أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-5-2017
13686
التاريخ: 7-2-2016
7821
التاريخ: 17-12-2019
2845
التاريخ: 15-5-2022
1675
|
إذا ما تحققت شروط مرض الموت الثلاثة التي سبق لنا بحثها اعتبر واقعة مادية يجوز اثباتها بطرق الاثبات كافة ومنها البينة والقرائن ، واكثر ما يثبت ذلك بالبينة الشخصية ( اي الشهود) الدالة على حالة المريض في اواخر أيامه ، وبتقص حياة المريض في ايامه الاخيرة ,(1) واذا طعن الورثة في تصرفات مورثهم بدعوى صدورها عنه في مرض موته (2)،كأن ادعوا انه وهب احد دائنيه او ورثته ماله او ابرأ ذمته من مال له عليه ، أو اقر له بمال معين وهو مريض وما اشبه ذلك، ولم يجيزوها ، وادعى الشخص المتصرف له ان هذه التصرفات وقعت من مورثهم في صحته ، فانه ينبغي التفريق هنا بين ما اذا خلت دعوى كل من الطرفين من البينة ، وبين ما اذا اقترنت بالبينة ، وبين ما اذا اقترنت دعوى احدهما بالبينة دون الاخر وكما يلي :-
أولا :- إذا خلت دعوى كل منهما من البينة :-
قالت الحنفية،(3) والحنابلة :(4) القول قول مدعي صدورها في المرض؛ لان حال المرض اقرب من حال الصحة , فما لم يتيقن حال الصحة يحمل على الاقرب ولان هذه التصرفات من الصفات العارضة فهي حادثة والحادث يضاف الى اقرب وقت من الحكم الذي يترتب عليه,(5) والاقرب هنا هو المرض المتاخر زمانه عن زمان الصحة ،فكان القول قول من يدعي حدوثها في المرض , اذ هو الاصل , فاذا اراد مدعي الصحة استحلاف مدعي المرض كان له ذلك . وقيل بأنه : (( واذا مات الرجل , فقالت امراته : قد كان طلقني ثلاثا في مرض موته ومات وانا في العدة , ولي ميراث , وقال الورثة : طلقك في صحته ولا ميراث لك فالقول لها ..) (6) وذهبت الشافعية(7),والزيدية (8) , وجمع من الامامية :(9) ((القول قول مدعي صدورها في الصحة , لان الاصل في التصرف السابق من المتوفى ان يعد صادرا في حال صحته , وعلى من يتمسك بصدوره في مرض الموت يقع عبء الاثبات )) 0 اي على الورثة او الدائنين 0
ثانيا:- إذا اقترنت دعوى كل منهما بالبينة :-
ذهبت الحنفية إلى انه, ترجح بينة وقوعها في حال الصحة على بينة وقوعها في المرض إذ أن الأصل لديهم في الأدلة أن الأصل اعتبار حال المرض , اي افتراض ان سبب الوفاة هو المرض , والمرض حادث والاصل اضافة الحادث الى اقرب وقت من الحكم الذي يترتب عليه وهذا هو تعليل الراي عندهم , والاقرب الى الصواب هو المرض المتاخر زمانه عن الصحة , فلهذا كانت البينة الراجحة بينة من يدعي حدوثها في زمان الصحة , اذ البينات شرعت لاثبات خلاف الأصل. ومن هنا قالوا إذا : (( اقر لوارثه ثم مات , واختلف المقر له مع الورثة , فقال : كان في الصحة وصح , والورثة قالوا : كان في المرض , فالقول للورثة , وان برهنا فبينة المقر له الاولى , وان لم يكن بينة , فله ان يحلف الورثة )) .(10) وقد بين بعض الفقهاء بالقول: (( ادعت امراة ان زوجها طلقها في مرض موته ومات وهي في العدة ولها الميراث , وادعى الورثة ان الطلاق كان في الصحة , فالقول لها , وان برهنا ووقتنا وقتا واحدا , فبينة الورثة على طلاقها في الصحة اولى)),(11) وقالت الشافعية : (( ترجح بينة وقوعها في مرضه على بينة وقوعها في صحته )) .(12)
ولعل مما يجدر بالإشارة أن مجلة الأحكام العدلية تنص على انه: (( ترجح بينة الصحة على بينة المرض , مثلا : اذا وهب احد مالا لاحد ورثته ثم مات , وادعى باقي الورثة انه وهبه في مرض موته وادعى الموهوب له انه وهبه في حال صحته , ترجح بينة الموهوب له )).(13)
ثالثا :- إذا اقترنت دعوى احدهما بالبينة دون الاخر :-
لا خلاف بين الفقهاء في هذه الحالة في تقديم قول المدعي صاحب البينة على قول الاخر الذي خلت دعواه عن البينة سواء اقام صاحب البينة بينته على صدور التصرف في الصحة او في المرض(14).
__________________
1- الدكتور محمد كامل مرسي , الوصية وتصرفات المريض مرض الموت في القانون المصري وفي القوانين الأجنبية , المطبعة العالمية , القاهـرة , 1950م ، بند (255) ، ص292 ، وقد اخذت محكمة تمييز العراق في قرارها الصادر بتاريخ 18/2/1968 في قضية وفاة عرضت امامها (ماري هابيك) بتقارير الاطباء المعالجين للمريضة التي اثبتت انها كانت حين صدور الاقرار منها في مرض مخوف واعتبرت تقاريرهم هذه حجة في اثبات كونها في مرض الموت حين صدور الاقرار عنها
2- يطعن الورثة بتصرفات مورثهم كون ان التصرف قد صدر في مرض الموت لما في التصرف من محاباة كأن يتصرف المريض بامواله بالبيع او الهبة او ان يوصي الى شخص معين وغيرها من التصرفات .
