التحدي بالقران
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص222-223.
2025-08-29
240
التحدي بالقران
قال تعالى { وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } [الإسراء : 86، 86].
قال الشيخ الطبرسيّ ( رحمه اللّه تعالى ) : {وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ } يعني القرآن ، ومعناه : إني أقدر أن آخذ ما أعطيتك كما منعت غيرك ، ولكني دبرتك بالرحمة لك ، فأعطيتك ما تحتاج إليه ، ومنعتك ما لا تحتاج إلى النص عليه ، وإن توهم قوم أنه مما تحتاج إليه ، فتدبر أنت بتدبير ربك ، وارض بما اختاره لك ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا أي : ثم لو فعلنا ذلك ، لم تجد علينا وكيلا يستوفي ذلك منا ، وقيل : معناه ولو شئنا لمحونا هذا القرآن من صدرك ، وصدر أمتك ، حتى لا يوجد له أثر ، ثم لا تجد له حفيظا يحفظه عليك ويحفظ ذكره على قلبك . . . قالوا : وفي هذا دلالة على أن السؤال وقع عن القرآن.
إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ معناه : لكن رحمة من اللّه ربك لك ، أعطاك ما أعطاك من العلوم ، ومنعك ما منعك منها ، وأثبت القرآن في قلبك ، وقلوب المؤمنين إِنَّ فَضْلَهُ كانَ فيما مضى . وفيما يستقبل عَلَيْكَ كَبِيراً عظيما إذ اختارك للنبوة ، وخصك بالقرآن ، فقابله بالشكر . وقال ابن عباس : يريد حيث جعلك سيد ولد آدم ، وختم بك النبيين ، وأعطاك المقام المحمود.
ثم احتج سبحانه على المشركين بإعجاز القرآن ، فقال : {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ } معناه :
قل يا محمد لهؤلاء الكفار : لئن اجتمعت الإنس والجن ، متعاونين متعاضدين ، على أن يأتوا بمثل هذا القرآن في فصاحته وبلاغته ونظمه ، على الوجوه التي هو عليها ، من كونه في الطبقة العليا من البلاغة ، والدرجة القصوى من حسن النظم ، وجودة المعاني ، وتهذيب العبارة ، والخلو من التناقض ، واللفظ المسخوط . والمعنى : الدخول على حد يشكل على السامعين ما بينهما من التفاوت ، لعجزوا عن ذلك ، ولم يأتوا بمثله « 1 ».
{وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً } : أي معينا « 2 ».
________________
( 1 ) مجمع البيان : ج 6 ، ص 290 .
( 2 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 25 .
الاكثر قراءة في الإعجاز البلاغي والبياني
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة