ازدانت مدينة بعلبك بألوان الزينة والزخارف...
وانطلق أهلها في الصباح الباكر نحو المعبد الكبير لأداء الطقوس لإلههم بعل.
وركب الملك في مقدمتهم وبجواره زوجته تحوطهما مظاهر العظمة والسلطان.
حتى إذا وصل الركب الملكي إلى المعبد أخذت المراسم الوثنية تجري بدقة وانتظام.
بينما الصنم المعبود يقوم على قاعدة حجرية سوداء في صدارة المعبد.
وتعالت أصوات التقديس في جنبات المعبد الكبير.
والكهنة بملابسهم الملونة يؤمون مراسم العبادة ويقدمون القرابين.
وعندما كان القوم منهمكين في أداء الطقوس
دخل عليهم إلياس النبي (عليه السلام).
وكان من ولد هارون (عليه السلام) وقد بعثه الله إلى هذا السبط من بني اسرائيل الذين سكنوا مدينة بعلبك بعد أن دخل بهم يوشع بن نون (عليه السلام) الشام.
فطغوا وبغوا وافتتنوا بعبادة صنم يدعى (بعل).
وتركوا عبادة التوحيد ولم يذكروا نعمة الله عليهم.
وعندما دخل عليهم إلياس بلمالك المعبد، لم يعيروه اهتماما فناداهم قائلا:
{إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) } [الصافات: 124 - 126] ولكنهم كذبوه وسخروا منه وتوعدوه بالقتل إن لم يكف عن دعوته.
فتركهم إلياس (عليه السلام) بعد أن يئس منهم بينما أقاموا نهارهم على الشرك والعربدة، يدفعهم إلى ذلك الملك الطاغية وامرأته الماجنة..
وغاب الملك عن المدينة في سفر له.
وكان إذا غاب استخلف زوجته فتقضي بين الناس بالهوى والضلال.
وكان بالمدينة رجل صالح له بستان وريف فوثبت عليه امرأة الملك وقتلته واستولت على بستانه.
فغضب الله لعبده الصالح وآلى على نفسه أن يهلك الملك وزوجته إن لم يتوبا
وأخبرهما إلياس (عليه السلام) بذلك وقد صدع بالأمر الالهي فاشتد غيظ الملك وزوجته وهما بنبي الله لتعذيبه والتخلص منه.
فهرب منهم ولحق بالجبل وبقي به بضع سنين يأكل من نبات الأرض.
وكان للملك ولد يحبه ويعتز به ويعده للحكم.
فأمرضه الله مرضا شديدا.
فجاءوا له بالأطباء من كل مكان.
فلم يشفه دواء.
فلجأوا إلى إلههم بعل ليشفع له.
فلم ينفعهم ذلك.
فبعثوا الناس إلى الجبل وسألوا إلياس (عليه السلام) أن يهبط إليهم ويشفع لهم.
فنزل إلياس من الجبل.
وبدلاً من أن يشفع لهم خاطبهم قائلا:
إن الله أرسلني اليكم فاسمعوا رسالة ربكم وإنه يقول: ارجعوا إلى الملك فقولوا له إني أنا الله لا إله إلا أنا إله بني اسرائيل أضرهم وأنفعهم ولكنك تطلب الشفاعة لابنك من غيري ...
وعاد الناس إلى الملك وأخبروه بما حدث
فامتلأ غيظا واستشاط غضبا
وصاح فيهم:
ما الذي منعكم من قتله فانه عدوي؟
فأجابوه قائلين:
لقد قذف في قلوبنا الرعب..
فاحتال الملك بخمسين رجلا من قومه وأوصاهم قائلا:
اذهبوا إلى إلياس وأطمعوه بالايمان به فيغتر بكم ويمكنكم من نفسه
فانطلقوا إلى الجبل ونادوا:
يا نبي الله إبرز لنا فانا آمنا بك
فطمع إلياس (عليه السلام) في إيمانهم وقال:
اللهم إن كانوا صاديقين فأذن لي بالنزول إليهم وإن كانوا كاذبين فارمهم بنار تحرقهم.
فما استتم إلياس (عليه السلام) كلامه حتى رماهم الله بالنار فاحترقوا عن آخرهم
واشتد المرض بابن الملك حتى مات.
فجزع الملك جزعا شديدا ونزل البلاء ببني إسرائيل وأمسكت عنهم السماء قطرها، فاشتد بهم القحط وأسرع فيهم الموت.
فلما علموا أن ذلك من غضب الله لإلياس نبيه (عليه السلام) فزعوا إليه في الجبل وقالوا له:
نحن طوع يديك فانزل إلينا وادع الله أن يمطر علينا السماء وينبت لنا الأرض.
فرق لهم إلياس (عليه السلام) ونزل إليهم ودعا الله فجاءت سحابة وهطلت عليهم بالمطر.
وأقام إلياس (عليه السلام) بين أظهرهم وهم صالحون.
ثم ما لبثوا أن أدركهم البطر والطغيان فجحدوا حقه وتمردوا عليه
فسلط الله عليهم عدوا قصدهم ولم يشعروا به.
فألحق بهم الهزيمة وقتل الملك وامرأته، وألقاهما في بستان ذلك الرجل الصالح الذي قتلته زوجة ذلك الملك بينما كان الوحي الالهي يجلجل في السماء قائلا:
{فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} [الصافات: 127 - 129] ووصى إلياس (عليه السلام) إلى تلميذه اليسع.
ورفعه الله من بين أَظهر بني إسرائيل ثم بعث إليهم اليسع رسولا وأوحى إليه وأيده.
وكان البلاء قد عم بني إسرائيل وأنت عليهم الكوارث والمجاعات.
فآمنوا باليسع (عليه السلام) وكانوا يعظمونه ويهتدون بهداه.
حتى إذا كبر اليسع (عليه السلام) أوصى لذي الكفل (عليه السلام).
فأقام في بني اسرائيل وقد بعثه الله إليهم نبيا وكان لا يغضب إلا الله عز وجل.
ومع أنهم كانوا يطيعونه إلا أنهم أبوا عندما أمرهم الله بالجهاد وعادوا إلى سيرتهم الأولى.
فأجرى الله تعالى فيهم سنته التي قد خلت في عباده وخسر هنالك المبطلون.
ولن تجد لسنة الله تحويلا ومضت أعوام وأزمان وكان هنالك جبل شاهق له قلة عالية فسمع من قلته صوت يقول اللهم اجعلني من الأمة المرحومة المغفورة فتجاوب معه هاتف الوحي:
{ سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} [الصافات: 130 - 132]
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
				
				
					
					 الاكثر قراءة في  قصة النبي إلياس واليسع
					 الاكثر قراءة في  قصة النبي إلياس واليسع					
					
				 
				
				
					
					 اخر الاخبار
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة