عقود الزواج في العهد الفارسي
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج15 ص 533 ــ 335
2025-11-10
63
وفي عهد الحكم الفارسي في مصر تقدِّم لنا الوثائق الديموطيقية العتيقة صورة جديدة من عقود الزواج؛ إذ نقرأ في صيغها أن المرأة قد أصبحت حرة في أن تعقد زواجها مع من ترغب فيه دون قيد أو شرط، وفي مثل هذه العقود لا يقوم والد العروس بأي دور في وثيقة الزواج، بل نجد أن المرأة هي التي تقوم بأداء هذا الدور؛ فتكون هي الطرف الأول في عقد الزواج، وزوجها هو الطرف الثاني، وتكون العصمة في يدها؛ أي إنها هي التي تطلقه إذا شاءت (1)، وهذا ما نجده في الشريعة الإسلامية عندما تطلب المرأة عند الزواج أن تكون العصمة في يدها، والواقع أن هذا يحدث عندما تكون المرأة صاحبة ثراء وجاه. على أنه من الجائز أن الحرية التي نالتها المرأة في تلك الفترة قد يُنسَب إلى تأثير الحكم الفارسي (2).
وكانت هناك إجراءات لا بد من القيام بتنفيذها قبل الزواج الفعلي. فقد رأينا أن الزوج كان يذهب إلى بيت نسيبه المرتقب، ويطلب إليه الموافقة على الزواج، ولدينا بعض تفاصيل في هذا الصدد جاءت في قصة ظلامة «بيتسي» التي أسهبنا فيها القول في الجزء الثاني عشر.
ومن البديهي أن البنت عند الزواج لا بد أن تكون قد وصلت سن البلوغ، ومع ذلك نجد في حالات قد تزوجت فيها البنت وهي لم تتجاوز الثانية عشرة والنصف من عمرها إذا كانت قد بلغت الحلم كما أشرنا إلى ذلك من قبل (3).
هذا ونجد في قصة «بتيسي» أن ابنته التي تزوجت حديثًا كانت من طريق سلوكها مع زوجها تظهر بأنها لا تزال طفلة، ولا تعرف معنى الزواج الجنسي الحقيقي، وذلك أن والدها عندما كان ذاهبًا إلى «طيبة» للقيام بتأدية أعمال خاصة به مع زملائه هناك جاء إلى بيتها ليودعها في بيت زوجها الذي تأهلت به حديثًا، ولكنها عندما علمت أن والدها سيتركها ويرحل بعيدًا عنها أخذت تنتحب ورَجَتْه أن يأخذها معه، وعندما سألها عن السبب في رغبتها في الذهاب إلى «طيبة» مع أنه من الأفضل أن تبقى لتقضي شهر العسل مع زوجها، أجابته بأنها ستكون أسعد حالًا عندما تذهب معه لتكون مع أخوتها من أن تبقى لتمضي شهر العسل مع زوجها، وعلى أية حال فإن الزواج المبكر في مصر كان دائمًا مشكورًا مستحبًّا.
ومن دَرْسِ عقود الزواج التي عُثِر عليها في «طيبة» في العهد الذي سبق عصر البطالمة يمكن أن نستنبط النقاط التالية:
أولًا: كان لا بد لإتمام الزواج من موافقة والد العروس.
ثانيًا: كانت المرأة في العهد الفارسي حرَّةً في أن تعقد قرانها مباشرة مع من جاء لخطبتها.
ثالثًا: كان الزوج يدفع الصداق للزوجة في الوجه القبلي، ولكن في الوجه البحري كانت الزوجة هي التي تدفع المهر للزوج، وهذا الإجراء الأخير جاء عن التأثير الفارسي.
رابعًا: كان الصداق يعد ملكًا للزوجة.
خامسًا: كانت عصمة المرأة في يدها.
سادسًا: وفي حالة الطلاق كان على الزوج أن يرد الصداق، ويدفع ضعفه غرامة، هذا بالإضافة إلى ثلث كل ما يملك من عقار وغيره.
يضاف إلى ذلك أنه كان على الزوجة أن ترد الصداق، وكذلك تدفع ما يقابل نصفه، وتفقد حقها في ثلث عقار الرجل إذا هي خانته.
سابعًا: كان الرجل دائمًا يتزوج من نطاق أسرته، وكان زواج بنت الأخت والأخ مباحًا.
ثامنًا: كان الزواج يحدث عادة في فصل الفيضان، وذلك عندما تكون أعمال الزرع معطلة.
تاسعًا: لم نجد في عقود الزواج شروطًا خاصة بالنفقة التي يعطيها الزوج امرأته، وكذلك لم نجد قائمة بجهاز المرأة وما يجب على الزوج بخصوصه.
................................................
1- راجع مصر القديمة الجزء الثالث عشر.
2- J.E.A XIV, 152.
3- Griffith Enc. Of Religion and Ethics vol. VII. 443.
الاكثر قراءة في العصور القديمة في مصر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة