1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية العلمية والفكرية والثقافية :

مواصفات الثقافة الرائدة ومميزاتها

المؤلف:  السيد الدكتور سعد شريف البخاتي

المصدر:  الثقافة العقليَّة ودورها في نهضة الشعوب

الجزء والصفحة:  ص 34 ــ 38

2024-05-19

737

تختلف الأقوام والشعوب تبعاً لاختلاف ثقافاتها، وهكذا تقيَّم وتصنف في كونها من الأمم المتحضرة أو المتأخرة؛ بحسب طبيعة الثقافة التي تحكمها وتدير دفة الحياة فيها.

ومن هنا، فعلى الباعث أن يشخص أولاً الضوابط التي من خلالها يتم تمييز الثقافة المتحضرة عن غيرها، أو ما هي المواصفات التي من خلالها يمكن أن نحكم على ثقافة شعب أو قوم حكماً إيجابياً، بينما نحكم على آخر بحكمٍ سلبي.

الثقافة ـ هي التي تحرك المجتمع في اتجاهٍ معين، تحركه نحو النظام او الفوضى، تحركه نحو حب الوطن والتضحية في سبيله او جعله وسيلة للمصالح والمآرب، فسعادة الامة وتقدمها وحكومة القانون فيها مرهون بنوع الثقافة الحاكمة على أبنائها.

وعليه فلنتفق ـ ابتداءً ـ على نوع السلوك الذي نرغب في شيوعه في اوساطنا الاجتماعية، وما هي الظواهر الاجتماعية التي يجب ان تظهر على السطح في امّتنا، لنقوم بإيجاد أسبابها ونجذرها في ثقافتنا.

مما لا شك فيه ان ما يرغب فيه الجميع هو ان نعيش في مجتمع يسوده العدل والفضيلة، من الصدق والأمانة والمحبة والتعايش مع مختلف مكونات المجتمع واحترام الآخر، وحفظ حقوق الجميع على أساس العدالة...

وهذه الأمور لها أسبابها وقنواتها الرافدة لها، فلا تتحقق ما لم تتحقق تلك الروافد. 

وإذا نظرنا إلى العمق، نجد أن الأعراف والتقاليد والمعتقدات والفنون لها الدور الأكبر في ذلك، فلا بد من دراسة معتقدات المجتمع أولاً، وبيان الصحيح منها من الفاسد، ثم ضبط الأعراف والتقاليد على وفقها. بمعنى يجب أن تصاغ العقيدة أولاً بحسب معطيات القانون الذي يقره العقل، وعلى غرار العقيدة وعلى ضوئها تصاغ الأعراف والتقاليد، ويصاغ النظام الذي يحكم المجتمع.

وبذلك تحصل المصالحة بين القانون وبين أعراف وتقاليد الجماعة من جهة، ومن جهة أخرى تحصل المصالحة والوئام بين القانون والمعتقد الذي يؤمن به الفرد والجماعة؛ وفي المحصلة النهائية نحصل على الوئام بين أجزاء المنظومة الفكرية من العقيدة والقانون والأعراف والتقاليد.

وبذلك لا نرى معالم الإزدواجية في داخل سلوك الفرد والمجتمع، فينطلق البناء الثقافي من نقطة العقيدة والتأسيس لها، وبيان ما ترتكز عليه ونشرها في المجتمع لتكون الثقافة العقائدية قائمة على أسسٍ عقلية منضبطة، خالية من الخرافات والأوهام.

إلا أن تصفيتها من ترسباتها، يحتاج إلى بيان المنهج الذي تعتمد عليه في دراستها، وإلى بيان الضوابط والقوانين الفكرية التي ترتكز عليها، وهكذا بالنسبة إلى القانون (الآيديولوجية)، ومن ثم توضع الخطط والبرامج لبناء الأعراف والتقاليد في الوسط الاجتماعي.

ومن هنا نعتقد أن الثقافة يشترط فيها أن تتصف بالانسجام في مكوناتها، وعقلانيتها بألا تتعارض مع معطيات العقل، كما يشترط في الثقافة الحيوية والأمل والشعور بالمسؤولية، بأن يمتاز المثقف على غيره بالكفاح والنضال والكدح في سبيل تقدم أمته وتطويرها؛ من خلال وضع البرامج والخطط وتثقيف الأمة على ذلك، ونشر الفكر الذي يدفع بالمجتمع نحو الطموح.

ليست الثقافة صنعة نتعلمها، ولا خزينا معرفياً لملء المجالس بالأحاديث والحوارات، وإثبات الذات من خلال المناقشات والجدل المرير.

بل الثقافة وعي للواقع، وتشخيص للحلول، وطموح في الإصلاح، فلا بد أن نبحث عن الوسائل التي تكون لنا هذه الخصائص الثلاث للثقافة التي بإمكانها أن تنقذ النفوس.

الثقافة التي تقضي على اليأس الذي دب في النفوس فنخرها، الثقافة التي تقضي على روح البلادة والاستجداء من الغير، الثقافة التي تدفع بأصحابها نحو الكدح والنضال في سبيل خدمة أمتهم في كافة المجالات.

لا يمكن أن نكتفي بإطلاق الشعارات التي زادت في ترهل مشكلة الثقافة، بل لنقف قليلاً ونضع النقاط على حروفها، ولنتأمل في المفردات الأولى التي يحتاجها الفرد منّا؛ ليبني ثقافة رصينة منجية تشق طريقها في هذا الوسط الأليم من دون أن يصيبها بحمم يأسه وتثبيطه.

المثقف هو الذي يتمكن من تسخير ما لديه من معارف ومعتقدات وتقاليد وأعراف وفنون - والتي تشكل في مجموعها مفهوم الثقافة ـ في خدمة أمّته ومبادئها، وإيجاد الحلول والبدائل للتقدم والتحضر.

فعليه أولاً أن يتقن هذا الفن - فن التفكير - والتمرس عليه بمهارة؛ حتى يحلق في هذا الفضاء الرحب، فيعرف كيف يصل إلى الفكرة الصحيحة من بين عشرات الأفكار، وكيف يصطادها، ويعرف كيف يميز الفكر السقيم من السليم، وكيف يقيم الدليل على مراده؛ إذ كل ما لدى الإنسان من خير فهو نتاج عملية التفكير، وكما يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنما يدرك الخير كله بالعقل). فإذا كان الخير منحصراً بالعقل، فهل يجوز 

لمثقفٍ أن يهمل وظائف العقل وكيفية عمله؟!

وبعد أن يتقن قوانين التفكير وكيفية الاستفادة منها، ليخطو خطوة للأمام، وليقف على مشارب المعرفة وقنواتها ليعلم ويرى عن كثبٍ ما هي أصناف المعارف، وما هي القناة التي توصلنا إليها، وما هي الأدوات التي تستعمل فيها، وما هي الضوابط والقوانين التي تحكم كل قناةٍ فرب قانونٍ حاكم في قناة معرفية غير حاكم في أخرى.

فالقناة التي يستعملها الباحث في حقل الفيزياء من تجارب وقوانين رياضية لإثبات نظريته لا يمكن أن يستفيد منها الباحث في التاريخ، بل المسألة تختلف تماماً من حيث الأدوات والضوابط وطريقة البحث. وإن كان كلا العلمين يستفيد فيه الباحث من عملية التفكير العقلي؛ إذ لا محيص عن الاستنارة بنوره، والوصول من خلال هديه وتوجيهاته، فإنه الدليل الوحيد.

وبعد التمرس على هاتين الخطوتين، نشرع بالتعرف على حقيقة أنفسنا ومبدئها ومنتهاها، وحقيقة العالم المحيط بنا، أو بنحوٍ آخر فلسفة وجودنا في هذا العالم، لنبني رؤيتنا التفسيرية الكونية عن الإنسان والحياة.

ثم نتعرف على القيم والمبادئ الأخلاقية والاجتماعية التي ينبغي أن يتحل بها الإنسان طبق رؤيتنا الكونية للإنسان والحياة.

ومن ثم لنقرأ المجتمع من جديد، ونرى في البدء أهم الإيجابيات التي يتحلى بها، ونقف على قيمتها وفضلها وكيفية الاستفادة منها، ثم نبحث عن الطرق اللازمة التي تستحفظ هذه الإيجابيات وتمنعها من الزوال، وما هي السبل التي تزيد من انتشار هذه الإيجابيات وترسيخها.

ثم بعد ذلك لننظر بعين الشفقة والإصلاح إلى أهم السلبيات التي يعاني منها المجتمع، فندرس اسبابها ومضارها وطرق علاجها.

وإنما قدمت دراسة الإيجابيات على السلبيات وأؤكد على ذلك؛ لئلا يصاب الواحد منا بالإحباط عندما يقرأ السلبيات قبل الإيجابيات، فيظن أن أمتنا لا خير فيها يذكر أو يرتجى، فيسلك طريق الانزواء أو اللا أبالية الذي سلكه الكثير من المثقفين.

ولا يحق لنا أن نطرح الحلول قبل أن نشخص المشكلة ونبين انتماءها المعرفي، بمعنى إلى أي صنف من العلوم والمعارف تنتمي، فإن كانت مشكلة فكرية عقائدية كمشكلة اللاانتماء الديني أو العزوف عن الدين مثلاً، فلا بد أن نرجع إلى تلك العلوم ونظهر نقاط القوة فيها من وجوه استدلالية يقبلها العقل، كما علينا أن نجرد الفكرة من أي خرافة تذكر، ونطرحها كما طرحها المصدر الأساس، وهو العقل، وما جاء به النص الديني.

وإن كانت المشكلة نفسية أو اجتماعية، فكذلك لا بد أن نرجع إلى تلك العلوم وأصحابها، وعقد الجلسات معهم؛ لبيان أساس المشكلة وأسبابها، وكيفية علاجها من خلال علاج الأسباب.

وخلاصة ما نروم الوصول إليه هو: إن الثقافة لا بد أن تبنى ضمن منهج قويم يتناسب مع الفكرة والعقل والذوق السليم ضمن خطوات مدروسة، وعلى وفق ما تحتاجه الأمة في أطر تقدمها وخلاصها من محنتها.

أما الثقافة التي لا تمت إلى ذلك، وليس الهدف منها إحياء الأمم وانقاذ المجتمعات مما هي فيه، فما هي بالثقافة التي تستحق أن تطلب، بل هي ثقافات عشوائية ولدت من عالم اللا شعور، وبقيت تدور في عالمها، وتحرك أصحابها من دائرة ظلام اللا شعور غير المدرك حتى لأصحابها. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي