النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
الترك في عصر ظهور الإمام المهدي "عج"
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص603-612
2025-06-21
14
المقصود بالترك في أحاديث عصر الظهور
كنت أرجح أن يكون المقصود بالترك في أحاديث الظهور : ترك تركيا والروس ومن حولهم من شعوب أوروبا الشرقية ، لأنه يعبر عنهم في مصادر الإسلام بأمم الترك . وأرى الآن أنه يجب ملاحظة القرائن في كل حديث ذكر الترك ، فالأصل أن يكون المقصود به ترك تركيا إلا أن تكون قرينة على تعميم لغيرهم .
الترك المغول
أشهر نص عنهم إخبار أمير المؤمنين بأن زوال ملك العباسيين يكون على أيديهم ففي نهج البلاغة : خطبة 128 : « كأني أراهم قوماً كأن وجوههم المجان المطرقة ، يلبسون السرق والديباج ، ويعتقبون الخيل العتاق ، ويكون هناك استحرار قتل ، حتى يمشي المجروح على المقتول ، ويكون المفلت أقل من المأسور ! فقال له بعض أصحابه : قد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب ، فضحك عليه السلام وقال للرجل وكان كلبياً : يا أخا كلب ، ليس هو بعلم غيب ، وإنما هو تعلم من ذي علم . وإنما علم الغيب علم الساعة وما عده الله سبحانه بقوله : إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ . فيعلم الله سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى ، وقبيح أو جميل ، وسخي أو بخيل ، وشقي أو سعيد ، ومن يكون من النار حطباً ، أو في الجنان للنبيين مرافقاً . فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحدٌ إلا الله ، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه صلى الله عليه وآله فعلمنيه ، ودعا لي بأن يعيه صدري ، وتضطم عليه جوانحي » . انتهى .
وروى نحوه الحاكم : 4 / 474 ، وصححه ، قال : « عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وآله قال : يجئ قوم صغار العيون عراض الوجوه كأن وجوههم الجحف ، فيلحقون أهل الإسلام بمنابت الشيح ! كأني أنظر إليهم وقد ربطوا خيولهم بسواري المسجد ، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله : يا رسول الله من هم ؟ قال : الترك » انتهى .
فهذا إخبار بغزو المغول لبلاد المسلمين ، ويصح عده من علامات الظهور البعيدة لا القريبة .
وقد روى عنهم ابن حماد عدداً من النصوص قال في الفتن : 1 / 220 : « عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وآله قال : للترك خرجتان خرجة يخربون آذربيجان ، والثانية يربطون خيولهم بالفرات ، لاترك بعدها . .
عن أرطاة قال : يقاتل السفياني الترك ، ثم يكون استئصالهم على يدي المهدي ، وهو أول لواء يعقده المهدي يبعثه إلى الترك . . عن عبد الله بن عمرو قال : بقيت من الملاحم واحدة ، أولها ملحمة الترك بالجزيرة » . وابن حماد : 1 / 273 ، و : 2 / 677 ، و 683 ، وابن طاووس / 99 ، و 191 و 370 . ويشبهه رواية عبد الرزاق : 11 / 380 : « عن ابن مسعود قال : كأني بالترك قد أتتكم على براذين مجذمة « مقصوصة » الآذان حتى تربطها بشط الفرات » . ورواه الطبراني الكبير : 9 / 192 ، والحاكم : 4 / 475 ومجمع الزوائد : 7 / 312
الترك في معركة قرقيسيا
ومن حديث الترك ، معركتهم مع السفياني في قرقيسا ، وهي معركة موعودة تكون قرب ظهورالإمام المهدي عليه السلام . وتقدمت بعض أحاديثها في فصل بلاد الشام ، واسم قرقيسيا معرب عن كركيسيا بمعنى حلبة الخيل ، ولعلها كلمة رومانية ، وتقع على الحدود السورية العراقية التركية ، ويوجد بقايا مدينة تعرف بهذا الاسم عند مصب نهر الخابور ، قرب دير الزور السورية « معجم البلدان : 4 / 328 » . وتقع قرب التل الأبيض ، ورأس العين ، وعندهما آبارالنفط السورية . وقد وصفتها روايات مصادر الطرفين بأنها معركة عظيمة ، وتفاوتت في تسمية الأطراف المتصارعة فيها ، فذكرت منهم الترك ، والسفياني ، والروم ، وبني العباس ، وبني أمية ، والقيسية ، والمرواني . ولم تذكر روايات أهل البيت عليهم السلام أن المهدي عليه السلام أو شيعته طرف فيها . أما سببها فجعلته بعض الروايات كنزاً يظهر في مجرى الفرات ، والخلاف عليه بين السفياني والترك والروم . وذكر بعضها أن السفياني يشارك فيها ثم يتوجه إلى العراق .
