النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
الروايات التي وردت عن بغداد
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
الإمام الكاظم "ع" سيد بغداد
الجزء والصفحة:
ص49-60
2025-07-27
61
تسمية بغداد بالزوراء
قال البكري في معجمه ( 2 / 705 ) : « الزوراء بفتح أوله ، ممدود . وهو اسم يقع على عدة مواضع ، فمنها الزوراء بالمدينة ، التي زاد عليها عثمان النداء الثالث يوم الجمعة لما كثر الناس . . والزوراء : موضع آخر في ديار بني أسد . . والزوراء أيضاً رصافة هشام بالشام وكانت للنعمان بن جبلة . . والزوراء : دار بالحيرة . . هدمها أبو جعفر المنصور . . وروى أبو عمر الزاهد عن العطافي عن رجاله قال : تذاكروا عند الصادق الزوراء ، فقالوا : الزوراء : بغداد . فقال الصادق : ليس الزوراء بغداد ، ولكن الزوراء الري » . والري الآن حي من طهران .
أقول : الزوراء التي بالمدينة بيت لعثمان عند السوق منحرف البناء أمرهم أن يصعدوا على سطحه ويؤذنوا قبل الأذان ليتهيأ الناس . ( صحيح بخاري : 1 / 219 ، ومسلم : 7 / 59 ، وابن ماجة : 1 / 359 ، وعمدة القاري : 6 / 161 ، وابن أبي شيبة : 6 / 54 ) .
وفي معجم البلدان : 3 / 155 : « زوراء : تأنيث الأزور وهو المائل . . ومنه سميت القوس الزوراء لميلها ، وبه سميت دجلة بغداد الزوراء . . قال الأزهري : سميت الزوراء لازورار في قبلتها . . وقال غيره : الزوراء مدينة أبي جعفر المنصور وهي في الجانب الغربي ، وهو أصح مما ذهب إليه الأزهري بإجماع أهل السير ، قالوا : إنما سميت الزوراء لأنه لما عمرها جعل الأبواب الداخلة مزورة عن الأبواب الخارجة ، أي ليست على سمتها » .
وفي مجموع النووي : 1 / 122 : « وفي بغداد أربع لغات : إحداها بدالين مهملتين . والثانية بإهمال الأولى وإعجام الثانية . والثالثة بغدان بالنون . والرابعة مغدان . ومعناها بالعربية عطية الصنم وقيل بستان الضم . وسماها أبو جعفر المنصور مدينة السلام لأن دجلة كان يقال لها وادي السلام : ويقال لها الزوراء أيضاً » .
وقال المجلسي في بحار الأنوار : 5 / 279 : « والزوراء : بغداد » .
وتقدم في رواية أمالي الطوسي / 199 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : « إن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لما رجع من وقعة الخوارج اجتاز بالزوراء فقال للناس : إنها الزوراء فسيروا وجنبوا عنها فإن الخسف أسرع إليها من الوتد في النخالة ، فلما أتى موضعاً من أرضها قال : ما هذه الأرض ؟ قيل أرض بحرا . فقال : أرض سباخ جنبوا » .
وهذا يدل على أن الزوراء اسم لمحلة قرب بغداد وبراثا ، وأن أرض بحرا قسم من أرض الزوراء ، وأن براثا تقع إلى يمينها ، للآتي من النهروان .
وما ذكره البكري عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) رواه في الكافي ( 8 / 177 ) : « عن معاوية بن وهب قال تمثل أبو عبد الله ( عليه السلام ) ببيت شعر لابن أبي عقب :
وينحر في الزوراء منهم لدى الضحى * ثمانون ألفاً مثلما تنحر البدن
ثم قال لي : تعرف الزوراء ؟ قال قلت : جعلت فداك يقولون إنها بغداد قال : لا ، ثم قال ( عليه السلام ) : دخلت الري ؟ قلت نعم ، قال : أتيت سوق الدواب ؟ قلت نعم ، قال : رأيت الجبل الأسود عن يمين الطريق ؟ تلك الزوراء يقتل فيها ثمانون ألفاً منهم ثمانون رجلاً من ولد فلان كلهم يصلح للخلافة ! قلت : ومن يقتلهم جعلت فداك ؟ قال : يقتلهم أولاد العجم » .
