النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
الروم في عصر ظهور الإمام المهدي "عج"
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص579-602
2025-06-21
17
الروم ودورهم في عصر الظهور
المقصود بالروم في أحاديث آخر المهدي عليه السلام : شعوب أوروبا الشرقية والغربية وامتدادهم في أمريكا ، فهؤلاء هم أبناء الروم ، وورثة أمبراطوريتهم التاريخية . وقد يقال : إن الروم في القرآن غير هؤلاء ، بل هم الذين حاربهم النبي والمسلمون ، وهم البيزنطيون الذين كانت عاصمتهم روما في إيطاليا ، ثم صارت القسطنطينية ، حتى فتحها المسلمون وسموها « إسلام بول » ويلفظها الناس استنبول .
والجواب : أن الروم المذكورين في القرآن ، هم أنفسهم أصحاب الإمبراطورية الرومية أو البيزنطية المعروفة ، وهم أنفسهم الغربيون الفعليون ، فهم أحفادهم وامتدادهم السياسي والحضاري ، وقد كانت الشعوب الأوربية الفرنسية والبريطانية والألمانية وغيرها ، أجزاء من الإمبراطورية الرومية في ثقافتها وسياستها ودينها . وأباطرة الروم البيزنطيون أنفسهم في روما وقسطنطينية على مدى الألفي سنة ، كانوا من أصول وأعراق أوربية متعددة ولعل أكثرهم من ألمانيا ، كما أن اليونان صارت جزءً من الإمبراطورية الرومانية . ولهذا عندما ضعفت الإمبراطورية الرومية ، تسمى عدد من ملوكهم في ألمانيا وغيرها بالقياصرة . فالأحاديث عن الروم أو بني الأصفركما سماهم العرب ، تشمل الشعوب والقبائل الفرنجية كلها ، وقد سماهم المسلمون الروم الفرنجة ، وجمعوا اسمهم على أروام .
كثرة المكذوبات حول الروم
يصعب أن تقوم بتصفية الصحيح في أحاديث الإمام المهدي عليه السلام والروم ، لكثرة المكذوبات من رواة الخلافة القرشية ، ولعل رائدهم في ذلك ابن حماد المتوفى سنة 227 هجرية ، وهو من كبار أئمتهم ومن شيوخ البخاري ، فقد سوَّدَ عشرات الصفحات في كتابه الفتن حول الروم والملاحم الموعودة معهم ، قلَّما تجد بينها حديثاً يمكنك أن تنسبه إلى النبي صلى الله عليه وآله ، أو أثرأً معقولاً عن الصحابة والتابعين !
ويصور رواة ابن حماد أن مستقبل العالم سينتهي قريباً بعد سنوات ! فعندما يفتح المسلمون القسطنطينية سيخرج الدجال ثم يخرج عيسى والمهدي عليه السلام ، ثم تخرج يأجوج ومأجوج ، ودابة الأرض ، ثم تخرج نار من عدن تسوق الناس إلى المحشر ، ثم تهبُّ ريح طيبة تقبض أرواح المؤمنين ، ثم يموت الباقون بعد أربعين يوماً !
ويزعم أن كل ذلك يتم في مدة قصيرة نحو خمسين سنة !
ومنتج هذا الفيلم هو كعب الأحبار وتلاميذه من الصحابة والتابعين ! وقد قدموا لنا ركاماً من مخيلاتهم وأسقطوا عليه أوضاع عصرهم وبداوتهم ، ومما نسجوا عليه فتح القسطنطينية الذي استعصى وفشلت غزوات المسلمين لها على مدى تسعة قرون ، حتى فتحها محمد الفاتح سنة 875 هجرية . !
إستمع إلى إمامهم ابن حماد يحدثك عن المهدي والروم : قال في الفتن : 2 / 475 و 548 و 679 : « عن عبد الله بن عمرو قال : ملاحم الناس خمس : فثنتان قد مضتا ، وثلاث في هذه الأمة : ملحمة الترك ، وملحمة الروم ، وملحمة الدجال ، ليس بعد ملحمة الدجال ملحمة » . وفي الفتن : 2 / 519 و 597 : « عن وهب بن منبه قال : أول الآيات الروم ، ثم الثانية الدجال والثالثة يأجوج ، والرابعة عيسى بن مريم » .
وفي الفتن : 2 / 523 : « عن كعب قال : لا يخرج الدجال حتى تفتح المدينة . . . عن بشير بن عبد الله بن يسار قال : أخذ عبد الله بن بسر المزني صاحب رسول الله بأذني ، فقال : يا ابن أخي لعلك تدرك فتح القسطنطينية ، فإياك إن أدركت فتحها أن تترك غنيمتك منها ! فإن بين فتحها وبين خروج الدجال سبع سنين » . ونحوه في الفتن : 2 / 692 : « عن عبد الله بن عمرو قال : يخرج الدجال بعد فتح القسطنطينية ، قبل نزول عيسى بن مريم ببيت المقدس » .
وفي الفتن : 2 / 524 : « عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الملحمة العظمى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر ، قال وأخبرنا صفوان عن أبي اليمان عن كعب مثله . . . وأخبرني ضمرة بن حبيب أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أبي بحرية أنه بلغه أنك تحدث عن معاذ في الملحمة والقسطنطينية وخروج الدجال ؟ فكتب إليه أبو بحرية : إنه سمع معاذاً يقول : الملحمة العظمى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر . . . »
عن ابن محيريز قال : « الملحمة العظمى وخراب القسطنطينية وخروج الدجال حمل امرأة . .
عن عبد الله بن بسر عن النبي صلى الله عليه وآله : بين الملحمة وفتح القسطنطينية ست سنين ويخرج الدجال في السنة السابعة . . . »
عن كعب قال : يخرج الدجال في سنة ثمانين والله أعلم .
عن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال : « لن يجمع الله على هذه الأمة سيف الدجال وسيف الملحمة » . وفي الفتن : 2 / 527 : « بلغني أن الدجال يخرج بعد فتح القسطنطينية ، وبعدما يقيم المسلمون فيها ثلاث سنين وأربعة أشهر وعشراً » .
وفي الفتن : 2 / 530 : « عن كعب : يأتيهم الخبر بعد فتحها يعني فتح القسطنطينية ، فيرفضون ما في أيديهم فيخرجون فيجدونه باطلاً ! لا يخرج الدجال إلا بعدها تتعلق به حية إلى جانب البحر ثم يخرج ! وفي رواية تتعلق به حية إلى ساحل البحر » .
وفي الفتن : 2 / 483 : « عن عمير بن مالك قال : كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص بالإسكندرية يوماً ، فذكروا فتح القسطنطينية ورومية ، فقال بعض القوم : تفتح القسطنطينية قبل رومية ، وقال بعضهم : تفتح رومية قبل القسطنطينية ، فدعا عبد الله بن عمرو بصندوق له فيه كتاب فقال : تفتح القسطنطينية قبل رومية ، ثم تغزون رومية بعد القسطنطينية فتفتحونها ، وإلا فأنا عبد الله من الكاذبين ! يقولها ثلاث مرات » !
وفي الفتن : 2 / 499 : « عبد الله بن عمرو يقول : يوشك أن يخرج حمل الضان ثلاث مرار . قلت : ما حمل الضان ؟ قال : رجل أحد أبويه شيطان يملك الروم يجئ في ألف ألف وخمس مائة ألف ألف ألف في البر ، وخمس مائة ألف في البحر ، حتى ينزل أرضاً يقال لها العمق فيقول لأصحابه : إن لي في سفنكم طلبة ، فإذا نزلوا عنها أمر بها فأحرقت ، ثم يقول لا قسطنطينية لكم ولارومية ، فمن شاء فليقم ! ويستمد المسلمون بعضهم بعضاً ، فذكر الحديث حتى تستفتحوا القسطنطينية الزانية ! إني لأجدها في كتاب الله تعالى الزانية » .
