أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-24
800
التاريخ: 19-5-2017
2877
التاريخ: 2024-08-05
412
التاريخ: 2023-02-05
1322
|
الخوف ليس بحد ذاته حاله سلبية لدى الجنسين من البشر ، فالخوف يمنع الانسان من كثير من الأفعال الخاطئة ويؤدي الى الكثير من المفاسد والانحرافات ؛ وهو عبارة عن الألم عند وقوع مكروه ممكن حصوله وممكن عدم حصوله ، والخشية والوجل والرهبة والهيبة كلُّها من انواع الخوف ؛ فالواجب يحتِم على الابوين أولاً العمل على تجنيب البنات العوامل التي تثير الخوف والاضطراب في نفوسهن وتوفير الاجواء الهادئة والطبيعية لهنَّ وتعويدهنَّ بالتدريج الطمأنينة والاستقرار النفسيين وخلق روح الثقة والاعتماد على النفس في شخصياتهن ،والحيلولة دون كل ما يمكن ان يثير لديهن بواعث القلق والخوف والاضطراب في الاسرة او المجتمع العام. والاسلام يؤكد اسلوب التربية مع البنت على اساس عدم الخوف وتدريبها على الثقة بنفسها وغلق جميع المنافذ التي تؤدي الى سلوك سبل الشدة والتهديد عندما يصدر منها فعل معين او حركة عفوية ناتجة عن عدم الانتباه او الغفلة .
ويمكن تقسيم الخوف الى قسمين : الخوف الممدوح والخوف المذموم .
الأول: الخوف الممدوح :
وهو الخوف من الله (جل جلاله) ومن ارتكاب الذنوب والخوف من التقصير في امور دينه وطاعاته وهذا الخوف يدعو الانسان الى السعي الى طاعة الله (جل جلاله) واجتناب معاصيه.
قال (جل جلاله) {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا}[السجدة: 16].
الثاني: الخوف المذموم :
وهو الخوف من امور واقعة لا محالة وليس للإنسان قدرة على دفعها (كالموت) مثلا والخوف المؤدي الى عدم اداء الواجب الذي يتطلب ان يفعله الانسان في حالة ارتكابه لخطأ ما، لأن عليه أن لا يخاف وان يبذل جهده في اصلاح ما أفسده.
وأما الخوف من جو الأسرة فيمكن تقسيمة الى قسمين:
فبعضهم يخاف من الذنب والبعض الأخر يخاف من الأب، عندما يكون الخوف من الذنب موجوداً ، فإن المخاوف الباطلة والواهية تنعدم ، ويكون المهد الصحيح للتربية هو تفتح أزهار الشعور بالمسؤولية في نفوس الفتيات والفتيان, ويتعوّد جو الاسرة الاستقامة فيما بينهم منذ البداية، ويطمئن أعضاء هذه الاسر الى انهم اذا لم يتجاوزوا حقوق الآخرين ولم يتلوثوا بالذنب والانحراف لا ينالهم شيء بل يكونون مقربين لدى الابوين، ففي مثل هذه الظروف يكون الاب في محيط الاسرة حائزاً الشخصية والعاطفة معاً.
والاطفال يخافون من مؤاخذاته الصحيحة والمنصفة فلا يمارسون الذنوب ولا ينحرفون.
ويجب على كل المربين الذين يقومون بإجراء العقوبة ان يعتقدوا ببعض القواعد ويستمعوا الى نداء الوجدان ولا يحكموا بدافع التعصب, وعليهم ـ في الوقت نفسه ـ أن يكونوا محمودي السلوك وعطوفين وأن لا يظهروا الضعف والحقارة، بل يكونوا من ذوي الشفقة والانسانية, في حدود القوانين المحدودة والقابلة للاحترام الاجتماعي والروحي.
ولا بد للمربي من الظهور بأنه لا يعاقب بل انه يجري قوانين العدالة كموظف مختص مجبر على ذلك؛ وسيفهم أفراد اسرته هذه النكتة بصورة حسنة. ولمّا كان التوبيخ ذا جانب عاطفي
تماماً وَجَبَ أن لا يخرج عن حدود الانسانية وبهذا تكون عقوبةٌ كهذه غير انحيازية.
وعندما تبدأ الفتيات بالخوف من اباءهن, من الاب السَّيِّئ الخلق والقاسي الذي يتحجّج ويتعنّت ويفحش بالقول ويضرب أبناءه بلا سبب فيجازي على أبسط الزلات بأكبر العقوبات، فهؤلاء الاباء لا يحترمون الامانة والاستقامة ولا يعرفون الفضيلة والاخلاق.
