استعرض ممثل المرجعية الدينية العليا خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف الاهمية الكبيرة للاسرة باعتبارها النواة التي ان طابت طاب المجتمع وان فسدت تحدث مفاسد عامة في المجتمع.
وقال السيد احمد الصافي اليوم الجمعة (11 /1 /2019)، ان كل مجتمع لابد ان تتوفر فيه الحصانة الاجتماعية التي تعني البناء الذي يتكون منه المجتمع والذي من خلاله يتم تهديمه، لافتا الى ان هذه الحصانة يقصد بها كيفية تعامل اهل المحلة او القرية او المدينة او البلد مع الامور بالسماح لاشياء تحدث وعدم السماح لاشياء اخرى.
واضاف ان هذه المشكلة من المشاكل الحقيقية التي تحتاج الدخول بتفاصيلها، لان الحديث حولها يؤدي الى عدم تشخيصها بشكل دقيق كما قد لا يفهم الحل، خصوصا ان بعض الناس يتصور ان الكلام لا يعنيهم وهو متلبس بالاشكالات ولا يرى امامه اما لكونه جاهلا او غافلا او انه غير مكترث، الا انه بالنتيجة فان هنالك بناء سيبنى بشكل معوج وسيدفع الجيمع الثمن.
واوضح ان الحصانة تتولد تارة حينما يكون افراد المجتمع بمستوى عال من الوعي فلا تمرر الكثير من الاشياء من خلالهم لانهم كالسند المنيع الذي يترقب خوفا من ان يحدث شيء في النسيج الاجتماعي للمجتمع، وتارة تكون الاسر الكريمة ملتفتة الى ان بعض المشاكل لابد ان تحلها بنفسها لانها تصدر جيلا للشارع والمصنع والمدرسة، وتارة اخرى تدخل المجتمعات في دائرة اهتمام الدولة التي يجب عليها ان تراعي هذا الجانب وتعطيه ميزانية واهمية كبيرة وتختار الرجال الامناء للاهتمام بهذا البناء كل على شاكلته ومقدار اهميته.
واشار الى ان غياب رب الاسرة عن الاهتمام بالاسرة من جملة الاشياء التي يشكو منها البعض، مستدركا ان الحديث ليس من جهة الانفاق المالي وان كان البعض يشكو من عدم انفاق رب الاسرة اما لسبب كونه لا يوجد عنده مالا فيسعى ويسترزق ويكون انفاقه بمقدار ما بيده، وتارة يكون عنده مالا لكن عنده شح فهو لاينفق.
وبين ان الحديث ليس من جانب الانفاق المالي لانه يرى ان هذا الموضوع بحاجة الى حديث خاص، وانما الحديث عن اهتمام رب الاسرة بالاسرة والمسؤولية التي تقع على عاتقه، مشيرا الى ان الانسان يسعى الى تكوين الاسرة فيختار الزوجة المناسبة ويسأل عنها وكذلك اهل الزوجة يسألون عنه وتتكون الاسرة وتبدأ تنتج، والاولاد يعيشون جو الاسرة.
واكد السيد الصافي انه كلما تصعبت الامور او تسهلت في عالم التكنولوجيا، كلما اثر ذلك على الاسرة في تفكيك عرى المودة والتماسك الاسري، مبينا ان المجتمع بحاجة الى عالم التكنولوجيا الا انه في مقابل ذلك لابد ان تتضاعف مسؤولية رب الاسرة.
ويرى ممثل المرجعية العليا ان الابناء خارج الاسرة قد يتسببوا بمرض ومشاكل لرب الاسرة الا انهم فلذات الكبد، وعلى الاب ان لا يكتفي باعطاء الولد المال بزعم انه يحبه، مبينا ان المال لوحده غير كاف وان كان من المستحبات شرعا التوسعة على العيال الا ان هنالك وظيفة اساسية على رب الاسرة تتمثل بمسؤولية التربية وممارسة حالة من السلطنة في حالة التربية.
واستشهد السيد احمد الصافي بكتاب ارسله الامام علي لولده الامام الحسن عليهما السلام بعد عودته من واقعة صفين جاء في مقدمته "ووجدتك بعضي بل وجدتك كلّي، حتّى كأنَّ شيئاً لو أصابك أصابني ، وحتّى كأنَّ الموت لو أتاك أتاني، فعناني من أمرك ما يعنيني عن أمر نفسي ، فكتبت إليك كتابي هذا، مُستظهراً به إن أنا بقيت لك أو فنيت"، موضحا ان من الضروري ان يتعلم الاباء الحرص من الامام امير المؤمنين عليه السلام، وان هذه الكتابة عندما وصلت الى الامام الحسن عليه السلام فانها من خلال الامام الحسن تصل الينا لاننا نحن المخاطبون بالنتيجة.
وطالب الاباء بضرورة الجلوس مع الاولاد قائلا ، ، ان من الضروري ان يجلس الاب مع اسرته لكي تراه وتشعر بوجوده الحقيقي وليس المعنوي، فيشاطرهم ويسأل ويستفسر عنهم، ايها الاب ان الاولاد بحاجة ماسة لك فانهم مع الطعام يريدون رؤيتك والاستماع لك، امنح تجاربك لهم، وعلم ولدك كيف سيدخل الى المجتمع، وتتبعه في المدرسة وخارجها لان السؤال عنه والاستفسار يعطيه الحصانة لانه سيعرف بان خلفه اب او ام او اخ كبير يتفقد احواله، مبينا ان الجلوس مع افراد الاسرة وتفقدهم تتكون هنالك اسرة مباركة تحمي المجتمع من الدمار، لافتا الى ان من الخطأ ان لا يكون للاب علاقة باسرته.
واكد السيد الصافي على ضرورة المودة والشفقة والرحمة، منتقدا بعض التصرفات السلبية التي تعكس مدى قسوة الاباء، لافتا الى ان بعض الاباء يطفئ اعقاب السكائر في جلد ولده الذي يبلغ من العمر (10) سنوات، مبينا ان رجلا يسال الامام الصادق عن سبب حبه لولده اكثر من حب ولده له، فاجاباه الامام عليه السلام "لانه منك ولست منه".
وتابع ان على المجتمع ان يعمل بمسؤوليته الاجتماعية لان الجميع مسؤول عن ضياع بعض الاطفال والفتيات وكذلك مسؤول عن التفكك الاسري الذي عصف بالمجتمع.
واردف ان الكثير من العلماء الاجلاء قديما وحديثا يكتبون في حياتهم ووصاياهم لاولادهم حرصا منهم على الاولاد، مبينا ان الانسان يوصي في تركته لانه من المستحبات، لكن ليس الوصية بالتركة المالية فقط.
واكد في ختام خطبته على ان هذا الموضوع من المواضيع المهمة التي تحتاج الى تدخل الدولة والمجتمعات والمنظمات المجتمعية.