وفي الفتن : 1 / 399 : « عن محمد بن الحنفية قال : ينزل خليفة من بني هاشم بيت المقدس يملأ الأرض عدلاً ، يبني بيت المقدس بناء لم يبن مثله . . ثم يجتمعون له بالعمق فيموت فيها غماً » .
وفي الفتن : 2 / 466 : « شريح بن عبيد قال : سمعت كعب الحبر يقول : سميت القسطنطينية بخراب بيت المقدس فتعززت وتجبرت ، فدعيت المستكبرة ، وقالت يكون عرش ربي بني على الماء فقد بنيت على الماء ، فوعدها الله تعالى العذاب قبل يوم القيامة فقال : لأنزعن حليك وحريرك وخميرك ولأتركنك لا يصيح فيك ديك ، ولا أجعل لك عامراً إلا الثعالب ، ولا نباتاً إلا الحجارة والينبوت ، ولأنزلن عليك ثلاث نيران نار من زفت ونار من كبريت ونار من نفط ، ولأتركنك جلحاء قرعاء لا يحول بينك وبين السماء شئ ، وليبلغني صوتك ودخانك وأنا في السماء ، فإنه طال ما أشرك بالله تعالى فيها وعبد غيره . وليقترعن فيها بجوارٍ ما يكدن يرين الشمس من حسنهن ، فلايعجزن من بلغ منكم أن يمشي منكم إلى بيت بلاط ملكهم فإنكم ستجدون فيه كنز اثني عشر ملكاً من ملوكهم ، كلهم يزيد فيه ولا ينقص منه على تماثيل بقر أو خيل من نحاس يجري على رؤسها الماء ، فليقتسمن كنوزها كيلاً بالأترسة وقطعاً بالفؤس ، فإنكم منه على ذلك حتى يعجلكم النار التي وعدها الله فتحتملون ما استطعتم من كنوزها حتى تقتسموه بالفرقدونة ، فيأتيكم آت من قبل الشام إن الدجال قد خرج ! فترفضون ما في أيديكم ، فإذا بلغتم الشام وجدتم الأمر باطلاً ، وإنما هي نَفْجَة كذب » .
كيف كان يبيع كعب بضاعته ؟
نختم بما رواه ابن حماد وتفاخر به عن مؤلفات أستاذهم كعب ، وكيف كان يبيع هذا الحشو إلى الخليفة وبطانته . قال ابن حماد في الفتن : 2 / 492 : « عن سعيد بن جابر قال له رجل من آل معاوية : ألا تقرأ صحيفة من صحف أخيك كعب ؟ قال فطرح إليَّ صحيفة مكتوب فيها : قل لصور مدينة الروم ، وهي تسمى بأسماء كثيرة ، قل لصور : بما عتيتِ عن أمري وتجبرت بعد بجبروتك عنه تبارين بجبروتك عن جبروتي ، وتمثلين يكون فلكك منه بعرشي ، لأبعثن عليك عبادي الأميين وولد سبأ أهل اليمن ، الذين يردون الذكر كما ترد الطير الجياع اللحم ، وكما ترد الغنم العطاش الماء ، ولأنزعن قلوب أهلك ، ولأشدن عمر قلوبهم ولأجعلن كل صوت أحدهم عند الباس كصوت الأسد يخرج من الغابة ، فيصيح به الرعاة ، فلا تزده أصواتهم إلا جرأة وشدة ، ولأجعلن كل حوافر خيولهم كالحديد على الصفا ليدرك يوم البأس ، ولأشدن عمر أوتار قسيهم ، ولأتركنك لأنه جلحاء للشمس ، ولأتركنك لا ساكن لك إلا الطير والوحش ، ولأجعلن كل حجارتك كبريتاً ، ولأجعلن كل دخانك يحول دون طير السماء ، ولأسمعن جزائر البحر صوتك . . في وعيد كثير لم يحفظه كله » .
إن هذا النص يدل على أن كعباً كان يؤلف لمعاوية وأمراء بني أمية ، وينشر حشوه بين المسلمين ، ويزعم أنه وحيٌ عن لسان الله تعالى ، وجده في التوراة ، أو أنزل عليه !
ولم ينس كعب أن يجعل لليمانيين سهماً في فتح القسطنطينية ، لكن الله تعالى كذَّبه وجعل فتحها بعد ثمانية قرون على يد أتراك ، ليس فيهم يماني ولا عربي !
كما كان كعب يرافق جيش الفتح أحياناً لكن إلى المناطق الآمنة ويحدثهم بمغيباته ! فقد روى عمر بن شبة في تاريخ المدينة : 3 / 1117 ، أن الشاب الشيعي محمد بن أبي حذيفة الأموي ، وهو من قادة فتح مصر ، كان يهزأ بكعب !
« عن محمد بن سيرين قال : « ركب كعب الأحبار ومحمد بن أبي حذيفة في سفينة قِبَلَ الشام ، زمن عثمان في غزوة غزاها المسلمون ، فقال محمد لكعب : كيف تجد نعت سفينتنا هذه في التوراة تجري غداً في البحر ؟ ! فقال كعب : يا محمد لاتسخر بالتوراة ، فإن التوراة كتاب الله . قال : ثم قال له محمد ذاك ثلاث مرات » ! انتهى .
لاحظ أن كعباً جعل السخرية بكلامه وأوهامه سخرية بالتوراة ! لكن محمد بن أبي حذيفة كان رحمه الله شيعياً ، فتراه يكرر كلامه على كعب ، ساخراً بهرطقته !
أقوى النصوص حول الروم في عصر الإمام المهدي عليه السلام
استثارة الروم على المسلمين
قال الإمام الباقر عليه السلام كما في الإرشاد / 359 ، في حديث صحيح في علامات الظهور : « وخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية ، ونزول الترك الجزيرة ، ونزول الروم الرملة ، واختلاف كثير عند ذلك في كل أرض حتى تخرب الشام ، ويكون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفياني » .
وفي الأصول الستة عشر / 79 : « عن جابر : قال لي محمد بن علي عليه السلام : ضع خدك على الأرض ولا تحرك رجليك حتى ينزل الروم الرميلة ، والترك الجزيرة ، وينادي مناد من دمشق » .
وفي الغيبة للطوسي / 278 ، عن عمار بن ياسر أنه قال : « إن دولة أهل بيت نبيكم في آخر الزمان ، ولها أمارات ، فالزموا الأرض وكفوا حتى تجئ أماراتها ، فإذا استثارت عليكم الروم والترك . . . ويتخالف الترك والروم وتكثر الحروب في الأرض ، وينادي مناد من سور دمشق : ويل لأهل الأرض من شر قد اقترب ، ويخسف بغربي مسجدها حتى يخر حائطها ، ويظهر ثلاثة نفر بالشام كلهم يطلب الملك : رجل أبقع ورجل أصهب ، ورجل من أهل بيت أبي سفيان يخرج في كلب ، ويحصر الناس بدمشق ، ويخرج أهل الغرب إلى مصر ، فإذا دخلوا فتلك أمارة السفياني » .