ان العصر الحديث يخطئ من الناحية العلمية والتربوية في طريق الضرب والايذاء بغية التأديب والتخويف, ويكاد يمنع الضرب في جميع الدول الحية, فيحذّر الاباء والامهات في البيت والمعلمين في المدرسة من ضرب الاطفال بصورة أكيدة. وقد يتصور البعض أن هذه النظرية مبتكرة في وقتنا الحاضر وأن الانتباه الى أهمية هذا الموضوع حصل في العصر الحديث فقط , وهذا همٌّ أكيد في اذهان من يتصور ذلك, فان الاسلام سبق الى ذلك منذ قرون وقرون. وفضلاً عما ذكر في منع ضرب الاطفال فقد أفتى الفقهاء المسلمون في العصور الماضية بحرمة ذلك في رسائلهم العلمية التي تعد المناهج اليومية لعمل المسلمين (قال بعضهم: شكوت الى ابي الحسن ابناً لي فقال: لا تضربه واهجره ولا تُطِلْ)(1).
ففي هذا الحديث نجد ان الامام (عليه السلام) يمنع من ضرب الطفل بصراحة مستفيداً من العقوبة العاطفية بدلا من العقوبة البدنية, فالأب هو الملجأ الوحيد للبنات والاولاد ومعقد امالهم, وهجرانهم اكبر عقوبة روحية ومعنوية, ففي الوقت الذي يطلب فيه الامام من الوالد ان يهجر ابنه سرعان ما يوصيه بعدم اطالة مدة الهجر فان طول المدة يعمل على تحطيم روحيته .
واذا كان اثر هذا الهجر ضعيفا فان شخصية الوالد ستصغر في نظر البنت لطول مدة الهجر, ولن يكون لتألم الوالد اثراً أصلاً.
ان للعقوبات التي ترجح فيها الوسائل العاطفية والاخلاقية على الوسائل المادية تأثيراً كبيراً؛ ففي مثل هذه العقوبات ، بدلاً من أن يُحرم الطفل من الماديات، يجب السعي للتأثير في قلبه ونفسه ووجدانه وعزته وغروره, فإن لم يرتبط الحرمان المادِّيُّ بمشاعره وعواطفه فإنه يفقد طابع العقوبة.
يقول الامام علي (عليه السلام): (إن العاقل يتّعظ بالأدب ، والبهائم لا تتّعظ الا بالضرب)(2).
والإسلام يؤكد دائما ضرورة الاعتناء بالطرق التربوية وبالتحديد مع الفتيات، وعدم استخدام جانب العنف معهن لأن ذلك يؤثر في شخصيتهن المستقبلية كمربيات وكأمهات وزوجات، وهذا لا يعني ان يُتركن سدىً بلا عناية وإرشاد وتعليم، وإنما ينبغي عدم تركيز جانب الخوف في داخلهن وبالأخص في دور المراهقة، فإن العلماء يؤكدون هذه الفترة من عمر الفتاة وقد يضطرب الآباء والأمهات في بعض الحالات إلى انتهاج أسلوب التخويف والعقاب لتوجيه البنت والتنبيه على خطأ العمل وخاصة في حالة تكرار الخطأ، فالخوف خير رادع في المرحلة الأولية عما ينوي الفتى القيام به ثم يتحول هذا الرادع فيما بعد الى ما يشبه العادة التي تجعله يمتنع ذاتياً عن فعل اي اساءة ؛ وهذا الاسلوب ناجح في بلورة الضمير الاخلاقي وبالصورة التي نبتغيها.
ولا شك ان ايقاظ الضمير يستدعي تنبيه الفتاة وردعها عن تجاوز الاصول والقوانين المتعارف عليها، ولا يمكن مراعاة جميع هذه المبادئ أو تطبيقها عملياً الا بشرط قيام الابوين والمربين بتربية قائمة على الأمانة والتقوى والصدق والاخلاق وغير ذلك من الصفات الحميدة الاخرى، وبأسلوب يبنى على المحبة والحنان وغلق جميع المنافذ التي تؤدي الى سلوك سُبُل العنف والشدة.
______________
1ـ بحار الانوار ، ج:23، ص:213، والهجرة عدم إظهار الرضا بأعماله وعدم الاعتناء إليه.
2ـ غرر الحكم.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المَجمَع العلميّ يطلق سلسلة محافل قرآنية لطلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف
|
|
|