تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
الرياضيات والفيزياء: من الميكانيكا الكلاسيكية إلى فلسفة الكون
المؤلف:
فيليب فرانك
المصدر:
بين الفيزياء والفلسفة
الجزء والصفحة:
ص87
2025-03-29
85
ولم يكن الزعم ببناء العالم تبعاً لمبادئ الرياضة البحتة مقصورا على أعمال چینز، وكثيرا ما كان يستخدم في وضع مفاهيم غامضة عن العالم. ولتوضيح المعنى ينبغى أولاً أن نستوضح معنى افتراضات الرياضة البحتة بصفة عامة. وتبعا لمفهوم برتراند راسل ولودفيج فتجنشتاين، وهو أيضاً مفهوم "جماعة فيينا فإن افتراضات الرياضة البحتة ليست بيانات تتعلق بالعمليات الطبيعية، ولكنها بيانات منطقية بحتة ترتبط بمسألة أي المزاعم تكون مكافئة لبعضها البعض ويمكن تحولها إلى بعضها البعض بالتحويلات المقننة . لذا تظل افتراضات الرياضة البحتة صحيحة مهما كانت العمليات الطبيعية. وهذه الافتراضات لا يمكن تأييدها أو دحضها بالمشاهدات، لأنها لا تعبر عن شيء بشأن العمليات الحقيقية في الطبيعة. فعلى نحو ما يقال كثيرا، تتسم النظريات الهندسية الرياضية بأنها ذات صفة تحليلية.
فمثلاً إذا أثبتنا النظرية الهندسية القائلة بأن مجموع زوايا المثلث يساوى 180 درجة باعتبارها من افتراضات الرياضة البحتة، نكون فى الحقيقة قد أثبتنا أنه من منطلق بديهيات الهندسة الإقليدية بما فيها بديهية المتوازيات، وبالتحويل المنطقي أن مجموع زوايا مثلث ما يساوى 180 درجة إذا كانت الخطوط المستقيمة والنقط المكونة له لها جميع الخواص التي حددتها لها البديهيات الإقليدية بمعنى إذا استطعنا بالمشاهدة إثبات صحة البديهيات الإقليدية بالنسبة لمثلث عينى فيزيائي، فإن مجموع زوايا هذا المثلث يساوى 180 درجة. وبتعبير آخر، فإن مجموع الزوايا يساوى 180 درجة، والبديهيات صحيحة هما تعبيران لنفس الشيء، عبارتان بنفس المحتوى (حيث بطبيعة الحال، يكون افتراض مجموع الزوايا مجرد جزء من محتوى نظام البديهيات برمته). وإذا ما اتضح ذلك فإن العالم مهما كان سوف يخضع دائما لافتراضات الرياضة البحتة ولا ينطوى الزعم بأنه يخضع لها على شيء بالمرة عن العالم الحقيقي وإنما يقول فقط ما هو واضح بذاته، أن جميع البيانات عن العالم يمكن أن نستبدل بها بيانات مكافئة.
ذلك لابد أن هناك شيئًا آخر هو المقصود حين يقول جینز وكثيرون آخرون بأن ومع بناء العالم يخضع لمبادئ الرياضة البحتة. وكمثال على ذلك نقول الآتي: الرياضيون - كرستوفل Christoffel هلمهولتز Helmholtz ريتشي Ricci ، ليفى سيفينا Levi Civita وآخرون - وضعوا منذ زمن بعيد الخواص الانحنائية للفضاء الريماني، وحين قدم أينشتاين النظرية النسبية العامة وجد فرع الرياضة هذا بأكمله طوع إرادته. ورغم أنه ابتكر دون أى قصد لاستخدامه في مجال الفيزياء، فقد استخدمه نيوتن وطبقه في نظريته في الجاذبية والنسبية العامة. ولذا لا مفر من الافتراض بأن الخالق أنشأ العالم تبعا لهذه المبادئ من الرياضة البحتة وإلا كان من قبيل المصادفة العجيبة أن مثل هذا الفرع المعقد من الرياضة والمنشأ لأغراض أخرى تماما أمكن استخدامه لنظرية الجاذبية. رأينا من قبل أن هذا الزعم لا يمكن أن يعنى بناء العالم تبعًا لافتراضات نظرية الانحناء الريماني أو تبعاً لحساب التفاضل البحث الذي ابتكره ريتشي وليفى سيفيتا؛ لأن هذه الافتراضات شأنها في ذلك شأن افتراض الزوايا وجميع القضايا الأخرى في الرياضة البحتة، هي مجرد بيانات عن كيفية التعبير عن الشيء ذاته بطرق مختلفة. لذا فإن هذا الزعم لا يمكن أن يعنى سوى أن المفاهيم والتعريفات في الرياضة البحتة (مثل هندسة فضاءات ريمان أنشأت بنيات محددة مثل الرموز ثلاثية الأسس -three index symbol لكرستوفل ممتد الانحناء الريماني curvature tensor، إلخ) يمكن استخدامها في نظرية الجاذبية لأينشتاين. ومع ذلك فهذا هو نفس الشيء ولو بدرجة أعلى كقولنا: إن مفاهيم المربع أو الجذر التربيعي أو اللوغاريتم منشؤها الرياضة البحتة، لذا من العجب أنها مستخدمة أيضا في قوانين الفيزياء.