مجئ الروم إلى السواحل وخروج أهل الكهف
في مختصر البصائر / 201 : « وقفت على كتاب خطب لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام وعليه خط السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس ، ما صورته : هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصادق عليه السلام فيمكن أن يكون تأريخ كتابته بعد المأتين من الهجرة ، لأنه عليه السلام انتقل بعد سنة مائة وأربعين من الهجرة ، وقد روى بعض ما فيه عن أبي روح فرج بن فروة ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد عليه السلام ، وبعض ما فيه عن غيرهما . ذكر في الكتاب المشار إليه خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام تسمى المخزون . . ثم ذكر الخطبة بطولها وجاء فيها : « وينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عندما تطلع الشمس يا أهل الهدى اجتمعوا ، وينادي من ناحية المغرب بعد ما تغيب الشمس يا أهل الضلالة اجتمعوا ، ومن الغد عند الظهر تكور الشمس فتكون سوداء مظلمة ، واليوم الثالث يفرق بين الحق والباطل بخروج دابة الأرض ، وتقبل الروم إلى قرية بساحل البحر عند كهف الفتية ، ويبعث الله الفتية من كهفهم إليهم رجل يقال له تمليخا والآخر مكسلينا وهما الشهداء المسلمون للقائم فيبعث أحد الفتية إلى الروم فيرجع بغير حاجة ويبعث بالآخر فيرجع بالفتح فيومئذ تأويل هذه الآية : وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرض طَوْعاً وَكَرْهاً » .
بعض أعداء المهدي عليه السلام يهربون إلى بلاد الروم
في الكافي : 8 / 51 : « عن بدر بن الخليل الأسدي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قول الله عز وجل : فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ . لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ، قال : إذا قام القائم وبعث إلى بني أمية بالشام فهربوا إلى الروم ، فيقول لهم الروم : لا ندخلنكم حتى تتنصروا ، فيعلقون في أعناقهم الصلبان فيُدخلونهم . فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الأمان والصلح ، فيقول أصحاب القائم : لا نفعل حتى تدفعوا إلينا من قبلكم منا . قال : فيدفعونهم إليهم فذلك قوله : لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ، قال : يسألهم عن الكنوز وهو أعلم بها . قال : قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ . فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ . بالسيف » .
ومعناه أن أصحاب المهدي عليه السلام يحشدون قواتهم في مواجهة الروم ويهددونهم . والمقصود ببني أمية : أصحاب السفياني كما ورد في رواية أخرى .
ويبدو أن لهم أهمية سياسية ، ولذلك يهدد المهدي عليه السلام وأصحابه الروم بالحرب إذا لم يسلموهم إياهم . وسيأتي بمعناه في فصل التفسير ، في تفسير قوله تعالى : حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا .
وفي تفسير العياشي : 2 / 235 : « عن جميل بن دراج قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ : وإن كان مكر بني برهان بالقائم لتزول منه قلوب الرجال » .
أقول : نقله عن العياشي ، البحراني في تفسير البرهان : 2 / 321 : مكر بني العباس . وفي تفسير القمي « 1 / 371 » : مكر بني فلان . ويطلق عليهم في بعض الروايات بني الأعيبس وبني شيصبان .
والمقصود أن خطط الحكومات المعادية تكون قوية ماكرة ، تزول منها قلوب الرجال ، لكن الله تعالى ينصر وليه عليهم .
أحاديث الصلح بين الإمام المهدي عليه السلام والروم
في الطبراني الكبير : 8 / 101 و 120 : « عن أبي أمامة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : سيكون بينكم وبين الروم أربع هدن ، يوم الرابعة على يد رجل من أهل هرقل ، يدوم سبع سنين . فقال له رجل من عبد القيس يقال له المستورد بن غيلان : يا رسول الله من إمام الناس يومئذ ؟ قال : المهدي من ولدي ابن أربعين سنة ، كأن وجهه كوكب دري ، في خده الأيمن خال أسود ، عليه عباءتان قطوانيتان ، كأنه من رجال بني إسرائيل ، يملك عشرين سنة ، يستخرج الكنوز ، ويفتح مدائن الشرك » . ومعنى يوم الرابعة : أي عقد الهدنة الرابعة . والعباءة القطوانية : البيضاء القصيرة الخمل . كأنه من رجال بني إسرائيل : أي جميل ، يشبه في كمال بدنه أبناء يعقوب عليه السلام .
وذكرت روايات أن مدة الصلح تكون عشر سنين ، وينقضها الروم بعد سبع سنين ويهاجمون المسلمين بجيش كبير . فقد روى ابن حماد : 2 / 470 ، في ذلك عدة روايات ، منها قول النبي صلى الله عليه وآله : « فيخرج الروم على ثمانين غاية تحت كل غاية إثنا عشر ألفاً » . والغاية : الراية ، أي بنحو مليون جندي . ورواه الطبراني في مسند الشاميين : 1 / 133 .
ويؤيده ما روي عن أهل البيت عليهم السلام في أصحاب الكهف عن مختصر البصائر / 201 ، من خطبة أمير المؤمنين عليه السلام أن الإمام المهدي عليه السلام يقيم الحجة على الروم قبل المعركة ، ويرسل إليهم بعض أصحابه الخاصين ، فيستخرجون أصحاب الكهف ، ونسخ التوراة ويحتجون بها عليهم .
تخريبهم حديث الصلح مع الروم وزيادتهم فيه !
أخذ بعض الرواة حديث صلح المسلمين مع الروم على يد المهدي عليه السلام وأسقطوه على عصرهم ، وزادوا فيه عناصر الصراع مع الروم يومذاك ! لاحظ اهتمام ابن ماجة : 2 / 1369 ، بتطبيقه على عصره ، قال : « قال لي جبير : انطلق بنا إلى ذي مخمر وكان رجلاً في أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فانطلقت معهما ، فسأله عن الهدنة فقال : سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول : سيكون بينكم . . الخ . » !
ثم لاحظ كيف دخلت خيالات الرواة فحرفوه فصار كما روى ابن حماد : 1 / 397 : « يكون بين المهدي وبين الروم هدنة ، ثم يهلك المهدي ثم يلي رجل من أهل بيته يعدل قليلاً ثم يسل سيفه على أهل فلسطين فيثورون به ، فيستغيث بأهل الأردن ، فيمكث فيهم شهرين يعدل بعد المهدي ، ثم يسل سيفه عليهم فيثورون به ، فيخرج هارباً حتى ينزل دمشق ، فهل رأيت الأسكفة التي عند باب الجابية حيث موضع توابيت الصرف الحجر المستدير دونه على خمسة أذرع ، عليها يذبح ! ولاينطفئ ذكر دمه حتى يقال قد أرست الروم بين صور إلى عكا ، فهي الملاحم » .
ثم دخل عنصر الشام والدجال فيه كما في رواية ابن حماد / 7 ، عن عوف قال : « قال رسولالله صلى الله عليه وآله : أُعْدُدْ ياعوف ستاً بين يدي الساعة : أولهن موتي فاستبكيت حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وآله يسكتني ، ثم قال : قل إحدى . والثانية : فتح بيت المقدس ، قل اثنتين . والثالثة : مَوَتَانٌ يكون في أمتي كقعاص « مرض » الغنم ، قل ثلاثاً . والرابعة : فتنة تكون في أمتي ، قال وعظمها ، قل أربعاً . والخامسة : يفيض المال فيكم حتى يعطى الرجل الماية الدينار فيتسخطها ، قل خمساً . والسادسة : هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر ، ثم يسيرون إليكم فيقاتلونكم والمسلمون يومئذ في أرض يقال لها الغوطة ، في مدينة يقال لها دمشق » .
أقول : ذكر دمشق والدجال من إضافات كعب وأتباعه ، لأنه لاذكر لها في رواية قدماء المصنفين كابن أبي شيبة : 15 / 104 ، عن عوف بن مالك ، ومعاذ بن جبل . وكذا أحمد : 5 / 228 ، وفي : 6 / 22 ، وفي : 6 / 27 ، عن عوف .
وهذا يعني أنهم زادوا ذكر دمشق والمرج ذي التلول والدجال ، وعناصر الصراع يومها مع الروم ، فأفقدوا حديث النبي صلى الله عليه وآله مصداقيته ! راجع أيضاً وقارن : بخاري : 4 / 123 ، وأبا داود : 4 / 300 ، وابن ماجة : 2 / 1341 ، والروياني / 123 ، والطبراني الأوسط : 1 / 67 ، والكبير : 18 / 40 ، ومسند الشاميين : 1 / 398 .
ويؤكد ما قلناه ما ذكره في فتح الباري : 6 / 199 ، في المعركة الموعودة التي تلي الصلح مع الروم : « وقال ابن المنير : أما قصة الروم فلم تجتمع إلى الآن ، ولا بلغنا أنهم غزوا في البر في هذا العدد ، فهي من الأمور التي لم تقع بعد ، وفيه بشارة ونذارة ، وذلك أنه دل على أن العاقبة للمؤمنين مع كثرة ذلك الجيش ، وفيه إشارة إلى أن عدد جيوش المسلمين سيكون أضعاف ما هو عليه . ووقع في رواية للحاكم من طريق الشعبي عن عوف بن مالك في هذا الحديث أن عوف بن مالك قال لمعاذ في طاعون عمواس : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي : أعدد ستاً بين يدي الساعة فقد وقع منهن ثلاث يعني موته صلى الله عليه وآله وفتح بيت المقدس والطاعون . قال : وبقي ثلاث . فقال له معاذ : إن لهذا أهلاً . ووقع في الفتن لنعيم بن حماد أن هذه القصة تكون في زمن المهدي على يد ملك من آل هرقل » . انتهى .
ونخلص من مجموع الروايات إلى أن الهدنة الأخيرة مع الروم تكون على يد المهدي ومعه المسيح عليه السلام وأن الروم ينقضونها بعد سنين ويغزون المنطقة بنحو مليون جندي ، فتكون بينهم معركة فاصلة ينتصرفيها المهدي عليه السلام انتصاراً كاسحاً . وبذلك ينفتح أمامه باب الدخول إلى قلوب شعوب الغرب ، وبمساعدة المسيح عليه السلام .
معنى فتح الإمام المهدي عليه السلام المدينة الرومية بالتكبير
في العلل المتناهية : 2 / : 855 ، عن عبد الله المزني ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « لا تقوم الساعة حتى يفتح الله على المسلمين قسطنطنية ورومية بالتسبيح والتكبير » .
ويظهر أن الفكرة أعجبت كعب الأحبار فأسقطها على القسطنطينية في عصره ! ففي عقد الدرر / 180 ، عن قصص الأنبياء للكسائي ، عن كعب الأحبار قال : « يخرج المهدي إلى بلاد الروم وجيشه مائة ألف ، فيدعو ملك الروم إلى الإيمان فيأبى ، فيقتتلان شهرين فينصرالله تعالى المهدي ، ويقتل من أصحابه خلقاً كثيراً ، وينهزم ويدخل إلى القسطنطينية ، فينزل المهدي على بابها ولها يومئذ سبعة أسوار ، فيكبر المهدي سبع تكبيرات فيخرُّ كل سور منها ، فعند ذلك يأخذها المهدي ، ويقتل من الروم خلقاً كثيراً ، ويسلم على يديه خلق كثير » .
وفي الفتن : 2 / 475 : « عن بكر بن سوادة ، عن شيخ من حِمْير قال : ليكونن لكم من عدوكم بهذه الرملة رملة إفريقية يوم تقبل الروم في ثمان مائة سفينة ، فيقاتلونكم على هذه الرملة ، ثم يهزمهم الله فتأخذون سفنهم فتركبوا بها إلى رومية ، فإذا أتيتموها كبرتم ثلاث تكبيرات ، ويرتج الحصن من تكبيركم فينهار في الثالثة قدر ميل فيدخلونها ، فيرسل الله عليهم غمامة تغشاهم ، فلا تُنهنهم حتى يدخلوها ، فلا تنجلي تلك الغبرة حتى تكونوا على فرشهم » .
وفي عقد الدرر / 139 ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، في قصة المهدي وفتوحاته : « ثم يسير ومن معه من المسلمين ، لا يمرون على حصن ببلد الروم إلا قالوا عليه لا إله إلا الله فتتساقط حيطانه . ثم ينزل من القسطنطينية فيكبرون تكبيرات فينشف خليجها ويسقط سورها . ثم يسير إلى رومية فإذا نزل كبر المسلمون ثلاث تكبيرات ، فتكون كالرملة على نشز » .
وفي القول المختصر / 14 : « يفتح رومية بأربع تكبيرات ويقتل بها ست مائة ألف ، ويستخرج منها حلي بيت المقدس والتابوت الذي فيه السكينة ، ومائدة بني إسرائيل ورضاضة الألواح وحلة آدم وعصى موسى ، ومنبر سليمان ، وقفيزين من المن الذي أنزل الله عز وجل على بني إسرائيل أشد بياضاً من اللبن ، ثم يأتي المدينة التي يقال لها القاطع طولها ألف ميل وعرضها خمس مائة ميل ولها ستون وثلاث مائة باب ، يخرج من كل باب مائة ألف مقاتل ، فيكبرون عليها أربع تكبيرات فيسقط حائطها فيغنمون ما فيها ، ثم يقيمون فيها سبع سنين ، ثم ينتقلون منها إلى بيت المقدس ، فيبلغهم أن الدجال قد خرج في يهود أصبهان » .
وتلاحظ أن أفكارهم عن القسطنطينية والدجال ، أضيفت إلى نص الحديث ولم تكن فيه ، وصار كلام كعب حديثاً نبوياً !
والصحيح أن فتح المدينة يكون بعد انتصار الإمام عليه السلام على الروم ، وسبب حربه معهم أنهم ينقضون الصلح معه ويعلنون الحرب ، فيعلن عيسى عليه السلام وقوفه إلى صفه ويصلي خلفه ، ويكون لعيسى عليه السلام تيار شعبي واسع في الغرب يعارض حربهم للإمام المهدي عليه السلام . وبعد انتصار الإمام عليه السلام تترجح كفة عيسى وأتباعه المؤمنين ، فيدخل هو والإمام عليه السلام إلى عواصم الروم ، وتستقبلهما بالتكبير !
يحتج عيسى على الروم بالإمام المهدي عليه السلام
في غيبة النعماني / 146 : « عن عبد الله بن ضمرة ، عن كعب الأحبار أنه قال : في حديث طويل : ومن نسل علي القائم المهدي ، الذي يبدل الأرض غير الأرض ، وبه يحتج عيسى بن مريم على نصارى الروم والصين . إن القائم المهدي من نسل علي أشبه الناس بعيسى بن مريم خلقاً وخلقاً وسمتاً وهيبة ، يعطيه الله عز وجل ما أعطى الأنبياء ويزيده ويفضله . إن القائم من ولد علي عليه السلام له غيبة كغيبة يوسف ، ورجعة كرجعة عيسى بن مريم ، ثم يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر ، وخراب الزوراء وهي الري ، وخسف المزورة وهي بغداد ، وخروج السفياني ، وحرب ولد العباس مع فتيان أرمينية وآذربيجان ، تلك حرب يقتل فيها ألوف وألوف ، كل يقبض على سيف محلى تخفق عليه رايات سود . تلك حرب يشوبها الموت الأحمر والطاعون الأغبر » .
والعجب هنا : كيف يروي كعب الأحبار هذه الفضيلة للإمام المهدي عليه السلام مع بعده عن أهل البيت عليهم السلام وتقربه إلى الحكومات المخالفة لهم ؟ !
والجواب : أن كعباً كان حشويَاً يجمع الغث والسمين ، ويخلط الحق بالباطل ، ويجمع من هنا وهناك ، ويسوِّقُه بأسلوبه على الحكام والناس . لذلك قد نقرأعنه بعض الحق . على أنه شاب هذا الحديث بباطل من عنده ، فإن المسلمين رووا شبه المهدي عليه السلام بجده صلى الله عليه وآله ، فجعله كعب أشبه الناس بعيسى خلقاً وخلقاً . « نوادر الأخبار / 268 » .
يبعث المهدي عليه السلام بقتال الروم في الملحمة
ابن حماد / 192 : « عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله قال : تخرج الروم في الملحمة العظمى ومعهم الترك وبرجان والصقالبة » . والبرجان : قوم ورد ذكرهم في حروب المسلمين مع البزنطيين . والصقالبة : أهل جزيرة صقلية الإيطالية ، وكانت مملكة ولها دور في الحملات الصليبية ، وكان هذا الاسم يطلق في صدر الإسلام على سكان بعض مناطق آسيا التركية .
وفي فتن ابن حماد : 1 / 355 : « عن كعب قال : المهدي يبعث بقتال الروم ، يعطى فقه عشرة ، يستخرج تابوت السكينة من غار بأنطاكية ، فيه التوراة التي أنزل الله تعالى على موسى عليه السلام والإنجيل الذي أنزل الله عز وجل على عيسى عليه السلام ، يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم » .
أشد الناس عليكم الروم
أحمد : 4 / 230 : « عن المستورد قال : بينا أنا عند عمرو بن العاص فقلت له : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : أشد الناس عليكم الروم ، وإنما هلكتهم مع الساعة . فقال له عمرو : ألم أزجرك عن مثل هذا » .
ومجمع الزوائد : 6 / 212 ، وحسنه ، والجامع الصغير : 1 / 160 ، وفيض القدير : 1 / 512 .
وفي ابن حماد / 134 : فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال : ما هذه الأحاديث التي تذكر عنك أنك تقولها عن النبي صلى الله عليه وآله ؟ فقال له المستورد : قلت الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله ! قال عمرو : لئن قلت ذلك إنهم لأحلم الناس عند فتنة ، وأصبر الناس عند مصيبة ، وخير الناس لمساكينهم وضعفائهم . ونحوه أحمد : 4 / 230 ، وتاريخ بخاري : 8 / 16 ، ومسلم : 4 / 2222 .
أقول : معنى أشد الناس على المسلمين الروم ، أنهم أقوى أعدائهم . وفي نفس الوقت احترمهم الإسلام أكثر من غيرهم فاعترف بدينهم وشرع التعايش معهم ، وإن لم يعترفوا بالإسلام . وقد فضلهم الأئمة عليهم السلام على النواصب .
خزي الروم بعد الملحمة العظمى
في تفسير الطبري : 1 / 399 : « عن السدي قال في قوله تعالى : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ : أما خزيهم في الدنيا إذا قام المهدي وفتحت القسطنطينية قَتَلَهم ، فذلك الخزي » . والتبيان : 1 / 420 ، والدر المنثور : 1 / 108 .
ومن الملفت ما ورد من أن الإمام الباقر عليه السلام فسر قوله تعالى : وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ . بأنه فرحهم بغلبتهم للروم على يد الإمام المهدي عليه السلام ! « الكافي : 8 / 269 » .
وروى في دلائل الإمامة / 248 : « عن الإمام الصادق عليه السلام قال : في قبورهم بقيام القائم عليه السلام » . وهو عن فرح الأموات ، ويدل على فرح الأحياء . وفسرت رواية الروم ببني أمية ، وأن فرح المؤمنين بانتصار المهدي عليه السلام عليهم « تأويل الآيات : 1 / 434 » .
أقول : الوعد الإلهي في سورة الروم بفرح المؤمنين بهزيمة الفرس وانتصار الروم ، محدد ببضع سنين ، لكن الأئمة عليهم السلام فسروه بأنه بشارة بفرح المؤمنين في المستقبل بنصرهم على الروم وبني أمية .
يتعايش الإمام عليهم السلام مع النصارى ويقبل منهم الجزية
في مزار ابن المشهدي / 135 ، وفضل الكوفة ومساجدها / 43 : « وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال لي : يا أبا محمد كأني أرى نزول القائم بأهله وعياله في مسجد السهلة . قلت : أيكون منزله ؟ قال : نعم ، كان فيه منزل إدريس ومنزل إبراهيم ، وما بعث الله نبياً إلا وقد صلى فيه ، وفيه مسكن الخضر . والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله صلى الله عليه وآله ! وما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وقلبه يحن إليه . وفيه صخرة فيها صورة كل نبي . وما صلى فيه أحد فدعا الله مما يخاف إلا أجابه . فقلت : إن هذا لهو الفضل ، قال : أزيدك ؟ قلت : نعم ، قال : هو من البقاع التي أحب الله أن يدعى فيها ، وما من يوم ولا ليلة إلا والملائكة يزورون هذا المسجد يعبدون الله فيه ، أما إني لو كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة إلا فيه . يا أبا محمد : لو لم يكن من الفضل إلا نزول الملائكة والأنبياء فيه لكان كثيراً ، فكيف وهذا الفضل وما لم أصف لك أكثر ، قلت : جعلت فداك لا يزال القائم فيه أبداً ؟ قال : نعم . قلت : فمن بعده ؟ قال : هكذا من بعده إلى انقضاء الخلق . قلت : فما يكون من أهل الذمة عنده ؟ قال : يسالمهم كما سالمهم رسول الله صلى الله عليه وآله ويؤدون الجزية عن يد وهم صاغرون . قلت : فمن نصب لكم عداوة ؟ قال : لا يا أبا محمد ، ما لمن خالفنا في دولتنا من نصيب ، إن الله قد أحل لنا دماءهم عند قيام قائمنا ، فأما اليوم فحرام علينا وعليكم ذلك ، فلا يغرنك أحد » .
أقول : يبدو أن الإمام المهدي عليه السلام يطبق خطة نشرالإسلام في العالم بالمنطق والإقناع ، ويعطي الحرية لأهل الكتاب بشروط ، فينمو فيهم تيار الإسلام .
ومن جهة أخرى فإن المسيح عليه السلام بعد هدنة الروم مع المهدي عليه السلام ، يعمل في الغرب لمدة سبع سنين ، فيكون الإسلام في الغرب تياراً واسعاً ، مؤيداً للإمام المهدي عليه السلام .
تخريب كعب حديث الملحمة العظمى
معنى الملاحم : المعارك الآتية ، وهي في علم الحديث مصطلح لإخبار النبي صلى الله عليه وآله بالمعارك والتغيرات التي ستقع في المستقبل ، وسميت المعركة بالملحمة ، لما يقع فيها من القتل وفَرْيِ اللحم ، أو بسبب التحام المقاتلين فيها .
وقد ألف العلماء في الملاحم ، ورووا فيها الكثير ، وكثر فيها الكذابون ، حتى زاد المكذوب على الصحيح ! ومن أكثر الكذابين تأثيراً كعب الأحبار ، فهو أستاذ علماء الخلافة في الملاحم والفتن ، وقد نصبه الخليفة عمر مستشاراً له ، وأطلق يده ولسانه وقلمه ، وقربه الخلفاء بعده ، فنشرأساطيره وتحريفاته في ثقافة المسلمين وصحاحهم !
وقد اتفق الرواة على أن آخر الملاحم معركة المهدي عليه السلام مع الروم وسموها الملحمة العظمى ، وجعلها كعب معركة فتح القسطنطينية ، وجعل خروج الدجال على أثر فتحها ، وقد فتحت بعد قرون ، ولم يخرج الدجال على أثرها !
