النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
الإمام الكاظم "ع" وعلماء النصارى
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
الإمام الكاظم "ع" سيد بغداد
الجزء والصفحة:
ص285-294
2025-08-10
53
إسلام الراهب بُرَيْهَة على يده ( عليه السلام )
روى في الكافي : 1 / 227 ، وبصائر الدرجات / 156 والصدوق في كتابه التوحيد / 270 ، بسنده : « عن هشام بن الحكم ، عن جاثليق من جثالقة النصارى يقال له بريهة ، قد مكث جاثليق النصرانية سبعين سنة وكان يطلب الإسلام ، ويطلب من يحتج عليه ممن يقرأ كتبه ويعرف المسيح بصفاته ودلائله وآياته ، قال : وعرف بذلك حتى اشتهر في النصارى والمسلمين واليهود والمجوس ، حتى افتخرت به النصارى وقالت : لو لم يكن في دين النصرانية إلا بريهة لأجزأنا ، وكان طالباً للحق والإسلام مع ذلك وكانت معه امرأة تخدمه طال مكثها معه ، وكان يسر إليها ضعف النصرانية وضعف حجتها قال : فعرفت ذلك منه فضرب بريهة الأمر ظهراً لبطن وأقبل يسأل فرق المسلمين والمختلفين في الإسلام من أعلمكم ؟
وأقبل يسأل عن أئمة المسلمين وعن صلحائهم وعلمائهم ، وأهل الحجى منهم وكان يستقرئ فرقة فرقة لا يجد عند القوم شيئاً ، وقال : لو كانت أئمتكم أئمة على الحق لكان عندكم بعض الحق ، فوصفت له الشيعة ووصف له هشام بن الحكم ، فقال يونس بن عبد الرحمن : فقال لي هشام : بينما أنا على دكاني على باب الكرخ جالس ، وعندي قوم يقرؤون عليَّ القرآن ، فإذا أنا بفوج النصارى معه ما بين القسيسين إلى غيرهم نحو من مائة رجل عليهم السواد والبرانس ، والجاثليق الأكبر فيهم بريهة ، حتى نزلوا حول دكاني ، وجعل لبريهة كرسي يجلس عليه فقامت الأساقفة والرهابنة على عصيهم وعلى رؤوسهم برانسهم ، فقال بريهة : ما بقي من المسلمين أحد ممن يذكر بالعلم بالكلام إلا وقد ناظرته في النصرانية ، فما عندهم شئ ، وقد جئت أناظرك في الإسلام ، قال : فضحك هشام فقال : يا بريهة إن كنت تريد مني آيات كآيات المسيح فليس أنا بالمسيح ولا مثله ولا أدانيه ، ذاك روح طيبة خميصة مرتفعة ، آياته ظاهرة ، وعلاماته قائمة .
قال بريهة : فأعجبني الكلام والوصف . قال هشام : إن أردت الحجاج فهاهنا ، قال بريهة : نعم فإني أسألك ما نسبة نبيكم هذا من المسيح نسبة الأبدان ؟
قال هشام : ابن عم جده لأمه ، لأنه من ولد إسحاق ومحمد من ولد إسماعيل ، قال بريهة ، وكيف تنسبه إلى أبيه ؟ قال هشام : إن أردت نسبه عندكم أخبرتك ، وإن أردت نسبه عندنا أخبرتك . قال بريهة : أريد نسبه عندنا وظننت أنه إذا نسبه نسبتنا أغلبه ، قلت : فانسبه بالنسبة التي ننسبه بها .
قال هشام : نعم ، تقولون : إنه قديم من قديم ، فأيهما الأب وأيهما الابن ؟
قال بريهة : الذي نزل إلى الأرض الابن ! قال هشام : الذي نزل إلى الأرض الأب ! قال بريهة : الابن رسول الأب . قال هشام : إن الأب أحكم من الابن لأن الخلق خلق الأب . قال بريهة : إن الخلق خلق الأب وخلق الابن . قال هشام : ما منعهما أن ينزلا جميعاً كما خلقا إذا اشتركا ؟ !
قال بريهة : كيف يشتركان وهما شئ واحد إنما يفترقان بالاسم !
قال هشام : إنما يجتمعان بالاسم ! قال بريهة : جهل هذا الكلام ! قال هشام : عرف هذا الكلام ! قال بريهة : إن الابن متصل بالأب ! قال هشام : إن الابن منفصل من الأب ! قال بريهة : هذا خلاف ما يعقله الناس ! قال هشام : إن كان ما يعقله الناس شاهداً لنا وعلينا ، فقد غلبتك لأن الأب كان ولم يكن الابن فتقول : هكذا يا بريهة ؟ قال : ما أقول هكذا ! قال : فلم استشهدت قوما لا تقبل شهادتهم لنفسك ! قال بريهة : إن الأب اسم والابن اسم يقدر به القديم .
قال هشام : الإسمان قديمان كقدم الأب والابن ؟ قال بريهة : لا ولكن الأسماء محدثة . قال : فقد جعلت الأب ابناً والابن أباً ، إن كان الابن أحدث هذه الأسماء دون الأب فهو الأب ، وإن كان الأب أحدث هذه الأسماء دون الابن فهو الأب والابن أب وليس هاهنا ابن !
قال بريهة : إن الابن اسم للروح حين نزلت إلى الأرض ، قال هشام : فحين لم تنزل إلى الأرض فإسمها ما هو ؟ قال بريهة : فاسمها ابن نزلت أو لم تنزل . قال هشام : فقبل النزول هذه الروح كلها واحدة واسمها اثنان ؟
قال بريهة : هي كلها واحدة روح واحدة . قال : قد رضيت أن تجعل بعضها ابناً وبعضها أباً . قال بريهة : لا لأن اسم الأب واسم الابن واحد .
قال هشام : فالإبن أبو الأب والأب أبو الابن ، والابن واحد ؟
قالت الأساقفة بلسانها لبريهة : ما مر بك مثل ذا قط تقوم ؟
فتحير بريهة وذهب ليقوم فتعلق به هشام ، قال : ما يمنعك من الإسلام ؟ أفي قلبك حزازة ؟ فقلها وإلا سألتك عن النصرانية مسألة واحدة تبيت عليها ليلك هذا فتصبح وليس لك همة غيري ، قالت الأساقفة : لا ترد هذه المسألة لعلها تشككك ، قال بريهة : قلها يا أبا الحكم . قال هشام : أفرأيتك الابن يعلم ما عند الأب ؟ قال : نعم . قال : أفرأيتك الأب يعلم كل ما عند الابن ؟ قال : نعم . قال : أفرأيتك تخبر عن الابن أيقدر على حمل كل ما يقدر عليه الأب ؟ قال : نعم . قال : أفرأيتك تخبر عن الأب أيقدر على كل ما يقدر عليه الابن ؟ قال : نعم . قال هشام : فكيف يكون واحد منهما ابن صاحبه وهما متساويان ، وكيف يظلم كل واحد منهما صاحبه ؟ ! قال بريهة : ليس منهما ظلم ! قال هشام : من الحق بينهما أن يكون الابن أب الأب والأب ابن الابن ! بِتْ عليها يا بريهة !
وافترق النصارى وهم يتمنون أن لا يكونوا رأوا هشاماً ولا أصحابه !
قال : فرجع بريهة مغتما مهتما حتى صار إلى منزله فقالت امرأته التي تخدمه : ما لي أراك مهتماً مغتماً ، فحكى لها الكلام الذي كان بينه وبين هشام ، فقالت لبريهة : ويحك أتريد أن تكون على حق أو على باطل ؟ ! فقال بريهة : بل على الحق ، فقالت له : أينما وجدت الحق فمل إليه ، وإياك واللجاجة ، فإن اللجاجة شك والشك شؤم وأهله في النار ، قال : فصوب قولها وعزم على الغدو على هشام !
قال : فغدا عليه وليس معه أحد من أصحابه ، فقال : يا هشام ألك من تصدر عن رأيه وترجع إلى قوله وتدين بطاعته ؟ قال هشام : نعم يا بريهة ، قال : وما صفته ؟ قال هشام : في نسبه أو في دينه ؟ قال : فيهما جميعاً صفة نسبه وصفة دينه ، قال هشام : أما النسب خير الأنساب : رأس العرب وصفوة قريش وفاضل بني هاشم ، كل من نازعه في نسبه وجده أفضل منه ، لأن قريشاً أفضل العرب وبني هاشم أفضل قريش ، وأفضل بني هاشم خاصهم ودينهم وسيدهم ، وكذلك ولد السيد أفضل من ولد غيره ، وهذا من ولد السيد .
قال : فصف دينه ، قال هشام : شرائعه أو صفة بدنه وطهارته ؟
قال : صفة بدنه وطهارته . قال هشام : معصوم فلا يعصي ، وسخي فلا يبخل ، شجاع فلا يجبن ، وما استودع من العلم فلا يجهل ، حافظ للدين قائم بما فرض عليه ، من عترة الأنبياء ، وجامع علم الأنبياء ، يحلم عند الغضب ، وينصف عند الظلم ، ويعين عند الرضا ، وينصف من الولي والعدو ، ولا يسأل شططاً في عدوه ، ولا يمنع إفادة وليه ، يعمل بالكتاب ويحدث بالأعجوبات ، من أهل الطهارات ، يحكي قول الأئمة الأصفياء ، لم تنقض له حجة ، ولم يجهل مسألة ، يفتي في كل سنَّة ، ويجلو كل مدلهمة .
قال بريهة : وصفت المسيح في صفاته وأثبته بحججه وآياته ، إلا أن الشخص بائن عن شخصه والوصف قائم بوصفه ، فإن يصدق الوصف نؤمن بالشخص ، قال هشام : إن تؤمن ترشد وإن تتبع الحق لا تؤنب .
ثم قال هشام : يا بريهة ما من حجة أقامها الله على أول خلقه إلا أقامها على وسط خلقه وآخر خلقه فلا تبطل الحجج ، ولا تذهب الملل ، ولا تذهب السنن !
قال بريهة : ما أشبه هذا بالحق وأقربه من الصدق ، وهذه صفة الحكماء يقيمون من الحجة ما ينفون به الشبهة .
قال هشام : نعم ، فارتحلا حتى أتيا المدينة والمرأة معهما وهما يريدان أبا عبد الله ( عليه السلام ) فلقيا موسى بن جعفر ( عليه السلام ) فحكى له هشام الحكاية ، فلما فرغ قال موسى بن جعفر ( عليه السلام ) : يا بريهة كيف علمك بكتابك ؟ قال : أنا به عالم ، قال : كيف ثقتك بتأويله ؟ قال : ما أوثقني بعلمي فيه . قال : فابتدأ موسى بن جعفر ( عليه السلام ) بقراءة الإنجيل ، قال بريهة : والمسيح لقد كان يقرأ هكذا وما قرأ هذه القراءة إلا المسيح ! ثم قال بريهة : إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك ! قال : فآمن وحسن إيمانه وآمنت المرأة وحسن إيمانها . قال : فدخل هشام وبريهة والمرأة على أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، وحكى هشام الحكاية والكلام الذي جرى بين موسى ( عليه السلام ) وبريهة ، فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ .
فقال بريهة : جعلت فداك أنى لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء ؟ قال : هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرؤوها ونقولها كما قالوها ، إن الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن شئ فيقول : لا أدري . فلزم بريهة أبا عبد الله ( عليه السلام ) حتى مات أبو عبد الله ( عليه السلام ) ، ثم لزم موسى بن جعفر ( عليه السلام ) حتى مات في زمانه فغسله بيده وكفنه بيده ولحده بيده ، وقال : هذا حواري من حواريي المسيح يعرف حق الله عليه ، قال : فتمنى أكثر أصحابه أن يكونوا مثله »
إسلام راهب آخر قصد الإمام ( عليه السلام ) من الشام
وروى في الكافي : 1 / 478 ، إسلام راهب آخر : « عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم قال : كنت عند أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) إذ أتاه رجل نصراني ونحن معه بالعريض ، فقال له النصراني : أتيتك من بلد بعيد وسفر شاق ، وسألت ربي منذ ثلاثين سنة أن يرشدني إلى خير الأديان وإلى خير العباد وأعلمهم ، وأتاني آت في النوم فوصف لي رجلاً بعَلْيَا دمشق فانطلقت حتى أتيته فكلمته ، فقال : أنا أعلم أهل ديني وغيري أعلم مني فقلت : أرشدني إلى من هو أعلم منك فإني لا أستعظم السفر ولا تبعد علي الشقة ، ولقد قرأت الإنجيل كلها ومزامير داود ، وقرأت أربعة أسفار من التوراة ، وقرأت ظاهر القرآن حتى استوعبته كله ، فقال لي العالم : إن كنت تريد علم النصرانية فأنا اعلم العرب والعجم بها وإن كنت تريد علم اليهود فباطي بن شرحبيل السامري أعلم الناس بها اليوم ، وإن كنت تريد علم الإسلام وعلم التوراة وعلم الإنجيل وعلم الزبور وكتاب هود وكلما أنزل على نبي من الأنبياء في دهرك ودهر غيرك ، وما أنزل من السماء من خبر فعلمه أحد أو لم يعلم به أحد فيه تبيان كل شئ وشفاء للعالمين ، وروح لمن استروح إليه ، وبصيرة لمن أراد الله به خيراً ، وأنس إلى الحق ، فأرشدك إليه ، فأته ولو مشياً على رجليك ، فإن لم تقدر فحبواً على ركبتيك ، فإن لم تقدر فزحفاً على استك ، فإن لم تقدر فعلى وجهك . فقلت : لا بل أنا أقدر على المسير في البدن والمال ، قال : فانطلق من فورك حتى تأتي يثرب ، فقلت : لا أعرف يثرب ، قال : فانطلق حتى تأتي مدينة النبي ( صلى الله عليه وآله ) الذي بعث في العرب ، وهو النبي العربي الهاشمي ، فإذا دخلتها فسل عن بني غنم بن مالك بن النجار ، وهو عند باب مسجدها ، وأظهر بزة النصرانية وحليتها ، فإن واليها يتشدد عليهم والخليفة أشد ، ثم تسأل عن بني عمرو بن مبذول وهو ببقيع الزبير ، ثم تسأل عن موسى بن جعفر وأين منزله وأين هو ، مسافر أم حاضر ؟ فإن كان مسافراً فالحقه فإن سفره أقرب مما ضربت إليه ، ثم أعلمه أن مطران عليا الغوطة غوطة دمشق هو الذي أرشدني إليك ، وهو يقرؤك السلام كثيراً ويقول لك : إني لأكثر مناجاة ربي أن يجعل إسلامي على يديك ، فقص هذه القصة وهو قائم معتمد على عصاه ، ثم قال : إن أذنت لي يا سيدي كفَّرت لك وجلست !
فقال ( عليه السلام ) : آذن لك أن تجلس ولا آذن لك أن تكفر ، فجلس ثم ألقى عنه برنسه ثم قال : جعلت فداك تأذن لي في الكلام ؟ قال : نعم ما جئت إلا له ، فقال له النصراني : أردد على صاحبي السلام أو ما ترد السلام ، فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : على صاحبك إن هداه الله ، فأما التسليم فذاك إذا صار في ديننا .
فقال النصراني : إني أسألك أصلحك الله ، قال : سل ، قال : أخبرني عن كتاب الله تعالى الذي أنزل على محمد ونطق به ، ثم وصفه بما وصفه به فقال : حَم . وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ . إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ما تفسيرها في الباطن ؟ فقال : أما حم فهو محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو في كتاب هود الذي أنزل عليه ، وهو منقوص الحروف . وأما الكتاب المبين فهو أمير المؤمنين علي وأما الليلة ففاطمة وأما قوله : فيها يفرق كل أمر حكيم ، يقول : يخرج منها خير كثير ، فرجل حكيم ورجل حكيم ، فقال الرجل : صف لي الأول والآخر من هؤلاء الرجال ، فقال : إن الصفات تشتبه ولكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله ، وإنه عندكم لفي الكتب التي نزلت عليكم ، إن لم تغيروا وتحرفوا وتكفروا وقديماً ما فعلتم !
قال له النصراني : إني لا أستر عنك ما علمت ولا أكذبك ، وأنت تعلم ما أقول في صدق ما أقول وكذبه ، والله لقد أعطاك الله من فضله ، وقسم عليك من نعمه ما لا يخطره الخاطرون ولا يستره الساترون ، ولا يكذب فيه من كذب ، فقولي لك في ذلك الحق كما ذكرت فهو كما ذكرت .