وإذا سلمنا حاليا باحتمال تمثيل العالم وفقاً لنظرية لأينشتاين، باستخدام ممتدات الانحناء الريماني كبرهان على أن العالم خلقه رياضي، حق لنا القول بنفس التبرير، إن العالم من منظور مفاهيم نيوتن، لابد أن خالقه رياضي كذلك؛ لأن الدور الرئيسي في قوانين نيوتن ياعبه مربع المسافة، وينتمى مفهوم مربع العدد للهندسة، دون أي اعتبار للفيزياء. فإذا نظرنا للمسألة من هذه الزاوية، وتحدثنا عن المفاهيم الرياضية وليس عن النظريات الهندسية، فإننا سنتبين بقليل من التفكير أن التمييز بين المهندس والرياضي
كما بين چينز أو بين الرياضة التطبيقية والرياضة البحتة لا يمكن أن يستمر. وفي حقيقة الأمر فإن المفاهيم من قبيل انحناء ريمان كانت دائما تبتكر بقصد تفسير قضية ما ذات حقيقة عينية، في سبيل وصف عمليات الطبيعة. وتعزى مفاهيم هندسة ريمان برمتها إلى مسألة وصف حركة جسم جاسى حقيقي في إطار إحداثيات عامة وعلينا فقط أن نتذكر عمل هامهولتز فيما يتعلق بالحقائق ذات الأمس الهندسية.
وقد وضع ريمان وكرستوفل وهلمهولتز بعض المقادير الجبرية بفرض أنها تساوى صفرا في حالة حركة الجسم الجاسى تبعا للقوانين المعتادة في الفيزياء. وحين بدأ اينشتاين في تحديد درجات الحيود من هذه القوانين لم يكن هناك مفر، فيما يبدو، من أن يبدأ بالعبارات التي تحدد خصائص الأجسام الجاسئة تبعا للفيزياء الكلاسيكية وبصورة تصلح لكل نظم الإحداثيات وإذا ما وجدت حيورات يمكن التعبير عنها بصورة مستقلة عن النظام الإحداثي فلابد من إمكان التعبير عنها بحيث تكون الكميات الصفرية في الفيزياء القديمة مختلفة عن الصفر وتكون لها مقادير ترتهن بطريقة بسيطة بتوزيع المادة. ولو لم يتوفر مثل هذا الارتهان البسيط لما وجدت قوانين مستقلة عن النظام الإحداثي، على النحو الذي ينشده اينشتاين. أما إذا وجدت هذه القوانين فعلاً فلابد من إمكان التعبير عنها من خلال المفاهيم التي كانت في متناولنا من أجل تمثيل حركة الجسم الجاسئ، ولكن ذلك لا يشكل أى دليل على أن خالق العالم كان رياضيا بحثاً". والشيء الوحيد الذي ينبغى اعتباره سمة حقيقيًا وعجيبة للطبيعة هو أن هناك فعلاً على وجه العموم قوانين بسيطة لوصف الطبيعة، غير أن ذلك ليس له أي علاقة بالتمييز بين ما هو "ميكانيكي" وما هو "رياضي".
وإذا استخدمت اليوم تعبيرات ذات صبغة روحانية بدرجة أكبر منها في القرن التاسع عشر فلا علاقة لذلك بأى تغير مفاجئ في الفيزياء أو بأي مفهوم فيزيائي جديد للطبيعة وإنما يرتبط ذلك بتغير في المجتمع الإنساني مرده عملیات مختلفة تماماً ؛ ففى مواجهة النظريات الاجتماعية المادية نشأت على الساحة حركات أساسها صورة مثالية للعالم. هذه الحركات تنشد الدعم وتبحث عنه في مفهوم مثالي أو روحاني للطبيعة. ومثلما شهدت نهاية القرن التاسع عشر حركات مماثلة استخدمت علم الطاقة والصورة الإلكترومغنطيسية للمادة، إلخ، ومبشرة بنهاية الفيزياء "المادية يشهد عالمنا اليوم تطبيق نظرية النسبية ونظرية الكم. غير أن ذلك كله لا علاقة له بالتقدم في الفيزياء.