قال ابن حماد : 2 / 499 : « عن كعب قال : الملحمة العظمى وخراب القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر » !
فصار كلامه حديثاً نبوياً عن الصحابي عبد الله بن بسر ، وسعد بن أبي وقاص ، وغيرهما ، كما تراه في مسند أحمد : 1 / 178 ، و : 4 / 189 و : 5 / 234 ، وتاريخ بخاري : 8 / 431 ، وابن ماجة : 2 / 1370 ، وغيرها . . !
وقال مسلم : 4 / 2221 : « عن أبي هريرة قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق ، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ ، فإذا تصافوا قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبقوا منا نقاتلهم ، فيقول المسلمون لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا ، فيقاتلونهم فيهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً ، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ، ويفتح الثلث لا يفتنون أبداً فيفتحون قسطنطينية ، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون ، إذ صاح فيهم الشيطان أن المسيح قد خلفكم في أهليكم ، فيخرجون وذلك باطل ، فإذا جاءوا الشام خرج حينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف ، إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم عليه السلام فأمهم ، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء ، فلو تركه لذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده ، فيريهم دمه في حربته » .
ورواه البغوي : 3 / 480 ، وابن حبان : 8 / 286 ، والحاكم : 4 / 482 و 476 . وقال : صحت الرواية أن فتحها مع قيام الساعة ! فانظر إلى تأثير كعب ، بل إلى تآمره مع الروم !
زعموا أن الملحمة مع الروم نهاية الأمة الإسلامية
زعم كعب أن فتح بيت المقدس يعني نهاية الأمة وخراب عاصمتها المدينة المنورة ! وأقنع بذلك الخليفة وقبله منه ، كما رووه في أصح المصادر !
روى ابن أبي شيبة : 15 / 135 : « قال رسول الله صلى الله عليه وآله : عُمْرَانُ بيت المقدس خرابُ يثرب ، وخرابُ يثرب خروج الملحمة ، وخروجُ الملحمة فتح القسطنطينية ، وفتحُ القسطنطينية خروج الدجال . ثم ضرب بيده على فخذ الذي حدثه أو منكبيه ثم قال : إن هذا هو الحق كما أنك ها هنا ، أو كما أنت قاعد ، يعني معاذاً » ! وأحمد : 5 / 232 و 245 ، وأبو داود : 4 / 110 ، والحاكم : 4 / 420 ، وفيه : ثم ضرب معاذ على منكب عمر بن الخطاب فقال : والله إن ذلك لحق كما أنك جالس !
وقت الملحمة العظمى ومكانها بخيالات كعب وتلاميذه !
كان كعب يزعم أن الملحمة العظمى مع الروم على الأبواب ، ففي فتن ابن حماد : 2 / 480 : « عن كعب قال : الملاحم على يدي رجل من أهل هرقل الرابع والخامس يقال له طبارة ! قال كعب : وأمير الناس يومئذ رجل من بني هاشم « المهدي عليه السلام » يأتيه مدد اليمن سبعون ألفاً حمائل سيوفهم المسد » .
وصار كلام كعب حديثاً نبوياً ! رواه الصحابي المهاجر بن حبيب ، فزعم أن النبي صلى الله عليه وآله قال : « الخامس من آل هرقل على يديه تكون الملاحم . قال أرطاة : فولي أربعة من آل هرقل ، قال أصحاب النبي : فبقي الخامس » . « ابن حماد : 2 / 500 » .
وفي الفتن : 2 / 470 : « عن المهاجر بن حبيب أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : الخامس من آل هرقل الذي يكون على يديه الملاحم . وقال : يملك هرقل ثم ابنه من بعده قسطة بن هرقل ، ثم ابنه قسطنطين بن قسطة ، ومن ثم ابنه اصطفار بن قسطنطين ، ثم خرج ملك الروم من آل هرقل إلى لبون وولده من بعده ، وسيعود الملك من الخامس من آل هرقل ، الذي تكون على يديه الملاحم » . انتهى .
ثم تنازل كعب عن الإمبراطور طبارة ، واختار بدله إمبراطورة أنثى ، وزعم أن الملحمة تكون في عهدها !
قال ابن حماد : 2 / 500 : « عن كعب قال : يلي الروم امرأة فتقول : اعملوا لي ألف سفينة أفضل ألواح عُملت على وجه الأرض ، ثم أخرجوا إلى هؤلاء الذين قتلوا رجالنا وسبوا نساءنا وأبناءنا ، فإذا فرغوا منها قالت : إركبوا إن شاء الله وإن لم يشأ ! فيبعث الله عليهم ريحاً فيقمصها بقولها وإن لم يشأ ! ثم يعمل لها ألف أخرى مثلها ، ثم تقول مثل قولها ، ويبعث الله عليها ريحاً فيقمصها ! ثم يعمل لها ألف أخرى فتقول : إركبوا إن شاء الله ، قال فيخرجون ، فيسيرون حتى يتنهوا إلى تل عكا » . وأيد كلام كعب اثنان من تلاميذه هما أبو الزاهرية وضمرة ، فقالا : « تجلب الروم عليكم في البحر من رومية إلى رومانية ، فيحلون عليكم بساحلكم بعشرة آلاف قلع فيسكنون ما بين وجه الحجر إلى يافا ، وينزل حدهم وجماعتهم بعكا ، فينفر أهل الشام إلى مواخيرهم فيقلوا فيبعثون إلى أهل اليمن فيستمدونهم فيمدونهم بأربعين ألفاً ، حمائل سيوفهم المسد ، فيسيرون حتى يحلوا بعكا وبها حد القوم وجماعتهم ، فيفتح الله لهم » . « ابن حماد : 2 / 487 » .
وأيده أبو هريرة ، راوية الإسلام بزعمهم ، فروى عنه ابن حماد : 2 / 487 : « يفتتحون رومية حتى يعلق أبناء المهاجرين سيوفهم في رومية ، فيقفل القافل من القسطنطينية فيرى أنه قد قفل » !
وأيده زميله عبد الله بن عمرو العاص فروى عنه في مجمع الزوائد : 7 / 319 ، ووثقه ! أن رجلاً « أحد أبويه شيطان يملك الروم ، يجئ في ألف ألف من الناس ، خمس مائة ألف في البر وخمس مائة ألف في البحر ، ينزلون أرضاً يقال لها العمق فيقول لأصحابه : إن لي في سفينتكم بقية فيحرقها بالنار ثم يقول : لارومية لكم ولا قسطنطينية لكم ، من شاء أن يفر . ويستمد المسلمون بعضهم بعضاً حتى يمدهم أهل عدن أبين ، فيقول لهم المسلمون إلحقوا بهم ، فكونوا سلاحاً واحداً ، فيقتتلون شهراً حتى يخوض في سنابكها الدماء ، وللمؤمن يومئذ كفلان من الأجر على من كان قبله إلا ما كان من أصحاب محمد « أي إلا الصحابة فهم أفضل منه » فإذا كان آخر يوم من الشهر قال الله تبارك وتعالى : اليوم أسلُّ سيفي وأنصر ديني وأنتقم من عدوي ، فيجعل الله لهم الدائرة عليهم فيهزمهم الله حتى تستفتح القسطنطينية ، فيقول أميرهم : لا غلول اليوم ، فبينما هم كذلك يقسمون بأترستهم الذهب والفضة ، إذ نودي فيهم أن الدجال قد خلفكم في دياركم » .
فاعجب لهذا التلفيق والكذب من كعب وتلاميذه ، كيف اخترعوه وضيعوا حديث النبي صلى الله عليه وآله عن المهدي عليه السلام والروم !
وزعم كعب أن معقل المسلمين وقاعدتهم دمشق
في مسند الشاميين : 1 / 335 : « عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : فسطاط المسلمين يوم الملحمة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق ، من خير مدائن الشام » . وفي مسند الشاميين : 2 / 266 : يوم الملحمة الكبرى بأرض يقال لها الغوطة فيها مدينة يقال لها دمشق ، فهي خير مساكن الناس يومئذ » .
وروى الحاكم : 4 / 486 : « يوم الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين بأرض يقال لها الغوطة » وصححه . وفي جامع المسانيد : 15 / 39 : « دمشق من خير منازل المسلمين في الملاحم » . وأبو داود : 4 / 111 ، وابن المنادي / 37 . ومصادره كثيرة .
وزعم كعب ، وتخيل كعب . . فصار كذبه أحاديث نبوية !
فقد جعل فتح القسطنطينية على يد اليهود من بني إسحاق وليس على يد المسلمين فسارع الرواة إلى تحويله إلى حديث نبوي ، وروى مسلم : 4 / 2238 : « عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله قال : سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر ؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق ، فإذا جاؤها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم ، قالوا لا إله إلا الله والله أكبر ، فيسقط أحد جانبيها . . . الخ » . انتهى .
فالذي يفتحها هم اليهود إذن ! وهذه جرأة مكشوفة من كعب ، ثم من أبي هريرة ، يقلُّ نظيرها !
وقال كعب : يهرب ثلة وثلة المسلمين ، فصار كذبه حديثاً نبوياً !
روى ابن حماد في الفتن : 2 / 467 : « أن كعباً كان يقول : إذا كانت الملحمة العظمى ملحمة الروم هربت منكم ثلة فلحقت بالعدو ، وخرجت ثلة أخرى فأسلموكم ، خسف الله ببعضهم وبعث على من بقي منهم طيراً يخطف أبصارهم ، ثم تبقى الثلة الباقية . فيا عباد الله من أدرك ذلك منكم فغلبته نفسه على الجبن فليدخل تحت إكافة أو يمسك بعمود فسطاطه وليصبر فإن الله تعالى ناصر الثلة الباقية ، وذلكم حين يستضعفكم الروم ويطمعون فيكم ، يقول صاحب الروم إذا أصبحتم فاركبوا على ذات حافر من الدواب ، ثم أوطؤهم وطأة واحدة ، لا يذكر هذا الدين في الأرض أبداً يعني الإسلام ، قال فيغضب الله عز وجل عند ذلك ، حتى يكون « يقعد » في السماء الرابعة وفيها سلاح الله وعذابه ، فيقول لم يبق إلا أنا وديني الإسلام ، وأهل اليمن قيس لأنصرن عبادي اليوم !
ويد الله بين الصفين إذا أمالها على قوم كانت الدبرة عليهم ، فيا أهل اليمن لا تبغضوا قيساً وياقيس أحبوا أهل اليمن ، فإن قيساً من خيار الناس أنفساً وأخلاقاً ، والذي نفس كعب بيده لايجالد عن دين الإسلام يومئذ إلا أنتم يا أهل اليمن » .
ونسبوا إلى حذيفة ما يستحيل أن يقوله !
روى الداني في سننه / 104 ، عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله حديثاً طويلاً من صفحات ، جاء فيه : « ويسير المهدي حتى يأتي دمشق ومن معه من المسلمين ، فيبعث الله عز وجل عليه الروم ، وهو الخامس من آل هرقل يقال له طبارة ، وهو صاحب الملاحم فتصالحوهم سبع سنين حتى تغزو أنتم وهم عدواً خلفهم وتغنمون وتسلمون أنتم وهم جميعاً ، فتنزلون بمرج ذي تلول ، فبينما الناس كذلك انبعث رجل من الروم فقال : غلب الصليب فيقوم رجل من المسلمين إلى الصليب فيكسره ويقول : الله الغالب ، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : فعند ذلك يغدرون وهم أولى بالغدر ، وتستشهد تلك العصابة ، فلا يفلت منهم أحد ، فعند ذلك ما يجمعون لكم للملحمة كحمل امرأة ، فيخرجون عليكم في ثمانين غاية تحت كل غاية إثنا عشر ألفاً حتى يحلوا بعمق أنطاكية ، فلا يبقى بالحيرة ولا بالشام نصراني إلا رفع الصليب وقال : ألا من كان بأرض نصرانية فلينصرها اليوم ، فيسير إمامكم ومن معه من المسلمين من دمشق حتى يحل بعمق أنطاكية ، فيبعث إمامكم إلى الشام أعينوني ، ويبعث إلى أهل المشرق أنه قد جاءنا عدو من خراسان على ساحل الفرات ، فيقاتلون ذلك العدو أربعين صباحاً قتالاً شديداً . ثم إن الله عز وجل ينزل النصر على أهل المشرق ، فيقتل منهم تسع مائة ألف وتسع وتسعون ألفاً ، وتنكشف بقيتهم من قبورهم تلك ، فيقوم مناد من المشرق : يا أيها الناس أدخلوا الشام فإنها معقل المسلمين وإمامكم بها .
قال حذيفة : فخير مال المسلمين يومئذ رواحل يرحل عليها إلى الشام ، وأحمرة ينقل عليها حتى يلحق بدمشق ! ويبعث إمامهم إلى اليمن أعينوني فيقبل سبعون ألفاً من اليمن على قلائص عدن ، حمائل سيوفهم المسد ويقولون : نحن عباد الله حقاً حقاً ، لا نريد عطاء ولا رزقاً حتى يأتوا المهدي بعمق أنطاكية ، فيقتتل الروم والمسلمون قتالاً شديداً فيستشهد من المسلمين ثلاثون ألفاً ، ويقتل سبعون أميراً نورهم يبلغ إلى السماء . قال حذيفة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أفضل شهداء أمتي شهداء الأعماق وشهداء الدجال . ويشتعل الحديد بعضه على بعض ، حتى أن الرجل من المسلمين ليضرب العلج بالسفود من الحديد فيشقه ويقطعه بابين وعليه درع ، فيقتلونهم مقتلة حتى تخوض الخيل في الدم ، فعند ذلك يغضب الله تبارك وتعالى عليهم فيطعن بالرمح النافذ ، ويضرب بالسيف القاطع ويرمي بالقوس التي لا تخطئ ، فلا رومي يسمع بعد ذلك اليوم ، ويسيرون قدماً قدماً ، فلأنتم يومئذ خيار عباد الله عز وجل ليس منكم يومئذ زان ولا غال ولاسارق . . . لا تمرون بحصن في أرض الروم فتكبرون عليه إلا خرَّ حايطه ، فتقتلون مقاتلته ، حتى تدخلوا مدينة الكفر القسطنطينية ، فتكبرون عليها أربع تكبيراًت فيسقط حايطها . قال حذيفة : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله عز وجل يهلك قسطنطينية ورومة ، فتدخلونها فتقتلون بها أربع مائة ألف ، وتستخرجون منها كنوزاً كثيرة ذهباً وكنوز جوهر ، تقيمون في دار البلاط . قيل يا رسول الله وما دار البلاط ؟ قال : دار الملك ، ثم تقيمون بها سنة » . وروى أجزاء منها : تفسير الطبري : 15 / 17 ، و : 22 / 72 ، والفردوس : 5 / 523 ، وتهذيب ابن عساكر : 1 / 196 ، وتذكرة القرطبي : 2 / 693 ، وفي / 704 ، وتفسير القرطبي : 14 / 314 ، وعقد الدرر / 74 ، 136 ، 149 . إلى آخر مصادرهم .
