تحدي القران الكافرين بان يأتوا بسورة مثله
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 3، ص232-233.
2025-10-09
212
تحدي القران الكافرين بان يأتوا بسورة مثله
قال تعالى : {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس : 37، 38].
قال الشيخ الطبرسي ( رحمه اللّه تعالى ) : ثم رد اللّه سبحانه على الكفار قولهم : إئت بقرآن غير هذا ، أو بدله.
وقولهم أن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم افترى هذا القرآن فقال : { وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى } أي : افتراء مِنْ دُونِ اللَّهِ فأقام أن مع الفعل مقام المصدر ، بل هو وحي من اللّه ، ومتلقى منه { وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } من الكتب كما قال في موضع آخر { مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ }.
وهذه شهادة من اللّه بأن القرآن صدق وشاهد لما تقدم من التوراة والإنجيل والزبور ، بأنها حق ، ومن وجه آخر هو شاهد لها من حيث أنه مصداق لها على ما تقدمت البشارة به فيها . وقيل : معناه تصديق الذي بين يديه في المستقبل من البعث والنشور ، والحساب ، والجزاء . {وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ} أي : تبيين المعاني المجملة في القرآن من الحلال ، والحرام ، والأحكام الشرعية . وقيل : معناه وبيان الأدلة التي تحتاجون إليها في أمور دينكم {لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ } أي : لا شك فيه أنه نازل من عند اللّه ، وأنه معجز لا يقدر أحد على مثله ، وهذا غاية في التحدي.
أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ : هذا تقرير على موضع الحجة بعد مضي حجة أخرى وتقديره : بل أيقولون أفتراه هذا فألزمهم على الأصل الفاسد إمكان أن يأتوا بمثله و قُلْ لهم فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ أي : مثله في البلاغة لأنكم من أهل لسانه ، فلو قدر على ذلك لقدرتم أنتم أيضا عليه ، فإذا عجزتم عن ذلك فاعلموا أنه ليس من كلام البشر ، وأنه منزل من عند اللّه عز اسمه ، وقيل : بِسُورَةٍ مِثْلِهِ أي : بسورة مثل سورة منه . وقال : مِثْلِهِ لأنه إنما التمس من هذا شبه الجنس .
{ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ } أي وادعوا من قدرتم عليه من دون اللّه ، واستعينوا به للمعاضدة على المعارضة بسورة مثله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في أن هذا القرآن مفترى من دون اللّه ، وهذا أيضا غاية في التحدي والتعجيز « 1 ».
__________
( 1 ) مجمع البيان : ج 5 ، ص 189 .
الاكثر قراءة في الإعجاز البلاغي والبياني
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة