الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
موانع الزواج / الروتين الممقوت
المؤلف: الأستاذ مظاهري
المصدر: الأخلاق البيتية
الجزء والصفحة: ص60ــ64
2024-04-14
859
إن بحثنا يدور حول موانع الزواج في هذه الأيام، والتي تشبه إلى حد ما السدود الترابية التي تستعمل في جبهات القتال لعرقلة تحركات العدو.
إن الموانع التي نراها في دنيا اليوم هي صنيعة أيدينا، ولذا يجب أن نتحدث في هذا الموضع الحساس بشكل مكثف، ولا ندري بعد ذلك، هل نتمكن من رفع تلك الموانع من خلال حديث واحد، أم يستوجب هذا الأمر عدة أحاديث؟ لأن هذه المجالس يصعب التحدث بها في هكذا مواضيع.
وبالرغم من ذلك، فأنا على يقين بأن حديثنا هذا لن يكون بدون نتيجة مهما كانت هذه النتيجة، ومهما كانت تأثيراتها.
- الروتين الممقوت
المانع او السد بوجه الزواج، وخصوصاً في هذا الزمان هو الروتين الممقوت الذي نراه يزداد صعوبة يوما بعد يوم، ففي البداية كانوا يفرضون على الشاب تقديم قرآن من الدرجة الأولى، وبعد ذلك صار عليه أن يضيف إليه مرآة وقنديلين كهربائيين تنتخبهما أم الفتاة، ثم تفاقم الأمر إلى أبعد من ذلك ليصل إلى أن الفتى لو باع نفسه في السوق لما وفى بمبالغ تلك المتطلبات، المشتملة على عدة خواتم ذهبية واسورة أو اسورتين ذهب من العيار الراقي، وقلادة الماس مطعمة بالذهب الخالص و.. و.. حتى بلغ الأمر بالبعض إلى أن يقول: أتوسل إليكم بإعفائي من هذا الزواج!.
ما الذي عدا مما بدا؟ وما الذي سيحدث لو رضيت العروس بتلك المرآة والقنديلين علاوة على نسخة من كتاب الله الكريم؟ وماذا سيحدث لو لم تكن تلك المرآة والقنديلان؟ ومن هو الذي يريد رؤيتهما في منزلك؟ ما المانع في ان تكون عدة تلك الخواتم خاتماً واحداً؟ ويكون خاتم العريس عفيفاً؟ بدل الخاتم الذهبي الذي يهدى إليه من اهل البنت تيمنا بجارتهم التي أهدت لعريسها خاتماً ذهبياً؟.
إن الخاتم الذهبي الذي تهديه الأسرة إلى هذا العريس يُعد بمثابة أول سلم في سوء الحظ الذي يمكن أن يلاقيه في حياته الزوجية التي ابتدأت بمخالفة أحد القوانين الشرعية.
فالخاتم الذهبي لا يمكن صاحبه من إقامة صلاة مقبولة، لأن الذي يتختم بالذهب تبطل صلاته، هذا بالإضافة إلى أن هذا التختم سيسجل له معصية في سجل أعماله لأن الرجل لا يحق له التزين بالذهب.
الخاتم، الساعة، الأزرار، النظارات وكل ما يوجب التزين به إذا كان من ذهب حَرُمَ على الرجل!.
إن التختم بالعقيق أو بخاتم من فضة بالنسبة للعريس لن يسقط السماء على الأرض على حد قول العامة، ولن يبعث بالأرض إلى حيث السماء، وكذا الأمر بالنسبة للعروس التي لا تلبس قلادة من الماس أو بضعة خواتيم ذهب.
من هو الذي يتمكن من عبور هذا السد الثاني؟ تعالوا معنا لندمر هذا السد، ولا نقول هذا لبضعة أنفار أو لمجموعة معينة من الناس، لأن ذلك لن يحل شيئاً من هذه المعضلة، بل نقول هذه العبارة لكل المجتمع الذي نعيش فيه، نقول لهؤلاء الذين تمكنوا من قلب نظام الحكم الملكي إلى نظام حكم جمهوري، نقولها إلى كل الذين ساهموا في بناء هذا البلد الحر، علينا أن نوقف* هذه المرآة بقناديلها على الجميع، ونوقف الإتيان والذهاب بالذهب، ونوقف الملابس التي يمكن أن تستخدم لأغراض الأعراس: وبما أن مدينة قم تمتاز عن بقية المدن الأخرى بامتيازات كثيرة، لذا قررنا أن نقترح على أهلها أن يصمموا على إيقاف تلك اللوازم والحوائج.
ولا أرى مانعاً في ذلك، حيث لو تم هذا الأمر لسرى من «قُم» إلى بقية المدن ليشمل في نهاية المطاف كل المجتمع الإسلامي.
جاء رجل إلى الإمام الباقر محمد بن علي «عليه السلام»، فسأله الإمام «عليه السلام»:
ألك زوجة؟ قال :كلا يا ابن رسول الله، فقال «عليه السلام»: لست مستعداً للمبيت ليلة واحدة بدون امرأة، ثم قال: (إن ركعتين يصليهما رجل متزوج، أفضل من رجل يقوم ليله ويصوم نهاره أعزب)(1). ثم اعطى الإمام «عليه السلام» سبعة دنانير للرجل وقال له: اذهب وتزوج.
إن ذلك الزواج الذي تم بسبعة دنانير ذهبية، لا يمكن ان يتم الآن إلاً بسبعين من الدنانير الذهبية، والدينار هو سبعة مثاقيل، كل مثقال شرعي فيه يساوي «17» حمصة أو حبة.
وقد يكون الأمر في زماننا هذا أكثر من سبعين ديناراً اضعافاً مضاعفة، لذا ترى البعض يبيع منزله ليتمكن من إقامة حفلة العقد، وهذا ما لا يرضاه الله ولا رسوله ولا المؤمنون.
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالساً مع أصحابه، فجاءت إحدى النساء وتحدثت من وراء حجاب قالت: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)! زوجني، فالتفت الرسول (صلى اله عليه وآله) إلى أصحابه وقال: من يريد منكم أن يتزوج؟ فقام إليه أحدهم وقال: أنا يا رسول الله، قال (صلى الله عليه وآله): ما لديك من مهر؟ قال: لا شيء إلا هذا الذي أرتديه: فقال الرسول (صلى الله عليه وآله): هل تحفظ شيئاً من القرآن؟ قال: نعم أحفظ منه سورة الواقعة، عندها قال الرسول (صلى الله عليه وآله) للمرأة : هل ترضين بسورة الواقعة مهراً لك؟ فأجابت بالقبول، وتم العقد.
إننا لا نقول بأنه من الواجب عليكم أن تفعلوا مثلما فعل ذلك الرجل وتلك المرأة في صدر الإسلام، ولكننا نقول لكم لا تصبحوا اسارى هذه القيود العصرية، ولم نضع أنفسنا في مواضع يشم منها رائحة العبودية؟ وهذا ما نراه واضحاً على الجميع من فضلاء وعلماء، وتجار وزراع وجميع من هم يعيشون في هذا المجتمع إلا ما رحم ربي.
إن الغالبية العظمى تستخدم التحجج والتعذر، واللجوء إلى الاستخارة بدون علل معقولة، والطريف في الأمر أن العريس إذا جلس للعقد عندنا تراه منشغل البال، سارح الفكر بعيدا عما حوله، لأنه يفكر في كيفية تسديد القروض التي استخدمها في شراء الذهب واللوازم الثمينة التي طلبت منه، لا أعرف ما الذي سيحدث لو تم العرس دون ذهب؟ ولكن الذي أعرفه هو أن الفرد المدعي بتسليمه لله تعالى لا ينبغي له أن يجريَ وراءه هذه التوافه إلى هذا الحد.
ألا يعلم الجميع بأن الله تعالى يلطف بعباده المتساهلين؟ ألا تعلمون بأن الباري تعالى سيكافىء المنصفين أفضل مكافأة، هذا إذا كانت نيتهم لله تعالى وحده، فلم التصعب في هذه المسائل؟ ولم الإصرار على شراء الحاجيات الثمينة والسلع النادرة من أجل ذلك العرس؟
أيتها السيدة! إن الذهب ستجديه بعد الزواج إن شاء الله، وما عليك إلا أن تبحثي الآن عن صهر متدين متق يحب ابنتك، وعلى حد قول الإمام الحسن (عليه السلام): فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
والطريف في الأمر أن البعض يقول: لا يمكن أن يكون العقد عقد فرح وسرور ما لم يأت العريس بثياب فاخرة لأم العروس ولأخت العروس ولأب العروس وهذا ما لا يطاق! أو قد تطلب والدة العريس أشياء ولوازم لها كي يتم الفرح والسرور، وبدون تلك الطلبات لا يمكن أن تكون فرحة مسرورة.
وأقول هنا: إذا لم تكن فرحة ومسرورة فلن تكون بهذه اللوازم الكمالية كذلك، ولو كانت تريد خير ابنتها لما فعلت ذلك، لأنها بفعلها ذاك تعقد مسالة المهر والزواج وتزيد الطين بلة.
وعليه فلا بأس بأن يقتصر أب العروس على شراء بدلة للعريس ولا يزيد في ذلك كيلا تضحى عادة متداولة، فقد يكون أب العروس محتاجاً لخبز عشاءه، ولشراء ما يسد جوعة أبناءه، فلم هذا الإحراج؟ ولم هذه القيود؟ اتقوا الله الذي بين ظهرانيكم وأنيبوا اليه يرحمكم.
قد يتشبث البعض بان الهدايا الكثيرة لأم العروس ولأخت العروس ولعم العروس تبعث على المحبة، ولكننا نقول له بأن هذه المسائل لا تبعث بالمرة على المحبة وعلى ما أظن أننا ضيعنا المكان الذي يجب أن نقول فيه الدعاء.
يقول «مثنوي»: ذهب أحدهم إلى بيت الخلاء، وهنا شرع بقراءة أحد الأدعية التي يدعا بها في وقت الوضوء والمضمضة.
وعند الوضوء عاد ثانية إلى قراءة نفس الدعاء الذي كان يدعو به في بيت الخلاء، بعد ذلك انتبه إلى حاله فقال:
أيها النفس لقد أصبت في مأخذك للماء لكنك ضيعت مكان الدعاء.
وبناءً على ذلك، إننا نظن بأن الذهب الكثير سيجلب لنا حب العروس! وإن الحب كله مقرون بإغراق العروس بالذهب! كلا إن المحبة لا يأتي بها إلا الإيمان والعمل الصالح والالتزام بما أنزل الله في كتابه الكريم :
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96].
فمن أحكم علائقه بالله تعالت أسماؤه تمكن من إصابة الهدف الذي يريد، وعندها يتمكن من حب الفتاة له، لأن الباري تعالى وعد الذين آمنوا من العاملين بأن يجعل لهم حباً ووداً ووئاماً في قلوب الناس، وقسماً بذات الله أنا على يقين بأنكم - أيها المؤكدين على الروتين الشائع - لا تجرؤون على القول بأن الله ورسوله وإمام زماننا راضون عن هكذا زيجات؟.
وإنكم لتدركون جيداً بأن عملكم هذا مخالف لشرعة الله الحقة، لذا ينبغي لنا جميعاً أن نساهم في كسر هذه القيود التي جعلت منا أسارى لهذا الروتين الممقوت!.
_________________________
* الإيقاف هنا نعني به: حبسُ مالٍ وصرف منفعته لجهةٍ معينة، ويجوز في الخيرات ابتداءً وانتهاءً.
(1) وسائل الشيعة / ج14، ص7.