أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2017
323
التاريخ: 11-2-2018
311
التاريخ: 28-8-2017
748
التاريخ: 23-8-2017
338
|
إن هذه النظرية تمثل مستوى آخر من مستويات الدراسة الدلالية، فإذا كانت النظرية الإشارية قد عكفت على دراسة الإشارة كأساس للولوج إلى دراسة ما يتعلق بها من عناصر المعنى، فإن النظرية التصورية ترتكز على مبدأ التصور الذي يمثله المعنى الموجود في الذهن، وإذا أردنا أن نقف على جذور هذه النظرية فإننا نلفيها تعود إلى الفيلسوف الإنجليزي (جون لوك) (القرن السابع عشر) الذي سماها النظرية العقلية ونادى فيها بأن استعمال الكلمات يجب أن يكون الإشارة الحساسة إلى الأفكار. والأفكار التي تمثلها تعد مغزاها المباشر الخاص"(1).
وقد أطلق بعض الباحثين على هذه النظرية اسم النظرية الفكرية لأن "الكلمة تشير إلى فكرة في الذهن وأن هذه الفكرة هي معنى الكلمة"(2) ونتيجة للطابع التجريدي الذي وسم النظرية التصورية، فإن العلماء المتأخرين أسسوا أفكارهم على معطيات حسية تقع تحت الملاحظة والمشاهدة، وأرجعوا الدلالات كلها إلى تلك التصورات التي تحقق الأثر العلمي، وهذه الفكرة قريبة من فكرة النظرية السلوكية التي تنبني على مبدأ المنبه والاستجابة، إلا أن تحديد مرجعية الآثار إلى التصورات الذهنية، تلحق تلك الفكرة بالنظرية التصورية. لقد أسس (تشارلز بيرس) نظريته البراجماتية واعتبرت امتداداً للنظرية التصورية: "رأى بيرس أن تصورنا لشيء ما يتألف من تصورنا لآثاره العملية، فالتيار الكهربي مثلا لا يعني مرور موجة غير مرئية في مادة ما، وإنما يعني مجموعة من الوقائع مثل إمكان شحن مولد كهربي أو أن يدق جرس، وأن تدور الآلة، وإذن فمعنى كهرباء هو ما تفعله، وإذن فالتصورات المختلفة التي تحقق نتيجة عملية واحدة إنما هي تصور واحد أو معنى واحد، والتصورات التي لا ينتج عنها آثار لا معنى لها"(3).
إن عالم الأفكار عالم مستقل بذاته فالدلالات واحدة في جميع اللغات وإنما الاختلاف أتى من تباين الألسنة، وذهب علماء الألسنية المحدثون إلى افتراض
ص85
وجود عوالم دلالية يجب البحث عن معالمها وسننها بناء على البنية الدلالية حتى أن اللغويين المتأخرين اعتبروا، أن التصورات والأفكار هي كيان مستقل قد يستغني عن اللغة إذا أراد الأفراد ذلك يقول د. أحمد مختار عمر: "الأفكار التي تدور في أذهاننا تملك وجودا مستقلا. ووظيفة مستقلة عن اللغة وإذا قنع كل منا بالاحتفاظ بأفكاره لنفسه كان من الممكن الاستغناء عن اللغة"(4).
وما دام أن النظرية التصويرية تعتبر أن المعنى هو التصور الذي يحمله المتكلم ويحصل للسامع حتى يتم التواصل والإبلاغ، فإن عالم الأشياء غير متجانس، كما أن التصورات متباينة من فرد لآخر، فتصور "شجرة" مثلاً، يحمل جملة من الدلالات المختلفة اختلافاً قد يكثر أو يقل بحسب وجود هذا التصور داخل عالم الأشياء، كما أن هناك كلمات لا تحمل تصوراً باعتبارها لا تنتمي لعالم الأشياء كالأدوات والحروف وما إلى ذلك. "وقد كان رفض النظرية التصورية، للمآخذ التي ذكرنا، وغيرها، هو المنطلق لمعظم المناهج الحديثة التي ظهرت خلال هذا القرن"(5). وهو ما سيتبلور في نظريات أكثر موضوعية وعلمية.
ص86
___________________
([1]) د. أحمد مختار عمر، علم الدلالة، ص57.
(2) د. محمود فهمي زيدان، في فلسفة اللغة، ص96.
(3) المرجع السابق، ص97.
(4) علم الدلالة، ص57.
(5) المرجع السابق، ص58.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|