فهذا الحديث عن زوراء أخرى قرب الري ، تقع فيها معركة يقتل فيها ثمانون ألفاً ، منهم ثمانون شخصاً من ولد العباس ، أو ولد أبي سفيان أو غيرهما . وقد وقعت معارك عديدة في الري وقتل فيها ألوف في ثورة أبي مسلم الخراساني ، ثم في معارك المأمون والأمين ، ثم في الأحداث الكثيرة بعدها .
فهو إخبار عن حدث يقع بعد عصر الإمام الصادق ( عليه السلام ) وليس فيه أي إشارة إلى اتصاله بعصر ظهور المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) أو كونه علامة له .
وفي غيبة النعماني / 148 ، بسنده عن عبد الله بن ضمرة ، عن كعب الأحبار أنه قال : « ومن نسل علي القائم المهدي الذي يبدل الأرض غير الأرض ، وبه يحتج عيسى بن مريم ( عليه السلام ) على نصارى الروم والصين . إن القائم المهدي من نسل علي ، أشبه الناس بعيسى بن مريم خلقاً وخلقاً وسمتاً وهيبة ، يعطيه الله عز وجل ما أعطى الأنبياء ( عليهم السلام ) ويزيده ويفضله . إن القائم من ولد علي له غيبة كغيبة يوسف ورجعة كرجعة عيسى بن مريم ، ثم يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر ، وخراب الزوراء وهي الري ، وخسف المزورة وهي بغداد ، وخروج السفياني ، وحرب ولد العباس مع فتيان أرمينية وأذربيجان ، تلك حرب يقتل فيها ألوف وألوف كل يقبض على سيف محلى تخفق عليه رايات سود . تلك حرب يشوبها الموت الأحمر والطاعون الأغبر . . .
ثم ذكر حديثاً عن علي ( عليه السلام ) جاء فيه : « إن لبني العباس يوماً كيوم الطموح ، ولهم فيه صرخة كصرخة الحبلى ، الويل لشيعة ولد العباس من الحرب التي سنح بين نهاوند والدينور ، تلك حرب صعاليك شيعة علي ، يقدمهم رجل من همدان اسمه على اسم النبي ، منعوت موصوف باعتدال الخلق وحسن الخلق ونضارة اللون ، له في صوته ضجاج ، وفي أشفاره وطف ، وفي عنقه سطع ، أفرق الشعر ، مفلج الثنايا ، على فرسه كبدر تمام إذا تجلى عنه الظلام ، يسير بعصابة خير عصابة آوت وتقربت ودانت لله بدين . تلك الأبطال من العرب الذين يلقحون حرب الكريهة ، والدبرة يومئذ على الأعداء . إن للعدو يومذاك الصيلم والإستئصال » .
أقول : يبدو أن النعماني ( رحمه الله ) قبل حديث عبد الله بن ضمرة عن كعب ، وحديث عمرو بن سعد عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ولكنهما لا يصحان . فمضافاً إلى الإشكالات على متنه ، فإن راويه عبد الله بن ضمرة السلولي لم يوثق عندنا ، وحديثه مقطوع ، وكعب الأحبار لم يدرك النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولم يسند حديثه إليه . كما أن كعباً ليس ثقة عندنا ، وقد كان مع معاوية ضد علي ( عليه السلام ) فلا ينسجم الحديث مع مذهبه !
نعم يحتمل أن يكون الحديث عن أبي بن كعب ( رحمه الله ) ونسب إلى كعب لأن عبد الله بن ضمرة يروي عنهما ، لكن الاحتمال لا يكفي ( راجع : معجم السيد الخوئي : 11 / 240 ، وعلل الدارقطني : 11 / 44 وثقات العجلي : 1 / 129 ، وتاريخ بخاري : 5 / 122 ) .
وأما حديث عمرو بن سعد فلم يوثقه أحد ، وفي بقية رجاله وفي متنه إشكال ، ثم هو يتحدث عن خراب بغداد في أحداث ستقع « سنة إظهار غيبة المتغيب من ولدي » ولا بد أن يكون المقصود به معركة الإمام المهدي ( عليه السلام ) مع الظالمين .
رد روايات خسف بغداد وخرابها
شاع بين الناس إلى عصرنا أن بغداد سوف يخسف بها وتُزول ، حتى يمرَّ المارُّ فيقول هنا كانت بغداد ! وبعد تتبعي لروايات خراب بغداد اطمأنيت بأنها من وضع رواة بني أمية ، لأن العباسيين أنهوا الأمويين وحلت بغداد محل الشام ، فزعم أتباع الأمويين أن السفياني سينتقم لبني أمية ويدمر بغداد .
فقد رووا عن جرير بن عبد الله البجلي قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : تبنى مدينة بين دجلة ودجيل والصراة وقطربل ، تجبى إليها كنوز الأرض يخسف بها ، فلهي أسرع ذهاباً في الأرض من الحديدة المحماة في الأرض الخوارة » ( ملاحم ابن المنادي / 43 ، وتذكرة القرطبي : 2 / 681 و 697 ، وجامع السيوطي : 4 / 772 ، وموضوعات ابن الجوزي : 2 / 61 ) .
ورووا عن أبي الأسود الدؤلي عن علي ( عليه السلام ) أنه قال : « سمعت حبيبي محمداً ( صلى الله عليه وآله ) يقول : سيكون لبني عمي مدينة من قبل المشرق بين دجلة ودجيل وقطربل والصراة ، يشيد فيها بالخشب والآجر والجص والذهب ، يسكنها شرار خلق الله وجبابرة أمتي ، أما إن هلاكها على يد السفياني ، كأني بها والله قد صارت خاوية على عروشها » ( تاريخ بغداد : 1 / 38 ) .
و « قُطْرَبَّل . . كلمة أعجمية اسم قرية بين بغداد وعكبرا ، ينسب إليها الخمر ، وما زالت متنزهاً للبطالين وحانة للخمارين » . ( معجم البلدان : 4 / 371 ) .
وقد عقد الخطيب البغدادي في تاريخه ( 1 / 54 ) « باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد والطعن على أهليها ، وبيان فسادها وعللها وشرح أحوال رواتها وناقليها » .
وضعَّفَ هذه الأحاديث لوجود مجاهيل ووضاعين في أسانيدها . وكذلك فعل ابن الجوزي في كتابه : الموضوعات ( 2 / 60 ) بتفصيل ، وأورد ستة عشر طريقاً لحديث جرير بن عبد الله البجلي ، وضعفها .
ونلاحظ أن في روايات خسف بغداد رواة يهوداً التقوا مع حلفائهم الأمويين في التبشير بزوال بغداد ، فقد روى الخطيب ( 1 / 67 ) « عن أبي يعقوب الإسرائيلي وكان قد قرأ الكتب أنه قيل له : ما بال بغداد لا تكاد تُرى فيها إلا مستعجلاً ؟ فقال : لأنها قطعة من بابل فهي تبلبل بأهلها . . . قال أبو الحسين بن المنادي : فنظرنا ما في كلام هذا الإسرائيلي فإذا هو كلام لا يصح في المعتبر » .
ومثل هذا الحديث يضع يدنا على العقدة اليهودية من بابل ، التي ما زالت تعيش في نفوسهم من يوم غزاهم نبوخذ نصر البابلي ، فهم يحلمون بتدمير بابل وبغداد !
