الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
النفس اللوامة
المؤلف:
محمد باقر الدلفي
المصدر:
كل ما يحتاجه المؤمن لترك الذنوب
الجزء والصفحة:
ص 133 ــ 141
2025-07-05
25
{وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2].
النفس اللوامة أعلى مرتبة من النفس الأمارة بالسوء ولكنها ايضاً ليست جيدة ويجب مجاهدتها.
الأنسان بعد أن يتكامل ويترك الذنوب والمعاصي لفترة من الزمن ويحبس النفس الإمارة بالسوء ويصبح في المرتبة الثانية مرتبة النفس اللوامة هذه النفس تلوم بالإنسان.
على سبيل المثال
انت مؤمن وتمكنت من ترك الذنوب لفترة من الزمن وملتزم بأوقات الصلاة وصلاة الليل وبعض التسبيحات وأصبح لديك خشوع في صلاتك ولكن بعد فترة قصيرة وقعت في ذنب معين!!
هنا يأتي دور هذه النفس لتلومك على فعلك وتبقى تلومك وتأنبك لماذا فعلت هذا الذنب لماذا لماذا، أنت لا تستحق التقرب إلى الله أنت لا تستحق أن تكون من المقربين إلى الأمام القائم أنت كذا وكذا وتبقى تلوم وتلوم وتأنبك على فعلك هذا.
وهذا فعل جيد ولكن ليس جيد يجب ايضاً مجاهدة هذه النفس حتى لا تقع في ذنب مرة أخرى لان النفس اللوامة متوسطة مرة أمارة بالسوء ومرة مطمئنة.
أي أن كنت سائق سيارة وتمشي على الشارع ولكن كل فترة تنزل عن الشارع قليلاً لأنك لا تجيد السياقة.
الشارع هو النفس المطمئنة وتمشي على طريق مستقيم لا تنحرف والنزول من الشارع هي النفس الإمارة بالسوء.
أما النفس اللوامة فهي تشبه السائق الجديد الذي لا يجيد القيادة تراه مرة على الشارع يمشي مطمئن ومرة ينزل عن الشارع إلى النفس الإمارة بالسوء.
النفس اللوامة ليست ثابتة ولكنها أفضل من الأمارة لان الأمارة تأمرك بالذنوب دائماً أضافة إلى أنها في كثير من الأوقات لا تحزنك ولا تلومك على ذنوبك بل تشجعك على اقتراف المعاصي ولكن اللوامة تؤنبك وتلومك على هذا الفعل.
صاحب النفس اللوامة لا يقع في الذنوب كل يوم ولا أسبوع كثيراً ما يقع صاحب النفس اللوامة كل أسبوعين أو شهر وعندما يقع لا يستسلم بل يجاهد نفسه ويروضها ويؤديها ويحاسبها على هذا الفعل إلى أن يتمكن من الانتصار على هذه النفس.
النفس اللوامة تلوم صاحبها في فعل الخير والشر؟
أي بمعنى تلومك على فعلك الذنوب، تلومك على أخذ الغيبة لما أخذت غيبة هذا اليوم لماذا رفعت صوتي على والدتي لماذا ضربت هذا الطفل وكذلك تلومك على فعل الخير.
أي لماذا لم أصلي الليل لماذا لم أكثر من الصلاة على محمد لماذا غفلت عن هذا التسبيح لماذا لم أقرأ القرآن اليوم لماذا لماذا وتبقى تلوم بك.
كذلك تلومك على بعض الأمور التي لا تخص الحلال والحرام مثل تلومك لماذا لم تقرأ دروسك لماذا تأخرت في الاستيقاظ لماذا لم تقرأ كتب لماذا لم تنجح في أهدافك لماذا لماذا وتلومك بكل الأحوال لماذا فعلت هذا الفعل لماذا لم أخذ هذا لماذا لم أشتري هذا لماذا اشتريت هذا لماذا ذهبت إلى صديقي لماذا لماذا وتلوم بك.
النفس اللوامة مشابهه لجهاز الإنذار أي أنت مؤمن وملتزم ولكن بين فترة وفترة تقع بالذنب لان صاحب هذه النفس لا يمكن أن يأمن على نفسه من الذنوب لان هذه النفس في الوسط مرة أمارة بالسوء ومرة مطمئنة مرة تنحاز وتنجذب إلى الإمارة بالسوء فتوقعك بذنب ومرة تنحاز إلى المطمئنة فتجعلك مطمئن وتصلي وتسبح وتعبد الله حتى يأتيك اليقين.
كيف تشبه جهاز الإنذار؟
عندما تغفل عن صلاة الليل وتستيقظ في وقت متأخر تبدأ هذه النفس تلوم بك لماذا تأخرت لماذا لم تستيقظ وتحزنك كثيراً، كذلك أنت تعلم أن الغيبة حرام ولكن تخمل وتغتاب أحد الأشخاص فتذكرك نفسك لماذا اغتبت شخصاً ألا تعلم انه حرام لماذا وأنت مؤمن استغفر وعد إلى الله كذلك تلومك أن وقعت ببعض الذنوب وهي مشابهه لجهاز الإنذار تلومك أن وقعت باي ذنب أو خطأ.
صاحب هذه النفس متقلب أحيانا يعبد الله ويذكر الله واحياناً يغفل وينسى ويذنب، صاحب هذه النفس يعتصر قلبه حزناً بسبب كثرة لوم هذه النفس عند الخطأ وما يسمى في علم النفس (تأنيب الضمير).
وليس فقط المؤمن لديه نفس لوامة أو تأنيب ضمير حتى عند المسلم أو المنافق الكثير من الناس تلومه نفسه على فعل الذنوب شارب الخمر بعضهم تلومه نفسه على شرب الخمر والبعض لا يهتم ختم على قلبه، النفس اللوامة لدى الفاجر أو الكافر تلومه لعدم أيمانه ولكثرة ذنوبه وأخطائه لماذا لا تصلي لماذا تزني لماذا قتلت فلان لماذا تشرب الخمر.
والنفس اللوامة لدى المؤمن تلومه على تقصيره في عمل الخير تلومه على تقصيره في الصلاة وايضاً أن أخطأ تلومه.
الحجاج ابن يوسف الثقفي لعنه الله
ايضاً تعرض لتأنيب الضمير ولوم النفس عندما قتل سعيد بن الجبير رضوان الله عليه بدأت نفسه تلومه على هذا الفعل ويؤنبه ضميره حيث وردت عن الحجاج انه كان يقول: (مالي وسعيد بن جبير) (طال ليلي من سعيد بن جبير).
ولوم النفس من السنن الكونية التي أودعها الله تعالى في نفس الأنسان ليكون قادراً على مسك زمام نفسه، وعدم اتباع الهوى والشيطان وايضاً تكون حجة على الكافر والمنافق.
وهذه النفس كما قلنا إنها تشبه جهاز أو صفارة الإنذار التي تحذر من الخطر فكلما يخطأ الأنسان أو يحاول أن يخطأ تتحرك النفس اللوامة في تحذيره ولومه على هذا الفعل حتى لا يكرره ويفعله مرة أخرى ولكن البعض لا يمتلك نفس لوامة وتجده يفعل أكبر الكبائر بدون أي خوف أو تأنيب ضمير وهذا الشخص من الأشخاص الذين ختم على قلوبهم وعلى أسماعهم وأبصارهم فلا يبصرون.
{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 7].
{وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} [الجاثية: 23].
وحينئذ لا تكون للنفس حواجز لمنعها من ارتكاب الذنوب فتصبح أمارة بالسوء في الدرجة الأولى من التمرد والطغيان والعصيان.