فقال له أبو إبراهيم ( عليه السلام ) : أعجلك أيضاً خبراً لا يعرفه إلا قليل ممن قرأ الكتب ، أخبرني ما اسم أم مريم وأي يوم نفخت فيه مريم وكم من ساعة من النهار ؟
وأي يوم وضعت مريم فيه عيسى ( عليه السلام ) ولكم من ساعة من النهار ؟
فقال النصراني : لا أدري . فقال أبو إبراهيم ( عليه السلام ) : أما أم مريم فاسمها مرثا وهي وهيبة بالعربية ، وأما اليوم الذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال ، وهو اليوم الذي هبط فيه الروح الأمين ، وليس للمسلمين عيد كان أولى منه ، عظمه الله تبارك وتعالى وعظمه محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، فأمر أن يجعله عيدا فهو يوم الجمعة وأما اليوم الذي ولدت فيه مريم فهو يوم الثلاثاء ، لأربع ساعات ونصف من النهار . والنهر الذي ولدت عليه مريم عيسى ( عليه السلام ) هل تعرفه ؟ قال : لا ، قال : هو الفرات ، وعليه شجر النخل والكرم ، وليس يساوي بالفرات شئ للكروم والنخيل ، فأما اليوم الذي حجبت فيه لسانها ونادى قيدوس ولده وأشياعه فأعانوه وأخرجوا آل عمران لينظروا إلى مريم ، فقالوا لها ما قص الله عليك في كتابه وعلينا في كتابه ، فهل فهمته ؟
قال : نعم وقرأته اليوم الأحدث ، قال : إذن لا تقوم من مجلسك حتى يهديك الله قال النصراني : ما كان اسم أمي بالسريانية وبالعربية ؟
فقال : كان اسم أمك بالسريانية عنقالية ، وعنقورة كان اسم جدتك لأبيك ، وأما اسم أمك بالعربية فهو مية ، وأما اسم أبيك فعبد المسيح وهو عبد الله بالعربية وليس للمسيح عبد . قال : صدقت وبررت ، فما كان اسم جدي ؟
قال : كان اسم جدك جبرئيل وهو عبد الرحمن سميته في مجلسي هذا . قال : أما إنه كان مسلماً ؟ قال أبو إبراهيم ( عليه السلام ) : نعم وقتل شهيداً ، دخلت عليه أجناد فقتلوه في منزله غيلة والأجناد من أهل الشام قال : فما كان اسمي قبل كنيتي ؟ قال : كان اسمك عبد الصليب ، قال : فما تسميني ؟ قال أسميك عبد الله ، قال : فإني آمنت بالله العظيم وشهدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فرداً صمداً ، ليس كما تصفه النصارى ، وليس كما تصفه اليهود ولا جنس من أجناس الشرك ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالحق فأبان به لأهله وعمي المبطلون وأنه كان رسول الله إلى الناس كافة ، إلى الأحمر والأسود كل فيه مشترك ، فأبصر من أبصر واهتدى من اهتدى وعمي المبطلون ، وضل عنهم ما كانوا يدعون ، وأشهد أن وليه نطق بحكمته ، وأن من كان قبله من الأنبياء نطقوا بالحكمة البالغة وتوازوا على الطاعة لله وفارقوا الباطل وأهله والرجس وأهله ، وهجروا سبيل الضلالة ونصرهم الله بالطاعة له ، وعصمهم من المعصية ، فهم لله أولياء وللدين أنصار ، يحثون على الخير ويأمرون به ، آمنت بالصغير منهم والكبير ، ومن ذكرت منهم ومن لم أذكر ، وآمنت بالله تبارك وتعالى رب العالمين .
ثم قطع زناره وقطع صليباً كان في عنقه من ذهب ، ثم قال : مرني حتى أضع صدقتي حيث تأمرني . فقال : هاهنا أخ لك كان على مثل دينك ، وهو رجل من قومك من قيس بن ثعلبة ، وهو في نعمة كنعمتك فتواسيا وتجاورا ، ولست أدع أن أورد عليكما حقكما في الإسلام .
فقال : والله أصلحك الله إني لغني ، ولقد تركت ثلاث مائة طروق بين فرس وفرسة ، وتركت ألف بعير ، فحقك فيها أوفر من حقي ، فقال له : أنت مولى الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) وأنت في حد نسبك على حالك .
فحسن إسلامه وتزوج امرأة من بني فهر وأصدقها أبو إبراهيم ( عليه السلام ) خمسين ديناراً من صدقة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأخدمه وبوأه ، وأقام حتى أخرج أبو إبراهيم ( عليه السلام ) فمات بعد مخرجه بثمان وعشرين ليلة » .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