أحاديث جيش السفياني في بغداد
أصل دخول جيش السفياني إلى العراق قطعي ، فهو من علامات ظهور الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) ، وقد رواه السنة والشيعة ، كالبخاري : 2 / 159 ، وفي : 3 / 19 ، وقد جزأ حديثه وعنونه بعناوين بعيدة ! وفضح عمله الحاكم ( 4 / 520 ) ومسلم ( 8 / 166 ) .
راجع : الجمع بين الصحيحين : 4 / 238 و / 245 ، وابن شيبة : 15 / 43 وأحمد : 6 / 316 ، وأبا داود : 4 / 107 ، وتهذيب ابن عساكر : 3 / 450 ، وجامع الأصول : 10 / 179 ، وجمع الفوائد : 1 / 55 ، والمسند الجامع : 20 / 795 ، وابن ماجة : 2 / 1350 ، والنسائي : 5 / 207 ، والطبراني الكبير : 23 / 202 ، و : 24 / 75 ، والحاكم : 4 / 429 ، وصححه على شرط الشيخين ، وعبد الرزاق : 11 / 371 .
وقال السيوطي في الدر المنثور : 5 / 240 : « وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ قال : هو جيش السفياني ، قال : من أين أخذ ؟ قال : من تحت أرجلهم » .
وفي تفسير الطبري : 22 / 72 ، عن حذيفة برواية طويلة جاء فيها : « قال رسول الله وذكر فتنة بين أهل المشرق والمغرب : فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك حتى ينزل دمشق ، فيبعث جيشين جيشاً إلى المشرق وجيشاً إلى المدينة حتى ينزلوا بأرض بابل في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة ، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويبقرون بها أكثر من مائة امرأة ، ويقتلون بها ثلاث مائة كبش من بني العباس ، ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها ثم يخرجون متوجهين إلى الشام . . الخ . » . والكشاف : 3 / 467 ، وتذكرة القرطبي : 2 / 693 ، وتفسيره : 14 / 314 ، والبحر المحيط : 7 / 293 ، ونوادر الأخبار / 257 ، والاستيعاب : 3 / 928 .
وفي الفتن لابن حماد : 1 / 329 ، « عن علي رضي الله عنه قال : إذا نزل جيش في طلب الذين خرجوا إلى مكة ، فنزلوا البيداء خسف بهم ويباد بهم ، وهو قوله عز وجل : وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ . من تحت أقدامهم » .
والذي أعتقده أن حديث دخول جيش السفياني إلى الحجاز والعراق صحيح في أصله بل متواتر بالمعنى ، لكن الرواة الأمويين زادوا عليه سيطرة السفياني على العراق وتدميره بغداد ! لكن لا تجد ذلك في روايات أهل البيت ( عليهم السلام ) .
بل تجد فيها أن جيش السفياني يكون منتدباً لمهمة حفظ الأمن في المدينة وفي العراق وتكون مدته قصيرة لأنه قبل ظهور الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) ببضعة شهور .
وذكرت أحاديث أهل البيت ( عليهم السلام ) أن جيشه في العراق يصيب أناساً من شيعة آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، كما ذكرت سيطرته على المدينة المنورة وقتله أفراداً وحبسه بني هاشم ، ثم يتجه إلى مكة فيخسف به . ولم تذكر أنه يدمر بغداد ولا يحتل العراق !
ففي تفسير العياشي : 1 / 65 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « ويظهر السفياني ومن معه حتى لا يكون له همة إلا آل محمد ( عليهما السلام ) وشيعتهم فيبعث بعثاً إلى الكوفة فيصيب أناساً من شيعة آل محمد ( عليهما السلام ) قتلاً وصلباً ، ويبعث بعثاً إلى المدينة فيقتل بها رجلاً ويهرب المهدي والمنصور منها ، ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم ، لا يترك منهم أحد إلا أخذ وحبس ، ويخرج الجيش في طلب الرجلين ، ويخرج المهدي منها على سنة موسى خائفاً يترقب ، حتى يقدم مكة » .
