المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



دار الايتـــــام  
  
2219   02:24 مساءً   التاريخ: 3-2-2018
المؤلف : د. علي قائمي
الكتاب أو المصدر : علم النفس وتربية الايتام
الجزء والصفحة : ص279-281
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

أين الطفل ؟

ابنك الذي هو ذكرى من ذلك الشهيد الغالي، اين هو الآن؟

- في البيت، وإلى جانبك، وجانب بقية افراد العائلة، وهذا هو المكان الصحيح المناسب له.

- في دار الحضانة وتحت إشراف المرضعات اللواتي يقمن تجاهه بدور الامومة الشكلية.

- في روضة الاطفال سواء جزئياً، أم كلياً، أي على مدى الاربع والعشرون ساعة بعيداً عن أفق الأسرة.

- في المدرسة والصف (الفصل)، وبعد مضي ساعات الدوام الرسمي يرجع الى البيت والى حياته العادية.

- في بيت اقاربه وارحامه القريبين من قبيل الجد والعم والخال وغيرهم.

- في دار الايتام وعلى مدار اليوم والليلة بعيداً عن الاسرة والام.

المكان الحقيقي للطفل :

المكان الحقيقي والقانوني للطفل هو البيت، وفيه سوف يشعر بالسعادة والنشاط والحيوية؛ الأطفال يشعرون بالسرور والعزة والأمن والاحترام في البيت، وفيه يكون وضعهم عادياً، ومفعماً بالاطمئنان. وفيه يتصورون بأنهم يعيشون المحبة والمودة المطلوبة. وبشكل عام فإن التأثير الذي تتركه التربية المنزلية على الافراد لا يمكن مقايسته مع الاماكن الاخرى، وأثبتت بعض الابحاث ان اكثر هؤلاء الذين لم يترعرعوا في ظلال الاسرة، او انهم مروا بظروف صعبة في طفولتهم قاموا بارتكاب عمليات الجرائم والابتزاز ، لعدم حصول النمو والنضج المطلوب لهم، وعدم تعرفهم على امور الحياة ومسائلها بشكل جيد، واحدى الصعوبات المهمة التي تواجهها المراكز التربوية من قبيل دور الايتام، ودور الحضانة، والتي تقدم خدماتها لروادها ليلاً ونهاراً، هو صعوبة العلاقات الاسرية، ولا سيما من جهة فقدان شخص الاب او الام. الطفل بحاجة الى وجود شخص يقوم الطفل بمناداته (ماما) أو (بابا) ويتعلق بأحضانه ويطلب منه حاجاته، وعدم وجود شخص بهذا الإسم يخلق للطفل عقدة نفسية، ويسبب له الشعور بالحزن واللوعة والكآبة.

يوجد عادة في المؤسسات التي تعتني بشؤون مثل هؤلاء الاطفال ليلاً ونهاراً شخص بأسم (المدير) او (المشرف) ولكن الطفل لا يجده أمامة دائماً، واذا وجده لا يمكن أن يتعامل معه بشكل طبيعي وعادي تماماً، ولهذا تكون حياة الطفل ليست عادية، وهذا اكثر صدقاً بالنسبة للأطفال الذين امضوا قسماً من اعمارهم في ضلال أسرهم.

قضية دار الايتام :

بعد زوال وانقراض الاسلوب القديم في رعاية الاطفال، والذي يعد انعكاساً للحياة الصناعية، واحدى هدايا الغرب إلينا، تعرضت الاسر والاطفال الى ضربة قوية. وبشكل عام فإن وجود دور الايتام يحكي عن عدم الشعور بالمسؤولية من قبل الاسرة، واحياناً من قبل الناس في مقابل الايتام. يتوجب على الناس من الناحية الإنسانية والاخلاقية رعاية حال الايتام، وعدم الغفلة عن احوالهم والقيام باستضافتهم في بيوتهم بدلاً عن إيداعهم في دور الايتام.

يمكن ان يكبر الشخص في جو غير جو الاسرة عند الآخرين وفي بيوتهم، وقد اثبتت التجربة ان اعراض هذا الوضع على الطفل اقل بكثير من الاعراض الناتجة عن دور الايتام. ومن الناحية العلمية فإن الحياة في دار الايتام او دار الحضانة تعني فقدان مركز الاسرة بشكل كامل، لأنها على الرغم من كونها مجهزة بالوسائل الضرورية، ولكن ما يصل للطفل من التربية والعناية سهم قليل، ويعاين الطفل من حالة عاطفية غير عادية.

والأثر الحاصل من التربية في دار الحضانة او دار الايتام خطيراً جداً بسبب القوانين الصارمة، وطلب الخضوع الاعمى من الطفل ودون أي نقاش يعرض حياة الطفل لما لا يحمد عقباه، والتعامل الجاف والمفتقد للعاطفة من قبل المسؤولين مع الاطفال يؤدي الى بطء النمو، ولا سيما النفسي منه، وإلى اعراض اخرى.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.