العـوامـل المـؤثـرة فـي الاقتـصـاد السـياحـي 1
المؤلف:
د . مصطفى يوسف كافي
المصدر:
فلسفة اقتصاد السياحة والسفر
الجزء والصفحة:
ص83 - 86
2025-05-29
340
المبحث الثالث
العوامل المؤثرة في الاقتصاد السياحي
إن تقدير العوائد الاقتصادية هي غالباً السبب الرئيس لاهتمام العديد من الدول بتنمية السياحة وجعلها قطاعاً رائداً ومدى مساهمة السياحة في الاقتصاد، ويكــون هدفها تحديد العوائد والتكاليف الاقتصادية للسياحة وإلقاء الضوء على الصعوبات المرافقة التي قد تنشأ مع محاولة قياسها وتحديد الاقتصادية لمساهمة السياحة في الاقتصاد الوطني. (عباس، 2010، ص61 وما بعد)
وهناك مجموعة من العوامل التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشــر فـــي الاقتصاد السياحي والتي يمكن تصنيفها في مجموعتين هما:
أولاً: المجموعة الأولى: تضم (طائي: 2004، ص95)
1- تعتبر السياحة نوعاً خاصاً من التجربة الإنسانية:
تعتبر السياحة نشاط إنساني، ذلك أن شراء عطلة سياحية يختلف عن شراء معظم المنتجات الأخرى، فالسياحة تتطلب من الفرد التنازل عن الوقت والمال. كما أن عملية قرار شراء الأفراد للعطلات تفوق من حيث التعقيد أية عملية أخرى شراء منتجات ملموسة مثل المنزل أو التليفزيون.... لأن عملية شراء الخدمة السياحية تنطوي على جوانب إنسانية واقتصادية ومزاجية متشابكة معقدة يمكن تشبيهها بنسيج العنكبوت، أضف إلى ذلك صعوبة قياس العديد من هذه الجوانب لأنها ببساطة تتعلق بآراء وتجارب وقيم شخصية.
2- ترتبط السياحة بالإعلان بشكل أقوى وأوثق بالمقارنة مع الصناعات الأخرى: من الأمور المتعارف عليها أن مستوى إدراك الفرد للمنتج السياحي يعتبر منخفضاً بالمقارنة مع أنواع المشتريات الأخرى، فالمنتج السياحي (رحلة مثلاً) يعتبر خدمة غير ملموسة تنتج وتستهلك في نفس اللحظة. ولأنها غير ملموسة أصلاً يصعب على مسوقها اختبارها تسويقياً بشكل مسبق. وعليه، الإعلان والخبرات السابقة والكلمة المنطوقة ((word of mouth تساهم بشكل واضح في تعزيز الإدراك للمنتج السياحي. ولهذا السبب فإن الإعلان المستند إلى البحث التسويقي السياحي المتقن يلعب دوراً أساسياً في نجاح ونمو هذه الصناعة.
3- تتأثر صناعة السياحة بشكل خاص بالقوى الخارجية:
إن أبرز ما يميز صناعة السياحة عن الكثير من الصناعات الأخرى حساسيتها المفرطة للقوى والعوامل الخارجية.
وهذه القوى تتراوح ما بين عدم الاستقرار السياسي إلى تغير الموضة وعليه فإن تفضيل جهة قصد معينة قد ينقلب رأساً على عقب في حالة حدوث أي متغير بسيط أو معقد مثل تفشي وباء أو مرض أو حدوث اضطرابات عمالية أو تغير في أسعار صرف العملات وما شابه ذلك.. ويبدو جلياً أن الطلب السياحي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمثل هذه المحتوى والمتغيرات لدرجة أن العديد من الباحثين في صناعة السياحة يطلقون تسمية الصناعة "الأكثر حساسية للمتغيرات " على هذه الصناعة وتأسيساً على ذلك فإن الضرورة تقتضي التعميق في دراسة ومتابعة هذه المتغيرات بشكل يومي وذلك للتنبؤ بها والتحوط منها ومحاولة التقليص من تأثيراتها الجانبية قدر المستطاع.