ومن رواياتها في الكافي : 8 / 295 : أن الإمام الباقر عليه السلام قال لميُسَّر : « يا مُيَسَّرُ كم بينكم وبين قرقيسا ؟ قلت : هي قريب على شاطئ الفرات . فقال : أما إنه سيكون بها وقعة لم يكن مثلها منذ خلق الله تبارك وتعالى السماوات والأرض ، ولا يكون مثلها ما دامت السماوات والأرض مأدبة للطير ، تشبع منها سباع الأرض وطيور السماء ! يهلك فيها قيس ولا يدعى لها داعية . قال : وروى غير واحد وزاد فيه : وينادي مناد هلموا إلى لحوم الجبارين » .
وفي الكافي : 8 / 278 : عن الإمام الصادق عليه السلام قال : « إن لله مائدة وفي رواية مأدبة بقرقيسياء يَطَّلِعُ مطلع من السماء فينادي : يا طير السماء ويا سباع الأرض ، هلموا إلى الشبع من لحوم الجبارين » .
وفي الكافي : 8 / 303 ، عن عبد الله بن أبي يعفور قال : « قال لي أبو جعفر عليه السلام : إن لولد العباس والمرواني لوقعة بقرقيسياء يشيب فيها الغلام الحَزَوَّر ، يرفع الله عنهم النصر ، ويوحي إلى طير السماء وسباع الأرض إشبعي من لحوم الجبارين ثم يخرج السفياني » .
وروى المفيد رحمه الله في الإختصاص / 255 : « عن جابر الجعفي قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : يا جابر إلزم الأرض ولا تحرك يداً ولا رجلاً حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها : أولها اختلاف ولد فلان ، وما أراك تدرك ذلك ، ولكن حدث به بعدي . . . فأول أرض تخرب الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفياني ، فيلقى السفياني الأبقع فيقتتلون فيقتله ومن معه ويقتل الأصهب ، ثم لا يكون همه إلا الإقبال نحو العراق ، ويمر جيشه بقرقيسا ، فيقتلون بها مائة ألف رجل من الجبارين » .
والظاهر أن الترك هنا ترك تركيا وليس غيرهم ، وقد ذكرت بعض الروايات أنهم ينزلون قبل خروج السفياني الجزيرة ، أي جزيرة ربيعة أو ديار بكر القريبة من قرقيسيا . وأن الروم ينزلون الرملة ، رملة مصر ، أو رملة فلسطين .
ونلاحظ أن رواية الكافي « 8 / 303 » ذكرت أن طرفيها ولد العباس والمرواني لأهل البيت عليهم السلام ، ثم قالت : ثم يخرج السفياني ، أي يخرج أثناء معركة قرقيسيا ، ويشارك فيها !
وقد ربطت عدة روايات معركة قرقيسيا بكنز مختلف عليه ، منها روايات ابن حماد : 1 / 239 ، و 235 ، و 611 ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : « ينحسر الفرات عن جبل من ذهب وفضة ، فيقتل عليه من كل تسعة سبعة . فإن أدركتموه فلا تقربوه . . .
الفتنة الرابعة ثمانية عشر عاماً ، ثم تنجلي حين تنجلي وقد انحسر الفرات عن جبل من ذهب ، تنكب عليه الأمة فيقتل من كل تسعة سبعة » .
ولو صحت أحاديث الكنز المذكور ، فيحتمل أن يكون منبع نفط ، أو منجم ذهب يكتشف هناك ، ويكون موضع خلاف بين الدول الثلاث أو فئات معها . والظاهر أن الترك الذين هم طرف مقابل السفياني في هذه المعركة ، هم أهل تركيا الفعلية ، لأن النزاع على ثروة عند حدود سوريا وتركيا .