وفي الإختصاص / 255 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) أيضاً : « ثم لا يكون همه إلا الإقبال نحو العراق ويمر جيشه بقرقيسا فيقتلون بها مائة ألف رجل من الجبارين . ويبعث السفياني جيشاً إلى الكوفة وعدتهم سبعون ألف رجل ، فيصيبون من أهل الكوفة قتلاً وصلباً وسبياً ، فبيناهم كذلك إذ أقبلت رايات من ناحية خراسان تطوى المنازل طياً حثيثاً ومعهم نفر من أصحاب القائم ، وخرج رجل من موالي أهل الكوفة ، فيقتله أمير جيش السفياني بين الحيرة والكوفة » .
وبهذا يتضح أن ما ورد في تدمير بغداد وزوالها على يد السفياني ، وأفاعيله الواسعة في العراق ، من إضافات الرواة الأمويين .
ومما يؤيد ذلك أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أخبر بأن المهدي ( عليه السلام ) سيدمر الشام في معركته مع السفياني واليهود ، ففي معاني الأخبار / 406 ، عن عباية الأسدي ، قال : « سمعت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو مسجى وأنا قائم عليه يقول : لأبنينَّ بمصر منبراً ، ولأنقضن دمشق حجراً حجراً ، ولأخرجن اليهود والنصارى من كور العرب ، ولأسوقن العرب بعصاي هذه ! قال قلت له : يا أمير المؤمنين كأنك تخبرنا أنك تحيا بعد ما تموت ؟ ! فقال : هيهات يا عباية ، ذهبت في غير مذهب . يفعله رجل مني » .
فيبدو أن هذا الحديث أثار الأمويين ، فأضافوا إلى حديث السفياني الصحيح ، أنه سيدمر بغداد ويقتل أهل العراق !
صحة الأحاديث التي تذم الجبابرة في بغداد
قال العلامة الحلي في كشف اليقين / 80 ، في فصل إخبار أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بالمغيبات : « ومن ذلك إخباره بعمارة بغداد ، وملك بني العباس ، وذكر أحوالهم ، وأخذ المغول الملك منهم . رواه والدي ( رحمه الله ) وكان ذلك سبب سلامة أهل الحلة والكوفة والمشهدين الشريفين من القتل ، لأنه لما وصل السلطان هولاكو إلى بغداد ، وقبل أن يفتحها هرب أكثر أهل الحلة إلى البطائح إلا القليل ، فكان من جملة القليل والدي ( رحمه الله ) ، والسيد مجد الدين بن طاووس والفقيه ابن أبي العز ، فأجمع رأيهم على مكاتبة السلطان بأنهم مطيعون داخلون تحت الإيلية ، وأنفذوا به شخصاً أعجمياً فأنفذ السلطان إليهم فرماناً مع شخصين : أحدهما يقال له فلكة والآخر يقال له علاء الدين ، وقال لهما إن كانت قلوبهم كما وردت به كتبهم فيحضرون إلينا ، فجاء الأميران فخافوا لعدم معرفتهم بما ينتهي الحال إليه ، فقال والدي ( رحمه الله ) : إن جئت وحدي كفى ؟ فقالا : نعم ، فأصعد معهما ، فلما حضر بين يديه ، وكان ذلك قبل فتح بغداد وقبل قتل الخليفة ، قال له : كيف أقدمتم على مكاتبتي والحضور عندي قبل أن تعلموا ما ينتهي إليه أمري وأمر صاحبكم ! وكيف تأمنون إن صالحني ورحلت عنه ؟ ! فقال له والدي : إنما أقدمنا على ذلك لأنا روينا عن إمامنا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنه قال في بعض خطبه : الزوراء وما أدراك ما الزوراء أرض ذات أثل ، يشتد فيها البنيان ويكثر فيها السكان ، ويكون فيها قهارم وخزان ، يتخذها ولد العباس موطناً ، ولزخرفهم مسكناً ، تكون لهم دار لهو ولعب ، ويكون بها الجور الجائر والخوف المخيف ، والأئمة الفجرة والقراء الفسقة والوزراء الخونة ، يخدمهم أبناء فارس والروم ، لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه ، ولا يتناهون عن منكر إذا أنكروه ، يكتفي الرجال منهم بالرجال والنساء بالنساء ! فعند ذلك الغم الغميم والبكاء الطويل ، والويل والعويل لأهل الزوراء ، من سطوات الترك وما هم الترك ، قوم صغار الحدق ، وجوههم كالمجان المطرقة ، لباسهم الحديد ، جرد مرد ، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ملكهم ، جهوري الصوت قوي الصولة عالي الهمة ، لا يمر بمدينة إلا فتحها ولا ترفع له راية إلا نكسها ، الويل الويل لمن ناوأه ، فلا يزال كذلك حتى يظفر .
