x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
مقتطفات من أخبار المعتمد
المؤلف: أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة: مج4، ص: 259-263
2024-01-31
907
مقتطفات من أخبار المعتمد
قال غير واحد: من النادر الغريب أنه نودي في جنازته الصلاة على الغريب بعد عظم سلطانه وسعة أوطانه وكثرة صقالبته وحبشانه وعظم أمره وشانه فتبارك من له العزة والبقاء والدوام واجتمع عند قبره جماعة من الأقوام الذين لهم في الأدب حصة ولفضيلة المعتمد في صدورهم غصة منهم البالغ في البلاغة الأمد وشاعره أبو بحر عبد الصمد وكان به خصيصا وكم ألبسه من بره حلة وقميصا فقال من قصيدة طويلة أجاد فيها ما شا وجلب بها إلى أنفس الحاضرين بعد الأنس إيحاشا مطلعا :
ملك الملوك أسامع فأنادي أم قد عدتك عن السماع عوادي
ومنها:
ولما خلت منك القصور ولم تكن فيها كما قد كنت في الأعياد
قبلت من هذا الثرى لك خاضعا وجعلت قبرك موضع الإنشاد
فلما بلغ من إنشاده إلى مراده قبل الثرى ومرغ جسمه وعفر خده فبكى كل من حضر وصرفه ذلك عن سرور العيد وصده إذ كانت هذه القصة يوم عيد فسبحان المبدئ المعيد
ويحكى أن رجلا رأى في منامه إثر الكائنة على المعتمد بن عباد كأن رجلا صعد منبر جامع قرطبة فاستقبل الناس وأنشد هذه الأبيات متمثلا :
رب ركب قد أناخوا عيسهم في ذرى مجدهم حين بسق
سكت الدهر زمانا عنهم ثم أبكاهم دما حين نطق
وعاش أبوبكر ابن اللبانة المعروف بالداني المذكور آنفا بعد المعتمد وقدم ميورقة آخر شعبان سنة 489 ومدح ملكها مبشر بن سليمان بقصيدة مطلعها .
ملك يروعك في حلى ريعانه راقت برونقه صفات زمانه وأين هذا من أمداحه في المعتمد ؟
وتذكرت هنا من أحوال الداني أنه دخل على ابن عمار في مجلس فأراد أن يندر به وقال له : اجلس يا داني بغير ألف فقال له: نعم يا ابن عمار بغير ميم وهذا هو الغاية في سرعة الجواب والأخذ بالثأر في المزاح .ونظيره _ وإن كان من باب آخر _أن المعتمد مرمع وزيره ابن عمار ببعض أرجاء إشبيلية فلقيتهما امرأة ذات حسن مفرط فكشفت وجهها وتكلمت بكلام لايقتضيه الحياء وكان ذلك بموضع الجباسين الذين يصنعون به الجبس والجيارين الصانعين للجير بإشبيلية فالفت المعتمد إلى موضع الجيارين وقال : يا ابن عمار الجيارين ففهم مراده وقال في الحال : يا مولاي والجباسين فلم يفهم الحاضرون المراد وتحيروا فسألوا ابن عمار فقال له المعتمد : لا تبعها منهم إلا غالية وتفسيرها أن ابن عباد صحف الحيا زين بقوله الجيارين إشارة إلى أن تلك المرأة لو كان لها حياء لازدانت فقال له والجباسين وتصحيفه والخنا شين أي : هي وإن كانت جميلة بديعة الحسن لكن الخنا شانها وهذا شأو لا يلحق .
ومن أخبار المعتمد أنه جلس يوما والبزاة تعرض عليه فاستحث الشعراء في وصفها فصنع ابن وهبون بديها :
للصيد قلبك سنة مأثورة لكنها بك أبدع الأشياء
تمضي البزاة وكلما أمضيتها عاطيتها بخواطر الشعراء
فاستحسنهما وأسنى جائزته .
وذكر ابن بسام أن أبا العرب الصقلي حضر مجلس المعتمد يوما وقد حمل إليه
حمول وافرة من قراريط الفضة فأمر له بكيسين منها وكان بين يديه تماثيل
عنبر من جملتها جمل مرصع بالذهب واللآلئ فقال له أبو العرب معرضا : ما يحمل هذين الكيسين إلا جمل فتبسم المعتمد وأمر له به فقال أبو العرب بديها :
أهديتني جملا جونا شفعت به حملا من الفضة البيضاء لو حملا
نتاج جودك في أعطان مكرمة لا قد تصرف من منع ولا عقلا
فاعجب لشأني فشأني عجب رفهتني فحلت الحمل والجملا
وذكر الحجاري هذه القصة فقال: قعد المعتمد في مجلس احتفل في تنضيده
وإحضار الطرائف الملوكية وكان في الجملة
تمثال جمل من بلور وله عينان
من ياقوتين وقد حلي بنفائس الدر فأنشده أبو العرب قصيدة فأمر له بذهب كثير مما كان بيده من السكة الجديدة فقال معرضا بذلك الجمل
: ما يحمل هذه الصلة إلا جمل فقال: خذ هذا
الجمل فإنه حمال أثقال فارتجل شعرا منه:
رفهتني فحملت الحمل والجملا
وذكر أن ذلك الجمل بيع بخمسمائة مثقال
فسارت بهذا الخبر الركائب وهادته المشارق والمغارب
وتباحث المعتمد مرة مع الجلساء
في بيت المتنبي الذي زعم أنه أمير شعره
أزورهم وسواد الليل يشفع لي وأنثي وبياض الصبح يغري بي
فقال: ما قصر في مقابلة كل لفظة
بضدها إلا أن فيه نقدا خفيا ففكروا فيه فلما فكروا قالوا له : ما وقفنا على شيء فقال :
الليل لا يطابق إلا بالنهار
لأن الليل كلي والصبح جزئي فتعجب الحاضرون وأثنوا على تدقيق انتقاده قال الصفدي: قلت: ليس هذا بنقد صحيح والصواب مع أبي الطيب لأنه قال أزورهم وسواد الليل يشفع لي فهذا محب يزور أحبابه في سواد الليل خوفا ممن يثي به فإذا لاح الصبح أغرى به الوشاة ودل عليه أهل النميمة والصبح أول ما يغري به قبل النهار وعادة الزائر المريب أن يزور ليلا وينصرف عند انفجار الصبح خوفا من الرقباء ولم تجر العادة أن الخائف يتلبث إلى أن يتوضح النهار ويمتلئ الأفق نورا فذكر الصبح هنا أولى من ذكر النهار والله أعلم انتهى.
قلت: كان يختلج في صدري ضعف ما قال الصفدي حتى وقفت على ما كتبه البدر البشتكي ومن خطه فقلت ما صورته :؛ هو ما انتقد عليه المعنى إنما انتقد عليه مطابقة الليل بالصبح فإن ذلك فاسد انتهى فحدت الله على الموافقة انتهى . وقال في بدائع البدائه: جلس المعتمد للشرب وذلك في وقت مطر أجرى كل وهدة نهرا وحلى جيد كل غصن من الزهر جوهرا وبين يديه جارية تسقيه وهي تقابل وجهها بنجم الكأس في راحة كالثريا وتخجل الزهر بطيب
العرف والريا فاتفق أن لعب البرق بحماسه أجال سوطه المذهب يسوق
به ركامه فارتاعت لخطفته وذرعت من خيفته فقال المعتمد بديها :
روعها البرق وفي كفها برق من القهوة لماع
عجبت منها وهي شمس الضحى كيف من الأنوار ترتاع
فاستدعى عبد الجليل بن وهبون المرسي وأنشده البيت الأول مستجيزا فقال عبد الجليل :
ولن ترى أعجب من آنس من مثل ما يمسك يرتاع
فاستحسنه وأمر له بجائزة
قال ابن ظافر : وبيته عندي أحسن من بيت المعتمد انتهى
وقال ابن بسام : كان في قصر المعتمد فيل من الفضة على شاطئ بركة يقذف الماء وهو الذي يقول فيه عبد الجليل بن وهبون من بعض قصيدة :
ويفرغ فيه مثل النصل بدع من الأفيال لا يشكو ملا لا
رعى رطب اللجين فجاء صلدا تراه قلما يخشى هزالا
فجلس المعتمد يوما على تلك البركة والماء يجري من ذلك الفيل وقد أوقدت شمعتان من جانبيه والوزير أبو بكر ابن اللملح عنده فصنع الوزير فيهما عدة مقاطيع بديها منها :
ومشعلين من الأضواء قد قرنا بالماء والماء بالدولاب منزوف
لاحا لعيني كالنجمين بينهما خط المجرة ممدود ومعطوف
وقال أيضا :
كأنما النار فوق الشمعتين سنا والماء من نفذ الأنبوب منسكب
غمامة تحت جنح الليل هامعة في جانبيها حفاف البرق يضطرب
وقال أيضا:
وأنبوب ماء بين نارين ضمنا هوى لكؤوس الراح تحت الغياهب
كأن اندفاع الماء بالماء حية يحركها في الماء لمع الحباب
وقال أيضا:
كأن سراجي شربهم في التظائها وأنبوب ماء الفيل في سيلانه
كريم تولى كبره كم كليهما لئيمان في إنفاقه يعذلانه