جنّة آدم
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 2، ص339-340.
2025-11-10
42
جنّة آدم
قال تعالى : {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } [الأعراف : 19 - 24].
سئل الصادق عليه السّلام عن جنّة آدم أمن جنان الدنيا كانت ، أم من جنان الآخرة ؟
فقال عليه السّلام : « كانت من جنان الدنيا ، تطلع فيها الشّمس والقمر ، ولو كانت من جنان الآخرة ما أخرج منها أبدا آدم ولم يدخلها إبليس ». قال : « أسكنه اللّه الجنّة وأتى بجهالة إلى الشّجرة فأخرجه لأنّه خلق خلقة لا تبقى إلّا بالأمر والنهي والغذاء واللباس والاكتنان والنكاح ، ولا يدرك ما ينفعه ممّا يضرّه إلّا بالتوقيف « 1 » ، فجاءه إبليس ، فقال له : إنّكما إذا أكلتما من هذه الشجرة التي نهاكما اللّه عنها صرتما ملكين ، وبقيتما في الجنّة أبدا ، وإن لم تأكلا منها أخرجكما اللّه من الجنّة . وحلف لهما أنّه لهما ناصح كما قال عزّ وجلّ حكاية عنه : ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فقبل آدم قوله : فأكلا من الشجرة ، فكان كما حكى اللّه فبدت لهما سوءاتهما « 2 » ، وسقط عنهما ما ألبسهما اللّه من لباس الجنّة وأقبلا يستتران بورق الجنّة ، فناداهما ربّهما :
{أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ} فقالا كما حكى اللّه عزّ وجلّ عنهما : { رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ} فقال اللّه لهما : {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ }- قال : - إلى يوم القيامة ».
قال : « فهبط آدم على الصّفا ، وإنّما سمّيت الصّفا لأنّ صفوة اللّه أنزل عليها ، ونزلت حوّاء على المروة ، وإنّما سمّيت المروة لأنّ المرأة أنزلت عليها ، فبقي آدم أربعين صباحا ساجدا يبكي على الجنّة ، فنزل عليه جبرائيل عليه السّلام فقال : يا آدم ألم يخلقك اللّه بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ؟ قال : بلى . قال : وأمرك أن لا تأكل من الشجرة ، فلم عصيته ؟ قال : يا جبرائيل ، إنّ إبليس حلف لي باللّه إنّه لي ناصح ، وما ظننت أنّ خلقا يخلقه اللّه يحلف باللّه كاذبا » « 3 ».
_______________
( 1 ) التوقيف : نصّ الشارع المتعلّق ببعض الأمور.
( 2 ) قال عليه السّلام - أي الصادق - : « كانت سوءاتهما لا تبدو لهما فبدت » يعني كانت من داخل .
( تفسير العياشي : ج 2 ، ص 11 ، ح 12 ).
( 3 ) تفسير القمي : ج 1 ، ص 43.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة