تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
هل هناك اليوم اتجاه صوب المثالية في الفيزياء
المؤلف:
فيليب فرانك
المصدر:
بين الفيزياء والفلسفة
الجزء والصفحة:
ص77
2025-03-29
82
من المتفق عليه بصفة عامة أن العلم الصحيح الحديث، الذي أشرق في عصر جاليليو ونيوتن وأدى إلى التوسع الهائل فى حضارتنا التقنية، يتميز على علم العصور القديمة والوسطى بحقيقة تخلصه أكثر وأكثر من العناصر النفسانية والمجسمة (التشبيهية) (*)؛ فبدلاً من مذاهب القرون الوسطى مثل المدار الأكمل"، "المركز الأنسب لأى جسم"، "الفرق بين الأجرام السماوية والأجرام الأرضية وما على شاكلتها، بات في حوزتنا قوانين مبادئ نيوتن الممكن صياغتها رياضيًا ولا تشمل إلا مقادير يمكن مشاهدتها وقياسها.
ولا ريب أن فيزياء جاليليو ونيوتن أوجدت هوة بين الجسم والعقل لم تكن موجودة في العلم التشبيهي (التجسيمي) والأرواحى animistic إبان العصور الوسطي، وهذه الهوة لم تعجب أنصار علم لم يكن يفسر مسلك الأجسام الجامدة فحسب، بل وأيضا كل أجسام الطبيعة بما في ذلك الجسم البشرى. ومن هنا برزت مشكلة تفسير العقل على أساس من الفيزياء الميكانيكية، وهى مشكلة تناولها الكثيرون ولكن دون إحراز أى تقدم فعلى، وتعد حاليًا مجرد مشكلة ظاهرية. وقد أدى استعصاؤها على الحل بهذه الصورة، وهو أمر واضح للجميع إلى اتجاه كثير من العلماء المدرسيين لأن يمقتوا الفيزياء الميكانيكية بشدة يشمتوا لدى كل عثرة تعترض خصومهم.
وكان رویر R.Ruyer على حق تماما حين قال: الدليل" على أن كثيرا من العلماء المدرسيين يئنون أساسا من حمل هذه الخطيئة الجديدة المتمثلة في الفيزياء الميكانيكية، يتجلى بصورة صاعقة في ردود أفعالهم كلما تعرض المفهوم الميكانيكي أو الكمي للفيزياء لأى نكسة.
أما العقول الفلسفية القوية، فلم تكن تزعجهم مثل هذه النكسات، وإنما كانوا يتحينون في كل مرة الفرصة للعودة إلى مذهب الذاتية. وهكذا كان الحال مع اكتشاف طاقة الوضع والجاذبية وتحلل الطاقة، والألفة الكيميائية... .
لذا لا داعى للدهشة إذا كان وقع الثورات الأخيرة فى الفيزياء النظرية بظهور نظرية النسبية ونظرية الكم، على العلماء المدرسيين الذين وصفهم روير بالعقول الفلسفية القوية مماثلاً لما صادف الانقلابات النظرية السابقة (تحلل الطاقة.... إلخ). حقا، لا يكاد المرء اليوم يفتح مجلة دورية أو كتابا يتناول تطور أفكارنا العلمية العامة دون أن تصادفه عبارات مثل نهاية عصر جاليليو"، "فشل الفيزياء الميكانيكية"، "نهاية عداء العلم تجاه الروح"، "التوفيق بين الدين والعلم . بل إن هناك كتابا ألفه بافتك Bavink في مجال الفيزياء الحديثة بعنوان العلم الطبيعي في طريقه للدين (2). ويرى البعض أن النظريات الجديدة لفيزياء القرن العشرين أحدثت في المفهوم العام للعالم تغييراً بلغ فى أهميته ما أحدثته فيزياء جاليليو التي استبدلت المفهوم الميكانيكي في العصور الحديثة بالمفهوم الأرواحى فى العصور الوسطى. وبنفس الطريقة هناك افتراض بأن الفيزياء الجديدة هي بمثابة جسر عبور من المفهوم الميكانيكي للعالم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، إلى المفهوم الرياضي" في القرن العشرين. ويعتقد أن الأخير هو الأقرب إلى حد ما للمفهوم الأرواحى فى العصور الوسطى منه إلى المفهوم الميكانيكي، لأن الرياضيات تشتمل على عنصر مثالى" أو "روحاني"، وليس عالم الرياضيات" غريبا على الروح بقدر ما هو عليه بالنسبة لعالم ميكانيكي. وقدم هذا الرأى بكل إجلال الجنرال سماتس General Smuts في خطابه الافتتاحي بمناسبة الاحتفال بالعيد المئوى للاتحاد البريطاني للعلم British Association of Sci ence في 23 سبتمبر 1931، حيث قال : سادت النظرية الميكانيكية للعالم منذ عصر جاليليو ونيوتن، أما الآن، فمنذ مجيء أينشتاين حل محلها المفهوم الرياضي للكون.... "وإذا كانت المادة أساساً بنية روحية أو عضوية، فلا يمكن أن تختلف اختلافا جوهريا عن الكائن الحى أو الحياة.... أو عن العقل الذي هو كائن منظم نشط . يجب أولاً من حيث المنطق العلمى أن نتساءل ما إذا كانت نظريات القرن العشرين تحمل حقا في طياتها أى عناصر روحانية، ويجب ثانيًا أن نتساءل لأى العمليات خارج مجال الفيزياء يمكن بصفة عامة أن يقودنا المفهوم الروحاني للطبيعة. فلنبدأ بتناول مختصرا للمسألة الثانية كي يتاح لنا معالجة المسألة الأولى بتفصيل أكبر.
لم يكن بالقطع من قبيل المصادفة أن يتواكب ازدهار المفهوم الميكانيكي للطبيعة على نحو ما نلمسه مثلاً في أعمال لابلاس، مع انتصار الثورة الفرنسية، إذ منذ ذلك الحين صادف الصراع ضد أفكار 1789 دائما نقداً لهذا المفهوم للطبيعة بحثًا عن نظرية أكثر مثالية أو روحانية. لقد توج الصراع ضد افكار 1789 بأن شهدت الآونة الأخيرة تربع مفهوم مضاد تماماً لتلك الأفكار، وذلك على الصعيد السياسي في عدة بلاد وبخاصة إيطاليا وألمانيا. ولهذا المفهوم أساس فلسفى يتناقض تماما مع المفهوم الميكانيكي للطبيعة وينادى بتكوين صورة للعالم تميل أكثر تجاه النظامية Organismic بما يعنى العودة جزئيا إلى المذاهب الروحانية أو الأرواحية في العصور الوسطى بالضبط مثل ارتباط المفهوم الجديد للدولة بنظيره في تلك العصور. ويحاول أتباع هذا المفهوم النظامى للطبيعة والمناهض للميكانيكية، إثبات وجود ثورة في العلوم الصحيحة تولدت بشكل تلقائي نتيجة " اعتبارات علمية بحتة، وتبعا لحجتهم وعلى أساس نظرية النسبية وميكانيكا الكم يمكن التوصل إلى مفهوم للطبيعة يكون فيه للعقل دور من جديد، يتفق مع بيولوجيا نظامية مستقلة مناهضة للميكانيكية". ويمكن اعتبار أعمال بافتك مثالاً نمطيًا لهذا الاتجاه، لما لديه من معرفة تامة بالفيزياء وعلم البيولوجيا ولأنه ممثل بارز للمفهوم النظامى للطبيعة. فمن أقواله: اليوم تسود في دائرة العلوم رغبة فى ربط خيوط العلم مرة أخرى بكل القيم السامية الحياة البشر، بالرب وبالروح وبالإرادة الحرة، إلخ - خيوط كان يبدو انفصام عراها تماما. إنها رغبة لم يكن لها نظير على مدى قرون طويلة. وإنه من قبيل الصدفة الأشبه بالمعجزة أن يأتى السعى إلى هذا التغيير، في الوقت الحالي؛ إذ لا صلة له بالتحولات السياسية والاجتماعية وإنما سببه دوافع علمية بحتة" هل هذه الجملة الأخيرة صحيحة أم لا؟ هذه هي بالضبط المسألة التي نحاول أن نجد لها إجابة.
ومن جهة أخرى، شهدت روسيا منذ إنشاء الاتحاد السوفيتي إرساء نظام يستند في أسميه الفلسفية على نظرية المادية الجدلية" لكارل ماركس على نحو ما طبقها لينين. ولا أود هنا تناول العلاقة بين المادية الجدلية" هذه وبين ما تعودنا أن نطلق عليه اسم "المادية" في كل من ألمانيا وفرنسا أريد فقط لفت الأنظار إلى ما ورد في كثير من المقالات في المجلات الفلسفية والسياسية في روسيا - اليوم من أن النزعة إلى الروحانية، التي غالبًا ما نجدها مصاحبة للنظريات الفيزيائية الحديثة، تفسر بأنها إحدى ظواهر تدهور العلم في الأقطار الرأسمالية. وكثيرا ما كانت هذه المقالات تعكس الاتجاه الفكرى الآتى: مازال العلم في أوروبا الغربية يشهد بالتأكيد تقدما بشأن القضايا الفردية، مثل صياغة قوانين العمليات الذرية، مثلما أنه مازال يتواصل التقدم التقنى للاقتصاد الرأسمالي. غير أنه مثلما تتعرض حياة المجتمع الصناعى أكثر وأكثر لهزات وأزمات يستحيل معها في النهاية إيجاد حل مقبول بصفة عامة، فإن العلم رغم ما أحرزه من تقدم في التفصيلات، ليس بوسعه تكوين صورة عامة مقبولة للعمليات في الطبيعة ولم تعد الدراسات الجارية من أجل تكوين مثل هذه الصورة العامة تسير بصورة علمية بالمعنى الحديث، وإنما صارت تقتبس من الفيزياء الأرواحية الروحانية في العصور الوسطى، وتفسير النظريات الحديثة على ضوئها، لأن النزعات الفكرية المهيمنة على الحياة السياسية تفرض تعتيما على النظريات العلمية بتغليفها بضباب روحاني.