(علاج النفس اللوامة)
هذه النفس لا تحتاج إلى مجاهدة مستمرة وبالتأكيد تبقى ملتزماً بطرق المحاسبة مثل المشارطة والمحاسبة والمعاقبة عليك أن لا تتركهن حتى تتمكن من الانتصار بالكامل والتكامل وأيضاً إياك وترك طرق المجاهدة والتهذيب حتى وأن تمكنت من الانتصار على نفسك إياك أن تثق بنفسك وتؤمن بها أن تمكنت من الانتصار على نفسك أحذر ترك المجاهدة والمحاسبة حتى وأن كان كل شهر أو شهرين أو أسبوعين، في كل أحوالك يجب مراقبة النفس.
البعض يعتقد أنه له أشهر لم يقترف أي ذنب أو خطأ ولكن لو راقب نفسه فأنه سيكتشف أنه أخطأ ولكن بسبب إهماله نسى أنه أخطأ لذلك أنصح بالاستمرار بالمحاسبة والتدقيق مع النفس.
علاج النفس اللوامة بسيط جداً هو فقط الاستمرار والتجاهل!
بالتأكيد تلتزم بصلاتك وتسبيحك وأذكارك وابتعادك من الذنوب ولكن تجاهل لوم هذه النفس ولكن لا تتجاهلها بالكامل بل تجاهل كثرة لومها وبدل اللوم بالاستمرار بتهذيب النفس والتقرب إلى الله لان كثرة اللوم تفقد الثقة بالنفس، لا تجعل نفسك تكثر اللوم ولا تجعل اللوم يؤثر عليك أنت وقعت في الذنوب وأخطئت أستغفر الله وتب إلى الله وتقرب إلى الله لان اللوم لا ينفعك فقط يحزنك على أفعالك السابقة، ولا أعني أنه ليس جيد لا بل أنه فيه الكثير من الفوائد ولكن كثرة لوم النفس مفسد لك فما عليك ألا مجاهدة النفس اللوامة من خلال تبديل السيء بالحسن وتبديل السلبيات بالإيجابيات.
أي بمعنى أن بدأت نفسك تلومك على أفعالك أستغفر الله عليها وتب إلى الله وعوضها بالعبادة واطلب المدد والعون من الله كما وردت في بعض أدعية أهل البيت (عليهم السلام) أنهم قالوا: (اللهم أعنا على أنفسنا بما أعنت به الصالحين على أنفسهم).
ولا يعني أن أهل البيت يقعون ببعض الذنوب ولكن هذه الأدعية لتأديب الشيعة وتعليمهم الدعاء ومن أجل معرفة طرق الدعاء.
أطلب من الله أن يعينك على مجاهدة نفسك اللوامة كما أعانك على مجاهدة الإمارة بالسوء كذلك يعينك على مجاهدة هذه النفس فقط أستمر بالجهاد استمر بالتهذيب والمراقبة وأكثر من التسبيح وصلاة الليل وإياك أن تنسى تجاهل كثرة لوم النفس ولا يعني أن تتجاهل التوبة والاستغفار ولكن لا تجعل لوم نفسك يؤثر على تقدمك فقط تجاهل إلى أن تصل إلى الملكوت العالي إلى أن تصل إلى التكامل والانتقال إلى اطمئنان النفس بذكر الله.
الكثير من الناس يعاني من كثرة اللوم أو ما يسمى بجلد الذات وهذا غير صحيح وغير مفيد وفي نفس الوقت مفيد ولكن أن تنبهك نفسك وتحذرك وتلومك على فعل الذنوب والتقصير في الطاعة هذا أمر جيد، ولكن الغير جيد هو الإكثار في الملامة على الفائت أو الماضي لان هذا أضاعة للوقت كما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (الاشتغال بالفائت يضيع الوقت) (1).
كثرة الملامة تضيع الوقت ليست فقط أن كانت تخص الذنوب وأفعال الخير هنالك الكثير من الأشخاص أنفسهم لوامة على كل فعل لماذا لم أفعل كذا لماذا فعلت كذا أتمنى لو أني فعلت كذا وكذا ويلوم يلوم إلى أن يصبح أنسان لوام مزعج وهذا لا ينطبق فقط على المؤمن حتى عند الكافر أنفس لوامة هنالك كثير من المشركين والكافرين عندما يقترفون أي خطأ تلومهم أنفسهم على هذا الفعل بعيداً عن كونهم لا يعبدون الله أو يعبدون الأصنام أو يكونوا ملحدين كل البشر لديهم أنفس لوامة وأنفس أمارة بالسوء ولكن ليس جميعهم يتمكنون من الوصول إلى النفس المطمئنة ألا المؤمن فقط.
لذلك هنالك أشخاص من الملحدين ولكنهم لا يؤذون أحد ويؤنبهم ضميرهم أن يخطئوا أو يسرقوا أو يكسرون قلب أنسان أو يضربون حيوان بينما البعض لا تؤنبهم أنفسهم أو ما يقال (تأنيب الضمير).
ولكن النفس اللوامة لدى الكافر ليست دليل على أنه على حق لأنه لا يؤمن بالله وهو كافر ولكن الكثير من المشركين وعلماء الغرب يعملون على تهدئة النفس وهنالك الكثير من العلماء المختصين بالنفس ولكن لا يمكنهم أن يصلون إلى حقيقة النفس كما أشار اليها القرآن والدين الإسلامي لان الدين الإسلامي يناقش النفس بجميع أحوالها ومراحلها وطرق تهذيبها وتأديبها.
السعادة الحقيقية والراحة والسكون في معرفة النفس سواء كنت مسلم أو كافر فأن معرفة النفس ومحاولة تأديبها تبعث لك الراحة والسعادة وحتى علماء الغرب ينشرون الكثير من المعلومات للتخلص من كثرة الملامة ولكنهم يشيرون إلى أنه فعل غير جيد بينما الإسلام يشير إلى النفس اللوامة أنها جيدة وأفضل من النفس الإمارة بالسوء ولكن أيضاً فيها سلبيات أن كَثرت الملامة لأنها توثر على استمرارك وتقدمك في التكامل والتهذيب وأيضاً صاحب النفس اللوامة لا يمكن أن يأمن على نفسه لأنه يقع في الذنوب بين فترة وأخرى وأنه في كثير من الأحيان يميل إلى الذنوب والشهوات وغير مستقر ويشعر بالتوتر وعدم الارتياح من ناحية الذنوب ومن ناحية التقصير في العبادة.
فان عرفت نفسك أنها تلومك، أشكر الله على ذلك وأن رأيت نفسك أنها لا تنبهك وتؤنبك على أفعالك فأعلم أن نفسك بدأت بالتنازل إلى الإمارة بالسوء وعليك الحذر من هذا!
وأن رأيت نفسك تلومك على أبسط الأشياء فما عليك ألا أن تشكر ربك على هذه النعمة وتأخذ الملامة كتنبيه لك للانتقال إلى مرتبة ثانية للتكامل والتطور.
ملاحظة:
تذكر ذنوبك ولُم نفسك عليها ولماذا فعلتي هذا وابدأ بالتأديب والتعويض والاستغفار والندم ولا تعتقد أن لوم النفس أمر سيء ولكن الكثرة سيئة أن رأيت نفسك كثيرة الملائمة فأدبها بالتجاهل والاستغفار على ذنوبك.
نفسك اللوامة نعمة من الله نعمة كبيرة وأن رأيت نفسك تلومك أن أخطئت أو قصرت فأعلم أنك بدأت بالارتفاع والتكامل وبدأت بالتقرب الى النفس المطمئنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ غرر الحكم، 10670.
الاكثر قراءة في مشاكل و حلول
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
