أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2017
639
التاريخ: 23-8-2017
291
التاريخ: 28-8-2017
744
التاريخ: 14-8-2017
466
|
تصور معنى الكلمة أو الجملة عند أصحاب نظرية الوضعية المنطقية، ينبني على نظرات متباينة، وإن كانت كل نظرة من هذه النظرات هي عبارة عن
ص98
امتداد معرفي لأفكار سبقتها وتأسست فلسفتها على جملة من الانتقادات التي وجهها لها علماء اللغة عامة وأهل المنطق والفلسفة خاصة، من رواد هذه النظرية "مورتس شليك (M.Chilik)" المؤسس الأول. والعالم "أتونيراث" (A/ NEURATH) ، وهمبل (Hempel)، و"كارنب (2) (Carnap)"، و"الفرد جولر أير (A.J.Ayer)"، و"فردريك وايزمان (F. Waisman)"، ذهب "شليك" (1936-1882) إلى أن معنى قضية ما، هو طريقة تحقيقها وذلك بتوفر شروط للتحقيق تكون على إثرها القضية صادقة، من ذلك الواقع التجريبي للمعنى وهو ما وسم نظريته "بالنظرية التجريبية في المعنى"، وقد وضع "شليك" معايير ثلاثة لتحديد معنى الكلمة: إما بالإشارة إلى مسماها المعيّن (الشيء في العالم الخارجي)، أو بالتكافؤ والترادف ويخص ذلك الكلمات التي تعتبر محمولات تجريبية مثل:مربع، شجرة،… أو بالاستخدام في السياق اللغوي وذلك خاص بالكلمات التي لا تعتبر محمولات تجريبية مثل:إذا، الآن،… وغيرها من الصيغ التي لا معنى لها إلا داخل السياق. ماذا يعني "شليك" بمصطلح "التحقيق"؟.. التحقيق عند "شليك" يعني مطابقة المعنى للواقع ممايدل على صدق القضية في الواقع التجريبي، ولا يشترط أن يكون التحقيق بالمعنى القوي فتلك غاية بعيدة الحصول وإنما يعني "شليك" التحقيق بالمعنى الضعيف، أو ما سماه بإمكان التحقيق. والإمكان كما يوضح "شليك" نوعان: إمكان تجريبي: وهو المعنى الذي يتسق وقوانين الواقع والطبيعة، وإمكان منطقي: وهو ما يطابق قواعد التركيب والنحو واستخدامنا المألوف للكلمات وفق نسق صحيح، والحقيقة أن نظرية "شليك" توقفت عن العطاء العلمي وتقديم التفسيرات الكافية لتمثيلات من المعنى لم تخضع لقواعد هذه النظرية ومعاييرها، وذلك لانحصار نظرية "شليك" في تفسير الكلمات ذات الواقع الحسي بينما وجدت قضايا وصيغ لا يشملها الإدراك الحسي المباشر لكنها محققة المعنى مثال ذلك تركيب الذرة الذي قال عنه "شليك" أن لا معنى له.
ويأتي بعد "شليك" العالمان "أوتونيراث" (1882-1945)، و"همبل" (1905-)، اللذان دعيا إلى معيار جديد يعتمد في رصد المعنى لا يرتد إلى الواقع التجريبي كما كان يقول "شليك" وإنما يرتد إلى قضية "بروتوكول" وتعني
ص99
تسجيل دقيق لما عاناه المتكلم في خبرته، ويشترط في هذه القضية أن تصدر بضمير المتكلم وتلحق كل جملة بحسب اتساقها مع جمل بروتوكول سبق وأن قبلناها وذلك للحكم بصدقها، وإن تنافرت معها كان الحكم بكذبها وعدم تحققها، فالمعيار الذي اعتمده "نيراث وهمبل"، هاهنا هو معيار الاتساق (consistance).
أما كارنب (1891-1975) بعد جملة أفكار قدمها حول تصوره لمعنى الجملة أو القضية، انتهى إلى رد ذلك إلى الواقع التجريبي وذلك بعد إدراكه أن اللغة هي حاملة لواقع ومعبرة عنه وليس عبارة فقط عن تراكيب وأنساق لغوية.
وبالرغم مما وجهت لنظرية الوضعية المنطقية من انتقادات، إلا أنها قدمت للدرس الدلالي الحديث طرقاً أخرى للبحث عن المعنى تتسم بالعمق في التحليل، وإن كان أصحاب هذه النظرية قد وقعوا تحت سلطة النظرة الحسية للأشياء وهو ما جعلهم يخلطون بين البحث في المعنى وبين صدق الجملة. وذلك ما سوف يعرض نظريتهم إلى مآخذ شديدة أدت إلى تعديل في مواقفهم بحيث عزفوا عن القول بمبدأ التحقيق التجريبي بالمعنى القوي، إلى القول بمبدأ التحقيق التجريبي بالمعنى الضعيف، ويعني ذلك نسبية تحقيق معنى الجمل والكلمات والقضايا واستحالة تحقيقها تحقيقاً مطلقاً تاماً بينما ظل موقف القائلين بالاتساق في الحكم بصدق ومعنى الجملة ثابتاً، بالرغم من الملاحظات الكثيرة التي وجهت إليهم وهو ما جعل موقفهم يضعف مما أدى إلى إجراء تعديل في المصطلح "تحقيق" الذي استبدل بمصطلح تدعيم (confrmation) وسوف ينشأ اتجاه آخر على يد "ألفريد جولزير (Ayer)" و(فردريك وايزمان) (F. waisman)..
يذهب "أير" إلى أنه لا يكون للجملة معنى إلا إذا أمكن تدعيمها إلى درجة كبيرة بإشارتها إلى واقع يمكن ملاحظته. ولا يعد هذا تحديداً تاماً لمعنى الجملة وإنما مجرد تدعيم لها، بحيث يكون لها احتمال كبير في المعنى المحدد بواسطة التدعيم، خاصة وأن الجملة مسندة إلى ضمير المتكلم وبالتالي فهي تعبر عن إحساسات وإدراكات ذاتية وقد وصل "أير" إلى قناعة علمية تتلخص في الامتناع عن اعتماد معيار عام لمعنى الجملة، وربط ذلك المعنى بمجموعة الخبرات التي تحققت بفعل الملاحظة المباشرة عن طريق التحقيق التجريبي الذي يصدقه الواقع وحتى في هذه الحالة تصدق الجملة صدقاً احتمالياً لا صدقاً تاماً.(3)
ص100
أما (وايزمان) فقد سار على نهج "أير" ولكن بأسلوب مختلف وذلك بدعوته إلى أن البحث عن مكافئ تام يشرح معنى الجملة سيبقى مفتوحاً لأنه ناقص، ذلك أن الجملة المطلوب رصد معناها تحوي على حالات جزئية يصعب حصرها وتحديدها، كما أن التركيب المعد لإقامة تحقيق القضية لن يكون هو التركيب الأخير المناسب، وإنما قد نحصل على تركيب جديد يشرح أو يحلل أو يضيف إلى معنى الجملة الأصلية. معان جديدة وبالرغم من الجهود المضنية في البحث عن تصور ثابت للمعنى بقي البحث بين دور وآخر يفاجأ، بمسائل جديدة مرتبطة بمسألة "المعنى"، فيخوض من أجل تفسيرها وتحليلها ودراسات مستفيضة، فالقول باعتماد معيار الترادف لتحديد معنى القضية أدى إلى البحث حول، ماهية الترادف، وهل الترادف خال من المعنى؟.. بالطبع لا يقدم الترادف تفسيراً لمعنى الجملة حتى يكون للجملة المرادفة معنى كذلك، وهو يحتاج إلى إيجاد مكافئ له في المعنى، وهكذا يقع الدرس في هذا المجال، في حلقة مفرغة..
ص101
____________________
([1]) د. محمود فهمي زيدان. في فلسفة اللغة، ص125 إلى 128.
(2) إن إسهام "كارنب" في مجال السيميولوجيا الحديثة قد عد عملاً في غاية الأهمية، خاصة وأن سعي هذا العالم الفيلسوف كان يتجه إلى بناء لغة مثالية، (علم الإشارة ـ بيار جيرو ـ الوعي) المقدمة مازن الوعر، ص 15.
(3) إن الإشارة إلى الأسس الفلسفية التي أرسيت عليها قواعد النظرية المنطقية في المعنى، تقدم الصورة الحقيقية لوظيفة اللغة التي لا تقتصر على الإيصال والإبلاغ فحسب أو تسمية الواقع الفيزيائي للإنسان وإنما في فهم هذا الواقع وخلقه باستمرار، وتستأثر هذه النظرية بالاهتمام المتزايد لكونها تتناول اللغة في شكلها السياقي المتعدد...
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|