فلما وصف لنا ذلك ووجدنا الصفات فيكم ، رجوناك فقصدناك ! فطيب قلوبهم وكتب لهم فرماناً باسم والدي ( رحمه الله ) يطيب فيه قلوب أهل الحلة وأعمالها »
ولم أجد مصدر هذا الحديث وسنده ، ووجدت قريباً منه في كفاية الأثر / 213 ، عن علقمة بن قيس قال : خطبنا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة فقال فيما قال في آخرها : « ألا وإني ظاعن عن قريب ومنطلق إلى المغيب ، فارتقبوا الفتنة الأموية والمملكة الكسروية وإماتة ما أحياه الله وإحياء ما أماته الله ، واتخذوا صوامعكم بيوتكم ، وعضوا على مثل جمر الغضا ، فاذكروا الله ذكراً كثيراً ، فذكره أكبر لو كنتم تعلمون . ثم قال : وتبنى مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة ودجيلة والفرات ، فلو رأيتموها مشيدة بالجص والآجر ، مزخرفة بالذهب والفضة واللازورد المستسقى ، والمرمر والرخام وأبواب العاج والأبنوس ، والخيم والقباب والشارات ، وقد عُليت بالساج والعرعر والصنوبر والخشب ، وشيدت بالقصور ، وتوالت عليها ملوك بني الشيصبان أربعة وعشرون ملكاً على عدد سني الملك الكديد ، فيهم السفاح والمقلاص والجموع والخدوع والمظفر والمؤنث والنظار والكبش والمهتور والعشار والمصطلم والمستصعب والعلام والرهباني والخليع والسيار والمسرف والكديد والأكتب والمترف والأكلب والوشيم والظلام والعيوق .
وتعمل القبة الغبراء ذات القلادة الحمراء ! في عقبها قائم الحق يسفر عن وجهه بين الأقاليم كالقمر المضئ بين الكواكب الدرية . ألا وإن لخروجه علامات عشراً : أولها طلوع الكوكب ذي الذنب ويقارب من الحاوي ، ويقع فيه هرج ومرج وشغب ، وتلك علامات الخصب ، ومن العلامة إلى العلامة عجب ، فإذا انقضت العلامات العشر ، إذ ذاك يظهر القمر الأزهر ، وتمت كلمة الإخلاص لله على التوحيد » . وملاحم ابن طاووس / 136 ، ومناقب ابن شهرآشوب : 2 / 273 ، ومشارق البرسي / 164 ، قال : ومن ذلك ما ورد عنه في خطبة الافتخار ، وعنه إثبات الهداة : 1 / 598 و : 2 / 442 ، والبحار : 36 / 354 ، و : 41 / 318 و 329 ، و : 52 / 267 .
لكن اعتماد علماء الحلة على الحديث المتقدم يدل على أنه ثبت عندهم بسند صحيح ، وإن لم يصلنا مصدره ، في كثير من مصادرنا التي فقدناها .
ويظهر أن الأمويين رووا أجزاء من أحاديث أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وحذفوا منها ذم بني العباس وذكر المغول ، وأضافوا لها أن بغداد يخسف بها ، أو أنها تُدَمَّر على يد السفياني !
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