الرواية المنسوبة إلى ابن مازيار
وهي رواية طويلة رواها في كمال الدين : 2 / 465 عن لقائه بالإمام المهدي عليه السلام في غيبته في مكان قرب الطائف ، وأن الإمام عليه السلام أخبره بعلامات ظهوره المقدس وفيها عبارة تتعلق بالترك وهي : « يا ابن مهزيار كيف خلفت إخوانك في العراق ؟ قلت : في ضنك عيش وهناة ، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان . فقال : قاتلهم الله أنى يؤفكون ، كأني بالقوم قد قتلوا في ديارهم وأخذهم أمر ربهم ليلاً ونهاراً . فقلت : متى يكون ذلك يا ابن رسول الله ؟ قال : إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة بأقوام لاخلاق لهم والله ورسوله منهم براء ، وظهرت الحمرة في السماء ثلاثاً ، فيها أعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نوراً ، ويخرج السروشي من أرمنية وآذربيجان يريد وراء الري الجبل الأسود المتلاحم بالجبل الأحمر ، لزيق جبل طالقان ، فيكون بينه وبين المروزي وقعة صيلمانية يشيب فيها الصغير ويهرم منها الكبير ، ويظهرالقتل بينهما ، فعندها توقعوا خروجه إلى الزوراء فلا يلبث بها حتى يوافي باهات ، ثم يوافي واسط العراق فيقيم بها سنة أو دونها ، ثم يخرج إلى كوفان فيكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة إلى الغري ، وقعة شديدة تذهل منها العقول ، فعندها يكون بوار الفئتين وعلى الله حصاد الباقين . ثم تلا قوله تعالى : إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرض مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ » .
بينما جاء نصها في غيبة الطوسي / 159 : « وسألني عن أهل العراق ، فقلت سيدي قد ألبسوا جلباب الذلة ، وهم بين القوم أذلاء ! فقال لي : يا ابن مازيار لتملكونهم كما ملكوكم وهم يومئذ أذلاء ، فقلت : سيدي لقد بعد الوطن وطال المطلب ، فقال : يا ابن مازيار أبي أبو محمد عهد إليَّ أن لا أجاور قوماً غضب الله عليهم ولعنهم ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم عذاب أليم ، وأمرني أن لا أسكن من الجبال إلا وعرها ومن البلاد إلا عفرها ، والله مولاكم أظهر التقية فوكلها بي ، فأنا في التقية إلى يوم يؤذن لي فأخرج . فقلت : يا سيدي متى يكون هذا الأمر ؟ فقال إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة ، واجتمع الشمس والقمر ، واستدار بهما الكواكب والنجوم ، فقلت متى يا ابن رسول الله ؟ فقال لي : في سنة كذا وكذا تخرج دابة الأرض من بين الصفا والمروة ومعها عصا موسى وخاتم سليمان ، تسوق الناس إلى المحشر » .
وفي رواية دلائل الإمامة / 296 : « ثم قال يا ابن المهزيار ومد يده : ألا أنبؤك الخبر ؟ إذا قعد الصبي ، وتحرك المغربي ، وسار العماني ، وبويع السفياني ، يؤذن لولي الله فأخرج بين الصفا والمروة في ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلاً ، فأجئ إلى الكوفة وأهدم مسجدها وأبنيه على بنائه الأول ، وأهدم ما حوله من بناء الجبابرة ، وأحج بالناس حجة الإسلام ، وأجئ إلى يثرب . . . فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلا مؤمن قد أخلص قلبه للإيمان . قلت يا سيدي ما يكون بعد ذلك ؟ قال : الكرة الكرة الرجعة الرجعة ، ثم تلا هذه الآية : ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً » .
أقول : لا يمكن الأخذ بهذه الرواية لأن سندها غير تام ، والموثق من آل مهزيار هو علي بن مهزيار رحمه الله وقد توفي قبل الغيبة ، فلا بد أن تكون الرواية عن أحد أولاده أو أولاد أخيه ، وفي توثيقه كلام !
قال السيد الخوئي رحمه الله في معجم رجال الحديث : 13 / 212 : « ومن الغريب أن بعضهم توهم بقاءه إلى زمان الغيبة أيضاً ، وذلك بتخيل أن علي بن مهزيارهو علي بن إبراهيم بن مهزيار المتقدم ، الذي تشرف بخدمة الإمام الحجة سلام الله عليه ، وهذا التوهم بمكان من الفساد ، فإنك قد عرفت أن قصة تشرف علي بن مهزيار بخدمة الإمام عليه السلام غير ثابتة ، وعلى تقدير الثبوت فهو ابن مهزيار لا نفسه ، وقد صرح الصدوق في المشيخة والنجاشي والشيخ في ذكر طريقهما بأنه إبراهيم بن مهزيار أخو علي بن مهزيار » .
وهذا كاف في سقوط الرواية ، فكيف إذا أضفنا التفاوت والتهافت في نصها والبعد عن علامات الظهور . فالسؤال في رواية كمال الدين عن هلاك الظالمين العباسيين ، وجاء جوابه بأحداث تتعلق بالعباسين في عصرها ، ولا علاقة لها بعلامات الظهور . أما رواية غيبة الطوسي ففيها فقرة عن علامات الظهور ، لكنها مجملة من ناحية ، ولأنها جعلت دابة الأرض من العلامات ، وهو شذوذ عن روايات أهل البيت عليهم السلام لأنها من علامات القيامة لا الظهور !
وأما رواية دلائل الإمامة ففيها علامات معروفة وردت في غيرها ، والذي يتعلق منها بالترك قوله : « ويخرج السروشي من أرمنية وآذربيجان يريد وراء الري الجبل الأسود المتلاحم بالجبل الأحمر لزيق جبل طالقان » . وهذا وصف لحركة جيش من أرمينية وباكو ، يتجه نحو طهران وبغداد ، في طريق حركة الجيوش في ذلك العصر ، فإن صحت فهي عن حدث في ذلك العصر .
رايات الترك المؤيدة للإمام المهدي عليه السلام
روى النعماني في الغيبة / 274 ، عن الإمام الصادق عليه السلام « أن أمير المؤمنين عليه السلام حدث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم ، فقال الحسين : يا أمير المؤمنين متى يطهر الله الأرض من الظالمين ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : لا يطهر الله الأرض من الظالمين حتى يسفك الدم الحرام . ثم ذكر أمر بني أمية وبني العباس في حديث طويل ، ثم قال : إذا قام القائم بخراسان ، وغلب على أرض كوفان وملتان ، وجاز جزيرة بني كاوان ، وقام منا قائم بجيلان ، وأجابته الآبر والديلمان ، وظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الأقطار والجنبات ، وكانوا بين هنات وهنات .
إذا خربت البصرة ، وقام أمير الأمرة بمصر ، فحكى عليه السلام حكاية طويلة ، ثم قال : إذا جهزت الألوف ، وصفت الصفوف وقتل الكبش الخروف ، هناك يقوم الآخر ويثور الثائر ويهلك الكافر ، ثم يقوم القائم المأمول ، والإمام المجهول ، له الشرف والفضل ، وهو من ولدك يا حسين لا ابنَ مثله ، يظهر بين الركنين ، في دريسين باليين ، يظهرعلى الثقلين ، ولا يترك في الأرض دمين . طوبى لمن أدرك زمانه ، ولحق أوانه ، وشهد أيامه » .
أقول : القائم بخراسان : قد يقصد الخراساني الذي يقوم قرب ظهورالمهدي عليه السلام .
ومُلتان : بضم الميم وسكون اللام بلد قرب غزنة حسب معجم البلدان « 5 / 189 » وهو الآن إقليم في باكستان ، ولم نجد فيه جزيرة بني كاوان ، نعم يوجد كاودان وكاوردان وهما قريتان في طبرستان من قرى آمل . وثوبين دريسين : أي باليين . وقوله : لا يترك في الأرض دمين : قد يكون تصحيفاً لدِينين ، وقد يكون معناه ما رواه في المحاسن / 87 ، عن الإمام الصادق عليه السلام : « دمان في الإسلام حلال ، لا يقضي فيهما أحد بحكم الله حتى يقوم قائمنا ، الزاني المحصن يرجمه ، ومانع الزكاة يضرب عنقه » .
والآبر : قرية في سجستان « معجم البلدان : 1 / 49 » . وديلمان : نسبة إلى الديلم أو جمعه بلغة الفرس ، من قرى أصبهان « معجم البلدان : 2 / 544 » . ومعناه أن هذه المناطق تستجيب للداعي إلى أهل البيت عليهم السلام في كيلان .
والذي يتعلق بالترك قوله عليه السلام : « وظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الأقطار والجنبات » . وهو يدل على تحفز جماعات من الترك في عدة مناطق لنصرة الإمام عليه السلام ، ويظهر أنه يكون بعد النداء السماوي وإعلان ظهوره عليه السلام . كما تدل بقية الروايات ، ويكون دور الترك الضغط على الفئة المخالفة للإمام عليه السلام في إيران .
