أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2017
5634
التاريخ: 24-4-2017
2376
التاريخ: 26-1-2016
2444
التاريخ: 19-4-2016
25946
|
تتعدد تعريفات التربية ويختلف الناس حولها، ويدور هذا الاختلاف بألوانه وصوره ومظاهره حول موضوع التربية ذاتها وعدم وضوح موضوع التربية او عدم تحديده او النظر اليه نظرة جزئية سطحية تعتبره اصل هذا الاختلاف وما يترتب عليه من مشكلات.
وقد يرى البعض ان المعرفة موضوع التربية ومن ثم ينبغي ان نركز على عقل التلميذ غير ان الاخذ بهذا المفهوم ادى الى اغفال جوانب شخصية التلميذ الجسمية والنفسية والاجتماعية وجعل هدف التربية محددا بتمكين التلميذ من التحصيل الدراسي وارتبط هذا التحصيل بالمادة الدراسية فقط ، ونتجت عنه طرق معينة في التدريس وهي طرق التلقين والحفظ والاستظهار.
ويرى البعض الاخر ان موضوع التربية هو تهذيب السلوك وتكوين الاخلاق، على اساس ان الروضة والمدرسة قد انتقلت اليهما مسؤولية الاسرة في تحقيق هذه الوظيفة ومن هنا كانت الروضة والمدرسة مسؤولتين عن اختيار الوسائل المناسبة لتحقيق هذا المفهوم، وقد تذهب لتحقيق ذلك الى استخدام وسائل العقاب والتأديب الصارمة.
ويوجد اتجاه ثالث يرى ان موضوع التربية هو الخبرة المباشرة التي يعيشها الانسان المتعلم وهدفها تمكين هذا الانسان من وسائل التفاعل السليم في الخبرة ومواجهة ما يعترضه من عقبات ومشكلات وهذا الاتجاه تركز فيه التربية على التفكير والنشاط من جانب التلميذ.
اما الاتجاه الرابع فيؤكد على مستقبل الافراد وما دام هذا المستقبل هو الموضوع الرئيسي فليس هناك ما يبرر التركيز على الحاضر بمشكلاته وعوامله المتغيرة .
ويرى اصحاب الاتجاه الاخير ان موضوع التربية هو اعداد الفرد لكسب العيش ولهذا يجب ان يدور النشاط التربوي حول الوظائف والمهن المختلفة وتدريب الاطفال والشباب على مهاراتها واصولها وقد ظن البعض ان هذا الاتجاه يغلب الصفة النفعية على التعليم ويهمل الوظائف الفكرية والخلقية والثقافية.
وهذه الرؤى المختلفة السابقة لموضوع التربية على اختلاف اتجاهاتها تعتبر ناقصة لأنها تقوم على اساس نظرة جزئية ضيقة لموضوع التربية فالمفهوم الشامل للتربية يرتكز على مسلمة اساسية وهي ان موضوع التربية هو الانسان بكليته (عقله ـ ووجدانه ـ وجسمه - وقيمه واتجاهاته، وما لديه من مهارات وافكار)(1). فموضوع التربية ليس هو المعرفة او المواد الدراسية كما يذهب الفكر الدارج بين الآباء والمدرسين، ولكن الانسان موضوع التربية، ولا ينظر اليه منعزلا عن المجتمع فهو لا يعيش ولا ينمو الا في مجتمع، والتربية هي الوسيلة الاساسية التي تنقل الانسان من مجرد فرد الى انسان يشعر بالانتماء الى مجتمع له قيمه واتجاهاته وآماله وآلامه ومصالحه، والتربية هي وسيلة المجتمع لترجمة نفسه في سلوك افراده وبذلك يصبح هذا المجتمع متفردا يعيش وينمو ويستمر بنمو افراده واي مجتمع يستند الى نتائج خبرات اجياله المتعاقبة وهي ما تسمى بالرصد الثقافي والذي يتمثل فيما احتفظت به الاجيال المختلفة من قيم وتقاليد وانظمة ومعان وقواعد ومبادئ.
والمجتمع يعيش حاضرا معينا مختلفا عن السابق، فهو يعيش مشكلات مختلفة وظروفا معينة وتحيط به اتجاهات وتطورات خاصة وهذا الحاضر بهذا المعنى هو نتاج الماضي وامتداد له وان اختلفت نوعيته ودرجة التغير فيه بفعل استخدام عوامل جديدة وكذلك افكار ومبتكرات جديدة.
والمجتمع وهو يعيش حاضره لابد أن ينظر الى المستقبل بخطوات سريعة ومقصودة من اجل الحركة السريعة الهادفة ليصنع مستقبلا جديدا وهكذا تترابط ابعاد حركة المجتمع.
وبذلك تتحدد معالم التربية او مجالها ومجال التربية هو الانسان منظور اليه من زاوية المجتمع ومن زاوية ابعاد حركة هذا المجتمع. ويعد الانسان نقطة البداية لأي عمل تربوي من اجل تنميته وتوجيهه والارتقاء بمستواه فان هذا العمل يقع في نفس الوقت على الحاضر الذي يعيش فيه من اجل ان يتمكن من تحريك الحاضر نحو مستقبل افضل ، من هنا تشتق التربية مفهومها الحضاري لانها تدور حول الانسان وحول مكانه من الحضارة التي يعيشها ويصنعها مجتمعه.
_____________
1ـ محمد الهادي عفيفي: في اصول التربية ـ الاصول الثقافية للتربية ، القاهرة ، مكتبة الانجلو المصرية ، 1997 ، ص27.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|