3- الأشباه والنظائر ، لزين الدين ابن نجيم الحنفي ، مؤسسة الباب الحلبي وشركائه للطباعة والنشر والتوزيع، مصر ، 1986 ، ص258 ، رد المحتار على الدر المختار , لمحمد أمين المعروف بابن عابدين , ج2 , المطبعة الأميرية , بولاق , القاهـرة , 1299هـ ، ص54 و80 .
4- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ، لعلاء الدين علي بن سليمان المرداوي الحنبلي، ج7 ، المطبعة الاميرية ،بالازهر ، مصر ، بدون تاريخ، اذ يقول : (( فان اعتق عبده ولم يخرج عن الثلث فقال الورثة : اعتقه في مرضه وقال العبد : بل في صحته ، صدق الورثة))
5- نجد أن الفقه الإسلامي قد وضع معنى الحادثة من خلال القاعدة الفقهية الاسلامية السابعة عشرة وهي : (( الاصل اضافة الحادث الى اقرب اوقاته )) فالمراد من هذه القاعدة هي : (( يعني انه اذا وقع اختلاف في زمن حدوث امر ينسب حدوثه الى اقرب الاوقات , للحال ما لم تثبت نسبته الى زمن بعيد و تعليل ذلك أن الخصمين المختلفين لما اتفقا على حدوث امر , وادعى احدهما حدوثه في وقت , وادعى الاخر انه حدث في وقت ابعد من هذا الوقت , فمعنى ذلك انهما اتفقا على انه كان موجودا في الوقت الاقرب , وانفرد احدهما بالادعاء انه كان موجودا قبل هذا الوقت الاقرب , والاخر ينكر هذا الادعاء والقول للمنكر وهناك تطبيقات كثيرة منها طلاق المريض مرض الموت ( طلاق الفار ) وحالة ما اذا مات مسلم وله زوجة نصرانية فجاءت بعد موته , وقالت اسلمت قبل موته فانا وارثة منه , وقال الو رثة اسلمت بعد موته فلا ترثين منه لاختلاف دينكما عند موته , فالقول للورثة , والبينة على الزوجة )) انظر في ذلك د. عبد الكريم زيدان ، الوجيز في شرح القواعد الفقهية في الشريعة الاسلامية , ط1 , مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع , بيروت – لبنان , 1997 , ص48-49
6- الفتاوى الهـندية , لأبي المظفر محي الدين اورنك , ج4 , المكتبة الإسلامية , مصر , 1310هـ, ص464, ونعتقد إن ما جاء في الهندية هو عين الصواب ولكن على المطلقة ان تثبت ان الطلاق قد وقع في مرض الموت كي تستطيع الحصول على الميراث
7- نهـاية المحتاج إلى شرح المنهـاج , لشمس الدين محمد بن احمد الرملي , ج5, الطبعة الأخيرة , مطبعة مصطفى الباب الحلبي , القاهـرة , 1357هـ -1938م , ص414 , حيث انه قال : (( ولو وهبه واقبضه ومات فادعى الوارث صدوره في المرض, والهبة كونها في الصحة , صدق الثاني بيمينه , ولو اقاما بينتين , قدمت بينة الوارث لان معها زيادة علم )) وانظر ايضا مغني المحتاج الى معرفة معاني الفاظ المنهاج , لمحمد الشربيني الخطيب , ج3 , مكتبة ومطبعة مصطفى الباب الحلبي , مصر , 1958 , ص50
8- التاج المذهب لاحكام المذهب , شرح متن الازهار في فقه الائمة الاطهار , للقاضي احمد بن قاسم الصنعاني , ج4,المصدر السبق , ص364 , - في الكلام على التبرعات في المرض - : (( فرع , فيمن فعله منجزا , فادعى الوارث ان فعله في مرض مخوف والمجعول له يقول : في مرض غير مخوف , فالقول قول المجعول له )).
9- شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام , لأبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي , ج2, ط1, مطبعة الآداب , النجف , 1969م, ص59 , إذ قال : (( اذا ادعت المطلقة ان الميت طلقها في المرض , وانكر الوارث وزعم ان الطلاق في الصحة , فاقول قوله لتساوي الاحتمالين وكون الاصل عدم الارث الا مع تحقق السبب )) 0
10- الفتاوى البزازية , للشيخ حافظ الدين محمد بن شهـاب المعروف بابن البزاز الكردي , ج5 , بدون تاريخ, ص453 , وتنص المادة (7/1) من قانون الإثبات العراقي : (( البينة على من ادعى واليمين على من أنكر )) . إن القانون العراقي تأثر بأحكام الفقه الإسلامي , ويلاحظ كما أسلفنا أن المادة (7/2) تنص على ما يأتي : (( المدعي من يتمسك بخلاف الظاهر والمنكر من يتمسك بإبقاء الأصل )) .
11- واقعات المفتين , لعبد القادر بن يوسف , ط1 , المطبعة الاميرية ببولاق , القاهرة , لسنة 1300 هـ , ص208
12- نهاية المحتاج الى شرح المنهاج , للرملي , المصدر السابق , ج6 , ص55 , كما جاء فيه : (( ولو اختلفا في صدور التصرف فيها او في المرض , صدق المتبرع عليه , لان الاصل دوام الصحة , فان اقاما بينتين , قدمت بينة المرض )) 0
13- المادة (1766 ) منها
14- نهاية المحتاج , ج6, المصدر السابق , ص55
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|