وكلها من خيالات كعب ونسج تلاميذه على حديث النبي صلى الله عليه وآله عن المهدي عليه السلام والروم ، نسبوها إلى حذيفة رحمه الله ، ووصلوا تخيلهم إلى قيام القيامة !
وجعلوا الإمام المهدي عليه السلام موظفاً عند اليهود !
رووا وأكثروا أن الإمام المهدي عليه السلام يستخرج من كنيسة رومية كنوز بيت المقدس وحُليَّه وزينته التي سرقها الروم ، ويردها إلى بيت المقدس بمئة سفينة ، أو بألف وسبع مئة سفينة ! فروى الطبري في تفسيره : 15 / 29 ، عن حذيفة كما زعموا ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : « إن بني إسرائيل لما اعتدوا وعلوا وقتلوا الأنبياء ، بعث الله عليهم ملك فارس بختنصر وكان الله ملكه سبع مئة سنة ، فسار إليهم حتى دخل بيت المقدس فحاصرها وفتحها ، وقتل على دم زكريا سبعين ألفاً ، ثم سبي أهلها وبني الأنبياء عليهم السلام وسلب حلي بيت المقدس واستخرج منها سبعين ألفاً ومئة ألف عجلة من حلي حتى أورده بابل ! قال حذيفة : فقلت : يا رسول الله لقد كان بيت المقدس عظيماً عند الله ؟ قال : أجل بناه سليمان بن داود من ذهب ودر وياقوت وزبرجد ، وكان بلاطه بلاطة من ذهب وبلاطة من فضة وعُمُدُهُ ذهباً ، أعطاه الله ذلك وسخر له الشياطين يأتونه بهذه الأشياء في طرفة عين ، فسار بختنصر بهذه الأشياء حتى نزل بها بابل ، فأقام بنو إسرائيل في يديه مئة سنة تعذبهم المجوس وأبناء المجوس ، وفيهم الأنبياء وأبناء الأنبياء ! ثم إن الله رحمهم فأوحى إلى ملك من ملوك فارس يقال له كورس وكان مؤمناً « ! » أن سر في بقايا بني إسرائيل حتى تستنقذهم ، فسار كورس ببني إسرائيل وحلي بيت المقدس حتى رده إليه ، فأقام بنو إسرائيل مطيعين لله مئة سنة ، ثم إنهم عادوا في المعاصي فسلط الله عليهم أبطيانحوس ، فغزا بأبناء من غزا مع بختنصر فغزا بني إسرائيل حتى أتاهم في بيت المقدس ، فسبى أهلها وأحرق بيت المقدس ، وقال لهم : يا بني إسرائيل إن عدتم في المعاصي عدنا عليكم بالسباء ، فعادوا في المعاصي فسير الله عليهم السباء الثالث ملك رومية يقال له قاقس بن إسبايوس ، فغزاهم في البر والبحر فسباهم وسبى حلي بيت المقدس ، وأحرق بيت المقدس بالنيران . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هذا من صنعة حلي بيت المقدس ، ويرده المهدي إلى بيت المقدس ، وهو ألف سفينة وسبع مئة سفينة ، يرسى بها على يافا حتى تنقل إلى بيت المقدس ، وبها يجمع الله الأولين والآخرين » .
وفي فتن ابن حماد : 2 / 485 : « عن ربيعة بن الفارسي قال : يسير منكم جيش إلى رومية فيفتتحونها ويأخذون حلية بيت المقدس ، وتابوت السكينة ، والمائدة ، والعصا ، وحلة آدم ، فيؤمر على ذلك غلام شاب ، فيردها إلى بيت المقدس » .
وقال السلمي في عقد الدرر / 93 : « الفصل الثاني في فتح مدينة القاطع وما يليها ورجوع حلي بيت المقدس إليها . . عن حذيفة بن اليمان عن رسول الله صلى الله عليه وآله في قصة المهدي وفتحه لرومية ، قال : ثم يكبرون عليها أربع تكبيرات فيسقط حائطها ، وإنما سميت رومية لأنها كرمانة من كثرة الخلق ! فيقتلون بها ست مائة ألف ويستخرجون منها حلى بيت المقدس والتابوت الذي فيه السكينة ، ومائدة بني إسرائيل ، ورضاضة الألواح ، وعصا موسى ، ومنبر سليمان ، وقفيزين من المنِّ الذي أنزل الله على بني إسرائيل ، أشد بياضاً من اللبن » . الخ .
وقال السلمي بعده : « وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في قصة المهدي قال : ويتوجه إلى الآفاق ، فلا تبقى مدينة وطأها ذو القرنين إلا دخلها وأصلحها ، ولا يبقى جبار إلا هلك على يديه ، ويشفي الله عز وجل قلوب أهل الإسلام ، ويحمل حلى بيت المقدس في مائة مركب ، تحط على غزة وعكا وتُحمل إلى بيت المقدس . . » .
وفي ينابيع المودة : 3 / 267 : « أن ابن إسمانوس جاء بيت المقدس وحارب بني إسرائيل وأخذ حلي بيت المقدس وأحرق منه ما أحرق ، وحمل منه ألف وسبع مائة سفينة خالية ، فأراد أن يورده في رومية غرقت السفن . أخبر بذلك حذيفة بن اليمان ، وذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ليستخرجن المهدي ذلك من البحر حتى يؤديه إلى بيت المقدس ، ثم يسير المهدي ومن معه إلى البحر المحيط . . » .
أقول : قد يكون نبوخذ نصر ، أو الرومان وجدوا شيئاً من الذهب والمذهبات في بيت المقدس وأخذوه ، فجعل اليهود حلية بيت المقدس ظلامة عظيمة لهم شبيها بالهولوكست ! ولم يستطيعوا إثبات أنها في روما ، فقالوا إن السفن غرقت في البحر ! ثم زعموا أنها في روما وأن المهدي عليه السلام يستخرجها ويرجعها إلى مكانها !
وجعلوه موظفاً عندهم لاسترجاع مسروقات بختنصر ، أو غنائم الروم منهم ، ويردها إليهم !
دور اليمانيين والخراسانيين في ملحمة الإمام مع الروم
من الطبيعي أن يكون لأهل اليمن دورٌ في معارك الإمام المهدي عليه السلام ، لأن حاكم اليمن المنصور اليماني وزيره ومعتمده . وكذا للإيرانيين بحكم أن القائد العام لقوات الإمام عليه السلام شعيب بن صالح ، إيراني .
يضاف إليهم بقية جيش الإمام عليه السلام من العراق والبلاد العربية والإسلامية . لكن كعباً صور المعركة بين الروم واليمانيين وكأنها في عصره فقال : « إن الله تعالى يمد أهل الشام إذا قاتلهم الروم في الملاحم بقطيعتين ، دفعة سبعين ألفاً ، ودفعة ثمانين ألفاً من أهل اليمن ، حمائل سيوفهم المسد » . « الفتن : 2 / 469 » .
وفي الفتن : 2 / 481 : « عن كعب قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله الملحمة فسمى الملحمة من عدد القوم وأنا أفسرها لكم : إنه يحضرها إثنا عشر ملكاً ، ملك الروم أصغرهم وأقلهم مقاتلة ، ولكنهم كانوا هم الدعاة وهم دعوا تلك الأمم واستمدوا بهم ، وحرام على أحد يرى عليه حقاً للإسلام أن لا ينصر الإسلام يومئذ ، وليبلغن مدد المسلمين يومئذ صنعاء الجَنَد ، وحرام على أحد يرى عليه حقاً للنصرانية أن لاينصرها يومئذ . ولتمدنهم يومئذ الجزيرة بثلاثين ألف نصراني ، فيترك الرجل فدانه يقول أذهب أنصر النصرانية ، ويسلط الحديد بعضه على بعض . . إلى آخر الأسطورة » .