حركة الترك الممهدة في آذر بيجان
أهم حركة إيجابية للترك وأصحها سنداً : تحرك ترك آذربيجان إيران في سنة الظهور . فقد رواه النعماني في الغيبة / 200 و 271 : « عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إنه قال لي أبي عليه السلام : لا بد لنا « ر » من آذربيجان لا يقوم لها شئ ، وإذا كان ذلك فكونوا أحلاس بيوتكم والْبُدُوا ما لبدنا ، فإذا تحرك متحركنا فاسعوا إليه ولو حبواً ، والله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد على العرب شديد . وقال : ويل لطغاة العرب من شر قد اقترب » .
أقول : روت بعض المصادر هذا الحديث بلفظ : « لا بد لنارٍ من آذربيجان » . وقد تصورها ابن طاووس رحمه الله « الملاحم والفتن / 370 » وغيره أنها نار تظهرهناك . والصحيح أنها حركة تمهد لظهوره عليه السلام ولفظ الحديث : « لا بد لنا من آذربيجان » وليس لنار . ويدل عليه أن سياقه في علامات ظهور الإمام المهدي عليه السلام وفيه توجيه للشيعة بأن يتحركوا بعد ظهور هذه الحركة في آذربيجان . وهذا هو القيام الموعود للإيرانيين في سنة ظهوره عليه السلام ، في حديث الإمام الباقر عليه السلام الذي رواه النعماني / 273 ، عن أبي خالد الكابلي عنه عليه السلام قال : « كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه ، ثم يطلبونه فلا يعطونه ، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا ، ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم . قتلاهم شهداء . أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر » .
وقد أسند الإمام الصادق عليه السلام حديثها إلى أبيه الإمام الباقر عليه السلام المعروف بأخبار المغيبات ، وأنه قال إن حركة آذربيجان لا بد منها للظهور المقدس ، لأنها المرحلة الأخيرة من حركة أهل المشرق ، ووقتها سنة الظهور .
وتشير الرواية إلى أن بعض شخصيات هذه الحركة منصوبون من قبل المهدي عليه السلام كالقائم بخراسان والقائم بجيلان ، وأن الجيلاني سيد هاشمي للتعبيرعنه قائم منا .
وتدل رواية النعماني / 274 ، إلى أن رايات الترك ترتفع داعية للإمام المهدي عليه السلام ، فقد جاء فيها : « وقام منا قائم بجيلان ، وأجابته الآبر والديلمان ، وظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الأقطار والجنبات » .
وقد ذكرنا في فصل دور إيران ، المخاض الداخلي الذي يحدث في إيران بين مؤيدي الإمام المهدي عليه السلام وبين مخالفيهم ، وأن ترك آذربيجان الإيرانيين يكونون عاملاً حاسماً لإنجاح حركة المؤيدين للإمام عليه السلام ، وتسليمه راية إيران .
تحرك الأتراك تاييداً للإمام المهدي عليه السلام
من الطبيعي بمنطق الأحداث أن تكون تركيا في طليعة البلاد التي تتأثر بظهور الإمام المهدي عليه السلام فيتحرك أهلها في مظاهرات ، ويكون مطلبهم حكومة مؤيدة له . وأن يتعاظم هذا التأثير عندما يصل عليه السلام إلى العراق ويتخذه عاصمته .
وبسبب تأييد الشعب التركي للإمام عليه السلام يصبح الإمام طرفاً في الوضع الداخلي ، وبهذا نفهم حديث أرطاة بن المنذر بن الأسود السكوني : « أول لواء يعقده المهدي يبعثه إلى الترك فيهزمهم ، ويأخذ ما معهم من السبي والأموال ، ثم يسير إلى الشام فيفتحها » . ابن حماد / 128.
ويحتمل أن أرطاة سمعه منه عليه السلام ولم يصرح فقد كانت له مكانة عند السلطة وتوفي سنة 163 ، وروى عنه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة . « تهذيب التهذيب : 1 / 173 » . لكن توجد في النص غير إرساله مشكلة تصويره للترك كأنهم جيش يُغيرعلى المسلمين ويأخذ منهم سبياً ، وقد يكون ذلك إضافة من الراوي لأن بعض المصادر اكتفت بالفقرة الأولى ، فيحتمل أن يرسل الإمام المهدي عليه السلام أحد أصحابه إلى تركيا لحل مشكلة شعبها مع السلطة ، وقد يكون معه قوة عسكرية رمزية ، وينجح في مهمته وتتشكل دولة في تركيا موالية له ، قبل أن يتوجه إلى معركته مع السفياني .