التجريد: لغة - إزالة الشيء عن غيره، واصطلاحاً - أن ينتزع المتكلم من أمر ذي صفة أمراً آخر مثله في تلك الصفة، مبالغة في كمالها في المنتزع منه، حتى أنه قد صار منها، بحيث يمكن أن ينتزع منه موصوف آخر بها، وأقسام التجريد كثيرة.
«أ» منها - ما يكون بواسطة (من التجريدية) كقولك: لي من فلان صديق حميم (أي بلغ فلان من الصداقة حداً صحّ معه أن يستخلص منه آخر مثله فيها) .
ونحو: ترى منهم الأسد الغضاب إذا سطوا وتنظر منهم في اللقاء بدوراً
«ب» ومنها - ما يكون بواسطة (الباء التجريدية) الداخلة على المنتزع منه نحو قولهم: لئن سألت فلاناً لتسألن به البحر، بالغ في اتصافه بالسماحة، حتى انتزع منه بحراً فيها.
«جـ» ومنها - ما لا يكون بواسطة، نحو: (وان نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر) .
«د» ومنها - ما يكون بطريق الكناية، كقول الأعشى
يا خير من ركب المطيّ ولا يشرب كأساً بكف من بخلا (1)
_________
(1) أي يشر الكأس بكف الجواد - انتزع منه جواداً يشرب هو بكفه على طريق الكناية، لأن الشرب بكف غير البخيل يستلزم الشرب بكف الكريم وهو لا يشرب إلا بكف نفسه، فاذاً هو ذلك الكريم ومن التجريد خطاب المرء نفسه: كقول المتنبي
لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق ان لم تسعد الحال.
أي الغنى - فقد انتزع من نفسه شخصاً آخر وخاطبه، وهذا كثير في كلام الشعراء، وانما سمى هذا النوع تجريداً لأن العرب تعتقد أن في الانسان معنى كامناً فيه كأنه حقيقته، فتخرج ذلك المعنى إلى ألفاظها مجرداً عن الانسان، كأنه غيره، وفائدة هذا النوع (مع التوسع) أن يثبت الانسان لنفسه مالا يليق التصريح بثبوته له.