الميزان قول الله وسيرة رسوله، لا عمل البشر المعرّضين للخطأ) قالوا: حسبنا سيرة آبائنا وكبرائنا (يقول الله): أنّ آباءهم لا يعلمون شيئاً أبداً ولا يهتدون إلى الطريق المستقيم.«
[1] الآية 22، من السورة 43: الزخرف.
[2] الآية 170، من السورة 2: البقرة.
[3] الآية 104، من السورة 5: المائدة.
الاكثر قراءة في فرق واديان ومذاهب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة