أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2017
329
التاريخ: 23-8-2017
330
التاريخ: 23-8-2017
385
التاريخ: 23-8-2017
323
|
لننظر الآن كيفية ارتباط المعاني بالافكار. هل يمكن ان تتيح الافكار شروطا معقولة تسمح لنا مماثلتها بالمعاني (أو بتعيينها بالمعاني)؟ تفترض هذه النظرية عملية كهذه. لدى خاطر أو فكرة، اصوغ جملة؛ أتلفظ بها أمامك، وحين تسمعها تنتقل إليك نفس الفكرة التي كانت لدي. قد يكون هذا الاقتراح صورة بسيطة للطريقة التي تُستعمل بها اللغة. ويمكن صياغة المبدأ العام الذي ترتكز عليه هذه النظرية كالتالي. يكون للعبارة معنى إذا وفقط اذا ارتبطت بفكرة ما، ويكون لعبارتين نفس المعنى اذا وفقط اذا ارتبطتا بنفس الفكرة. نسجل، هنا ان هذه النظرية تتنجب ما سقطت فيه النظرية المرجعية. فنجم الصباح هو عينه نجم المساء الا ان فكرة نجم الصباح ليست هي فكرة نجم المساء.
لا يمكن لنظرية الافكار ان تقوم اذا لم تحدد ما تعنيه بالافكار، واذا لم تبين الكيفية التي تحدد بها علاقة الارتباط بين العبارات والافكار. وتتبنى هذه المقارنة مفهوما جد بسيط للأفكار، وتعتبرها صورا موجودة في الذهن (لوك (1689)). ويبدو ان هذا التصور يجانب الصواب، لان التخيل الذهني متغير واعتباطي، ويختلف في طبيعته او في نوعه من شخص الى آخر. فقد يعني لي لفظ " كرة " مثلا، في يوم من الأيام خيبة الأمل، إذ كنت أود أن أصير لاعب كرة مرموقاً ؛ وقد يذكرني بجدتي التي كانت تهديني كرة في كل مناسبة لميلادي ؛ وقد اُربط هذا اللفظ بأية صورة ذهنية. فلا يوجد ترابط قار بين ما نتخيله وبين معاني العبارات التي نسمعها أو نتلفظ بها. وقد لا توجد صور ذهنية قد تُستخدم لتفسير معاني الفاظ مثل " كيف "، أو " رغم "، او " كي ".... إلخ.
ص24
إن أهم مشكل يواجه نظرية الافكار (أو الصور الذهنية) هو معرفة الاشكال التي تتخذها هذه الصور الذهنية. من المؤكد ان هذه الصور ليست بصرية، ولكن لننظر، رغم ذلك، الى صورة مثلث متساوي الأضلاع. اذا كانت هذه الصورة قد تمثل عندي معنى اللفظ " مثلث "، فإما ان هذا اللفظ يعني المثلث المتساوي الاضلاع فقط، واما انه ملتبس بحسب صورته، هل هي صورة لمتساوي الأضلاع ام لمتساوي الساقين او لمختلف الاضلاع. ومعلوم ان احد الإمكانين يلغي الآخر. إنه لا توجد صورة توافق ما تشترك فيه هذه المثلثات، ولا يملك احد انواع المثلثات (المتساوي الاضلاع او المتساوي الساقين او المختلف الاضلاع) كل خصائص المثلثات الممكنة. ويمكن ان نضيف الى هذا مشاكل أخرى من قبيل. أ) أنه قد تكون لنا أكثر من صورة توافق عبارة واحدة، ب ) وأنه قد تشترك عبارتان في نفس الصورة.
إن ما ينبغي ان تتصدى له هذه النظرية هو تحديد فكرة الفكرة، على ان هذا التحديد ينبغي ان ينطبق على كل انواع العبارات، دون أن يكون ضحية لشساعة مفهوم الخيال الذهني. وإذا أردنا ان نعيد تدقيق هذه النظرية في الاتجاه الذي رسمناه، فإنه يتضح لنا أنها غير قابلة لأن تكون نظرية جدية للمعنى، إذ لا توجد صورة ذهنية ترتبط، بصورة معيارية، بلفظ " كيف "، مثلا. وفي هذه الحالة سنضطر الى اللجوء الى افكار اكثر تجريداً للحصول على معنى هذا اللفظ. فهل هناك من طريقة تسهل علينا استخراج خصائص هذا اللفظ بعيدا عن هذه الفكرة التي يُفترض أنها موجودة في ذهن شخص يفهم ويستعمل بصورة مفيدة اللفظ " كيف " ؟ في الحالة الأسوأ، سيكون هذا التخصيص فارغاً إذا لم يوجد شيء يوافق الوصف الذي نقدمه لهذا اللفظ ؛ وفي الحالة الأجود، سيكون التخصيص دائرياً، بما أنه يحدد الأفكار عن طريق الفهم، وبالتالي عن طريق المعنى.
إذا قدمنا رصدا دقيقا لطرق تأليف الافكار في انتاج افكار مركبة، بعيدا عن النظريات التقليدية السابقة ذات النزعة التجريبية، فإننا نتمكن من القول، انطلاقا من هذه المحاولة، أن " كيف " لها معنى، ليس لكونها ترتبط بفكرة خاصة، ولكن لكونها تساهم في انشاء افكار مركبة ترتبط بتعابير تظهر فيها " كيف ". ولكن هنا، ايضا لا نجد طريقا لتخصيص هذه الافكار المركبة ولا نجد طريقا كذلك لتخصيص المساهمة التي تقدمها " كيف " في هذه الافكار المركبة. وهذا الامر يعمق من مشكلة مفادها ان عدم قدرتنا على تعيين الافكار التي قد تفسر المعاني ليست متعلقة بعدم ضبط الافكار، او الافتقار الى نظرية نفسية كافية بخصوص الافكار، بل لأننا نحتاج الى ضبط الشروط التي تتيح تعيين معاني العبارات اللغوية عن طريق شروط تعيين الأفكار – واذا كان الامر كذلك، فإن المعاني قد تستعمل لتعيين الافكار، اما الافكار فلا يمكن ان تستعمل لتعيين المعاني.
ص25
والملاحظ ان نظرية كاتز القائلة بوجود مكون دلالي في النحو التوليدي تسند تصورات (concepts) للعبارات، وكأن هذه التصورات تحدد معاني العبارات. وهذا لا يمكن ان يعتبر تفسيراً مستقلا لطبيعة المعنى، الا اذا شيدتُ بإزائه نظرية نسقية وكافية. وفي هذا الإطار، يمكن القول إن النزعة الذهنية (mentalism)، التي ترتكز على التصورات الذهنية البشرية فيرصد المعاني لا تشكل جزءا على النظرية اللغوية انها تعكس انتقادا للنزعة السلوكية بحيث تذهب الى ان ما يقابل المعاني هو التصورات وليس الاستجابات السلوكية، وان هذه التصورات تلعب دورا دالا في السلوكات والانشطة البشرية وفي استعمال اللغة.
ص26
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|