x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
نبذة عن أعداء لسان الدين
المؤلف: أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة: مج5، ص: 118-120
2024-01-07
670
نبذة عن أعداء لسان الدين
واعلم أن لسان الدين لما كانت الأيام له مسالمة، لم يقدر أحد أن يواجهه بما يدنس معاليه أو يطمس معالمه، فلما قلبت الأيام له ظهر مجنها، وعاملته بمنعها بعد منحها ومنها، أكثر أعداؤه في شأنه الكلام، ونسبوه إلى الزندقة والانحلال من ربقة الإسلام، بتنقص النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، والقول بالحلول والاتحاد، والانخراط في سلك أهل الإلحاد، وسلوك مذاهب الفلاسفة في الاعتقاد، وغير ذلك مما أثاره الحقد والعداوة والانتقاد، مقالات نسبوها إليه خارجة عن السنن السوي، وكلمات كدروا بها منهل علمه الروي، ولا يدين بها ويفوه إلا الضال الغوي، والظن أن مقامه رحمه الله تعالى من لبسها بري، وجنابه سامحه الله تعالى عن لبسها عري، وكان الذي تولى كبر محنته وقتله، تلميذه أبو عبد الله ابن زمرك الذي لم يزل مضمراً لختله، فلقد وقفت على خط ابن لسان الدين على أنه تسبب في قتل لسان الدين أبيه، وسيأتي الإلماع والإلمام (1) بابن زمرك المذكور في تلامذة لسان الدين، مع أنه - أعني لسان الدين - حلاه في الإحاطة أحسن الحلى، وصدقه فيما انتحله من أوصاف العلا، وقد سبق في كلام ولي الدين ابن خلدون أنه قدم على السلطان أبي العباس أحمد المريني في شأن الوزير ابن الخطيب، وأخرج إلى مجلس الخاصة، وامتحن والمجالس بالأعيان غاصة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن أعداءه الذين باينوه بعد أن كانوا يسعون في مرضاته سعي العبيد، القاضي أبو الحسن ابن الحسن (2) النباهي، فكم قبل يده، ثم جاهره بعد انتقال الحال، وجد في أمره مع ابن زمرك حتى قتل لسان الدين، وانقضت دولته فسبحان من لا يتحول ملكه ولا يبيد.
وقد سبق فيما جلبناه من كلام ابن خلدون أم القاضي ابن الحسن قدم على السلطان عبد العزيز في شأن لسان الدين والانتقام منه بسبب تلك السجلات وإمضاء حكم الله فيه بمقتضاها، فأبى السلطان من ذلك، وقال: هلا فعلتم أنتم ذلك حين كان عندكم وامتنع لذمته أن يخفره، فلما أراد الله بنفوذ الأمر، وعدم نفع زيد وعمرو، توفي السلطان عبد العزيز، واختلت الأحوال، واضطربت بالغرب نيران الأهوال، فقدم في شأنه الوزير الكاتب ابن زمرك خادمه الذي رباه وصنيعته، فكان ما كان مما سبق به الإلمام (3) .
119
وقد ذكرنا في الباب الأول قول لسان الدين رحمه الله تعالى في قصيدته النونية:
تلون إخواني علي وقد جنت ... علي خطوب جمة ذات ألوان
وما كنت أدري قبل أن يتنكروا ... بأن خواني كان مجمع خواني
وكانت وقد حم القضاء صنائعي ... علي بما لا أرتضي شر أعوان
ولقد صدق رحمه الله تعالى، على أنه قال هذه القصيدة في النكبة الأولى التي انتقل فيها مع سلطانه إلى المغرب، كما مر مفصلاً، وكأنه عبر عن هذه المحنة الأخيرة التي ذهبت فيها نفسه على يد صنائعه الكاتب ابن زمرك والقاضي ابن الحسن، سامح الله الجميع.
ويرحم الله أبا إسحاق التلمساني صاحب الرجز في الفرائض حيث يقول:
الغدر في الناس شيمة سلفت ... قد طال بين الورى تصرفها
ما كل من قد سرت له نعم ... منك يرى قدرها ويعرفها
بل ربما أعقب الجزاء بها ... مضرة عز عنك مصرفها
أما ترى الشمس كيف تعطف بالنو ... ر على البدر وهو يكسفها
وقال لسان الدين، بعد ذكره أن ملك النصارى دون جانجه بن دون الفنش استنصر على أبيه بالسلطان المجاهد أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني ولاذ به، ورهن عنده تاجه ذخيرة النصارى، ولقيه بصخرة عباد من أحواز رندة، فسلم عليه ويقال: إن أمير المسلمين لما فرغ من ذلك طلب بلسان زناتة الماء ليغسل يده به من قبلة الفنش أو مصافحته، ما نصه (4): والشيء بالشيء يذكر، فأثبت حكاية اتفقت لي بسبب ذلك، أستدعي بها الدعاء ممن يحسن عنده موقعها، وهي أن اليهودي الحكيم ابن زرزار على عهد ملك النصارى حفيد هذا الفنش
120
المذكور وصل إلينا بغرناطة في بعض حوائجه، ودخل إلي بدار سكناي مجاور القصر السلطاني بحمراء غرناطة، وعندي القاضي اليوم بغرناطة وغيره من أهل الدولة، وبيده كتاب من سلطان المغرب محمد بن أبي عبد الرحمن ابن السلطان الكبير المولى أبي الحسن، وكان محمد هذا قد فر إلى صاحب قشتالة، واستدعي من قبله إلى الملك، فسهل له ذلك، واشترط عليه ما شاء، وربما وصله خطابه بما لم يقنعه في إطراءه، فقال لي: مولاي السلطان دن بطره يسلم عليك، ويقول لك: انظر مخاطبة هذا الشخص، وكان بالأمس كلباً من كلاب بابه، حتى ترى خسارة الكرامة فيه، فأخذت الكتاب من يده وقرأته، وقلت له: أبلغه عني أن هذا الكلام ما جرك إليه إلا خلو بابك من الشيوخ الذين يعرفونك بالكلاب وبالأسود، وبمن تغسل الأيدي منهم إذا قبلوها، فتعلم من الكلب الذي تغسل اليد منه ومن لا، وإن جد هذا الولد هو الذي قبل جدك يده واستدعى الماء لغسل يده منه بمحضر النصارى والمسلمين، ونسبة الجد إلى الجد كنسبة الحفيد إلى الحفيد، وكونه لجأ إلى بلادك ليس بعار عليه، وأنت معرض إلى اللجإ إليه فيكافئك بأضعاف ما عاملته به.
فقام أبو الحسن المستقضي يبكي ويقبل يدي، ويصفني بولي الله، وكذلك من حضرني، وتوجه إلى المغرب رسولاً، فقص على بني مرين خبر ما شاهده مني وسمعه، وبالحضرة اليوم ممن تلقى منه ذلك كثير، جعل الله تعالى ذلك خالصاً لوجهه؛ انتهى.
وقد أثنى لسان الدين في الإحاطة على القاضي ابن الحسن المذكور كما سيأتي، وقال في ترجمة السلطان ابن الأحمر ما نصه: ثم قدم للقضاء الفقيه الحسيب أبا الحسن، وهو عين الأعيان بمالقة، المخصوص برسم التجلة والقيام بالعقد والحل، فسدد وقارب، وحمل الكل، وأحسن مصاحبة الخطبة والخطة، وأكرم المشيخة مع النزاهة، ولم يقف في حسن التأتي على غاية، فاتفق على رجاحته، ولم يقف في النصح عند غاية، انتهى. وحين أظلم الجو بينه وبين لسان الدين ذكره في " الكتيبة الكامنة " بما يباين ما سبق، ولقبه بالجعسوس ولم يقنعه ذلك حتى ألف فيه " خلع الرسن في وصف القاضي أبو الحسن ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ق ص: إلا مع الإلمام، وهو يحرف.
(2) ق ص: الحسين، وهو خطأ.
(3) ق ص: بالإلمام.
(4) ورد هذا النص في أعمال الأعلام: 333.