4- تخلق صناعة السياحة تشكيلة متنوعة من التأثيرات:
فالتأثيرات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والسياسية والتي تخلقها صناعة السياحة باتت معروفة وموثقة على نطاق عالمي. فهي تتجاوز في أبعادها ومضامينها تلك التي تخلقها الكثير من الصناعات والبحث فيها وذلك لتمكن المخططين السياحيين والحكومات من اتخاذ القرارات الصائبة بصددها وصياغة استراتيجيات وخطط سياحية محكمة.
5- تتطلب صناعة السياحة رؤى بحثية ثاقبة:
لا جدل في صناعة السياحة هي صناعة التعامل مع الناس من حيث التعرف على حاجاتهم ورغباتهم وتطلعاتهم وأمزجتهم وأحاسيسهم وذلك بهدف تحقيق الرضا المنشود. كما إن المنتج السياحي يمثل خدمة راقية غير ملموسة تحكمها عوامل كثيرة قد تكون هي الأخرى غير ملموسة - مثل الترحاب بالضيف والابتسامة والأهم من ذلك أسلوب تقديم الخدمة السياحية نفسها وعليه فإن البحث التسويقي الجيد يتناول سبعة عناصر هي (الخدمة ،السعر، الترويج، التوزيع، الناس، عملية تقديم الخدمة ، البيئة المادية) ومن هذا المنطق بالذات، فإن البحث التسويقي السياحي يكاد يكون أوسع في مدلولاته وآليته وأساليب أدائه من البحث التسويقي التقليدي الذي يقتصر على عناصر المزيج التسويقي التقليدي. ولهذا السبب بالذات أشرنا إلى أن صناعة السياحة فريدة من حيث كونها صناعة التعامل مع الناس وكيفية التأثر فيهم أنها صناعة اللاملموس في عالم "الملموس".
في نشاط الشركة السياحية يمثل المنتج تجسيداً لجهود الشركة مــن أجـــل إرضاء الحاجات السياحية، وبتعريفه على أنه "خليط" من عناصر ملموسة وغيـر ملموسة متركزة في نشاط محدد ويختلف تسويق الخدمة السياحية عن غيرها من المنتجات أو الخدمات الأخرى لأنها ذات طبيعة خاصة وخصائص متميزة، نذكر منها:
أ- اللاملموسية:
وتأتي هذه الصفة من خلال عدم الوجود الحسي للخدمة السياحية، مما يجعل من الصعب أو المستحيل معاينتها أو تجريبها قبل الاستخدام أو الشراء.
ب- التلازمية:
فالتلازم يعني أن البيع المباشر من المنتج إلى المستهلك هو قناة التوزيع التي تركز على عملية التفاعل بين مقدم الخدمة والزبون (بالتسويق التفاعلي) (الصحن 2002، ص 353). حيث لا يمكن فصل الخدمة عن شخصية الفرد الذي يؤديها.
ت ـ التغير أو التنوع (عدم التجانس)
أي عدم القدرة على توحيد الخدمة نتيجة لعدم تجانسها ، ومن الصعب التنبؤ دائماً بمستوى ثابت من الجودة على مدار الوقت بسبب تنوع مقدميها.
ث - القابلية للفناء:
تتصف الخدمات بالفناء السريع، حيث لا يمكن تخزينها واستعمالها في وقت الحاجة، فلا يمكن تخزين الغرفة الشاغرة في فندق أو طاقة الموقع السياحي من أجل مواجهة التقلبات الناجمة عن موسمية الطلب السياحي.
ج ـ الإنتاج والاستهلاك معاً:
عدم إمكانية فصل مقدم الخدمة عن مستخدمها، مما يجعل ثقة وإخلاص السائح وولائه أمراً هاماً، حيث يسهم هذا السائح في إنتاج الخدمة ومن ثم يحصــــل عليها وهو لا يمتلكها بشكل دائم كما هو الحال بالسلع المادية الملموسة.
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في علم الاقتصاد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة